حديث عن الحب/ عبدالقادر رالة


  نادرا ما تتحدث أمي عن الحب ، غير أن عيناها تدمعان بسرعة وبغزارة لما تكون منشغلة بمشاهدة فيلم رومانسي مصري ...حتى أنها تنسى جميع من يكون حولها ، وتصير جزءاً من الفيلم ، وتجمد كأنها صخرة في أسفل تلة ! لا تسمح بالكلام ولو همساً  ، والويل لمن يقاطعها من أولادها أو أولاد الجيران .        وحينما تذكر والدي الله يرحمه تحب أن تخلط الجد بالهزل والانتقاد الحاد غير أننا نلمح عمق وكبر الحب الذي جمعهما!

  إذ سرعان ما أكتشف عمق الأحاسيس ، ودائما ما ألمح دموعا تريد أن تتدفق حينما تتحدث أمي عن والدي ... حينما تروي لي أو لأختي جزءا من طفولتنا المبكرة ، أو تتحدث لخالتي عن زوجها...

  تروي كيف أحبها والدي ، وكيف تمنعت هي في البداية واحتقرته لكن في النهاية استسلمت واقتنعت بحبه لها! وهي لا تقول أحبها وإنما رغب فيها واختارها زوجة !

وأمي تحب أن تردد دائما أن حلم أي فتاة لا تسعه الأرض والسموات ، فأي فتاة دائما ما يكون رجل أحلامها ذو أوصاف عديدة! لكن في النهاية لا يسكن قلبها إلا رجل واحد ،ولا تعيش الا مع رجل واحد ، وحتى وإن ترملت فإنها لا تستعيد إلا ذكريات ذلك الحبيب!

   في صغري كنت شاهداً على الشجارات الهادئة أو العنيفة التي تندلع بين أمي وأبي بين الحين والأخر ، وإن كنت صغيرا غير أني كنت أرى أن أسباب تلك الشجارات تافه ، بل أتفه من شجارنا نحن الأطفال في الشوارع وميادين كرة القدم!

  وكلما تناقشنا معها في أمر واحتارت أو أرادت الـتأثير علينا لكي نتخذ قرارها أو نقتنع بوجهة نظرها ، فإنها تقول لنا بتأثر :  أنا متأكدة من أن والدكم كان سيقول الأمر ذاته !

  حينما كنت  طفلا صغيرا فأنظر في عيناي أمي الباكيتان فلا أرى سوى  الألم والحزن والشعور بالظُلم ، واليوم وأنا على مشارف الأربعين لما أحدق في نفس العينان أكتشف أن كل تلك الأحزان والآلام تحولت إلى حب وأشواق ووفاء....

  الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق