ولميس هي ابنة المؤرخ المرحوم محمود كناعنة المولود في عرابة البطوف ، الذي توفي وهي صغية السن ، ومات في اوج وغمرة عطائه وقبل ان يكمل مشروعه الثقافي التاريخي ورسالته الادبية والاجتماعية والتربوية .
فقد كان مثقفاً ومؤرخاً وغنياً بالمعرفة والمعلومات وملماً بالوقائع التاريخية، وكاتباً جاداً وانساناً دمث الاخلاق واب عطوف غرس في نفوس ابنائه العلم والاخلاق العليا والفضائل السامية . ولنسمع لميس وهي تخاطبه في قبره وضريحه الابدي :
كنت فينا ولنا علماً ... وهدياً وشباباً
وابتسامات والحاناً عذاباً
لم نكن بعد شباباً او صبايا
كنت تحكي لي حكايات عن فلسطين
عن الأرض التي عرت تراباً
عن صلاح الدين ، عن حطين ... بيبرتس
عن بيسان والقدس وعكا
قلت لي عن وطن يبكي ويحكي
لن يموت الحق ما دمنا طلاباً
كنت عين الود والراعي روحاً ومآباً
دخلت لميس محراب الشعر منذ زمن بعيد، ونشرت قصائدها في الصحف والمجلات المحلية ، ولكنها لم تأخذ حقها من الاهتمام النقدي الواسع والشهرة والانتشار ، رغم تميز قصيدتها التي تحمل كل معاني الانسانية ونعومة حرفها وجمال تعابيرها وصورها الزاهية .
وقد صدرت لها مجموعة من الاعمال الشعرية والنثرية والقصصية والكتب في مجال الاطفال بلغ عددها تسعة عشر مؤلفاً واصداراً ، من اهمها : " قصائد صادقة ، احب بلادي ، ابجد هوز ، ونهاية اسد شرير "وغيرها .
وتدير لميس كناعنة الجمعية العربية للثقافة التي كانت اطلقت العام ٢٠١٧ اغنية " يا قدس " من كلماتها ، ومن غناء والحان الفنان الفلسطيني فهد خلف .
وقد اثار هذا العمل الفني الغنائي رواجاً واصداء واسعة بين الاوساط الشعبية والجماهيرية والادبية والثقافية والفنية كعمل وطني مميز ، وهو من اخراج المخرج السوري سليم سموع وبمشاركة الكورال المصري بقيادة أميرة ناصر .
ما يميز لميس كناعنة رهافة الاحساس والأصالة والبساطة والبراءة والعفوية والطيبة والشمائل المحبة والخلق والتعامل الانساني والتمسك بالقيم والاخلاق رغم اضمحلالها وغيابها .
قصائد لميس كناعنة ذات ابعاد ونزعة انسانية وطنية وفكرية فلسفية وتعبيرية وصفية ، تعالج جل القضايا الحياتية المعيشية والموضوعات الاجتماعية والوطنة والسياسية والانسانية .
وتتسم بالشفافية والوضوح والعذوبة والسلاسة والتكثيف والايجاز ، وتطفح بالمشاعر المتدفقة والاوصاف الخلابة والجمال المثالي والتصوير البارع والتوصيف البليغ .
لميس كناعنة صوت دافئ ممطر مخضر تكتب فتعيد صياغة القلب الذي رضي النبض ، نصوصها اللميسية شجية وجميلة تطرب لها الروح ، وهي واضحة المعالم ، وتتميز بالدقة والجاذبية والرهافة الى حد الرومانسية ، والتعبير عن المشاعر الانسانية بشكل مدهش ، ومن يقرأها تستغرقه ويعيش في اجوائها الشاعرية الهادئة .
كما نلمس فيها خيوطاً تمتزج فيها المعاني وتختلط بالصور الشعرية المبتكرة بالموسيقى الرقراقة ، وتعبق بالحب والعشق والوطن ونسائم الطبيعة الغناء بكل تجلياتها ومعانيها وما ترمز وتوحي اليها ، وتبث الأمل والتفاؤل ، وتطفح بالتأمل الوصفي الجميل .
لميس كناعنة من شعراء الوطنية الذين يفيض شعرهم بالاخلاص والفداء والتضحية ، ولا يعرفون وطنيتهم تفرقة بين العناصر وتجزئة بين الشعوب والاقطار العربية ، وتباعداً بين المذاهب والديانات ، فهي تدعو وتنشد وحدة بلاد العرب ووحدة شقي البرتقالة الفلسطينية .
وتتجلى ووحها الوطنية الوثابة في الكثير من روائعها الشعرية التي حملتها في كتبها ودواوينها الشعرية ، انها خطرات ونبضات وبوح واستثارات العاطفة الشاعرة القوية والموحيات المختلفة ، ولذلك نجد هذه الخطرات نصيباً للوطنية وللامور الاجتماعية وللعاطفة الانسانية الوجدانية وقسطاً للناحية الأخلاقية .
لميس كناعنة شاعرة سامية الغرض والهدف ، نبيلة الروح ، رقيقة العبارة ، ويبدو في شعرها الاحساس العميق والشعور المتصاعد من اعماق النفس ، فضلاً عن الخيالات والرؤى والموسيقى .
اما من الناحية الشكلية والفنية فقصائدها موزونة على نمط شعر التفعيلة على الاغلب .
لميس كناعنة شاعرة وناثرة واديبة وكاتبة اطفال ، متكنة من لغتها وادواتها ، قصاندها نجوى كلها تأمل واعتبار ، خيال وجمال ، نتنقل بين معانيها الرقيقة وسطورها الليلكية ، واحاسيسها اللطاف كما تتنقل النحلة في حديقة ملأى بالزهر .
الف الف تحية للشاعرة لميس كناعنة ، الموهبة الحقة والوجه المضيء في المشهد الادبي والساحة الثقافية في هذه الديار ، الزاخر بالمشاعر الحساسة ، ونرجو لها المزيد من السطوع والتألق والسباحة في بحار الادب والابداع ، وبانتظار المزيد من الاصدارات الجديدة ، ولها خالص المحبة والتقدير لحرفها الأنيق ونبضها الصادق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق