يامنْ إلى العبدِ الفقير الاكرمُ *** وإلى الفؤادِ المستجيرِ الأرحمُ
يا من برحمته الوجودُ منعّم *** والخلقُ يحيا والقيامة تُحكمُ
يا من إذا طرقَ المطاردُ بابه *** ودعا إليه بالرّجاءِ المعدمُ
وإذا استجارَ بحلمه متخوفٌ *** وأناخَ عند ملاذه المتظلّمُ
وسعى إليه بالتضرعِ مذنبٌ *** وألحّ عند سؤالهِ المتألّمُ
تأتي الإجابةُ للعباد مكارماً *** وتفيضُ عند السائلين الأنعمُ
ما سدّ بابك للخلائقِ صدُّهم *** فكأنّهم لم يجحدوا أو يجرموا
عشتُ الحياةَ وما حسبتُ فراقها *** والموتُ حولي حاجزٌ لا يخرمُ
يستلُّ من قبل السَّقيمِ سليمها *** وشبابها وصغارها لا تسلمُ
القطر تُعطي إن عصرت قرابها *** وأنا بها مثل المراهق يحلمُ
يا ويلتي أبغي الحياةَ كأنّني *** مثل الصبايا فكرُها لا تهرمُ
حالي إذا حانَ المماتُ كراحلٍ *** عبر الفلا ومتاعهُ لا يُعصمُ
يوم القيامةِ والحشودُ بلا مدىً *** تحتارُ أسراري بمن تتحزمُ
حين المنادي للحسابِ يصفني *** تجثو الجوارحُ والرجاءُ يلملمُ
أين المعينُ؟ وما لعيني فازعٌ *** فالأهل فرّوا والمراضعُ تفطمُ
كم من ذنوبٍ كالصّغائرِ خلتها *** لكنّها عند الجليلِ الأعظمُ
أين المفرّ وما لعذري شافعٌ *** فالذنبُ يفضحُ والكتابُ المُحكمُ
وإذا نكرْتُ فواحشي لمخوفتي *** فجوارحي بذنوبها تتكلّمُ
أنت المخاصمُ والقضاءُ وحيلتي *** أنّي برحمتك الدخيل المجزمُ
كيف الفؤادُ وأنت فيه ساكنٌ *** في النار يحرقه اللهيبُ المضرمُ
إن كان يحيا في اللّظى فمصيرُه *** لفراقك الموتُ البطيء المؤلمُ
النارُ أهون من فراقك سيّدي *** فأنا وحبّك توأمٌ لا نُقسمُ
ألزمتَ نفسك يا غنيُّ برحمةٍ *** لا تنتهي في وسعها أو تُحجمُ
قد فاقَ حلمك كلّ ذنبٍ مروعٍ *** رُجّت له أهلُ السما والأنجمُ
أنصفتَ كلَّ العالمين تمنناً *** فالعدلُ أنت وما بحكمك تظلمُ
لو يأخذُ الملكُ العبادَ بظلمهم *** لم يبقَ فيها كافرٌ أو مُسلمُ
أدعوك ربّي والشبابُ يزفّني *** والجهلُ في وهجِ الغرائزِ يُوهمُ
أن لا تُريني في المشيبِ ندامةً *** عمّا جنيت ولا سقاماً يقصمُ
أن لا تُريني في القيامةِ حسرةً *** فأنوخ فيها بالجحيمِ وأجثمُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق