شيء من الوهم...بل قصص حالمة/ الهام بورابة

هكذا تتبّعت مسار القصص وأنا أقتطع من براعة الحدث مبرّرا لإنتاج قصّة. فليس للغة هنا احتفال خارق .هاهي تسير على منحى منتظم معياري يحرص  القاص على سلامتها باقتباس مقدّس مرّة وبعادة فنيّة مرّة أخرى أكثر من حرصه على تهيئة إبداعية منقطعة الأثر.إلّا أنّ إيحاءات جميلة تنحو بالأفكارنحو الميتافيزيقا فيكوّن الخيال عوالم مختلفة للحالم ، عوالم لها من الواقع صوره لكنّها تحتلّ أمكنة افتراضية فلا نملك إلّا الإعتراف بانسجام الذات القاصّة مع فضائها المادّي على الرغم من نزعتها الحالمة.
في البداية وأنا أفتح المجموعة على كلمة المتميّزة الأديبة فادية عيسى قراجة ، اقترحت لنفسي مدى حيّاديّا ، فلا تجعلني كلمتها أعلن ابتداء تميّز المنتج . ثمّ إعلان القاص بداية عن شيء من الوهم ، فلأعتبرأولى القصص توهّم إبداع ، ولا أجازف بتصنيفها ضمن مشبك تساقط ليتحرّر قميص طفل من حبل الغسيل لايريد لآثار لهوه أن تمّحى بالتجفيف ، فالرّطوبة تأتي للحالم برائحة الأزرق ذاك المحيط الفائض أساطير عن حورياته وجنّياته . والأطفال عادة  خاصّة الذكور الذين يبلّلون الفراش هم أشقياء حلم أزرق. لذلك كان القميص الأزرق بديلا للفراش وليس تعبيرا عن الإمتداد المائي.
وإنّه حقّا حالم . يخاف اليقظة .
هناك تدرّج نفسي منتظم لليقظة حتّى الآن ، اللّيل مسيطر وانتظار النّهار مستمرّ ، والحلم انفراج .لكنّ الأفكار أنفاق تأمّل ،الضّياء آخرها لولا صدمات تفاجئنا فأعيد لهجتي : " أنا أقرأ لشاب متأثّر بالأفكار العلمية الخارقة فلكلّ أفق متوقّع" وهناك ثقافة نفسية تستغلّ الشّخوص .
في الحقيقة ، هناك تداخل عنكبوتي بين الحلم والواقع ، بين الافتراض والحقيقة ، ثمّ اختلاط كانفصام لتُطرح أسئلة تشخيصيّة عادة ما تكون في عيادات نفسية  مع عميل يقدّم  واقعه النفسي على أنّه الحقيقة المطلقة وأنّ ما هو خارج ذاته عالم نتفّق عليه ليس بالضرورة أن يكون سليما / حقيقيّا.
المختلف ، هو أنّ هذا الهوس الموضوعي ، الذي نادرا ما نجده في القصّة القصيرة ، فتح المجموعة على تشريح النفس بمشرط يدعى " القلم" حتّى لكأنّنا ندخل عالم الأساطير ، لغرابتها ، فهمس اليقين مثلا ، على الرّغم من أسطوريّة الحدث فإنّ الخيط النفسي الذي تتبّعته يثبت أن العميل يرى ذاته بعينها هي اليقين.وهنا يدقّ الأخصّائي النفسي ناقوس الخطر.هذه الرّؤيا دليله على حالة الفصام.
لكنّ القاصّ لا يأبه ، فمادام الله قد فتح هذا العالم فهو موجود ولابدّ أن يعيشه " وقال الذين غلبوا على أمرهم لتحمينيها ملائكة الرحمن بإذنه" ووحدها الولادة النفسية الجديدة تصلة بالحياة المتفق عليها.
هناك أفكار حادّة وجادّة ، الأسئلة ، أسئلة الطّفل الأولى ، وحالة ضياع ، ويعلن البطل الواحد المتعدّد على مدى القصص : " أستنسخ من رجل أسطوري تشبه صفاته صفاتي...وأنا يتخمّر بداخلي الشعر"
أرى أنّ الشعر مصير يحلّ أزمة مستعصية لم يحلّها الحلم.والشعر ربيع ، " الربيع في بداية عطائه وكنتَ مثله ساحر العينين يغشاهما بعض الحزن كما تغشى الربيع بقايا الشتاء" وتمام الربيع الصيف ، فهل تكون الرواية صيف البطل؟ بالتأكيد لن تكون "رواية الموت".
 " شيء من الوهم" باقة  أزهار زرقاء قد تكون ليلكا في اكتمال اللّون الأزرق ، ولولا الملامة لقرأت الخيانة بدل الوهم ، لكن لا توجد خيانة في حضور براءة اللّيلك ، فاسعى لحبيبتك واثقا أيّها الشّاب فكلّ الحوريات أصابعها . هكذا أسمع همس هذه المجموعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق