في الرابع عشر من شباط من كل عام يحتفل العالم بعيد القديس الإيطالي فالانتاين الذي تحوَّل إلى أسطورة يتداولها الناس ، ويحتفلون بها احتفالات صاخبة إحياءً لذكرى هذا القديس الذي دفع حياته ثمنا ً لدفاعه عن الحب النبيل النقي الطاهر ، والإعلاء من شأنه كأسمى وأروع قيمة إنسانية على الإطلاق ، وهذه الذكرى غير موجهة لفئة معينة من الناس ولا إلى انتماء معين ، ولا إلى عرق أو جنس أو أمة بعينها ، بل هي موجهة إلى جميع بني البشر على السواء لأن الحب هو الحاجة الأساسية للإنسان في أن يكون محبوبا ً ومحبا ً ، فمن الحب تنبع سائر العواطف الإنسانية النبيلة التي تجمِّل الحياة ، وتجعلها بهية مشرقة وتستحق أن تعاش بجدارة ، لذلك فإن رسول الأمم بولس بعد أن تحدث عن بعض القيم الأساسية قال :
(( على جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال )) لأن المحبة هي الحاجة الملحة والتي لها التأثير الكبير على بقية الحاجات النفسية .
فكيف تكون الحياة يا ترى إن لم نجد فيها قلبا ً محبا ً يحنو علينا ، وصدرا ً حنونا ً نتجه إليه بمشاعرنا ومشاغلنا ؟!.
لا شك بأنها سوف تصبح صحراء قاحلة موحشة لا تطاق ، فالحب هو البلسم الشافي لداء كل البشر ، ولكن مع الأسف الشديد إنَّ البشر هم من تعدوا عليه لأنهم لا يعيشون إلا على الكراهية والعدوان ، وليس على المحبة والسلام ، يعيشون على حب القوة وليس على قوة الحب ، فالعالم يحتفل بعيد الحب لأنه يحب مثل هذه المناسبات البراقة التي لا تجدي نفعا ً .
ليتنا ندخل الحب السامي إلى قلوبنا ذلك الحب الذي لا يخدع ولا يهجر ، ونعيِّد بمحبة تنمو وتزداد يوما ً بعد يوم لأنه حيث يوجد الحب الصحيح تهرب البغضاء ، ويتلاشى الحسد ، وحيث يستقر الحب تختنق النواقص لأن وجوده في قلوبنا يشعل فيها نار الإيمان ويضيئها بنور الرجاء ، فالحب ليس تسلية ولا قصيدة شعر بليغة ، ولا مقالة محبوكة البيان ، ولا لوحة فنية رائعة الجمال بل إنه أمر جديٌّ بالغُ الخطورة منحهُ الله للبشر ، وهذه المحبة استمدها هذا القديس العظيم من أعظم أساتذة المحبة الذي قدم إلى أرضنا ليعلمنا إياها لأنه أحبنا إلى المنتهى وأسلم نفسه لأجلنا ، فلنفتحْ أبواب قلوبنا ،وننقي سماءها من غيوم الشهوات ، ونطرد منها الخداع عندئذ تغمر شمس المحبة حياتنا بالخير والنور والفرح والسرور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق