منارة مضيئة/ محفوض توما جروج

     حلمي في المستقبل أستمدهُ من البريق اللامع في عينيك ، ومن أهدابكِ التي تمطر الأحلام .
زادي أجمعهُ من النضارة الذابلة في وجنتيكِ اللتين كنت أقرأ فيهما الحبَّ الذي لا يسبرُ غوره .
لعبتي  الأولى حبائل ضفائرك المنسابة بلطف فوق سريري تناغيني .
أنفاسكِ نسائمُ عطر الزهور على وجهي ، ومن لمسات يديك أنهلُ الحنانَ المتدفقَ برقة وغزارة .
صدرك النابضُ هو الملاذ الوحيدُ الذي أسندُ إليه رأسي المتعب .
صوتك المتهدج خوفا ً وقلقا ً عليَّ يتسرَّبُ كالطيف إلى رئتيَّ ، ينسابُ إلى أعماقي بصلواته الحزينة القدسية .
عظمتك .. ذوبانك في فلذة كبدك .. عطشتِ لأرتوي .. جعت ِ لأشبع ..
بكيتِ لأبتسم .. بذلتِ النفسَ بدون تذمُّر .. أعطيتِ كل شيء وما طلبت ِ شيئا ً ، يا لسمو العطاء !.
على أنقاض شبابك الغض بنيتُ شبابي كي يرتسم الكون الجميل على ضلوعي .
علمتني الأيامُ أنَّ الحياة سرابٌ زائلٌ لو لمْ ترصِّعْ سنواتها لآلئ الأمومة التي تغدق عليها من نبل ما وهبك الله .
في حنانك تتلاشى قساوة الأيام ، فكلُّ حنان يبدو هزيلا ً إذا ما قورن بحنانكِ ، وكل التضحيات تبدو قزمة ً أمامَ تضحياتك العملاقة .
فإنْ كانَ على الأرض مناراتٌ مضيئةٌ فبعضهنَّ تكونُ الأمهاتُ الفاضلاتُ ، تحيط  برؤوسهنَّ هالاتُ المجد .
هذه هي الأم التي لا أعذب منها إلا هي ، والتي يعجز القلم عن الإحاطة بمناقبها .
فهنيئا ً لكلِّ أمِّ في يوم عيدها الأغرِّ من كل عام .
                                       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق