عندما يشتدّ الظلام يصبح أي بصيص نور ملجأ الكثيرين. وفي الصحراء عندما يشتدّ الحر يتعلّق المسافر بأي سراب. وعندما تسير أوضاع عالمنا العربي من سيءٍ إلى أسوأ يتعلق الناس بالمنجمين والمتنبئين ليسمعوا منهم كلمة تلوح لهم كالسراب يبددون بها عطش صحراء أيامهم القاحلة.
ظاهرة قراءة الطالع اكتسحت الساحات العربية. أصبح لكل نظام من يتنبأ له بانتصار تلو انتصار. ولكل معارضة من يتنبأ لها ببسط سلطتها على البلاد والعباد بعد اشارة او اشارتين على الاكثر. ولكن فلنترك باقي الدول العربية ولننظر الى الساحة اللبنانية.
فهذه ليلى عبد اللطيف تتلطّف بنا وتعدنا بانفراجات ومصالحات واتفاقات وكلها لصالح لبنان واللبنانيين. عنوانها العريض "الشر محدود والخير لا يعرف حدود". وتؤكد مثول تسع شخصيات لبنانية مرموقة أمام المحاكم بتهم الفساد والرشوة واستغلال المال العام. لم تقل لنا من هي هذه الشخصيات. ولكننا نعرف منهم حوالي ثلاثة آلاف شخصية على الاقل. وكيف تريد الناس ألا تتعلّق بليلى عبد اللطيف وهي الوحيدة التي وعدتهم بخير لا يعرف الحدود. وهي الوحيدة التي حاربت الفساد وقدَّمت تسع شخصيات للمحاكمة ولو انها لا زالت تنبؤات.
عندما تضع اسم ميشال على الغوغل تجد ميشال حايك في الطليعة يسبق كل الميشالات الاخرى مثل عون، معوّض، سليمان، المر، اده، سماحة... أي أن الناس تلتجىء الى ميشال الحايك فيحقنها بالامل والتفاؤل والايجابية: عودة المغتربين بالالاف، افادة البلد من الادمغة المهاجرة، تضامن اللبنانيين ضد الارهاب، مبادرات فردية خلاقة وتكريم للمبدعين وكأنه يتنبأ لسويسرا أو الدنمارك وليس للبنان.
أما مايك فغالي فهو فلكي لبناني متخصص برفع معنويات النظام السوري. وهذه واحدة من تنبؤاته: "الرئيس الاسد باق وهذه قمة الحقيقة. والنصر آت والرئيس السوري سيقود العالم العربي والشعوب العربية جمعاء وسيصبح الزعيم العربي الاول وعبد الناصر الجديد وان الجولان السوري سيعود قريباً وانه سيطيل شعره ولن يقصّه إلا في القدس إن شاء الله". واعتقدتُ للوهلة الاولى انها تنبؤات صادرة عن القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
ما لي ولبقية الفلكيين والمنجمين الذين هم أكثر من الهم على القلب. سأنزل الى الميدان وأدلي بتنبؤاتي وما حدا أحسن من حدا:
مواليد برج الحمل وبرج الجدي: عملياً لا فرق بين الجدي والحمل. كلكم للذبح. كل مجموعة منكم منتظمة في قطيع: اما عائلي. أو عشائري، أو طائفي أو مذهبي... الرعيان يبدون مختلفين ولكنهم متفقون عليكم. كل راعٍ هو الزعيم المفدّى. لا حقوق لكم بوجوده او وجود زوجته أو أولاده أو احفاده أو كلابه. وطالما انتم قطعان تحرسها الكلاب والتيوس وعصا الراعي أو حجارته، وتقبلون، فلا تتأملوا بأكثر من الذبح. والله لا يردكم. كثافة لبنان السكانية تتمركز في هذين البرجين وهي حالياً حوالي تسعين بالمئة.
برج الاسد: لو كنتَ من مواليد برج الاسد، أو أي برج آخر، فلقد روَّضوك وهجَّروك الى برج الحمل او الجدي. راجع مصيرك أعلاه. الرعيان هم من احتلّوا برج الاسد. ولا تتأمل بزوال الاحتلال. فما أُخِذَ بالقوة لا يُسترد بالثغاء. كل اشارة أو اشارتين يتعارك الاسود ظاهرياً، تدعمهم اسود خارجية. وعند اشتداد الاشتباكات يجتمعون في لوزان أو الطائف أو الدوحة أو في أي مكان ويتفقون على وليمة من لحمكم، لحم الحمل والجدي. وتصفقون. العمى بقلبكم ما أحمركم.
برج الحوت: من ينجو منكم من الأسد يتلقفه الحوت. والحوت يبلع كل شيء حتى أملاك الدولة البحرية. الحوت هو الاسم الحركي للأسد. وطالما أنك ارتضيت أن تبقى حملاً أو جدياً فمصيرك إما النهش بأنياب الاسد أو العصر والتحلل في احشاء الحوت. ولا تطمح بالنبوة. لم نكن لنسمع بالنبي يونان لو ان حوته تعرَّف على شواطئنا. سكان برج الحوت شتاء، هم أنفسهم سكان برج الاسد صيفاً. نسبتهم أقل من واحد بالمئة من السكان ويأكلون تسعين بالمئة من خيرات البلد.
برج الميزان: سكّان هذا البرج من مواليد جميع الابراج. تحصَّنوا بالميزان لأنه شعار العدل وتخلّوا عن أبراجهم الاصلية. بالكاد يمثلون حالياً عشرة بالمئة من سكان لبنان. يشترك جماعة الميزان بصفات عديدة منها الصدق والشفافية والعلمنة الصادقة. كل الدلائل تشير أن المستقبل لهم. علاقاتهم مع برجَي الاسد والحوت مقطوعة. ويعمل الطرفان على ابقائها كذلك. يعملون على لقاح لمواليد برجَي الحمل والجدي ضد البهلنة والحمرنة. هناك عشرات السنوات تفصلهم عن توفير هذا اللقاح للجميع.
برج التيس: التيس ليس من الابراج الرسمية بل من اختراع العبقرية اللبنانية. ومن شروط الانتساب اليه أن تقضي عشر سنوات او اكثر في برج الحمل أو برج الجدي. وأن تجيد المأمأة والثغاء. ويمكن أن تقفز فوق هذه المدة فور أن ينبت لك قرنان تزود بهما عن الزعيم المفدى. وأن تحفظ قصيدة الشاعر البدوي علي بن الجهم التي يقول مطلعها:
أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب
الود هنا للبيك والشيخ والزعيم. والخطوب هم اعداؤه. أما الكلب والتيس فهما حضرتك.
بعد اشارة أو اشارتين سيستقبل هذا البرج الغالبية الساحقة من اللبنانيين. وهل أتيس ممن يرى البلد يسير الى الهاوية ويصفِّق لقياداته الحكيمة؟
برج الثور: لا يغرّنك طول قرنيك اللذين كانا عنوان عزّتك وعنفوانك. فبدل أن تنطح بهما من استغلّوك، توظفهما لتنطح من يحاول تحريرك من الاستغلال. لا يغرّنك ضخامة جسدك. فلقد استعملوك للفلاحة ولتلقيح البقر وهم يقبضون الثمن. أمامك طريق شاق وطويل ينتهي بعد ثلاث اشارات الى المسلخ. لذلك سأضمك الى أبراج الجدي والحمل والتيس.
يمكنني تقسيم اللبنانيين الى ثلاثة تجمعات برجيّة كالتالي: أكثرية الشعب اللبناني أصبحت متمترسة في برج التيس والسرطان والسل والفقر والجهل والتعصب. وتأبى المغادرة. ونخبة متسلطة لا تتجاوز الواحد بالمئة متمترسة في أبراج الاسد والحوت والشفط والنهب والرشوة والسرقات على عينك يا تاجر... وأقلية حوالي العشرة بالمئة تتجمَّع في برج الميزان وتعمل بجهد لتوازن الكفَّتين في بلد غاب عنه العدل منذ أن تهدَّمت مدرسة حقوقه سنة 551 ميلادياً.
وكل عام وسكان برج الميزان بألف خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق