مَرْضَى بْـسَـمْـنِـه ومَرْضَى بْـزَيْـت/ محمود شباط

بعد أن اكتشف الطبيب السكوتلاندي السير جايمس يونغ سامبسون طريقة تخدير المرضى بغاز الكلوروفورم في القرن التاسع عشر، شرع في استخدامه على أولئك الذين عليهم أن يخضعوا لعمليات جراحية. إذ كان يُخدِّرهم بِـرَشِّ بضع نقاط من تلك المادة على قطعة شاش يضعها فوق أنف المريض الذي يغيب عن الوعي بعد نشقة أو نشقتين على الأكثر.
أثبتت تلك المادة المُخدِّرة فائدةً على نطاق واسع للنساء الحوامل اللواتي كنّ يرغبن بالوضع دون ألم تحت تأثير المخدر. ولكن ذلك أثار لغطاً كبيراً مصدره بعض عناصر الكنيسة الذين برروا رفضهم بقولهم بأن آلام المخاض واجبة لعدم عصيان إرادة الله. 
من العامة من تهيَّبَ الحـرم الكنسي ولذعة سوط الدين فخاف وتوقف عن الاستعانة بغاز الكلوروفورم، مفضلاً المعاناة الجسدية على المعاناة الروحية الدينية، حسبما اعتقد ، متحملا ألم الدنيا كي يحظى بنعيم الآخرة، ومنهم من استمر ففضل ركوب قارب العقل متحدياً أمواج بحر العاطفة. 
بقي الحالُ على ما هو عليه إلى أن اضطرت الملكة فكتوريا، التي كانت حاملاً بالأمير ليوبولد سنة 1853 لاستخدام المخدر، فخدرت الألسن وتوقف اللغط. فسبحان العالم بأسرار كل بيت ومُفَضِّل طعم السمنِ على طعم الزيت. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق