ليس بغريب أن تتوارد الأفكار بين من يفكر في بلاده ويحبها ويحاول أن يسلط الأضواء على آفات الفكر التي تنخر في المجتمع حتى ولو لبست ثوب الدين.
كان عنوان مقالتي السابقة (أراء خمسة ديانات مختلفة).أستعرضت فيها ما دار من نقاش وأبداء رأي لخمسة أشخاص تختلف دياناتهم وعقائدهم.بل تختلف أنتماءاتهم وأماكن نشأتهم.
في نفس الأسبوع كتب الزميل( ميشال حديد)( في ذلك الوقت) تحت عنوان (شوية) (حكي عربي) يقول : جبهة علماء الأزهر(هي غير جامعة الأزهر) مصممة على عزل شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بسبب اجتماعه مع حاخام اسرائيل الأكبر.
خمسة أراء لخمسة اديان مختلفة،ورأيان أحدهما مسلم والأخر يهودي..مع حرية الرأي والفكر جلس الخمسة الى جوار بعضهما البعض يبدي كل منهما برأيه فيما يوجه أليه من أسئلة.ورجل صاحب فكر حر مستنير يجلس مع رجل دين اخر فتقوم الدنيا عليه. ولا أعتقد انها ستقعد ألا بعد أن تنتصر الظلمة على النور.وتضيع الحرية الفكرية تحت مطرقة الجهل وديكتاتورية الفكر في أكبر معاقل العلم والمعرفة.
الدكتور محمد سيد طنطاوي أحترمه وأجله وكنت أمني نفسي بلقائه في أستراليا في مدينة (اديلايد) عندما سمعت أنه سيأتي لأفتتاح احد المراكز الأسلامية هناك.
يبدو أن المركز قد أفتتح وفضيلته لم يحضر.
من متابعتي لأخبار بلدي مصر اجد أن رجل مصر الدكتور طنطاوي يتمتع بميزة علمية فكرية واسعة،وبعقل حر وشخصية واثقة تمام الثقة من نفسها.
عندما كان فضيلته مفتي الديار المصرية كان بالفعل الرجل المناسب في المكان المناسب.فتاواه وأراؤه على الرغم من تعارضها مع العديد من أراء ألآمة والشيوخ وعلى رأسهم المرحوم الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر السابق.ومع ذلك كانت أراء فضيلة الشيخ طنطاوي تلقى ترحيباً بين المثقفين المصريين والعرب.وأن كانت لا شك تجد أمتعاضاً ومعارضة شديدة من اصحاب الأرهاب الفكري الداعي الى التخلف والرجوع الى الوراء.
الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي كان أملي الشخصي في توحيد الأمة المصرية بعنصريها المسلم والمسيحي.نسيج الأمة و ليس من المهم عدد الخيوط المنسوجة في النسيج.لكن المهم تناسق وتمازج الخيوط بعضها مع بعض لتعطي في النهاية شكلاً جميلاً للنسيج.
قامت الثورة الفرنسية وحطمت اسوار أكبر معقل يفصل بين أبناء دولة واحدة.حطم الشعب الفرنسي سجن الباستيل.وأصبح يوم 14 يوليو/تموز(وهو يوم هدم أسوار ذلك المعقل)هو يوم الحرية في فرنسا ورمزاً لكل الثورات التحررية في العالم.
جاءت الثورة المصرية وأنشأت سوراً حول الجامعة الأزهرية العلمانية وحبست خارجه فئة من أبناء مصر وحرمتهم من الأقتراب من السور إلا أذا غيروا دينهم.
العلم الذي قال عنه مفكر القرن العشرين المرحوم الدكتور طه حسين(العلم مثل الماء والهواء حق لكل مواطن)تأتي الثورة المصرية المباركة وتمنحه لفئة وتحرمه على فئة أخرى.تكون بذلك أول من فصل بين عنصري نسيج واحد كان وسيصبح متمازجاً متماسكاً في تناسق حكى به الأنسان وكلي أمل أنهم سيحكون به بأذن الله بعد أن نجد الرجل الحر الذي يمسك بأول معول هدم مثل هذا السور الذي بنته ثورة ظننا أنها تعمل من أجل الحرية التي حرم منها أجدادنا تحت نير أستعمرات كثيرة.
الخط الهمايوني لا يهمني كثيراً.فأن لم يعرف الحاكم أنه جزء من تاريخ اسود مظلم مرت به المنطقة بأسرها ولا يجب أبداً الحفاظ عليه ويجب ألغاءه.أقول للحاكم و وللجميع أن الرب يسوع يقول(أذا أجتمع أثنان أو ثلاثة بأسمي أكون في وسطهم).أي منع بناء الكنائس لن يوقف المؤمنين من الصلاة والتعبد.وأن لم يستطع المشرفون على الكنائس من تصليح دورات مياه هذه الكنائس دون الأذن من رئيس البلاد أو الأذن من المحافظين(مما زاد الطين بلة) بدلاٍ من حاكم واحد يخضع له المسيحيون في أمورهم الدينية،أصبحوا يخضعون لكل محافظي مصر الكثيري العدد.
أما العلم والمعرفة فهما السلاح الوحيد الذي نستطيع أن نتقدم به وندخل القرن الحادي والعشرين متسلحين به، ونستطيع أن نقول للعالم أن مصر بالفعل قامت بثورة صححت فيها المسار الثوري الذي كان مفروضاً أن يتخذ خطوات إيجابية لتحقيق ذلك.
املي كان و مازال في وجود رجل مثل رجل الفكر الحر المرحوم الشيخ محمد سيد طنطاوي أبن بلدي سوهاج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق