في الوقت الذي تسرب فيه الشاحنات الأمريكية مقاتلي تنظيم داعش من الباغوز إلى البادية العراقية، يجري المبعوث الأمريكي الخاص زلماي خليل زاد مباحثات مع حركة طلبان الإرهابية. اما اياد علاوي السياسي العراقي المعروف بولائه لأمريكا فيبشر العراقيين بولادة جيل جديد من الاٍرهاب وشيوخ قبائل الأنبار يستقبلون في بيوتهم جنرالات الاحتلال الذي قاوموه بالأمس.
الغزل الإعلامي بين إسرائيل ودول الخليج تجاوز التاريخ، والغارات الإسرائيلية على الاراضي السورية بذريعة ضرب النفوذ الإيراني جعلت إسرائيل طرفا مرحب به خليجيا في الحرب هناك. تحركات ميدانية ونشاطات سياسية وإعلامية الغاية منها تضييق الخناق على إيران ومحاصرة مشروع الهلال الشيعي، لكن هل هذا ممكن؟
ربما هو ممكن لهؤلاء الذين يخططون للحروب ويخوضونها متجاهلين إرادة وعناد الشعوب كطرف فيها، هؤلاء الذين يعتقدون بأن التفوق العكسري يكفي لحسم نتائجها وتحديد نهايتها. لو أخذنا بنظر الاعتبار فشل الحروب التي خاضتها أمريكا بفعل المقاومة الشعبية، لأدركنا حقيقة وتداعيات تورطها في حرب على إيران. ولأدركنا بأن تحركاتها الميدانية وحربها الإعلامية على إيران ما هي إلا إبتزاز للذين يرفضون الاعتراف بكينونة الهلال الشيعي اليوم على ارض الواقع.
الحرب على إيران ليست نزهة أمريكية خليجية إسرائيلية ، أنها قيامة شيعية تهدد المنطقة وتتجاوز العراق وسوريا ولبنان واليمن لتشمل الكويت والبحرين والسعودية. قيامة سيناصرها ويؤيدها كل العالم الإنساني الرافض لداعش وإرهاب التنظيمات التي خلقتها تركيا ودعمتها السعودية ودوّل الخليج لأجل التخلص من السلطتين الشيعيتين في العراق وسوريا. لم يعد هناك في المنطقة رئيس كصدام حسين يمكن أن تورطه أمريكا في حرب قومية مع إيران.
إيران اليوم ليست ثورة إسلامية يقودها الخميني على نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ولا دولة إقليمية يمكن مواجهتها بحرب مع دولة عربية جارة، إيران قوة شيعية استفاقت منذ اربعة عقود، خططت وعملت وتوسعت، بينما دول الخليج تغط في سبات عميق. هلالها الشيعي صار واقع يحارب ويفرض وجوده في العراق وسوريا واليمن، ولا يمكن تغييره بالصخب الإعلامي الأمريكي الخليجي الإسرائيلي ضدها. صخب لا يقتنع به إلا الذين يعانون ارهاصات الخوف من توسعها، ويتاجر به ترامب وإدارته بمؤتمرات ولقاءات تناقش الخطر الإيراني على المنطقة. ما هي حقيقة الخطر الإيراني على المصالح الأمريكية في ظل الحلف القائم بينها وبين روسيا؟
كعراقيين يجب أن تكون رؤيتنا لخطر المشروع الإيراني مختلفة تماماً عن الرؤية الخليجية الإسرائيلية،
نحتاج أن نتعامل مع إيران من منطلق رؤيتنا الوطنية لا منطلق الرؤية الطائفية لاعداء إيران، وعلى المدن العراقية السنية التوقف عن المتاجرة بالإرادة الوطنية العراقية مع أعداء إيران. إذا كان شيوخ وسياسي المدن السنية العراقيّة غير حريصين على حياة وكرامة نسائهم وأطفالهم، ولا يمتلكون الوعي الوطني الكافي للحفاظ على العراق وأهله بعيدا عن التنظيمات الإرهابية لاعداء إيران، فأن الحرب عليهم واجب وطني على كل عراقي مهما كانت طائفته وقوميته. اما أن تكون الموصل وتكريت والأنبار مدن عراقية آمنة لجميع العراقيين أو حواضن للإرهاب ومصدر تهديد لجميع الطوائف والديانات فيه. بعد أن قتل سكان تلك المدن من السنة مظلوميتهم باحتضان التنظيمات الأرهابية، عليهم أن لا يقتلوا عراقيهم بالمشاركة في الحرب على إيران.
يحتاج أهل تلك المدن أن يفهموا بأن خلاص العراق من الهيمنة الإيرانية لا يكون بلهاثهم خلف إرهابي أردني الجنسية كأبي مصعب الزرقاوي، ولا بفتح بيوتهم للغرباء يعبثوا بحرمتها، تخليص العراق من قبضة إيران يحدث باستنفار الحس الوطني الذي قتله صدام عند الشيعة. بأن يدرك العراقي الشيعي أن إيران لا يعنيها مصلحته بل مصلحتها، كما يدرك العراقي السني بأن السعودية وتركيا غير معنيتان بمصلحته. هذا لو افترضنا بأن احتضان المدن العراقية السنية للتنظيمات الإرهابية كانت بدافع التخلص من الهيمنة الإيرانية، وليس التجارة الطائفية بمصير العراق وشعبه لصالح أعداء إيران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق