الكتابة حين تتحيز للفقراء في "طقوس بحرية"/ إسراء عبوشي


صدرت نصوص "طقوس بحرية " للكاتب : عمر عبد الرحمن نمر عام ٢٠١٦م، ويقع في ١١٩ صفحة من الحجم المتوسط.

طقوس خاصة تبحر في بنية فنية مكتملة،صافية كمياه البحر ، تلمس مده وجزره ، بلغة فلسطينية الهوى.
تتقاطع بأنواع أدبية مختلفة ، ترفده بفكر يتأمل البحر ويشكل طقوسه العاشقة للوطن و تراثه وأصالته ، ويتأمل حاله وفيض خواطره .
حدود البحر روح الكاتب ووجدانه ، تجعل القاريء يقف على الشاطيء ، ويتأمل الطقوس البحرية محاورا إنسانيته .

باسلوب فلسطيني بإمتياز، في شذاه عبق التراث، يحاكي طقوس الحياة اليومية ، اهازيج الحصاد و زغاريد الأعراس والحقول والحواكير، باسلوب يبرق من عيون الجميلات، ويتفتح بالذهن كزهر اللوز مع أول الربيع، تعيش حالة ارادها الكاتب وتشاركه تلك الطقوس، تغلق دفتي الكتاب فتطاردك المعاني بين السطور.
وضع الكاتب يده على عدة جروح متشعبة في ضمير الأمة، ومنها الفقر حيث يرى الكاتب الهلال رغيفا، معجون بطحين الغوث المسوس، أو طحين مسجل على دفتر الديون، خبز مر، تعجنه الأم لينعم به كل فقراء الناس.
ضحايا الفقر العامل والفلاح، فالعامل يطارد لقمة العيش من الغسق بزوادة فارغة إلا من قطرات، بجسد استعصى على البرد والجوع ، عرق العامل إثبات ولاء ، ووثيقة عطاء ، وشهادة انتماء، عرق العامل صديقه .
يموت العامل على المعبر كما مات رجال في الشمس بصمت لا يطرق جدران، بل يطوقه جدار الفصل العنصري يقطع الحدود مهربا، يحمل كفنه على عاتقه، لتنتهي قصته بالموت على المعبر.
فكيف يموت الفقراء وهم جوعى.

أما الفلاح حيث الجوع يطوي سهولا وجبالا، يغرس حقله وقبله يغرس البسمة على وجوه الثكالى واليتامى والمقهورين، إنه الهلالي في ترحاله يذرع الشرق، ويزرع النخيل في الواحات الجرداء، يفتح الصحراء تلو الصحراء ويغني للمجد وللكوفية السمراء والوطن 
إنه الهلالي في اجتياز الصعاب ، وإغاثة الملهوف، يرسم من دموع الملهوف طيف ابتسامة، هو أغنى الناس .
يحيي الليل بالتعاليل، ويفتن الصبايا بالأهازيج والمواويل على البيدر، صور تظهر روح الحياة ، روح لا يكسرها فقر ، روح لا تموت تولد مرات ومرات بين عناقين.
استمد قوته من الرضا " الرضا محصول الفلاح المحفوظ بالخوابي لكل الفصول".
شاعرة وكاتبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق