لا نافذة لأي مبدع إلا أن يمتلك حريته في أن يكتب أو يتكلم أو يغني أو يرسم، أما أن يكون هناك ما يحول بين المبدع وحريته فقد حال بينه وبين إبداعاته وحرم الناس من المتعة والوعي..
إن أي نظام يدير بلاده بالفكر الاستبدادي غالباً أول ما يبدأ فعله أن يضع سيفه على رقاب المبدعين خوفاً من أقلامهم أو أصواتهم أو حتى إشاراتهم - ذلك - لأن المبدع هو المسئول عن إعادة تشكيل الوعي وتطويره والإسهام كذلك بشكل مباشر في أعادة الروح في جسد الأمة وإعادة الهمة في قلوبٍ أصابها ما أصابها من الخوف والخنوع والتقوقع جراء ممارسة الأنظمة الاستبدادية..
يمكنك مما سبق أن تتعرف بسهولة على الأنظمة الاستبدادية مهما حاولت تزييف واقعها والتستر خلف أقنعة واهية لا قيمة لها ذلك أذا ما نظرتَ إلى حال مبدعيها فإذا كانوا صامتين خائفين محبطين فاعلم أن وراء هؤلاء أنظمة قد سلبت حرياتهم وصادرت فنونهم وجسمت على صدورهم، وحرمت الناس بالتالي ليس من المتعة فقط بل الأهم أن حرمتهم من التنوير والوعي وأسدلت عليهم ليلا طويلا من التجهيل وخيبة الأمل..
إن الحرية لا تُمنح ولا تُهادى إنما هي حقٌ أصيلٌ لكل إنسان وهب الله له حياةً على هذه الأرض، ومن قيمتها وعلو شأنها عند الله على الرغم أن الله هو خالقك إلا أنه سبحانه قد جعلك تمارسها حتى في اختيارك لمن شئت أن تعبده أو شئت أن تكفر به.
الحرية هي متنفس الروح كما الهواء متنفس الجسد، فمن حُرم الهواء مات جسده، ومن حُرم الحرية ماتت روحه.
ومن عجائب الأمر أن الحرية هي أنفع شيءٍ للمستبد أيضا إذا ما صدق مع النفس ساعةً من عمره وأراد أن يعرف حقيقة أمره مع نفسه وقيمته بين الناس أو أراد أن يعود إلى روحه حيث فطرها الله أو أراد أن يصوّب أداءه تجاه الآخرين أو أراد أن ينام كما تنام الناس آمنةً مطمئنة.
وأخيرا - المبدعون هم البصلة هم المنار لأي نظامٍ يسبح في هذا العالم ولا يمكن أبدا أن يكون هناك نظاما نافعا إلا ومبدعيه أحرارٌ آمنون، فلينظر من شاء أن ينظر على أي أرضٍ يقف وإلى أي مسارٍ يسير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق