لقد أصبحت حقبة خلافة هارون الرشيد مثلها مثل الأعمال الخالدة من أعمال شكسبير التى مازال يتناولها المخرجون وكتاب المسرح الكبار برؤيتهم الخاصة على حقبات تاريخية متتالية شرقا وغربا على مدى سبعة قرون ، ومنها الملك لير ، ومكبث ، وهاملت ، وعقدة أوديب ، وكذلك الجحيم لدانتى أو الكوميديا الأللاهية ، التى يعاد رؤيتها بأيدى مبدعين وروائيين كبار ، كان آخرهم الفيلسوف دان براون عام 2013 .
هكذا أصبح هارون الرشيد مرتع للكتاب العرب عندما يريدون أن يقوموا بعملية اسقاط أو رمز على حكامهم أثناء حياتهم لابعد مماتهم ، فهذا المسلسل الرابع الذى أشاهده عن فترة خلافة هارون الرشيد ، منها مسلسلين مصريين ، واثنين سوريين فى الثلاثون سنة الأخير من القرن العشرين وبداية الواحد والعشرون .
هذا المسلسل الذى نحن بصدده الآن والذى تم بثه فى شهر رمضان مايو 2018 انتاج شركة خاصة سورية تحمل اسم كبير ، ولها باع كبير فى الأنتاج ، للمخرج عبد البارى أبو الخير ، ومن المؤسف أن هذا هو أول عمل أشاهده له كمخرج ، ولكنى تعرفت عليه خلال أعمال له وهو مساعد مخرج ،وللمؤلف وكاتب السيناريو والحوار ، عثمان نجا ، مقتبسا من تاريخ خلافة الرشيد ، حيث أسندت البطولة لكل من الفنان قصى خولى فى دور هارون وعابد فهد فى دور الهادى ، الشقيق الأكبر لهارون وكاريس بشارفى دور زبيدة وكندة حنا فى دور العباسة والفنانة الكبيرة المتألقة سمر سامى فى دور الأم ( الخيرزان ) جميعهم فنانون سوريون وباقى الأدوار كانت لوجوه لممثلين من دول عربية ، وهذه وجهة نظر لدى المخرج ربما لتسويق المسلسل الذى رفضت دول خليجية وعربية شراؤه لأسباب ربما تكون سياسية .
نتحدث أولا عن الكاتب الذى أختصر تاريخا طويلا لخلافة هارون الرشيد فى اثنين وثلاثون حلقة ، كان مجملها ساعتين لاأكثر ، حيث انه حصر كل تاريخ ومشوار هارون الطويل على مؤامرة حيكت له داخل القصر من قبل البرامكة الذين كان تواجدهم منذ المنصور ثم المهدى فالهادى الذى شك فى أمانتهم فقام باعتقال أبو الفضل وايداعه بالسجن الى ان جاء هارون ليحرره ، فأم الفضل هى التى قامت بتربية هارون وتنشئته مع ابنها جعفر والعباسة شقيقة هارون ، فالتحمت الصداقة والأخوة بينهم .
نعود لنظرة الكاتب فى اسقاط وتوظيف جزئية من مسيرة هارون والتركيز عليها حيث حمل هذه المسيرة كلها على أكتاف زبيدة الهاشمية سلالة العباسين ، زوجة هارون ، لتوجه له الرسائل من حين لآخر محذرة اياه من طمع البرامكة فى الحكم خاصة بعد أن أشاروا على الخليفة بضرورة اصدار صك يسمى فيه اسم ولى عهده وولى ولى العهد من أبنائه ، وقد كان لهم ما أرادوا ، سمى محمد الأمين ابن زبيدة وليا للعهد ، وعبدالله المأمون الذى أنجبه هارون من جارية برمكية ، على أن يكون ولى ولى العهد ، وبالطبع هذا لم يرضى طموح أبو الفضل وأبناؤه الفضل وجعفر حيث نصب الأول واليا لخرسان بعد أن كان قائدا أعلى للجيوش ، وجعل جعفر وزيرا أول له ، علاوة على أنه وضع كل ثقته فى أبوالفضل الذى قلده ختم الخلافة ، ليحل محله فى كل مايخص شئون الحكم ، لكننا لايجب ألا ننسى أن الكاتب أهمل كل الأهمال جعفر ابن الهادى الخليفة السابق لهارون ، والذى انتزع شقيقه أعتراف منه بأن يكون ولده جعفر وليا للعهد ليصبح الخليفة من بعده ، وكان عندئذ لم يتعد السابعة من عمره ، فعاهده هارون على ذلك ، الا أن والدتهم (الخيرزانة) وقفت له بالمرصاد ، مما دعاها أن تتخلص منه بعد أن دست له السم فى الطعام .
هذا كله من بنات أفكار المؤلف معد السيناريو والحوار ، وقد أستغرق فى هذا ست حلقات من عمر المسلسل ليجهز على الخليفة (الهادى)
فماالذى كان يريد اسقاطه أو الرمز له فى هذه الحدودة التى طرحها علينا من بنان خياله ؟ علينا أن نحترم ما رمز له الكاتب فقد وفق تماما فى الرمز لكرسى الخلافة أو كرسى الحكم ليكون علامة من علامات التتر الأول والأخير ، الذى يتسابق للجلوس عليه الملوك والرؤساء والأمراء حتى الخليفة الهادى الذى كان يرى فى أحلامه مايفزعه ، عندما يرى شخصا ينتزع الكرسى منه ويجلس عليه ، فيقوم من نومه مهرولا الى سدة الحكم ، فلا يجد الا نفسه مع الكرسى ، فيعتليه ويجلس عليه حامدا الله بأنه مازال قائما على الحكم ، هكذا هم حكام البلاد العربية والأسلامية على مر التاريخ ، البقاء فى الحكم حتى الموت أو التوريث ، وقبل فبراير 2011 كان كل الحكام بلا استثناء يعدون أبنائهم لوراثة الحكم حتى(بوتافيقة) الميت الحى والذى رشح بالأمس للولاية الخامسة بعد أن استوعب الدرس وعرف أن الشعب غير قايل فكرة التوريث الأمر الذى دعاه يستمر على الكرسى المتحرك تثبيتا منه ، للكرسى غير المتحرك .!!
ربما رمز الكاتب هنا لهارون ، ببشار ووالده (حافظ أو المهدى) ليكون ولى العهد فى عهد شقيقه الهادى ، وصدقت على ذلك الخيرزان وأكدت رفضها تولى جعفر ابن الهادى الخلافة فى حياته ، فكانت حريصة كل الحرص على أن يكون هارون هو ولى العهد والخليفة من بعده ، مما دعاها الى قتله ، وكان لها ماأرادت قبل أن تصعد روحها الى خالقها وأصبح هارون الخليفة ، ولا أجد أى مبرر أو سبب مقنع لموت الخيرزانة المبكر ، وهذا عكس ماروى عنها فقد لازمت هارون فترة أكبر من تلك بكثير .
الأسقاط الثانى أو مايرمز له الكاتب هو محاولة اثباته طوال حلقات المسلسل أن يثبت على لسان زبيدة مخاوفها من البرامكة بخيانتهم وغدرهم لزوجها الخليفة وانتزاع الخلافة منه بحبك المؤامرة عليه كما حدث من الفضل وجعفر وأم الفضل فى تدبيرهم للتخلص من هارون ، حيث ظل أبو الفضل يحذرهم جميعا من غضب هارون وقدرته فى التخلص منهم اذا كشف خيانتهم ، الا انهم ظلوا فى غيهم حتى قويت شوكتهم ، فصرح جعفر فى أكثر من مشهد وأمه أيضا للعباسة بأن حكم هارون زائل لا محالة ولم يبقى لها الا أن توافق على الزواج منه أى من جعفر ، مما أثار حافظة العباسة ، بأن انقلبت عليهم بعد أن تأكدت من كل ما قالته لها زبيدة متهمة اياهم بالخيانة والغدر (هذه رسالة موجهة لبشار اذا كان الكاتب يعتبر أن البرامكة فى ذلك الوقت ، هم الشيعة الآن) وهذا من وجهة نظره ، خاصة أن بشار عندما كشفت له المخابرات الروسية خيانة بعض قادة الجيش ومنهم أعمامه وبعض قادة أمن الدولة (كما جاء فى المسلسل على يد الطلبانين) ، قام بالأطاحة بهم بضربة قاضية أودت بهم وكانت عبرة لمن بعدهم ، وهكذا ظلت بصاصين وجواسيس القصر ، خاصة ليث ( كبير البصاصين) الذى كان أكثر وفاءا واخلاصا للخليفة ، وكذلك ابن الربيع (الفنان السورى الرائع) والذى يؤتمر بأمر الخليفة وزبيدة ، حيث كات أقرب لها من الخليفة وذلك بتلصصه على كل البرامكة فى الداخل والخارج من جنود وجوارى وقادة جنود وغيره ، لكشف ألاعيبهم وخيانتهم حتى قويت شوكة هارون وتكشف أمامه كل شيئ بوضوح ، فتمكن منهم وجز رؤسهم .
أقول للكاتب أنك قد حجمت شخصية عظيمة بقدر هارون الذى يعتبر من أفضل خلافاء الدولة العباسية على مر 600 سنة وأظهرته خلال الحلقات بأنه قليل الذكاء ومحتاج للذى يفكر عنه ويرشده ، ومنحت لزبيدة كل الطرق لتظهر زكائها وتحقق مآربها رغم تحذيره المتكرر لها أكثر من مرة بعدم التدخل فى شئون الدولة ، ولن يسمح أن تتكرر الخيرزانة مرة أخرى ، هذا بجانب أنك أنهيت الجزء الأول ، (اذا كنت تفكر بأن تلحق به جزءا آخر) ، أنهيته بدروشة هارون وكأنه درويش من دراويش الحسين أو السيدة زينب ، وهو الذى كان يضرب به المثل فى هندامه وذكائه علاوة على الحروب التى خاضها بنفسه والفتوحات التى فتحها ، هارون الذى كان فى عهده أكبر حركة ثقافية عمت البلاد من مشرقها لمغربها ، علاوة على الحركة الشعرية التى تواجد فيها كبار الشعراء على مر العصور وحركة الطباعة والترجمة وكبار علماء الفقه والقضاة والفن الذى كان علامة من علامات عصره حيث ارتقت الموسيقى والغناء فى عصره الى حد ذاع صيته فى اليلاد ، هارون الذى كان يغزو عاما ويحج عاما ، يحجمه الكاتب فيظهره فاتن أو معبود للنساء وللجوارى .
فى النهاية تنحصر سيرته بين جدران القصر ، وحب الجاريات له ، وعتقهم لزهده فيهم ، وكأنه ملاك أو نبى مرسل ، فاذا ما أحببت أن تسقط ذلك على بشار ، فأعتقد أنه ليس من هذا الطراز ولا يميل الى الطرق الصوفية ، علاوة على انه ممن يتحلوا بالصبر والزكاء الحاد مثل أبيه ، وقد عالج الهجمة القذرة على البلاد بتؤدة وصبر وذكاء ، وهذه كلها صفات يتحلى بها هارون ، فهو ليس أبلها لدرجة أن يأتى فى مشهد مخزى جالسا على الأرض ودموعه منثالة يبكى بكاء النساء على جعفر البرمكى ، بعد أن أمر سيافه بجز رأسه ، وفى مشهد آخر عندما يلتقى مع الدرويش الذى يسر له بعض الكلمات ، التى بعدها يخرج سيرا على الأقدام فى الشوارع والأسواق هائما على وجهه كنهاية للمسلسل ، فكانت نهاية غير واقعية وغير موفقة
لنرى ماذا قدم لنا المخرج عبد البارى الذى أسند له عملا بمثل هذه الضخامة لشخصية كبيرة مثل هارون الرشيد ، هل كان أختياره للفنانين الذين أسندت لها الأدوار موفق فيها أم غير ذلك ؟ وهل للمخرج الرأى الأول والأخير فى اختياره لشخص ما أم أحيانا يتدخل المنتج فى ذلك الأختيار فيفرض عليه رأيه ؟ وما دور السينارست ، هل يشارك ايضا فى ذلك الأختيار ؟
أيا كان ، فعندما تم أختياره لعابد الفهد ليقوم بدور الخليفة ، فأعتقد أنه كان غير موفق بالمرة ، ففنانا كبيرا بحجم عابد الذى أسند له بطولة أعمال تاريخية كبيرة ، نشاهده يتقلص ويختزل دوره فى ست حلقات أغلبها لعب فيها السيناريو أكثر من الحوار والهمس مع نفسه ، سيقول لى البعض أنها اقتسام بطولة بينه وبين قصى ،وأجيب بأنها ليست كذلك بقدر من أن المنتج فرض ذلك للتسويق ، واللوم كل اللوم يقع على المخرج وعلى عابد الذى لم يجد حرجا فى ذلك فللضرورة أحكام ! أعتقد أنه لم يعطى ما هو مطلوب لعدم قناعته بما يقوم به .
أما بالنسبة لقصى (هارون) فالذى شاهد المسلسلات الثلاثة السابقة والفنانين الذين قاموا بهذا الدور ، يأسف على اختيار المخرج لهارون هذا ، ليس ذلك تقليلا من حجم قصى ، فهو فنان كبير ومتمكن برز فى بطولة أعمال كبيرة ، لكن لكل فنان رتمه وآداؤه فى تطويع الكلمة والحركة وحتى العين والشفاة فى كل دور يسند اليه ، لذلك نجح أحمد زكى الفنان العبقرى فى لعب كثير من الشخصيات سواء كانت أفلاما أم مسلسلات ، فصوت قصى لم يساعده باقناع المشاهد أنه أمام هارون ، كما أن المخرج لقلة خبرته لم يفرق بين هارون الرشيد الذى ملأ الأرض عدلا وقهر بقوته ورنين صوته أكبر الممالك شرقا وغربا ، وبين عاشق زاهد متصوف يتحدث لنفسه أكثر مما يتحدث لجمهور المشاهدين ، فالمشاهد كلها كانت داخل القصر يظهر فيها اما جالسا أو واقفا ، عدى بعض المشاهد القليلة والتى لاتذكر ظهر فيها بالخارج ولم يحرك فيها قصى أى ساكنا .
وفق المخرج تماما فى اختياره لسمر سامى(الخيرزانة) التى تفوقت على نفسها فى الأداء وحبك الدور وفرض شخصيتها على الجميع ، كذلك دور كندة حنا (العباسة) التى تألقت بالفعل ، رغم المساحة الصغيرة التى أسندت لها خلال المسلسل كله ، كان أدائها هادءا ومقنعا ، خاصة فى المشاهد التى التقت فيها مع الخليفة ، وأيضا مع جعفر البارمكى ، التى أحبته من صغرها وكانت تأمل الأرتباط به كزوج ، لكنها بعد أن أكتشفت سريرته وما يخفيه فى نفسه لهارون الذى ربا معه أخ وصديق وتخطيطه هو وعائلته للتخلص من الخليفة وتنصيب المأمون خليفة بدلا من الأمين ، ضربت بهم جميعا عرض الحائط ، كم وظفت كثير من أعضائها وانفعالاتها أمام زبيدة التى كانت ترصد كل سكناتها وحركاتها مع جعفر وأم الفضل (ليتها تقرأ هذه الدراسة النقدية وتطلب تغير اسمها الى كنوز ، بدلا من كندة) .
أما عن كاريس حنا (زبيدة) التى تعد من أكبر نجوم سوريا والوطن العربى خاصة ما أسند لها من الأعمال التاريخية التى تحتاج الى اللغة العربية المتقنة ، الا أنى أرى أنها ظلمت نفسها أولا ، وظلمها المخرج ثانيا ، فالصفات التى تتميز بها زبيدة زوجة هارون كما قرأنا فى التاريخ وكما شاهدناها فى المسلسلات السابقة ، هذه المواصفات لاتنطبق على كاريس بعد التعديل فى مظهرها الخارجى ، حيث كانت قبل ذلك أجمل بكثير مما هى عليه الآن ، علاوة على نحافتها الشديدة والتى لاتتمشى مع الدور، رغم ظهورها فى أغلب المشاهد أو جميعها ، الا أن العباسة كان لها حضور أكثر منها ، وكذلك الجارية التى لم تظهر الا فى عدد قليل من المشاهد (ضياء) التى أحبها وعشقها الخليفة حيث رأى فيها ضالته الضائعة (عصماء) أم ولده أحمد الذى فقدهما قبل أن يعتلى كرسى الخلافة وظل يبحث عنهما وقتا طويلا ، لكن أبو الفضل وجعفر ضللاه وأخفا عنه حقيقة وصولهما للقصر أكثر من مرة ، يطلبان فيه مقابلة الخليفة ، وذلك لغرض فى نفس يعقوب ، وهذا أيضا من وجهة نظر الكاتب يؤكد به خيانة البرامكة لهارون .
هذه الجارية كانت أفضل اختيار من المخرج بين عدد الجوارى اللاتى أتى بهن شكلا وموضوعا وأداءا ، فكم تميزت باتقان دورها وتعبيرات وجهها وعينيها وهمساتها رغم اننى لم أشاهدها فى أى دور قبل هذا ، فهى تعتبر ضمن مجموعات الكومبارس الا اننى أتوقع لها نجومية كبيرة فى السنوات المقبلة ، فقد أدت أمام هارون وزبيدة والمتمرسة والمحنكة رئيسة الجوارى التى كان اخيارها موفقا من المخرج أيضا ، كانت ضياء علامة فارقة فى المسلسل ، فلا غرابة فى وقع شباك هارون بها من أول لقاء بينهما فى الأسطبل ، فقد ملكت الجزء الفارغ من قلبه فهام بها وتمنى الزواج منها ، وهى أيضا وقعت فى شباكه ، لكن الكاتب أحب أن يظهر هارون بالناسك الزاهد فأعتقها ومنحها حريتها لتعيش خارج أسوار القصر .
شدنى كثيرا أداء كل من ليث أكبر البصاصين وعلى ما أعتقد أنه فنان سورى ، كذلك الياور الشخصى لهارون ابن الربيع (طلال ماردينى) فنان سورى بارع هادئ وغاية فى الدقة ، كان محل ثقة زبيدة حيث كلفته أن يبلغلها بكل كبيرة وصغيرة تحدث داخل القصر ، خاصة تلصصه على عائلة أبو الفضل التى كانت محل توجس دائما عند زبيدة .
اذا أحببنا أن نتكلم عن الديكور ، فالمبدع القائم عليه يستحق التحية والتقدير فقد حاول أن يلامس الحقيقة بنقله لنا قصر الخلافة من الداخل والخارج والأجنحة الخاصة لكل من يعيشون بداخله كما فى حقيقة الحقبة التاريخية التى عاشها هارون ، وذلك لعلمه أن أغلب مشاهد المسلسل ستكون بداخله ، ولو دقننا النظر فى اختياره للأثاث وللمفروشات لربما وجدناه انحرف عن المسار قليلا حيث أنها كانت أقرب للقرن السابع عشر الميلادى أكثر منها للحقبة التاريخية التى تواجدت فيها الخلافة العباسية فقد مال للفرنجة منها الى الحضارة العربية الأسلامية .
جاءت الأضاءة متمشية تماما مع الديكور ، وهذا توفيق من مهنس الأضاءة الذى لم يفوته تحديد الأضائة الليلية والنهارية بكل دقة واختياره المتقن للأدوات التى من خلالها تتم الأضاءة ، حيث كانت متمشية مع الفترة التاريخية التى تمت فيها الأحداث .
لكن الملابس خاب مصممها فى عرضها بالشكل الذى كان يجب أن يكون ، فكانت متواضعة جدا وشحيحة جدا ، فممكن ان نقول بأن ملابس الوزير الأول للدولة جعفر ظهر فى أغلب المشاهد بزى واحد فقط ، وكذلك والده أبو الفضل ووالدته ، أما هارون الذى يضر به المثل فلم تتعدى ملابسه أكثر من ثلاثة أو أربعة حلل ، وهذا يدل على توفير هائل للمنتج ، الذى لم يكتفى بعدم وجود أى معارك فعلية طيلة الحلقات لتكلفتها العالية ، فكان شحيحا جدا فى الملابس ، وهكذا بالنسبة لزبيدة والعباسة ، اى ان الملابس كانت معدمة بالمرة بدليل ، أنها مرت على المشاهد مر الكرام ، مثلها مثل الموسيقى التصويرية التى صمت الآذان ، فنحن نسأل الفنان البارع الذى وضعها ، كيف كنت ستفعل لو وضعك الكاتب أمام المعارك ، لقد كانت الموسيقى أعلى عشرة مرات من صوت هارون وأبو العتاهية وأبو الفضل وآخرين ولم ينتبه لذلك المخرج الذى يتحمل الجزء الأكبر من كل هذه الأخطاء التى وقعت من أى فرد فنان كان أو مهندس أو عامل أو خلافه .
فى النهاية جاء العمل متواضعا بسبب كل من المؤلف والمخرج وشركة الأنتاج التى ربما قيدت الجميع أو شاركت فى اختيار الفنانين وخاصة الأبطال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق