بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
سلام يليق بحضرتك وسلام نتمناه من جلالتك, لأننا سيدي بعد مقتل اثنين من أبنائك والوجوم السائد الذي تركه دمهمها ولغاية اللحظة التي أكاتبك نعيش حالة غضب وسخط وبينها مساحة من الإحباط أكبر من حجم فخر وزير الخارجية الإسرائيلي "نتن جداً ياهو" وشعبه من خلفه.
كان بالامكان أن أقدم هذه الرسالة من خلال الديوان الملكي العامر ولكني آثرت تقديمها بهذا الشكل وعلى مرآى من شعبك, نساءٍ وشيوخٍ, أطفالٍ وشبابٍ, هذا لأني على يقين بأن الرسالة لن تصل الديوان وإن وصلت فلن تصلك, ولأني سيدي من عشيرة كثيرة العدد في صفوف الجيش – ونشرف في خدمة تراب الوطن - وفي الدوائر الحكومية, قد لا تعلم أننا نقدم حسب القبيلة وتارة الجغرافية. فلهذا وجدت أنه من الأنجع والأكثر فائدة ونفعاً أن أقدمها لجلالتك على هذا النحو, فربما قراتها أنت قبل أن تقدم لكَ من الجهات المسؤولة أوعلّ سمو الملكة رانيا أو الأمراء أثناء تتبعهم لسخط الشارع الأردني تصفحوها كونهم الجزء الأهم منه, هذا من باب, ومن آخر هي رغبتي في خطابك أمام ابنائك من شعبك بصفة رسمية بعد غياب الخطاب الحكومي الرسمي توضيحاً لمقتل الأردنيين على أرضك سيدي من قبل موظف الأمن الإسرائيلي, فانا أعتقد أنه يحق لنا نشامى الوطن القيام بما تتوانى عنه الحكومة لأننا نعمل سوية كتفاً بكتف لإعلاء كرامة الأردن وابقائه "نشماً" أبيّاً فنقول ما يهابه رئيس الوزراء ونعلن الذي يخفقه البرلمانيون فنحن من جلهم براء ومن جبنهم براء وسقطهم على الملأ براء.
عزاء وبكاء لفتى لم يتجاوز السادسة عشر من عمره كان يهتف بإسمك ويفخر بأردنه وأردنك وشيخ واشك عمره على قضائه في ظل طاعتك ومحبتك ويرتدي "الشماخ" تيمماً بوالدك الحسين - قدسّ الله روحه - وبك.
سيدي إنه ليس الغضب والازرداء والذل والهوان السائدين في الشارع الأردني فحسب, إنما هو الأكثر بعداً ما سيترتب عليه صمت حكومتك, لا بل التهميش لرغبات الحشود في المطالبة الرسمية بمقاضاة القاتل وخطاب يعاب فيه على حكومة إسرائيل لاستقابلهم القاتل كبطل قومي, والأشد عمقاً ما سيترتب عليه من ردود فعل في الشارع الأردني. فهب سيدي أن أحد أفراد الأمن الأردني في سفارة دولتك في دولة الإحتلال من حجم السكوت المهين قتل بدل الاثنين أربعة أو أفرغ ذخيرة الـ م 16 بأكملها بحافلة مدنية أو عسكرية وبلغكم سيدي من خلال وسائل الإعلام - تماماً كما نستقي نحن الآن ملابسة قضيتنا من خلالها - أنه دافع عن نفسه, فهل يا ترى ستتعاون حكومة الاحتلال معكم في إخراجه من اسرائيل كتعاون حكومة بلادنا في إخراج قاتلهم؟
ما هو شعور أبنائك سيدي من موظفي المطار شرطاً وجنداً بتنفيذ الأوامر في تسهيل إجراءات الخروج للإسرائيلي قاتل أحد إخوتهم أبنائك؟ عذراً فلقد تعلمنا منذ عهد الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى الكرامة والسؤدد, مات منفياً ولم يرضَ التواطؤ, وعبد الله الأول شهيداً في الأقصى, جعلوا من ساحاته صرحاً عسكرياً, والملك طلال أُقصي لمواقفة الشريفة الخالدة, والحسين منحنا الهوية والأمان فاستطاع في أحرج الأزمات - الحرب العراقية - أن يقف أخاً وبطلاً لصفوف أهلنا في العراق وتمكن من إحتواء الموقف السياسي الأمريكي ومعه الحلفاء, فبقينا رجال خلفه ومواقف أنا شاهد عليها.
وأنا على يقين سيدي أنك ستنهج نهجهم في إتخاذ قرار سياسي شديد اللهجة أمام إسرائيل يبقينا رجالاً كما أبقونا الشرفاء قبلك.
سيدي كلنا فخر بوصايتك على القدس الشريف وكلنا نذكر تبرعك قبل عامين في إدخال الكميرات في ساحة المسجد الأقصى بعد القتل الإسرائيلي الدائم لإخواننا بدعوى تهجم الفلسطينين بالسلاح الأبيض - السكين ـ.
المثير للجدل أن وسائل الإعلام الاسرائيلية قد ادعت هذه المرة بأن الأردني الفتى هاجم أحد أفراد أمن السفارة بالسلاح الأبيض. هل أنتهت خرافة - السكين ـ في فلسطين وبدأت في الأردن؟
وللأسف لم تكن لنا مصادر نستقي منها أخبار الحادثة غير وسائل الإعلام الإسرائيلي بيد أن الحادثة المهينة البشعة كانت في وسط عاصمتك ولا تبعد بأكثر من عشرة كيلو مترات عن قصرك, ولو سلمنا للخيال لحظة وأفرغنا ما بين الرابية ورغدان لوصلت بعض الرصاصات حتى شبابيك قصرك سيدي.
كثيرة هي الأخبار حول ملابسات الجريمة الهاتكة لحرمة الأردنيين ومتضاربة, وليس هناك أي مصدر يوثقة القضاء ويعتمده, فهل حاولت حكومتنا سيدي جلب الكاميرات التي تملأ سفارة الاحتلال داخلها وخارجها حتى يتبين ماهية السلاح الذي استخدمه الفتى ـ مفك ـ أم سكين؟ وسبب قتل الشيخ الدكتور؟
أوليست هذه الوسيلة هي الأكثر إيضاحاً صوتاً وصورة للتعدي الذي وقع بحق شعبك وحق السيادة الأردنية؟
فلماذا وجوم الحكومة حد الغثيان من وقت الحادثة لغاية هذه اللحظة المعيبة؟
ما زلنا فرحين بخروج "الدقامسه" ودويّ هتافاتنا من أدنى الشمال حتى أقصى الجنوب, وحزننا على زج أحد حماة الديار "معارك التوايهة", أحد أبنائك مدى الحياة فقط لأنه دافع عن نفسه بعد أن أطلق النار عليه أحد الجنود الأمريكان. فهل دمنا رخيص مولاي صاحب الجلالة؟
هل المطالبة الرسمية بالمجرم تسيء من العلاقة بيننا وبين إسرائيل؟
سؤال يثير الجدل! لو وضعت سيدي الخيارين, مقاضاة القاتل أم المحافظة على العلاقة الذليلة أقصد الوديّة؟ فأين وجهتك سيدي إذن؟
رَصـَاصَاتُ صهيون مَـولَاي حاقدةٌ اليوُمَ أودت بِأبنَائِنا رَثَـتهُم نِـسَاءُهم ثَـكْلـى
دنا البلاءُ مِنا ومِنكَ مولايَ غَصّةً غَضَبا وإسرائيل بِبُكائِنا وَعَزائِنا كَفَرا
إنّا مولايَ لليومِ نُصرَةٌ لكَ كُن كَمَا كُنتَ كريماً مُخضَّبَا فَـلا مَـجدَ مِـن غـيرِ الـصِبا ونحنُ الرِجالُ وَعَهدُ الصِبا
كَيفَ نُسامِحُ أعدَاءَنا وأبنَاءنا الطُـمأنِينَةَ والـرَحمةَ نَـحرِما نَرجوكَ مَولايَ أن تَحسِبَ الأمرَ وتحسمَ
اليومَ شكوى وصراخٌ وبكاءٌ وَرَجَاءٌ وغداً رعدٌ وصخبٌ وغضبٌ وليثٌ تَحرَّبا
بإسمي وبإسم نشامى الوطن, أبنائك
التوقيع
أحمد سليمان العمري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق