الأنتماء والهوية وجهان لعملة واحدة هي الوطن.عندما أنتمي الي وطن لابد وأن أحمل هويته. لأنه ليس من المعقول مثلاً أن أنتمي الى مصر دون أن أحمل الهوية المصرية.وأنه ليس من المعقول أيضاً أن أحمل الهوية المصرية دون أن أنتمي الى مصر.
يسبب هذا لنا نحن المهاجرين قلقاً وعدم أستقرار في بلاد المهجر.لأنني كمصري في أستراليا أصبح أنتمائي مزدوجاً وأصبحت أحمل هويتين بدلاً من هوية واحدة.وأذا حدث وتعارضت بعض الأمور بين الهويتين،أشعر بدون شك بهزة نفسية فكرية مقلقة قد تجعلني افقد القدرة على الولاء الصادق للوطنين اللذين أنتمي أليهما وأحمل هويتهما،وتجعل أستقراري غير ثابت ومتزن.لأنه يجب أن تفرق بين الهجرة الى بلد ما والأعارة لأن الهجرة ليس لها سوى معنى واحد هو أختياري لبلد الأعارة للذهاب وقبول العمل الذي يعرض على القيام به نظير اجر يحدده العقد المبرم بيني وبين مكان العمل في بلد الأعارة وقد يكون أيضاً محدداً بزمن معين قد يكون قابلاً للتجديد أو لا..وليس من المهم أن ترافقني عائلتي في بلد الأعارة.
لذا تعمل بعض دول المهجر مثل أستراليا على مساعدة المهاجر الجديد على الأستقرار حتى يمكنه بالفعل الأنتماء في الوطن الجديد وقبول الهوية الجديدة عند الحصول على الجنسية الأسترالية.
قامت الحكومات المتعاقبة بالعمل من أجل هذا المهاجر الذي جاء لينتمي الى الوطن الجديد ويفتخر بهويته،فأنشأت اذاعة متعددة اللغات وتلفزيونا ًللبث بلغات المهاجر الجديد بكل ما يجعله يزداد ألتصاقاً بوطنه الجديد أستراليا مع مواصلة الصلة بوطنه الأول الذي جاء منه.الى جانب العديد من الخدمات التي تساعده على تفهم واجباته تجاه الوطن وتشرح له حقوقه المكفولة أيضاً.
سأمر مرور الكرام هنا وأعلق تعليقاً على هامش هذا الموضوع وأقول أنه يبدو أن هذه الخدمات التي تقدمها الدولة الأسترالية للمهاجرين الجدد لم تنجح معنا نحن ناطقي الضاد للتمسك والأندماج والرغبة في الأنتماء لهذا الوطن أستراليا وذلك للأستغلال السيء لهذه المؤسسات لصالح أفكار ومصالح وأيدولوجيات يهمها العمل على عكس المطلوب من أنشائها واقامتها.وهذا يسبب قلقاً وعدم أستقرار في نفس وفكر هذا المهاجر
وليس في نفسه فقط بل مع الأسف في نفس بعض من الأجيال التي من المفروض فيها أنها ولدت على أرض الوطن الجديد وأن أنتماءها له وارد ومحقق،وشعورها بالفخار لحمل الهوية الأسترالية شيء أيضا محقق.وذلك لخضوع عائلات هذه الأجيال لفكر آخر مغاير.بالأضافة الى أن المنشأت التي أنشأتها الحكومات الأسترالية المتعاقبة لخدمة هذا المهاجر قد أستغلت أستغلالاً لا يساعد على الأستقرار أو حتى قبول الوطن الجديد وطناً يفخر به المواطن الجديد.وأن فعل ذلك فبلسانه فقط وليس بقلبه مع الأسف.
نعود الى الحديث عن الأنتماء والهوية ونجد أن النظام العالمي الجديد يريد طمس أهمية الأنتماء والهوية للوطن.هذا النظام الذي أتخذ من التكنولوجيا الحديثة مطية يصل بها الى تحويل هذا العالم الى قرية صغيرة.قرية منفتحه لا أسرار فيها..يعرف الجميع خفايا بعضهم البعض،وهذه القرية التي هي في الحقيقة العالم الجديد تريد القوة العظمى أميركا أن تلعب دور الأخ الأكبر الذي يرعى شؤون وشجون أخوته الصغار
وحتى يتم لأميركا ذلك عليها العمل لأقناع الشعوب قبل الحكام أن الأنتماء لا داعي له.أن تنتمي لأسم أكبر وهو أسم القرية العالمية أفضل بكثير من الأنتماء الى بلد أسمه مصر أو لبنان أو أستراليا.وأن تحمل هوية العالم الجديد خير لك من أن تحمل هوية بلدك الذي تنتمي إليه.وليذهب تاريخ ومجد هذا البلد أو ذاك الى الجحيم.لأن من يتمسكون بالماضي وأمجاده هم فقط العجزة غير القادرين على متابعة التقدم الحضري والتكنولوجي.سياسة الأستعمار في الزمن الماضي كانت تعتمد على سياسة"فرق تسد" ونجحت تلك السياسة نجاحاً عظيماً.واستطاعت أن تسيطر على البلاد التي استعمرتها بهذا الأسلوب،خاصة أن شعوب تلك البلاد ،شعوب مستعبدة وفقيرة.
وما أشبه الليلى بالبارحة.شعوبنا مازالت مستعبدة وفقيرة.وأي سياسة استعمارية أخشى ما أخشاه أنها تنجح التفرقة التي كانت تتبعها الدول الأستعمارية من قبل سوف تستبدلها أميركا بسياسة القضاء على الوطن نفسه. لا وطن بعد اليوم.الوطن هو العالم كله وطننا جميعاً. لكنه يخضع للهيمنة والسيطرة الأميريكية.واذا سألنا لماذا يصرون على القضاء على الأوطان إلا وطنهم أميركا؟. يقولون لك أن أميركا هي سيدة العالم ورئيسته.والشعب الأميركي هو سيد الشعوب ورئيسها.
لكي تنجح أميركا في تخطيطها تبدأ في تقسيم الأوطان مثلاً أقامة دولة مستقلة جنوب السودان .وهذا يعني تقسيم السودان. وفي مصر يقيمون دولة مستقلة للأقباط حول محافظة أسيوط في صعيد مصر.والمملكة السعودية تقسم لى دويلات ويطلق على احداها المملكة السعودية ويحدث نفس الشيء في العراق.
الشعوب ترفض هذا التقسيم.لأن الوطن واحد ولا يمكن أن يجزأ أو يقسم.لكن وجود الفكر المتشدد والتيارات المتشددة تزعزع من أرض لواحد وتتسبب في الكثير من المشاكل بين أبناء الوطن الواحد.خاصة أن اصحاب الفكر لمتشدد ينادون بعالمية ما ينادون به.وبهذ يشعر المواطن بالغربة في وطنه وبن اهله وناسه.وهذا الشعور مرُ وفظيع.لأن الغريب لا مكان له بن أبناء من يعيش بنهم فما بالنا لو كان هذا الغريب هو صاحب أرض ووطن ولم يكن يوماُ غريباً.مع الأسف حكام هذه الشعوب يساعدون على أستمرار التطرف والأرهب.ويعملون فقط على ما يجعلهم يستمرون في الحكم.تارة يريدون الفكر لأستعماري والدول الأستعمارية.واخرى يشجعون الأرهاب ومن يقومون به ليلتهي الناس في الخوف منه ولا يهتمون بما يحدث حولهم من ضياع لحقوقهم في بلادهم.
يتفتت الأنتمء وتضيع الهوية ومع ضياعها يضيع الوطن الذي دفع أبناؤه ثمناً غالياً للحفاظ علىه ورفعة شأنه.لأننا فقدنا القدرة على توجيه بلادنا الوجهة لسليمة والحفاظ على وحدتها وسرنا وراء أيدولوجيات وآراء وافكار لن تعمل على الحفاظ على أوطاننا.ولا تدخلنا الجنة فخسرنا الدنيا والآخرة معاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق