مؤتمر للسلام بزعامة بوتن ، ومؤتمر للحرب والعار بقيادة نتنياهو/ الدكتور حمدى حمودة

فى مؤتمر سوتشى بروسيا اجتمع بوتن وروحانى واردوغان لأيجاد حلولا سياسية من أجل أعادة كل الأراضى السوريا فى شمال وشرق حلب دون الأضطرار الى اشعال حرب على كل الفصائل التى تتواجد فى ادلب والرقة ونهر الفرات ودير الزور خاصة جماعة النصرة الأرهابية تحت قيادة أنقرة بعد أن سحبت البساط من تحت أرجل العديد من الجماعات التكفيرية وأصبحت هى المسيطرة على أكبر مساحة من الشمال السورى ، أما ما تبقى من داعش والمنحصر بنهر الفرات فالمقاومة تقوم بالتعامل معهم حتى تخرجهم من هذه الجيوب ليحل محلها قوات الجيش السورى .
اذن القادة الثلاثة فى سوتشى يحاولون تجنب الحرب بقدر الأمكان الا اذا كان هناك ما يضطر المقاومة بقيادة الجيش السورى الى التعامل مع هذه الجماعات التكفيرية المحسوبة على أنقرة ، وهذا مايحاول كل من بوتن وروحانى اقناع اردوغان به من أجل سحب هذه الجماعات من كل الأراضى التى أشرنا اليها لتجنب الصدام ، وكذلك رفضهم الكامل لأقامة منطقة عازلة الا اذا سمحت بذلك الأدارة السورية ، وهذا مايدعو الى حوار مشترك بين كل من سوريا وأنقرة . لذلك أصبح من الأفضل لقاء كل من الرئيسين بشار واردوغان فى دمشق أو فى طهران كما سبق وقال بوتن بعد لقائه فى آخر قمة بينه وبين اردغان فى موسكو لتسوية الأوضاع فيما يرجع بالنفع على البلدين دون اشعال حربا ربما تمتد لسنوات ، وهذا ماأقترحته ونوهت عنه وأيضا آخرين من المحللين السياسين فى مقالات سابقة ، كانت وقتها الظروف لاتسمح ، حيث كانت واشنطن ترفض انسحاب قواتها من الأراضى التى أحتلتها فى سوريا ، وتقف بجوار الكرد الذين يطالبون بالأنفصال عن الدولة الأم ، مما أثار حفيظة أنقرة بتشجيع واشنطن للكرد على اقامة دولة لهم على الحدود السورية التركية مما اضطرها تتحالف مع كل من موسكو وطهران وتتخلى مؤقتا عن واشنطن 
اليوم يختلف عن الأمس بعد أن أصبح ثمانون فى المائة من الأراضى السورية تحت سيطرة الدولة وتزويد موسكو لها بأحدث المنظومات الدفاعية التى ستكون فى أتم جهوزيتها بعد انتهاء الخبراء الروس من تدريب جنود وضباط الجيش السورى عليها بنهاية شهر مارس القادم ، الأمر الذى أدى ببوتن تقريب المسافات بين سوريا وتركيا لتلاشى الصدام بينهما وبذلك يقطع الطريق على واشنطن التى كانت تعمل على هذا قبل وبعد انسحابها من سوريا ، وليكن معلوما عند الجميع أن من الأسباب الرئيسة لهذا الأنسحاب هو تكشير المقاومة عن أنيابها ، كلنا أمل فى نجاح مساعى بوتن وروحانى فى التقريب بين بشار وأردوغان ونأمل من الطرفين المتنازعين تنازل كل منهما عن بعض الفرعيات غير ذات الأهمية لتسير الأمور كما يحب أن تكون نحو السلام ووقف الحرب .
أما مؤتمر الخزى والعار فى وارسو فقد فشل بالثلث قبل انعقاده بعد أن قاطعته دول الأتحاد الأوروبى الا ماندر ، وبذلك تكون هذه الدول قد ضربت ترامب فى مقتل هو وحلفه لحرصها الشديد فى استمرار العلاقات الأقتادية والسياسية والتجاربة مع ايران والحرص على الأتفاقية النووية التى خرجت منها واشنطن ، أعلنت هذه الدول عن رغبتها فى عدم حضور هذا المؤتمر وأيضا كثير من الدول العربية والأسلامية التى دعيت اليه مما جعل المشهد غاية فى الخجل من شدة الحساسية التى اجتاحت أبدان من حضر منهم والتى كست الوجوه اختناقا واضطرابا فسيولوجيا وسيكولوجيا ظهر أثره بعد تمكينهم لنتنياهو ليكون هو القائد الأعلى عليهم حيث صور لهم بالوهم القاتل بأن ايران هى العدو الأول فى الأقليم بأكمله لما تطمع فيه من توسعات تمنحها حق الزعامة فى المنطقة ، وهى لا تكف عن تهديدها بازالة اسرائيل ويعض الدول الخليجية التى بدورها صفقت لنتنياهو وأيدت ما قاله وأعلنت بصوت عال أن اسرائيل هى الصديقة وايران هى العدو اللدود الذى يجب محاربته وكسر شوكته تمشيا لفكر سيدهم الأمريكى والصهيونى اللذين أعلنا أن لابقاء للفلسطينين على هذه الأرض وعليهم النزوح منها بالقوة اذا كان هذا لزاما أو بالنزوح الى الأرض البديلة التى حبأتها لهم الرياض وكاشفهم بها الملك وابنه ولى عهده للبقاء على عروشهما بعد اتمام صفقة القرن .
لكن الأمر أبعد من ذلك وأخطر فهذا الحلف يطمع فى الكثير ، ليس فى أرضا بديلة لأقامة دولة فلسطينية عليها فقط ، بل تدمير ايران وخفض صوتها ، ليتمكنوا من اجتياح لبنان وسوريا والعراق وبذلك يتحقق لهم حلم اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات وتكون رائدة فى الأقليم بأكمله وتعلو علوا كبيرا فتؤتمر كل دول الشرق ألأوسطية بأوامرها وتصبح تحت لوائها ، هذا هو الحلم الصهيوأمريكى الذى أعده هرتزل والذى تحقق منه سبعون فى المائة حتى اليوم فى الحقبة التى فرطت فيه كل من الأمتين العربية والأسلامية فى كرامتها وشرفها بالتزلف للصهيونية العالمية من أجل مآرب فى نفس هؤلاء الملوك والحكام والأمراء تمسكوا بعدم انفلاتها من بين أيديهم ، فهل ياترى ستحقق واشنطن وحلفاؤها مرة أخرى العمل على ضرب ايران من أجل ايجاد وطنا بديلا للفلسطينين لكى تهيمن الصهاينة على الأقليم بعد تفتيت قدرات ايران للتمكن من التخلص من المقاومة التى تساندها كل من سوريا وطهران ، أم ستهزم مرة ثالثة كما سبق وهزمت فى العراق وأفغنستان وسوريا واليمن ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق