إذ سرعان ما أكتشف عمق الأحاسيس ، ودائما ما ألمح دموعا تريد أن تتدفق حينما تتحدث أمي عن والدي ... حينما تروي لي أو لأختي جزءا من طفولتنا المبكرة ، أو تتحدث لخالتي عن زوجها...
تروي كيف أحبها والدي ، وكيف تمنعت هي في البداية واحتقرته لكن في النهاية استسلمت واقتنعت بحبه لها! وهي لا تقول أحبها وإنما رغب فيها واختارها زوجة !
وأمي تحب أن تردد دائما أن حلم أي فتاة لا تسعه الأرض والسموات ، فأي فتاة دائما ما يكون رجل أحلامها ذو أوصاف عديدة! لكن في النهاية لا يسكن قلبها إلا رجل واحد ،ولا تعيش الا مع رجل واحد ، وحتى وإن ترملت فإنها لا تستعيد إلا ذكريات ذلك الحبيب!
في صغري كنت شاهداً على الشجارات الهادئة أو العنيفة التي تندلع بين أمي وأبي بين الحين والأخر ، وإن كنت صغيرا غير أني كنت أرى أن أسباب تلك الشجارات تافه ، بل أتفه من شجارنا نحن الأطفال في الشوارع وميادين كرة القدم!
وكلما تناقشنا معها في أمر واحتارت أو أرادت الـتأثير علينا لكي نتخذ قرارها أو نقتنع بوجهة نظرها ، فإنها تقول لنا بتأثر : أنا متأكدة من أن والدكم كان سيقول الأمر ذاته !
حينما كنت طفلا صغيرا فأنظر في عيناي أمي الباكيتان فلا أرى سوى الألم والحزن والشعور بالظُلم ، واليوم وأنا على مشارف الأربعين لما أحدق في نفس العينان أكتشف أن كل تلك الأحزان والآلام تحولت إلى حب وأشواق ووفاء....
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق