لِمَن تُشرِقُ الشَّمس/ صالح أحمد


للفجرِ أغنِيتي وقد بانَ الأثَر
ورأيتُ أمثالي منَ البُسَطاءِ ينتَفضونَ من أجلِ الحياة
والشّمسُ تُعلنُ وُدّها...
الشّمسُ خَيماتُ انتصار..
للصّاعِدِ المَرصودِ في غابِ التّحَرُّشِ والحِصار
يا شُرفَةَ المَنفى المُطِلِّ على شِغافِ القلبِ، يا عمرَ الصِّراع
قد آنَ للكفِّ التي حملَت بقاياها مُقاوَمَةَ النّزيف
والفجرُ يَغرِسُ رُمحَهُ في قلبِ ليلٍ خانَ دربَ سُراتِهِ 
والأفق يُعلِنُ: أيها الماضون؛ 
قلبُ الليلِ حاضرةُ القُلوبِ المُجفِلَة
لا تتركيني يا رياحَ البيدِ، لستُ أريدُ أن أنسى ملامِحَ زَحفَتي
كم ساذَجًا يا قلبَ صحرائي بَدَوتَ وأنتَ تُؤوي كل ما لا وجهَ لَهْ
أم كانَ للتاريخِ وجهٌ حينما انتصَبَ السّدى...
 من ربقة الأوهام، من عَطَشِ الخرافة؟!
مُذ أنكرَتهُ الرّيحُ أقعى نابشًا عن أيّ شيءٍ يتَفَجّر
ما أجهلَ التاريخَ والأشياءُ تُنكِرُ ذاتَها..
والصّمتُ يغدو مِعولا 
والكلّ فينا ينكَسِر!
ويصيرُ وجهُ الأرضِ طِفلا ظامئًا...
يَندَسُّ تحتَ عَباءَةِ المجهولِ 
كي يَحظى بِبَعضِ الدّفءِ... يسَتُرُ عُريَهُ
والريحُ تنفخُ فيهِ صوتَ الخيبَةِ الهَوجاءِ: 
فالتاريخُ لم يولد لقيطا
والكائن المولودُ من عَبَثِ الخرافة حين لا تأتي الرّياحُ بما يُجَمِّلُ مَظهَرَه...
تتشوَّهُ المرآةُ، ترمينا بحُمّى البَطشِ، هاوية التمتّعِ والألم!
وهمُ المُخاتِلِ لن يصيرَ شريعةً ...
هذا نشيدُ الرّيحِ للتّاريخِ يَرتُقُ نَفسَهُ
والأرضُ تَبلَعُ عُذرها شَرَفًا، ويَنسَلُّ السّبب!
يا من تُجيدون التّباكي والجُنون
هذا يقينُ الرّيحِ تَحضُنُ حفنَةَ من رملِ بيدي:
ما كلُّ خَلقِ الله مثلُكَ يا دَعِيَّ الحسِّ يبكي!
                 ***
يا كلَّ شيءٍ لا يَسيرُ إلى الأمامْ  
عَقَلَ الجمودُ  بذاتِهِ  أن لا ثَباتْ

ما في انعِدامِ القَصدِ نيلٌ للمُرام 
مَن لم يُلاقِ الهَولَ بالعَزَماتِ مات
                 ***
دعنا نُحاولُ أن نكونْ..
لا أيَّ شيءٍ ما.. سَواءٌ أن يكونَ ولا يكون!
دعنا نكونُ اللّحظةَ المُستَيقِظَة
ترنو لإنسانٍ تعلّمَ أن يكونَ ضميرَها
فالشّمسُ تُشرِقُ كي تبارِكَ عشقَنا للعيشِ.. تَعلَمُ...
أنّ شيئًا ليسَ يحيا حُلْمَهُ شيءٌ... وذا سرُّ الوُجود
الشّمسُ تشرِقُ كي تُعيدَ براءَةَ الأشياءِ.. تعلَمُ...
أنّ خَنقَ طفولةِ الأشياءِ عادَ غريزَةَ الآتينَ من جشَعِ الخُرافَةِ...
وهيَ تَعلَمُ أنَّ شيئًا ليسَ يَمنَحُ روحَهُ شيئًا.. وذا سرّ الحُدود
الشّمسُ تُشرِقُ كي تُجدّدَ صحوَةَ الأشياءِ.. تَعلَمُ...
أنّ لونَ الجرحِ في نَفسٍ تعامَت، ليسَ ذاتُ اللّونِ في أخرى تَسامت...
وهيَ تَعلَمُ أنّ شيئًا ليسَ يُدرِكُ حُزنَهُ شيءٌ... وذا سرُّ الصّمود
الشّمسُ تُشرِقُ كي تَعودَ عناصِرُ الأيامِ تولَدُ في دَمي فَرَحًا.. وتَعلَمُ...
أنّ ما أحتاجُهُ؛ مطَرًا أعودُ بِهِ أنا
يا شمسَنا... يا صحوَةَ الأشياءِ فانعَتِقي... وصيري بي أثَر
اللهُ أكبَرُ ..
هل من صَحوَةِ الصَّحراءِ هاتيكَ العَواصِف؟
لوذي بقلبي يا بُروق
كم عشتُ أمنَحُ نَبضَتي الأشياءَ؟ كم كُنتُ المَطَر
تتوَحّدُ الأحلامُ حينَ تصيرُ شمسُ حُروفِنا مطَرًا..
وتَكتُبُ قِصّةَ الصّحراءِ زَحفَتُها...
وتَنقَرِضُ الخُرافة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق