"لو اخذوا بمشورته لكانت مصر سلة غذاء العالم كسابق عهدها "
كتب الاستاذ محمد حسنين هيكل فى تقديم كتابه (الحقيقة والوهم فى الواقع المصرى)، "إن رشدى سعيد رجل تسعى إليه جامعات الدنيا وتستضيفه محافلها-لكن وطنه بشكل ما لم يسمعه بالقدر الكافى، وهو رجل مطلوب فى كل مكان ولكن وطنه لم يستدعه للخدمة العامة إلا لفترة قصيرة فى منتصف الستينات وأوائل السبعينات،ثم أزاحته أجواء السياسة عن مواقع التفكير والتنفيذ لكى يحتضنه هؤلاء الذين عرفوا قدره فى خارج وطنه لسوء الحظ"، ويرى هيكل أنه لولا الحساسية الدينية لصار رئيسا لوزراء مصرعلى كل الاحوال لقد كرمه العالم " جامعة تكساس" عام 1983، و " جامعة برلين" عام 1986، و"الجمعية الجغرافية الأمريكية عامى 1989،2003" حيث تم منحه جائزة الريادة العلمية وكذلك اختارته عضوا فخريا بالجمعية.
الدكتور رشدى سعيد تجاوز فكرة العلم إلى ما هو أكثر اتساعا. وتجاوز أحيانا فكرة الجيولوجيا العلمية إلى جيولوجيا المجتمع بما يحمله من طبقات وعصور وآثار لسنوات وعقود وقرون
يُعد أيضا من أبرز خبراء الري وأحد العارفين بأسرار نهر النيل، وله كتب ومقالات عديدة حول التعدين والري والزراعة في مصر والمنطقة بوجه عام، وكان مشروعه الذي كرس له سنوات عمره، هو نهضة مصر والارتقاء بالإنسان المصري.
ويري الدكتور رشدى سعيد أن المصريين القدماء أحسنوا استغلال صحارى مصر، وأن هذا هو بداية الحضارة الحقيقية. كان سعيد عالم الجيولوجيا الذى مزج بين علم الأرض وعلم البشر
ومن يقرأ مؤلفاته «التطور الجيولوجى لنهر النيل» و«نهر النيل.. نشأته واستخدام مياهه فى الماضى والمستقبل» سيعرف أنها من أهم ما كتب عن النيل وأسراره. كما أنه له مؤلفات عن الخريطة الجيولوجية لمصر، وكان يقدم أفكارا ومشروعات للتنمية تتجاوز البروباجند.
بعد رحيله كتب الدكتور محمد نور فرحات: برحيل رشدى سعيد غاب الهرم المصرى الثالث بعد غياب نجيب محفوظ وجمال حمدان
ظهر مشروع رشدي سعيد أول مرة عام 1995، وتم نشره في كتاب صدر ؛ بعنوان: «مصر المستقبل. المياه.. الطاقة.. الصحراء»؛ واجه به تبديد الأرض الزراعية وتلويث مناخ وتربة وادي النيل بمخلفات الصناعة، وإهدار مياه النيل في مشروع توشكى الفاشل، كما توقع له، وتنبأ بمطالبة دول منابع النيل بحصص أكبر، وكانت حصص أغلب هذه الدول لا تتجاوز المياه المهدرة في مشروع توشكى، وكان يستهلك وحده عُشر حصة مصر المائية.
وابتعد مشروع رشدي سعيد عن الوادي والدلتا.. محذرا من سيطرة وهم نقل الزراعة إلى الصحراء على عقول المسئولين المصريين
واعتبر سعيد أن مشروعه بداية لتغيير وجه مصر، وتحويل وادي النيل إلى محمية طبيعية للزراعة المتقدمة، وجعل الصحراء روضة صناعية؛ تعتمد في تمويلها على توجيه الأموال المهدرة في مشروعات تخفيف الزحام في المدن القائمة، وفي إقامة الكباري العلوية والطرق الدائرية وقطارات الأنفاق.. وغيرها من المهدر في الااستصلاح التقليدي للأراضي الصحراوية، وتوفير تكلفة نقل المواد الأولية والطاقة إلى المصانع بعد أن انتقلت المصانع إلى مناطق الاستخراج
وفي حديثه إلى صحيفة «المصري اليوم» القاهرية في 25/ 5/ 2010 وصف إساءة استخدام الموارد الطبيعية بـ»الجريمة» وضرب مثلا بالاستغلال السيئ للسواحل، وذكر أن ما بين الإسكندرية والسلوم يكفي لإنشاء دولة كاملة، بالإضافة لباقي سواحل البحرين الأحمر والمتوسط وخليج العقبة وخليج السويس.. ومع شح المياه أصبحت هناك حاجة لتحلية مياه البحر.. وقال: حنروح فين بعد ما باعوا السواحل للسياح فى البحر الأحمر ولباشوات مصر فى البحر المتوسط فى غرب الإسكندرية.. وهذا أسوأ تبديد للثروة في مصر..
---------
من كتابي "وطن يعيش فينا" تحت الاصدار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق