ندوة (جذور السريانية في التراث الثقافي اللبناني)/نزار حنا الديراني

عقدت لجنة متابعة توصيات مؤتمر العلامة الأباتي جبرائيل القرداحي للدراسات السريانية ندوتها الثالثة على مسرح دير سيدة اللويزة الكائن في منطقة ذوق مصبح – جونية - لبنان تحت عنوان ( جذور السريانية في التراث الثقافي اللبناني) شارك فيها  :
1- الأديب والأعلامي د. أنطوان بطرس الخويري / الشعر الزجلي تراث سرياني ماروني لبناني .
2- الاستاذ الأب د. أيلي (ألياس) كسرواني / الموسيقى والشعر اللبناني – أصولهما .
3- الأديبة ليلى لطي / الجذور السريانية للدبكة اللبنانية .
إفتتح الندوة الأب شربل زغيب نيابة عن قدس الرئيس العام الأباتي مارون الشدياق مرحبا بالحضور قائلاً : ( أرجو المعذرة لعدم تمكني من الحضور معكم في هذا اللقاء الجميل ، لأجل إلتزام ضروري ، أريد أولا أن أرحب بكم في دير سيدة اللويزة ، يسرني أن تجتمعوا بتأثير من توصيات مؤتمر حمل أسم العلامة جبرائيل القرداحي، هذا العلم الذي نشل لغتنا مع تراثها من مقبرة النسيان لتعيدوا إحياءها  ... فالزجل اللبناني هو إمتداد لتراث سرياني قديم يعود الى مار أفرام السرياني حيث كان الترنيم بأناشيد روحية هي نفسها الموجودة في الزجل اللبناني الشعبي ، أما الشعر اللبناني وموسيقاه ، وهما على إرتباط شكلي بالزجل والتراث اللبناني الجبلي ، لهما أسس في تراث سرياني واحد ... تبقى السريانية لغة وتراثا فخرا لنا . إنها هويتنا في زمن يفقد الهوية مع عولمة قاتلة للتمايز ... إنها لغة أجدادنا ، لغة شهداء الدم وشهداء الحياة ، لغة الأرض ... أشكر جميع من تعب لتحضير هذه الندوة وأتمنى أن تستتبع هذه اللقاءات بندوات مشابهة تعيد الوعي الى الأذهان لنعرف من أي حجر نحتنا ...) 
ومن ثم تحدثت الأعلامية ندين صموئيل شلهوب التي أدارت الندوة بجدارة في كلمتها قائلة :
(نرحب بالحضور الكريم ونقدم الشكر لدير سيدة اللويزة على حفاوة الإستقبال والدعم الدائم لكل منبر ثقافي. ... ابدأوا بفعل الضروري، ومن ثم الممكن ، وفجأة تفعلون المستحيل.
أحببت ان ابدأ مداخلتي لهذه الندوة بقول من أقوال مار افرام السرياني لنقول شكراً للأشخاص الذين يفعلون الضروري للحفاظ على اللغة السريانية ويكملون الممكن فعله من خلال هذه الندوات ( السابقة واللاحقة ) فمثابرتكم هذه تؤكد لنا لعدم وجود أمر مستحيل و من الممكن تحويل الصعب الى سهل فما ضاعت قضية وراءها مطالب. فالمسيرة هي السير بالتبشير وان يكون السلام الحقيقي ليس فقط بالكلام الذي نطلقه ونرفع به الصوت إنما الأهم إن هذا السلام يكتمل في قلوبنا وأن نعيشه بأفعالنا وسلوكنا والضمير. فالكل مهيأ بحمل شعلة الثقافة ويكمل بها المسيرة، مسيرة حياة لمحاربة البغض ووضع مكانه المحبة، ومكافحة الإساءة ووضع مكانها المغفرة وقمع الشك ليصير مكانه الايمان.)
وبعد ذلك عرفت الحضور على المتحدثين تباعا بدءاً من الأستاذ والأعلامي د. أنطوان بطرس الخويري الذي أعطى للمكتبة اللبنانية العديد من المؤلفات من بينها كتابه القيم عن الزجل اللبناني ليتحدث عن الزجل قائلاً :
( بدأ الشعر عند الشعوب غنائيا وموسيقيا على أيقاع واحد ، وهو إبن الفطرة والموهبة ثم أرتقى خيالاً وصورا ... وإن أقدم النصوص الشعرية هي ملحمة كلكامش ...وقد عرف السريان الشعر ، تسابيح وأناشيد روحية ثم الحكمة والمثل والوصف و... أما الشعر الزجلي السرياني فإزدهر في مدرستي الرها ونصيبين وكان في طليعة هؤلاء الأدباء الشاعر السرياني برديصان وغريغوريوس النزيزي ومار أفرام ومار يعقوب السروجي ومار بالاي و.... وكان للموارنة فضل كبير في ترجمة أناشيد هؤلاء القديسين من السريانية الى العربية .... أما بخصوص الشعر الزجلي اللبناني فبدأ على ألسنة المسيحيين الذين جاءوا الى شمال لبنان في القرن السادس للميلاد وكانوا يتكلمون اللغة السريانية وبعضهم اللغة العربية وكانت بمزيج من الفصحى والعامية كانوا يتغنون بأناشيد مار أفرام ومار يعقوب السروجي ومار بالاي ... عرف الشعر الزجلي اللبناني قديما بـ ( المعنى ) وقد تكون من السريانية معنيشو أي الأغنية و(القوْل) المشتقة من ( قالا – الصوت ) ، وكان يقال لناظمه (القوال ) ، ... وكان نظم المعنى يعتمد على النغم دون الوزن وأشكاله مأخوذة في الغالب من أوزان الشعر السرياني .... وإن أول شاعر زجلي لبناني هو الراهب سليمان الأشلوحي (الذي برز في أواخر القرن الثالث عشر مع نخبة من رجال الأكليروس والعلمانيين في نظم قصائدهم .. ) ومن بعده برز الراهب الاب جبرائيل القلاعي في أواخر القرن الخامس عشر وذكر الباحث أسماء العديد من الزجالين في القرن العشرين من بينهم أسعد الفغالي ، طانيوس عبدة و... وليومنا هذا ..
كما تناول الأب البروفيسور ألياس كسرواني صاحب العديد من الموسوعات الموسيقية في محاضرته، تحت العنوانِ أعلاه، المواضيع التالية:
١) تحليل (أتيمولوجي Ethymology) لمفردات عناوين الشعر اللبناني والألحان الموسيقية المبنية عليه؛ من حيث أصولها السريانية والعربية؛
 ٢) تحديد حقبات تاريخ الشعر السرياني القديم والحديث، والحقبة الأندلسيّة ودور الأَعلام السريان منذ نشأتها؛
٣) شرح الأشكال الموسيقية اللبنانية وأصولها السريانية وكيفية بنائها على المقامات والسلالم والنوته الموسيقية؛
٤) تبيان الأصول السريانية مفنّدةً ومراجعها السريانية عامةً والسريانية المارونية؛
٥) حقّق الأمثلة التي وردت في شرحه على الأشكال التالية:المعنّى، القرادي، الحدا،  الموشح اللبناني، والميجنا، والعتابا، والزلف...
تميّز العرض الذي قدّمه البروفسور ألياس كسرواني بالإثبات الدقيق للمراجع العلمية المفصّلة والمستندات والمخطوطات.
أما الأديبة ليلى لطي والتي سلطت الضوء على التراث السرياني في العديد من الحلقات التلفزيونة فتحدثت عن الجذور السريانية للدبكة اللبنانية وباللغة المحكية اللبنانية قائلة :
(الدبكة الفلكلورية بتصوّر الجمال والأرض والإنسان وهي مستمدة من المثيولوجيا التاريخية والطبيعة الحلوة لبلادنا وطقوسنا الأجتماعية... الفلكلور بينعدّ وج من صفات المدنيّة والحضارة، ما في  شعب همجي عندو فلكلور. الرقص الشعبي بيعود جذورو لآلاف السنين.  وأول راقصة ومغنية بالتاريخ كانت "أورنينا"، يللي بترقص بمعبد عشتار أو معبد «نينيفاد» المكتشف بمدينة ماري 3500 ق. م ... وصلتنا الرقصات الفلكلورية من «اللوحات الجدارية» وبعدنا لليوم منحتفظ بنفس الحركة يللي استمرت من الوثنية لليوم، نضاف عليا علاقة الإنسان بالأديان ... وكلمة دبكة بتجي من كلمة "دبكثو ܕܒܟܬܐ" السريانية بمعنى " نطّ وقفز " ومنها بتجي كلمة "دربّكة"  كمان "دوربيك ܕܪܒܟ" بمعنى  "حرّكها" ... بدايةَ كانت الدبكة الشعبية ببلادنا بتوصل لاكتر من  أربعين دبكة بقي منها حاليا 17 دبكة.  منذكر منهن (رقصة الحرب ، رقصة السيف والترس ، المبارزة بالسيف ، رقصة التعلب والراعي ، الدلعونا ، العرجا ، المتلّتة )
وتحدثت أيضا عن الأزياء الفلكلورية المستخدمة في الدبكات (هيي مهمة جداً لأنها بتعكس جزء من طبيعة المنطقة. وبنشوف رسومات لنباتات معينة وازهار من البيئة يللي اشتهرت بمنطقتنا منها دوّار الشمس يللي بيرمز لإله الشمس، وزهرة «شقائق النعمان» windflower، وزهرة البابونج يللي موجودة بكترا بمناطقنا وشجرة الحياة على فساتين بنات الفرقة. والريشة يللي منشوفا على قبّوعة الراقصين بترمز لعلامة الانتصار لمّن كانو يرجعو من الحروب. )
وبعدها أفاضت المداخلات من قبل الحضور ( من بينهم الأديب نزار حنا ، الأستاذ د. أميل منذر ، الناشطة إكمال سيف الدين و... )على الندوة جمالية أخرى ومن ثم دعي الحضور الى الصالة لشرب الشاي والمعجنات لإستكمال الحوار ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق