من الواضح بان غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة،قد أخذت قراراً استراتيجياً بالرد على العملية الإستعراضية الفاشلة التي قام بها العدو الصهيوني شرق خان يونس أول امس،تلك العملية التي شكلت خرقاً لتهدئة في طور التثبيت وفي مرحلتها الأولى بين قوى المقاومة الفلسطينية وحكومة الإحتلال...فكان الرد للمقاومة الفلسطينية بإستهداف حافلة تقل جنوداً صهاينة بصاروخ " كورنيت" موجهه،والإستهداف لهذه الحافلة حملت رسالة ردع مهمة جداً،فالمقاومة كان بإمكانها تدمير الحافلة بمن فيها من الجنود الصهاينة،ولكن يبدو بان هناك اعتبارات كثيرة قد تقف خلف عدم تدمير الحافلة،بما فيها من جنود.
حتماً لم تحصل المقاومة على صاروخ " الكورنيت" لا من السعودية ولا الإمارات ولا قطر،بل مصدره هو محور المقاومة الإيراني- السوري- حزب الله،ولم يقتصر رد المقاومة،على قصف الحافلة الصهيونية التي أقلت جنوداً صهاينة،بل ردت برشقات صاروخية تعدت مغتصبات غلاف غزة لتصل الى عسقلان،أكثر من 200 صاروخ،لم تنجح القبة الحديدية بإعتراض سوى 60 صاروخاً منها،تكلفة الصاروخ الواحد الذي تطلقه القبة الحديدية 50 ألف دولار....العملية الإستعراضية الفاشلة والتي قتل فيها مقدم اسرائيلي واصيب بها جندي آخر جاءت لتقول للمحتل بأن التهدئة لا تعني التخلي عن المقاومة،او التسليم بشروطها التي يريدها الإحتلال...القتيل الصهيوني من الإستخبارات العسكرية،يبدو انه قدم الكثير الكثير من الخدمات لدولة الإحتلال،عبر عمليات اغتيال وقتل وتصفية شارك فيها،وكذلك جمع معلومات استخبارية وامنية،ليس فقط في قطاع غزة،بل ربما في عمق أراضي لبنان وسوريا وايران ،وربما كان من ضمن الطاقم السعودي- الإسرائيلي الذي خطط لإغتيال مجموعة من القادة الإيرانيين وعلى رأسهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني،ونحن نستدل على ذلك من تصريحات قادة دولة الاحتلال،بأن هذا القائد قدم خدمات كبيرة جداً للدولة لا يمكن تصور حجمها ....والعملية الفاشلة التي قادها في قطاع غزة وادت الى مقتلة،هي عملية معقدة سياسياً وعسكرياً،حيث قطر ومصر،كل على حده تقودان جهوداً ووساطة للتهدئة بين حماس و"اسرائيل"،وتنفيذ مثل هذه العملية،وما يترتب عليها من نجاح او فشل،يحتاج إلى خطط تفصيلية والى مصادقات تفصيلية أيضاً،والى قرار من قمة الهرم السياسي والأمني والعسكري،وتنفيذ هذه العملية بهذه الطريقة،يوحي بأنه من غير الممكن تنفيذها بوسيلة أخرى كالقصف بالطيران وغيره،فالهدف المراد الوصول اليه،يحتاج الى تشخيص دقيق عن قرب،ووجود هذا الهدف في تلك الفترة قد يكون استثنائي ولا يتكرر،وكذلك قد يكون هدف العملية جمع معلومات استخبارية دقيقة جداً عن سلاح يجري تصنيعه لحركة حماس،ويشكل تهديد امني لدولة الإحتلال ربما هدفت تلك العملية الى اختطاف احد قادة حماس المركزين ...او الوصول الى مكان احتجاز جنود ومستوطني الإحتلال ..وفي كل الحالات فإن الهدف المركزي لهذه العملية،هو افشال صفقة التبادل بمعنى ان لا تدفع اسرائيل أي ثمن مقابل تلك الصفقة،إلا بمقايضة من تأسره من قادة حماس بجنودها ومستوطنيها المحتجزين لدى حركة حماس...ولكن اكتشاف أمر المجموعة ومقتل قائدها واصابة جندي آخر بجروح متوسطة أفشل هذا المخطط ..وليكن الرد الموحد لفصائل المقاومة....رد يقول للمحتل بان الحصار والتجويع والمؤامرات لن تكسر إرادة المقاومة او تدفعها نحو الإستسلام...رد من محور المقاومة عبر المقاومة الفلسطينية على دعاة شرعنة وعلنية التطبيع العربي والمشاركين في صفقة القرن التصفوية بأن هذه الصفقة دواليبها ومسنناتها لن تدور اذا ما توحدت المقاومة بكل الوان طيفها السياسي...ووحدة فصائل المقاومة يجب ان تمتد لوحدة سياسية شاملة.
لا اعتقد بان الإحتلال سيقدم على مغامرة غير محسوبة،القيام بعدوان بري شامل على قطاع غزة،فالمحتل يدرك تماماً بأن ذلك سيترتب عليه ثمن بشري ومادي ومعنوي كبير،وخاصة بان المقاومة تمتلك وسائل ردع،بما في ذلك صواريخ أكثر دقة وإصابة وأبعد مدى،ويمكن للمقاومة الفلسطينية ان تستهدف عمق الجبهة الداخلية الإسرائيلية،بما يضع أكثر من مليون اسرائيلي في مرمى نيران المقاومة .
وهناك سبب جوهري أخر،قد يمنع المحتل من شن حرب عدوانية شاملة على قطاع غزة،انه على المستوى العربي والإقليمي والدولي،يجري تهيأة المسرح لشن حرب أمريكية عدوانية على ايران،واسرائيل ما يقلقها الجبهة الشمالية،إمتلاك حزب الله لصواريخ دقيقة جداً وكاسرة للتوازن،وإقامة مصانع في لبنان لتلك الصواريخ،وتموضع القوات الإيرانية في سوريا،وحتى تتمكن اسرائيل من التخلص من هذا الخطر الوجودي عليها،فلا بد من ضرب وإضعاف وتدمير رأس المحور،وهو طهران،حيث نجد بان هناك " تسونامي" تطبيعي عربي يشمل معظم مشيخات الخليج النفطية،بإستثناء الكويت،فرئيس وزراء الإحتلال نتنياهو وعدد من وزراء حكومته،جالوا في قصور ومساجد ملوك وامراء وشيوخ تلك المشيخات النفطية ،ومن هناك قالوا لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية " الحمد الله شعب اسرائيل حي" المتطرفة ميري ريغف.
وكذلك التحضيرات تجري على قدم وساق من اجل اعلان تشكيل ما يسمى بحلف " الناتو" العربي – الأمريكي،والذي سيضم مشيخات الخليج الستة بالإضافة لمصر والأردن،وسيكون وقود الحرب الأمريكية في العدوان على طهران،من حيث التمويل ودفع التكاليف والمشاركة في العدوان عليها،وطبعاً هذا يترافق مع الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية التي فرضت في الخامس من هذا الشهر على طهران وشملت قطاعي الطاقة ( النفط والغاز) والمصارف.
نعم غزة ستشهد جولات من التصعيد والتي سيتبعها هدوء،دون أن يصل الأمر الى حد الإنفجار الشامل،بل ستصل الأمور الى التهدئة من جديد،ودون ان يتمكن الإحتلال من فرض شروطه عليها،ودون ان ترفع غزة الراية البيضاء وتستسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق