قراءة في قرارت المركزي الفلسطيني
أخيرًا انتهت أعمال المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الثامنة والعشرين، الذي انعقد في مدينة رام الله يومي الأحد والأثنين المنصرمين، وافتتح بخطاب للرئيس الفلسطيني محمود عباس"أبو مازن"امتد على مدار ثلاث ساعات، وكان أقرب لمحاضرة سياسية في التاريخ لمفكر فلسطيني حول تاريخ الصراع في المنطقة، وبحضور رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، وغالبية أعضاء المجلس، ولم يكن متواجدًا القنصل كما روجت بعض وسائل الاعلام وبعض الاصوات في تغريداتهم على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبعد نقاش طويل ومتشعب، على ضوء الحالة الفلسطينية الراهنة، وخطورة المرحلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، خرج المجلس المركزي بقرارت وصيغ تدور في حلقة مفرغة تعودنا عليها من قبل النطام السياسي الفلسطيني ومؤسساته، كالرفض والاستكار والتوصية.
ومن أهم ما جاء في البيان الختامي هو رفض قرار ترامب، وعدم الاعتراف بالدولة اليهودية ووقف الاستيطان، وأن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة في اوسلو والقاهرة وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة.
كذلك قرر المجلس تجديد قراره بوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية، التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الفلسطيني والوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية لمنطمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات دولة فلسطين البدء بتنفيذ ذلك.
كما أكد المجلس على التمسك باتفاقية المصالحة الموقعة في العام ٢٠١١ في القاهرة، وما تم بعد ذلك من اتفاق في العام الماضي ٢٠١٧، وضرورة تمكين حكومة الوفاق الوطني تحمل مسؤوليتها كاملة، واجراء الانتخابات العامة في نهاية العام الحالي ٢٠١٨ لتحقيق الشراكة في اطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بالبرنامج السياسي والكفاحي.
وايضًا، أكد المجلس على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية لتعزيز الشراكة السياسية ووحدة النظام السياسي، اضافة الى ذلك أكد البيان على حق شعبنا بممارسة أشكال النضال كافة ضد الاحتلال، وفق أحكام القانون الدولي بما فيها المقاومة الشعبيةالسلمية ودعمها، وضرورة دعم صمود شعبنا في القدس، واتخاذ كل الاجراءات لتوفير متطلبات الحياة الأفضل لشعبنا في قطاع غزة.
ومما جاء في البيان على صعيد مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة والمحكمة الجنائية الدولية، هو الحث على استمرار العمل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة، واستمرار العمل لتعزبز مكانة دولة فلسطين في المحافل الدولية واحالة مختلف القضايا الاساسية للمحكمة الجنائية الدولية، مع استمرار الانضمام للمؤسسات والمنظمات الدولية، وبما يشمل الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة.
وأبقى البيان على"شعرة معاوية"مع الدول العربية والاتحاد الاوروبي خاصة، وابقاء المجال للاطراف الأخرى حتى تتمكن من تصويب أحوالها.
واعتبر العديد من المعلقين والمحللين والاعلاميين الفلسطينيين والعرب أن جزءًا كبيرًا من هذه القرارات مبهمًا وغامضًا، وبلا آليات عمل واضحة، لا سيما أن بعضها، كوقف التنسيق الأمني، الذي تم تجديده للمرة الثانية، لتكون هذه القرارت مع وقف التنفيذ.
وتجدر الاشارة الى أن هذا القرار بوقف التنسيق الأمني، كان المجلس نفسه قد قرر في العام ٢٠١٥، ولم تقم السلطة بتنفيذه الا في صيف العام ٢٠١٧، ولمدة شهرين فقط كنوع من الضغط على حكومة الاحتلال خلال هبة القدس والأقصى.
ولوحظ أن الغالبية من حركة"فتح"حسمت التصويت لصالح الصيغة النهائية للقرارات، في حين امتنعت قوى اليسار الفلسطيني، وهي"الجبهة الديمقراطية"، و"الجبهة الشعبية"، و"فدا"، و"المبادرة الوطنية"عن التصويت، بينما صوت ضد القرار اثنان فقط، هما النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، وعضو اللجنة التنقيذية لحركة"فتح"عباس زكي، ولكن في نهاية الأمر نجح التيار الرسمي في حركة"فتح"في ترجيح الكفة لصالح القرارت.
ومن اهم المسائل التي أثارت الجدل والنقاش الحاد خلال اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني كان تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف باسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود العام ١٩٦٧، والغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
وعلى صعيد الشارع الفلسطيني تراوحت ردود الفعل بين الترحيب والتحفظ والرفض، وهو لم يعد يصدق أن هذه القرارت ستنفذ في الواقع، والحل فقط هو بتغيبر موازين القوى السياسية القائمة والفاعلة على ساحة العمل الوطني والنضالي والسياسي الفلسطيني.
ويبقى القول، أن الامتحان الحقيقي هذه المرة للقيادة الرسمية الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني هو الالتزام بتنفيذ القرارت فعليًا على الأرض، ووضع الاليات اللازمة لتطبيق ذلك، والايام القادمة كفيلة بكشف الحقيقة، فلننتظر ونرى..!
**
خطاب محمود عباس في المجلس المركزي الفلسطيني
استمعنا الى خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في جلسة المجلس المركزي الفلسطيني، الذي انعقد في رام الله، بغياب حركتي حماس والجهاد الاسلامي غير الممثلتين في المجلس، وأنفق عباس حوالي الساعتين من خطابه بسرد تاريخي طويل وممل ومكرر، ومليء بالأسماء والتفاصيل عن ارهاصات ولادة الحركة الصهيونية وقيام الدولة العبرية وما رافق ذلك من مؤامرات استعمارية قبل أن يصل الى المرحلة الحالية، مستعيدًا تراث الحركة الوطنية الفلسطينية، مؤكدًا مرارًا وتكرارًا عدم تنازله عن أي من الثوابت، وتمسكه بقرارات المجلس الوطني العام ١٩٨٨، ورمى الكرة في ملعب الحاضرين والمشاركين، منوهًا الى أنه يجب على المجلس اتحاذ قرار حول المستقبل، بعد أن أنهت اسرائيل اتفاق اوسلو، كما ووجه رسائل الى دول عربية تسعى للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، ولم يخف اقتراح البعض بأن تكون أبو ديس عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، مؤكدًا تمسكه بحل القضية الفلسطينية أولًا.
وتقاطعت آراء المحللين والصحفيين والمعلقين السياسيين بأن خطاب الرئيس أبو مازن كان عبارة عن محاضرة في التاريخ ليس الا، بعث من خلاله رسائل الى امريكا وبعض الدول العربية على حد سواء في رفض"صفقة القرن"، التي سماها"صفعة"العصر، والتطبيع ومصادرة القرار الفلسطيني من قبل أي طرف.
ورغم أن عباس افتتح خطابه بقصيدة الشاعر العراقي مظفر النواب الشهيرة"القدس عروس عروبتكم"فان توغله في التفاصيل التاريخية وابتعاده عن الموضوع الجوهري وغياب أي رؤية واضحة لمواجهة القرار الامريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الامريكية الى القدس، حيث أنه لم يتحدث عن هذا الموضوع الا في آخر الخطاب، ولمدة دقائق معدودات، وكما في خطاباته السابقة، فقد تحدث بصورة مبهمة وغير واضحة، ولا تنسجم ما تتعرض له القضية الفلسطينية وشعبنا من مخاطر وتحديات.
ويمكن أن نقرر أن خطاب أبو مازن مليء بالتناقضات وعدم الوضوح، فضلًا عن لغة التهكم والسخرية غير المقبولة في العمل السياسي والعلاقات الوطنية، كقائد سياسي كبير يمثل شعب بأكمله.
استمعنا الى خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في جلسة المجلس المركزي الفلسطيني، الذي انعقد في رام الله، بغياب حركتي حماس والجهاد الاسلامي غير الممثلتين في المجلس، وأنفق عباس حوالي الساعتين من خطابه بسرد تاريخي طويل وممل ومكرر، ومليء بالأسماء والتفاصيل عن ارهاصات ولادة الحركة الصهيونية وقيام الدولة العبرية وما رافق ذلك من مؤامرات استعمارية قبل أن يصل الى المرحلة الحالية، مستعيدًا تراث الحركة الوطنية الفلسطينية، مؤكدًا مرارًا وتكرارًا عدم تنازله عن أي من الثوابت، وتمسكه بقرارات المجلس الوطني العام ١٩٨٨، ورمى الكرة في ملعب الحاضرين والمشاركين، منوهًا الى أنه يجب على المجلس اتحاذ قرار حول المستقبل، بعد أن أنهت اسرائيل اتفاق اوسلو، كما ووجه رسائل الى دول عربية تسعى للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، ولم يخف اقتراح البعض بأن تكون أبو ديس عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، مؤكدًا تمسكه بحل القضية الفلسطينية أولًا.
وتقاطعت آراء المحللين والصحفيين والمعلقين السياسيين بأن خطاب الرئيس أبو مازن كان عبارة عن محاضرة في التاريخ ليس الا، بعث من خلاله رسائل الى امريكا وبعض الدول العربية على حد سواء في رفض"صفقة القرن"، التي سماها"صفعة"العصر، والتطبيع ومصادرة القرار الفلسطيني من قبل أي طرف.
ورغم أن عباس افتتح خطابه بقصيدة الشاعر العراقي مظفر النواب الشهيرة"القدس عروس عروبتكم"فان توغله في التفاصيل التاريخية وابتعاده عن الموضوع الجوهري وغياب أي رؤية واضحة لمواجهة القرار الامريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الامريكية الى القدس، حيث أنه لم يتحدث عن هذا الموضوع الا في آخر الخطاب، ولمدة دقائق معدودات، وكما في خطاباته السابقة، فقد تحدث بصورة مبهمة وغير واضحة، ولا تنسجم ما تتعرض له القضية الفلسطينية وشعبنا من مخاطر وتحديات.
ويمكن أن نقرر أن خطاب أبو مازن مليء بالتناقضات وعدم الوضوح، فضلًا عن لغة التهكم والسخرية غير المقبولة في العمل السياسي والعلاقات الوطنية، كقائد سياسي كبير يمثل شعب بأكمله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق