الفلسطينية زهرة الكوسى شاعرة الحزن والألم/ شاكر فريد حسن

زهرة الكوسى شاعرة وكاتبة ومثقفة وقارئة مميزة ومبدعة فلسطينية ، عاشقة للحرف والكلمة ، تمتلك ثروة لغوية هائلة، وتجربة عميقة في الحياة .

هي شاعرة الحزن والألم والجراح الفلسطينية ، شاعرة الأرض والوطن والقضية والإنسان ، في يأسه ورجائه وانتمائه ، شاعرة حالمة رائية مألومة مجروحة باحثة في عتمة اللغة عن اشعاع ضوء ، وفي سديم اللاوعي عن منقذ يطل على شمس الحياة والحقيقة .

زهرة الكوسى شاعرة طليعية ملتزمة مميزة ملهمة مهمومة بجرح وطنها وهمه اليومي ، وبألم الغربة ، وبتوسيع أفق القصيدة وارهاف قدراتها التعبيرية البنيوية ، عمقًا ونفاذًا .

زهرة الكوسى تقيم في العاصمة السورية دمشق ، وهي وحيدة بين أخوين ، فقدت أمها مبكرًا ، وهذا ترك أثرًا كبيرًا على شخصيتها ونفسيتها ، والدها محامي ومثقف جدًا ، بعثي ،  فلسطيني حتى النخاع ، لم تغب فلسطين عنه يومًا ، وهو الذي تشرد طفلًا عام النكبة 1948 .

ثقافتها ساعدتها بالتمرد على واقعها ، انضمت لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، أيام جورج حبش ، حين كانت على مقاعد الدراسة الثانوية العامة ، وعاصرت آنذاك المناضلين والأسرى الفلسطينيين ، وتركت الجبهة بعد استقالة حبش منها .

اقترنت بالمناضل الفلسطيني المرحوم ابراهيم سلامة ، وهو أسير سابق في سجون وزنازين الاحتلال الصهيوني ، وفي سجن عسقلان تحديدًا ، وتابعت معه حياتها كما كانت عند والدها . وشكلَّ سلامة بالنسبة لها ثروة تاريخية ووطنية وثقافية ، تجد الاجابة عن كل اسئلتها ، ووقفت معه في مشروعه الادبي والثقافي المهمل قبل زواجها منه ، لانشغاله بالعمل السياسي النضالي . وبعد رحيله عن الدنيا بقيت تتابع مشوارها وحيدة إلا من امانته وامانة والدها ، الوطن كل شيء .

اقتحمت زهرة عالم الكتابة والابداع ، وتعداد دراساتها ومطالعاتها وتجاربها في الحياة صقل موهبتها الشعرية الفطرية ، التي كانت تضطرم في أعماقها بتوقد وتوهج ، وتتحين الفرصة للانفجار والتعبير .

كتبت المقالة الأدبية ، ومارست هواية الرسم ، ومع تطور ثقافتها وتنوع قراءاتها ، راحت تكتب الشعر الموزون المقفى الذي ارهقها بسبب التقيد بالوزن ، واضطرها كثيرًا لتغيير الصور الشعرية ليستقيم الوزن ، وسرعان ما اتجهت للقصيدة النثرية والشعر الحر عن عمد وقصد ، وبعد دراسة عميقة وواقعية لمعطيات الشعر الحديث ، وفرت لقصائدها وحدة نموذجية بين الشكل والمضمون في نضج شعري ، ووحدة عضوية حية .

ومن أهم الشعراء الذين تأثرت بهم زهرة : المتنبي ، درويش ، القاسم ، البياتي ، السياب . ومن الكتاب : غسان كنفاني ، نجيب محفوظ ، محمد عبد الحليم عبد اللـه ، عبد الرحمن منيف ، ارنست همنغواي ، فيكتور هوغو ، اجاثا كريستي وسواهم .

صدر لها حتى الآن سبع مجموعات شعرية ، وهي : " بساط من جمر ، العبور إلى المنفى ، عشق دمشقي ، الحلم المسافر ، الطريق إليك ، أنين الرمال ، قبة السماء " .

ولها ايضًا كتاب بعنوان " قبة السماء " وهو بحث في السيرة الذاتية ،  ويشتمل على مذكرات المرحوم زوجها الذي فقدته في العام 2013 وهو في الأسر ، من خلال سؤال وجواب .

وتستعد الآن لإصدار مجموعتها القصصية الأولى بعنوان " مرايا الماء " .

زهرة كوسى شاعرة أنيقة تعزف على وطن الألم والأمل ، قالت الشعر منذ صغرها ، وعبرت عن عشقها لوطنها السليب وارضها المغتصبة ، وعن حزنها لبعدها عنه ، وخصصت شعرها لفلسطين وقضية شعبها الوطنية ، وجعلت من أشعارها منارة لكل من اراد ان يقرأ عن وطنها وهمومه وأوجاعه وعذاباته وكفاح أبنائه ، وسكبت فيها ذوب قلبها ونبض عروقها . وأشعارها تخلو من التكلف والصنعه اللفظية ، متسمة بالطوابع السياسية والاجتماعية والانسانية .

وهي تستوحي كلماتها من روحها وقلبها وعقلها وفكرها وثقافتها ، وكتاباتها متنوعة عن الوطن والحزن ووجع الغربة والحبيب / الزوج ، وعن الحب والعشق والأنثى المتمردة ، ومستلهمة من واقع الحياة والحالة السياسية والوطنية .

زهرة الكوسى تؤمن بان الأدب يجب أن يكون للحياة ، للشعب ، للمجتمع ، للمستقبل ، للتوعية الاجتماعية ، والفكرية ، والسياسية ، والثقافية ، ومنحازًا للإنسان وقضاياه المصيرية ولجماهير الطبقات الكادحة .

ونصوص زهرة الكوسى يطغى عليها الحزن والألم والمعاناة والشكوى ، جاءت غزيرة بثروتها الفكرية المعنوية ، ومتأججة في زخمها العاطفي والوجداني .

ومن ناحية النسيج الأسلوبي فقصائدها وأشعارها تتسم بوضوح الفكرة ، وقوة التعبير ، ودقة اللفظ ، وشدة الايحاء ، ومتانة اللغة وسلاستها ، وشفافية البوح والتعبير، علاوة على استخدام الرمز التعبيري ، والاشارة إلى الزمان والمكان ، وما يضفيه ذلك على الشعر من أثر وحيوية . والصورة الشعرية عندها مقدسة لا تفرط بها ، ولا تخدشها .

ومن قصائد زهرة الكوسى اخترت هذه النماذج من ديوانها " أنين الرمال " :

على وتري :

………………………..

- في السحاب أبني وطني

يومض البرق

أشق الطرقات

أحرث الغيم

أبذر الدم

ترتاح القبور فوق راحتي

وتغيب في ابحار الأفق


- قالت لي الأسطورة :

إن أطفالي أسراب سنونو

ستحجب الشمس عن بلاد الثلج

ولا تهدي شعاعًا منها

إلا لمساء يعبر الجسر

إلى عرس الفتى الأسمر


- يمر النهر على رؤوس أصابعي

يحمل سرّي

يسيل النور بين ضفتيه

يمعن في حزني

أحاول وقف تصدّع هجرتي

أمضي لعصفور يلتقط بقايا الندى

ووطني أمام بوابة المنفى

يطرق الأبواب

ولا مجيب ! 


- أسحب الريح من مخابئها بين الشجر

أزنر بها خصر العاصفة

أُعتّق الماء في عينيّ

أقرع باب النبع

يأتيني صفير الريح

يطل الموت من حبة قمح

يرمي صوتي على تلال الشهداء

يثمر في سنين القحط

نورًا ينحدر من شلال دماء

إلى ديجور وطني .


- أصب حنيني على مساحة النار

أقصّ ألسنة اللهب

يترامى الإعصار والإحتراق

وينام في بحر حنيني


- ثورة الشاعر تمشي

إلى منفى الأشباح

تبحث عن حرف ..

تفك به حصاره

زادًا لأموات ..

نهضوا يستقبلون العام الجديد

من شرفة دمي !

...................

الرحى :

ريشة تحمل سرنا

تحط على جرحنا

تبوح أنّا عُراة بلا وطن

وأنّا حتى الثمالة غارقون في الأحلام

تمدُّ للمستحيل أهدابها

لإستقبال أفراحنا

تهاجر مع الريح

غير أبهة بأوجاعنا

توشوشها أن قيثارة الموت

فوق أجسادنا تكسرت

رغم أننا مثل كل الناس

- في اليوم الأخير

حدثني الطفل الذي اجتاز حدود الحياة

أنه نسي اسمه العربي

في جيب قميصه المحترق

وأنه سعيد في بعده عن صدأ الرثاء

وقال :

قَطَفَنا الموت في القدس

في المنفى

في الخيام

كعاشق يقطف الورد في الأعياد

ولن ننسى ..

في الذاكرة تتدلى عناقيد من رصاص

صهيل الجدران في آذاننا

ولا نسمع البكاء

فنحن لسنا مثل كل الناس

أتعود أمي تعجن الرمل بالغيم

وتخبز على الصاج رجع انتظار !

حدثتني أن الرحى بعد موتي

دارت فوق عظامنا

بذرته زفرات الوهم في مدى الغياب

أننسى دلوًا رميناه في بئر

فانتشلنا دمنا ?

قطّروا المنايا في أفواه انبعاثنا

هتفوا : أنتم مثلنا

لن ننسى ..

فنحن لسنا مثل كل الناس .

زهرة الكوسى جواد شعري بحري ، عتقت أحلام جيل فلسطيني كامل ، تتوالى رحيقًا إلى رحيق ، قمقمها الابداعي لا ينفذ ، وهي الأجمل والأبهى بأشعارها ونصوصها الخلابة في المشهد السوري والفلسطيني الراهن . قصائدها هفهافة ، شفافة ، رقراقه ، وكلماتها باذخة ساحرة ، وحروفها ممطرة سامقة . العاطفة والجمال عناصر جلية وواضحة في قصيدتها ، والهم الوطني والوجع الفلسطيني حاضران بقوة فيها ، ومجامعها الشعرية تحتضن آلامها وأوجاع المنفى والحزن على الوطن .

ألف تحية عابقة بأريج زعتر الكرمل ، وشذا خزامى الجليل ، وعبير نعناع المثلث ، نرسلها للصديقة المبدعة القابضة على جمرة عشق فلسطين ، زهرة الكوسى ، وتمنياتي لها بدوام الابداع والتألق والتميز ، مع التقدير لقلمها السامق وكلمتها الملتزمة التي تعانق روح ووجدان المتلقي .

لولاك يا ربي/ محمد محمد علي جنيدي


يا ليت يا قلبي تبوحُ بشكوتي
لكنني أمعنتُ في الكتمانِ
لولاك يا ربي لذابتْ مقلتي
والحمد لله الذي أنساني
إن الحياةَ وإن تطولَ فساعةٌ
تفنى ويبقى السرُّ في الإيمانِ
مازلتُ أحيا وكم حييتُ ولم أزلْ
أرجوه في صمتٍ بغيرِ لساني

لهذا وُصفتْ بكبرى ديمقراطيات العالم/ د. عبدالله المدني

بدأت الهند مؤخرا ممارستها الديمقراطية الأكثر متابعة على مستوى العالم بعد الانتخابات الأمريكية والتي تفتخر بها هذه البلاد وتستحق عليها بجدارة وصف "كبرى ديمقراطيات العالم". وكما جرت العادة، وبسبب مساحة البلاد الشاسعة (3287 مليون كلم مربع) والعدد الضخم لمن يحق لهم الإقتراع الحر المباشر لإختيار برلمان جديد تنبثق منه حكومة جديدة لإدارة البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة (أكثر من 900 مليون مقترع من الجنسين)، وعدد المراكز الانتخابية الهائل (نحو مليون مركز)، وعدد ماكينات التصويت الإلكترونية المهول (نحو 2.33 مليون ماكينة)، ثم بسبب دخول ما لا يقل عن 83 مليون ناخب جديد ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 19 سنة معترك التصويت لأول مرة، فإن إنتخابات هذا العام وهي السابعة عشرة منذ إستقلال البلاد عن بريطانيا تتم على سبع مراحل ما بين 11 أبريل و 19 مايو، وتتميز بآلية إختيار الناخب ليس لرمز مرشحه وإنما صورته أيضا، مما يحول دون الغش والتزوير. 

كل المؤشرات حتى وقت قريب كانت تفيد بأن رئيس الوزراء الحالي "ناريندرا مودي"، الذي قاد حزب بهاراتيا جاناتا وحلفائه من الأحزاب القومية إلى نصر كاسح في إنتخابات 2014 البرلمانية بحصولهم مجتمعين على 497 مقعدا من مقاعد مجلس النواب (لوك سبها) البالغ عددها 545 مقعدا، تاركا لحزب المؤتمر العريق  44 مقعدا فقط بعد أن كان له 206 مقاعد، في طريقهم لتحقيق إنتصار مدو آخر. وبعبارة أخرى كانت التوقعات تشير إلى أن مودي هو الخيار المفضل لمئات الملايين من الهنود، تأسيسا على وعوده بنقل الهند إلى مصاف الأمم الكبرى وتجسير الهوة بين الفقراء والأغنياء وتحويل البلاد من مجرد مُصّدر مهم للبرمجيات والكماليات إلى دولة صناعية وتكنولوجية.

غير أن الذي حدث هو أن مودي، بقدر ما حقق من إنجازات داخلية مشهودة واختراقات سياسية خارجية ناجحة فإنه وقع ضحية لبيروقراطية بلاده المنيعة وأوجه الفساد المتفشي وضخامة التحديات التي واجهته، الأمر الذي حال دون تحقيق كامل وعوده. وهو ما أدى إلى خسارة حزبه لنتائج الانتخابات الفرعية التي جرت في ديسمبر الماضي، وهو أيضا ما جعل المراقبون يتنباؤون له الفوز هذه المرة أيضا لكن بأغلبية بسيطة وليست كاسحة، خصوصا وأن منافسه الشاب "راهول غاندي" سليل الأسرة النهرو/غاندي وزعيم حزب المؤتمر يريد الإنتقام من الضربة الساحقة والهزيمة المرة غير المسبوقة التي تعرض لها في الانتخابات السابقة عبر حملات وجولات واسعة في طول البلاد وعرضها بمؤازرة شقيقته برنايكا ووالدتهما سونيا غاندي، وعبر التقرب من الأقليات، وعبر إطلاق التحذيرات من خطورة التوجه القومي لـ "بهاراتيا جاناتا" على صورة الهند العلمانية وديمقراطيتها.

في هذه الأثناء يحاول هنود المهجر، ولاسيما في بريطانيا والولايات المتحدة، إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة للتأثير في نتائج الإنتخابات من خلال توجيه أقاربهم في الداخل وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم وتبيان الخيار الأفضل للهند ومستقبلها، خصوصا وأن هنود المهجر لا يحق لهم التصويت إلكترونيا أو من خلال سفارات وقنصليات بلادهم في أماكن إقامتهم. إذ يشترط القانون الهندي أن يسجلوا أسماءهم في قوائم المقترعين ويدلوا بأصواتهم في دوائرهم بالحضور الشخصي.

ومما يذكر، أن مودي الذي باتت خططه الاقتصادية الطموحة تواجه معضلة بدليل إنخفاض نمو الناتج المحلي في الربع الأخير من العام الماضي إلى 6.6% بعد أن كان في الربعين السابقين 7.1% وقبلهما 8.2%، أصدر قبيل إنطلاق السباق الإنتخابي رسميا مانفيستو تضمن 75 وعدا إنتخابيا وصفها منافسه غاندي بأنها تنم عن قصر نظر وغرور.

من هذه الوعود: إنفاق 360 مليار دولار لتنمية الأرياف، مضاعفة دخول المزارعين بحلول 2022، منح راتب تقاعدي للفلاحين ممن تجاوز سن الستين، تسوية قضية الكثيرين من الهندوس والمسلمين والسيخ الذين نزحوا من باكستان بعد تقسيم الهند البريطانية بمنحهم الجنسية الهندية، تخفيض الضرائب على السلع والخدمات، العمل على جعل الاقتصاد يصل في عام 2022 إلى 5 تريليون دولار وفي عام 2032 إلى 10 تريليونات، تفعيل القانون 35A   لإعطاء ولاية جامو وكشمير حقها في أنْ يكون لها دستورها المنفصل وعلمها الخاص وأن تدير كافة أمورها بنفسها عدا الشؤون الدفاعية والسياسات الخارجية، علاوة على محاربة الإرهاب وتعزيز الأمن الداخلي.

وتلعب اللجنة العامة المشرفة على الإنتخابات (10 ملايين موظف) دورا حيويا في ضبط الأمور وتحقيق العدالة والمساواة لجهة الدعاية والتأثير على المقترعين ولجهة عدم الخروج على المألوف في إستخدام الألفاظ والشعارات. من ذلك أنها أرجأت عرض فيلم سينمائي يحكي قصة حياة مودي منذ أنْ كان بائعا للشاي على أرصفة محطات القطار إلى أن وصل إلى السلطة، معتبرة عرض الفيلم دعاية لرئيس الوزراء في وسط الانتخابات. وقد قبل مودي حكم اللجنة ولم يعترض قائلا إن لا علاقة له بالفيلم وأن إنتاجه تمّ دون علمه من قبل مناصريه.

د. عبدالله المدني
*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: إبريل 2019 
الإيميل: Elmadani@batelco.com.bh

جَهلِة السبعين/ روميو عويس


جهلان قالو.. وحالتي تعتيـر
وبلبس عَ آخر طَرز هندامي
ولَطَّشو: دَقّ الخَرف بـَكّـيـر
ويراقبـو الهفوات بـكـلامـي
وحَلَّك بقى تهدا..سمعتا كتير
جِهلَك جنون ومَصدَر مْلامه

يعني انا بالعمر صرت كبير
وما عاد غير الموت قـدّامـي
وقالوا مكانك تندفن بسْرير
وقالوا تا حتى سمّك حرامي
وما اعتني باللبس والـتعطير
وما يكون شِعري للهوى علامه
يعني الغَزَل ممنوع بالتصوير
وممنوع يبقى الحب الهامي

بعمري البيفَكِّر بالمرا شرّير
للحُب عـنـدُن عـمر إلـزامي
واللي بيتخَطّى العمر بيصير
خاطي ما أهوَن جرم لحرامي

قلت:تركوني ع هوايي طير
كل ما نادتني لْجَوّها حْمامـه
بَعدا دبـوقي بتلقط عصافـيـر
وبعدو بمذاقي طَيَّب الشامـي
وبَعدي بلهفة طفل بعدو زغير
جوعان.. وقبالو الصّدر نامي
حلوة الدني عَ دربها رح سير
وسمّي الجمال بأروع أْسامي
ولا يهمّني حسّاد.. ونواطـيـر
باقي هوى الحلوين أحـلامـي
والحُب.. ريتو يقبر عضامي
**

خَمرةُ المتنبي*/ د عدنان الظاهر

مُدخل
قال المتنبي بيتين من الشعر تحت عنوان " نالَ الشرابُ منّي " ثم أضاف : سقاهُ بدر ليلةً فأخذ الشرابُ منه ثم أراد الإنصراف فلم يقدرْ على الكلام فقال هذين البيتين [ أكتفي بواحدٍ منهما ]:
نالَ الذي نِلتُ منه منّي
للّهِ ما تصنعُ الخمورُ 
ثم قال المتنبي وكان على ما يبدو ما زال حاضراً في مجلس بدر بن عمّار الأسدي زمانَ كان ( يتولى حربَ طَبَريّة من قِبَل أبي بَكْر محمد بن رائق المَوصلي سنة 328 هجريّة 939 ميلاديّة ) :
وَجدتُ المُدامةَ غلاّبةً
تُهيّجُ للقلبِ أشواقَهُ
تُسئُ من المرءِ تأديبَهُ
ولكنْ تُحسّنُ أخلاقَهُ
......
" للهِ ما تصنعُ الخمورُ " ... كلام بليغ لا يقوله إلاّ مَنْ تعاطى الخمور وعرف أو عانى مما تفعل بصاحبها. إذاً تعاطى المتنبي الخمرة ولكن تحت ظروف خاصة أجبرته على تناولها كما سنرى. لم يتناولها تناول المدمنين عليها كأبي نؤاس مثلاً إنما من باب المجاملة أو الإكراه. قال أبو نؤاس في الخمرة بيته الشعري الشهير :
ألا فاسقني خمراً وقُلْ لي هيَ الخمرُ
ولا تسقني سِرّاً إذا أمكنَ الجهرُ
الأطرف والأكثر غرابةً هو قول الشاعر المتنبي [ تُسئُ من المرءِ تأديبَهُ ولكنْ تُحسّنُ أخلاقَهُ ] ! كيف فرّق بين أدب المرء وأخلاقه ؟ أيكون المرء خلوقاً لكنه سيّء الأدب ؟
هل نلتمس الإجابة عند علماء النفس والإجتماع والفلاسفة ؟ كيف يُسئُ شاربُ الخمرة الأدبَ ويبقى خَلوقاً ؟ قيل إنَّ الخمرةَ تكشف طبع ومعدن شاربها وهذا صحيح، فلقد رأيت في حياتي سُكارى يميلون للصمت والعزلة والهدوء كما رأيت غيرهم يغلب عليهم الطبع الشرس وسوء الأدب والنزعة العدوانية حدَّ الإستعداد لممارسة جريمة القتل وقد حصل هذا الأمر بضعة مرات في حياتي ولم أكن بعيداً عن مسرح الأحداث. سيء الأخلاق هو سيء الأدب في عين الوقت والعكس صحيح ... سيء الأدب هو سيء الخُلق معاً. لا أحسب المتنبي صائباً فيما قال. المهم، لنتابع أحوال المتنبي مع الخمرة ومجالسته لبعض متعاطيها إدماناً من كبار وعليّة القوم يومذاك.
على الصفحة 154 من ديوانه قال المتنبي " وسقاهُ بدر ولم يكنْ له رغبة في الشرب فقال " 
لمْ ترَ مَنْ نادمتُ إلاّكا
لا لسوى وُدّكَ لي ذاكا
ولا لحُبيّها ولكنني
أمسيتُ أرجوكَ وأخشاكا
 كما قال على نفس الصفحة 154 :
عَذَلتْ مُنادمةَ الأميرِ عواذلي
في شُربها وكَفَتْ جوابَ السائلِ
يلي هذا البيت بيتان إثنان لا علاقةَ لهما بالخمر والمنادمة فصرفت النظر عنهما.
وطبيعي أنْ يتأثرمّن ينادم الخمّارة لأوقات طويلة وأنْ تؤثّر فيه طقوس إعدادها وتناولها وما يُعد معها من أطعمة وغناء وربما راقصات فيحلو السمر ويطيب السهر حتى ينخرط المنادم ويستسلم لهذه الأجواء التي تحرّك الصخر كما تحرك البشر لذا لا نُدهش أنْ نجد المتنبي المتعفف والزاهد في الخمور يلين ويُجامل فيتناول شيئاً منها بل وأكثر يوماً منها حتى فقد القدرة على الكلام ! مع ذلك إنه ليس شروباً أو شرّيباً وليس مُدمناً كصاحبه الأمير بدر بن عمّار الأسدي. جاء في الصفحة 155 كلام طريف أنقله حرفيّاً فيه دلالة قوية على شدّة تعلق الأمير بدر بالخمرة أي إدمانه عليها :
( وكان بدر قد تاب من الشراب مرةً بعد أخرى ثم رآهُ أبو الطيب يشرب فقال ارتجالاً ثلاثة أبيات أقتبس منها عجز البيت الأخير:
أَمن الشرابِ تتوبُ أم من تركهِ ؟
معروف على أوسع نطاق كيف يتوب الخمّارون ومدمنو المخدّرات والمدخنون والمقامرون ثم يعودون على ما كانوا عليه من الإدمان بعد حين. صوّر المتنبي هذه الظاهرة أبلغ وأبدع تصوير [[ أَمِنَ الشرابِ تتوبُ أم من تركه ؟ ]].
نقرأ على الصفحة 158 كلاماً ذا علاقة بما نحن فيه . " نال الشرابُ منّي " عنوان بيتين قالهما المتنبي مع شرح فيه شئ من الطول :
( سقاه بدرٌ ليلةً فأخذ الشرابُ منه ثم أراد الإنصراف فلم يقدر على الكلام فقال هذين البيتين وهو لا يدري فأنشده إياهما ابنُ الخراساني وهما قوله :
نالَ الذي نِلتُ منه منّي
للهِ ما تصنعُ الخمورُ
وفي انصرافي إلى مَحلّي
أآذِنٌ أيها الأميرُ ؟ )
سؤال : إذا عجز المتنبي عن الكلام تحت تأثير الشراب فكيف ارتجل بيتين من الشعر قرأهما على الجميع في مجلس ابن عمّار ثم ضاعا عليه فأنشدهما أحد حضور ذلك المجلس؟
في مقطوعات شعرية قصيرة ثلاث يصف المتنبي فيها لُعبة على هيئة فتاة تدورعلى لولب فإذا " وقفت حِذاءَ الإنسان نقرها فدارت فقال أبو الطيّب فيها ارتجالاً " :
فإنْ أسكَرَتنا ففي جهلها
بما فعلتهُ بنا عُذرُها
وقال في مقطوعة تالية وقد " أُديرتْ فوقفت حِذاءَ أبي الطيّب فقال " :
سأشربُ الكأسَ عن إشارتها
ودمعُ عينيَ في الخدِّ مسفوحُ
وقال يُمهّدُ للمقطوعة الثالثة " وشربَ وأدارها فوقفتْ حِذاءَ بدر فقال " .....
سهرة طريفة في أحد مجالس منادمة أمير نُسرُّ بها حتى لكأنا كنا حاضرين هناك نشرب معهم ونلهو ونضحك ونسكر ! بدر بن عمّار رجل ذكي خبير بنفوس البشر وبالشعراء خاصةً لذا كان يُلح على نديمه المتنبي في أنْ يشرب ما يقدم له من الخمور فالكحول يُلهب حماس الشعراء ويقدح في قرائحهم ويغيّر من أمزجتهم وبعض طبائعهم ويهيج فيهم دواعي الخفة والطرب .... هذا الأمير داهية فارس قائد يلعب الشطرنج ويصيد أو يصارع الأسود فضلاً عن تعاطيه الخمرة والحرص على إقامة مجالس المنادمة والشراب . لشديد الأسف لا نعرف الكثير عن هذا الشخص فهل أرّخَ له أحدٌ وضاع ما قد ألّفَ وأرّخ ؟ في إحدى قصائد مديحه له جمعه المتنبي في بيت واحد مع ابن رائق وخليفة بغداد حينذاك المُتّقي وكانت المرة الوحيدة التي ذكر المتنبي فيها اسم أحد خلفاء بني العباس. قال في قصيدة " ومَنْ يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ " :
حُسامٌ لأبنِ رائقٍ المُرّجى
حُسامُ المتّقي أيامَ صالا 
آخر ما قال المتنبي ( الصفحة 163 ) في السكر ومتعاطيه الأمير بدر بن عمّار بضعة أبيات أقتبس منها بيتين فقط جديرين بالذِكْر هما :
فَخَرَ الزجاجُ بأنْ شَرِبتَ بهِ
وَزَرتْ على مَنْ عافها الخمرُ
وسَلِمتَ منها وهي تُسكرنا
حتّى كأنكَ هابكَ السُكْرُ
فيهما مبالغة في تعظيم الممدوح من أنَّ كؤوس الخمر تفتخر أنَّ الأميرَ يشرب بها الخمر ... ثمَّ إنَّ ابن عمّار لا يتأثر بمفعول الخمر ولا تًسكره هذه الخمرة في حين تُسكرُ سواه ( وسَلِمتَ منها وهي تُسكرنا ) ... هل قال شاعر غير المتنبي شعراً في ممدوح مثل هذا الكلام المفرط في المجاملة والمبالغة ؟ حقيقة معروفة أنَّ المدمن على تناول الكحول يكتشف ذات يوم أنَّ الخمرة لا تُسكره ! قد يكون هذا هو حال ابن عمّار.
في ديوان المتنبي مقطوعات أخرى صغيرة يحكي في بعضها تناوله كؤوس الخمر في مجالس أناس آخرين لا علاقة لهم ببدر بن عمار المعاقر الدائم للخمرة . كتب المتنبي في الصفحة 212 من ديوانه بيتين من الشعر قدّمَ لهما بقوله ( سقاني الخمر... وسأله أبو محمد أنْ يشربَ فامتنع، فقال له بحقّي عليكَ إلاّ شربتَ فقال ) :
سقاني الخمرَ قولُكَ لي بحقّي
وودٌّ لم تشُبْهُ لي بِمَذْقِ
يميناً لو حَلفتَ وأنت تأتي
على قتلي بها لَضربتُ عُنْقي
ملاحظة : أبو محمد هذا هو [ الأمير أبو محمد الحسن بن عُبيد الله بن طَغَج بالرملة ].
يشرب المتنبي الخمر ولكن تحت ظروف لا يستطيع التملّص والهروب منها فهذا يحلف عليه بحقه عليه وآخر يُقسم بالطلاق وثالث يُلح وكلهم ذوو فضل عليه. 
تلا هذين البيتين بيتان آخران قال المتنبي فيها " ثم أخذ الكأس منه وقال " :
حُييتَ من قَسَمٍ وأفدي مُقسِما
أمسى الأنامُ له مُجلِاًّ مُعظِما
وإذا طلبتُ رِضى الأميرِ بشُرْبِها
وأخذتُها فلقدْ تركتُ الأحرَما
أخيراً قال في بيت من ثلاثة أبيات ( وهمَّ بالنهوض فأقعده أبو محمد فقال ) :
...
مالَ عليَّ الشرابُ جِدّا
وأنت للمكرماتِ أهدى
فإنْ تفضّلتَ بانصرافي
عَدَدْتهُ من لّدْنُكَ رِفْدا
مال عليَّ الشرابُ ... تعبير بليغ ينمُّ عن شدّة السكر وتمكّن الخمرة من أعصاب شاربها وصعوبة سيطرته على حركاته خاصة حركة القدمين .
هل أضيف دليلاً قوياً آخرَ على تعاطي المتنبي للكحول وحنينه بين حين وآخر له تبعاً لحالاته النفسية ، ففي قصيدته الأكثر شهرة " عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ " التي هجا فيها إخشيد مصر كافوراً بعد أنْ ضاق به الحال في مصر وبث الإخشيد جواسيسه يترصدون أقواله وأفعاله ولم يفِ بما وعد المتنبي من منحه إقطاعاً أو إمارةً فقال ما قال :
يقولُ لي الطبيبُ أكلتَ شيئاً
وداؤكَ فبي شرابكَ والطعامِ
وما في طبّهِ أني جوادٌ
أضرَّ به بجسمهِ طولُ الجَمامِ
فليس يُطالُ له فيرعى
ولا هو في العليقِ أو اللجامِ
وقال :
أمسيتُ أروحَ مُثرٍ خازناً ويَداً
أنا الغنيُّ وأموالي المواعيدُ
وقال في قصيدة أخرى يمدح كافوراً بها : 
وغيرُ كثيرٍ أنْ يزوركَ راجلٌ
فيرجعَ مَلْكاً للعراقينِ واليا
وقال في أخرى مادحاً كافورَ وفاضحاً نواياه : 
أبا المسكِ هل في الكأسِ فضلٌ أنالُهُ
فإني أُغنّي منذُ حينٍ وتشربُ
وهبتَ على مقدارِ كفْيْ زماننا
ونفسي على مِقدارِ كفيكَ تطلبُ
إذا لم تَنُطْ بي ضيعةً أو ولايةً
فجودكَ يكسوني وشُغلُكَ يسلبُ
هذه نماذج من معاناة المتنبي مع كافور في فسطاط مصر . 
أخلص من كل هذا الكلام إلى القول إنَّ المتنبي المتأزم جداً جداً لجأ نفسيّاً إلى الخمرة التي تذكّرها إذْ لم يجدها فقال وقد ترك فسطاط مصر هارباً :
إذا أردتُ كُميتَ اللونِ صافيةً
وجدتها، وحبيبُ القلبِ مفقودُ !
*
ديوان المتنبي. دار بيروت للطباعة والنشر. بيروت 1980 .  

حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (٥)/ إعداد أ. .د‮. ‬حسيب شحادة

جامعة هلسنكي

استوقفتني‮ ‬خلال مطالعاتي الدؤوبة حِكم وأقوال وأمثال وآراء وطرائفُ كثيرة جدّا، وارتأيت أن أنشرها، علّها تعود ببعض الفائدة الفكرية والروحية، إضافة إلى ما في‮ ‬بعضها، على الأقلّ‮، ‬من التسلية وروح الدُّعابة ومدعاة لشحذ الذهن‮. ‬إذ أنّنا نعتقد أنّ إشاعة الثقافة الجادّة وتقديمَ كلّ‮ ‬جديد ومفيد وممتع، هما مَهمّة شِبه مقدّسة ملقاة عـلى كاهل كلّ‮ ‬مثقّف‮ ملتزم. ‬كنتُ قد نشرت نُتفًا من هذه الجُمل في منابرَ مختلفة على الشبكة العنكبوتية، كما أن زهاء  عشرين حلقةً منها كانت قد أُذيعت عبرَ مذياع صوت ابن فضلان في هلسنكي، في ركن الثقافة والفكر، في أواخر القرن الماضي وبدايات القرن الحالي.

❊ ‬الكلمة في‮ ‬الوطن العربي،‮ ‬لا تُطعِم خُبزا.
❊ ‬منَ المشاكل الكبيرة التي‮ ‬تُواجِه الفِكْر العربيَّ‮ ‬الراهنَ، كيفيةُ إقناع الجماهير، بأن القِيم والعاداتِ، ليست مطلقةً‮ ‬وليست نهائية، وانّما هي‮ ‬خاضعةٌ‮ ‬للتحوّل والتبدّل بمرور الوقت‮.‬
❊ ‬يُقال إن العربَ أفشلُ مُحامينَ، لأعدل قضية.
‮❊ ‬الطاعة العمْياءُ مرضُ العرب العُضال.
‮❊ ‬على العرب أجمعين أن‮ ‬يَعُوا جيّدًا، أنّ‮ ‬التجديدَ‮ ‬والابتكار، هو السبيلُ‮ ‬الوحيد للحفاظ على الأصالة، والخصوصية لا العكس‮.‬
❊ إنَّ أكثرَ أفراد الهيئات الدبلوماسية العربية، لا يمثّلون سوى وجهِ الهزيمة … إنّ أكثرَهم يجهلون لغةَ البلد، الذي يُفترض أن يُمثِّلوا دولتَهم فيه.
❊ أعْجَبُ لمن يريدُ أن يبحث في الفلسفة، وهو لا يعرِفُ اللغة العربية.
‮❊ ‬لولا شعرُ الفرزدق، لذهب ثُلث لغة العرب.
‮❊ ‬من كلام العرب‮: ‬فضْلُ الفِعال على المقال مكرُمة،‮ ‬وفضل المقال على الفِعال مَنْقصة‮.‬
‮‮❊ ‬اللغةُ‮ ‬العربيةُ‮ ‬بحرٌ‮، ‬ومعظمُ‮ ‬بَنيها على الساحل‮.‬
❊ قال الخوارزمي وهو فارسي: والله لإن أُهْجى بالعربية خيرٌ لي، من أن أُمْدَح بالفارسية.
❊ كُرة القدم اختُرعت لإلهاء الشعوب العربية عن أوطانها.
❊ الشيء الوحيد الذي يُجيدهُ العرب هو الإنشاء.
‮❊ ‬العمائم تيجانُ العرب.
‮❊ ‬ثلوجُ‮ ‬جبل الشيخ أدفأُ‮ ‬من قلوب كلّ الأنظمة العربية‮.‬
‮❊ ‬أشدُّ‮ ‬الفاقة عدمُ العقل.
‮❊ ‬كذب الظنّ، لا إمامَ سوى العقل. 
‮❊ ‬هناك الكثيرُ من الجوع في العالَم، ليس للخُبز، بل للحبّ والتقدير.
❊ للسعادة رافدانِ أزليّانِ: البساطة والطيبة.
‮❊ ‬السعادة هي معرفة الخير والشرّ. 
‮❊ ‬التسلية سعادةُ مَن لا يستطيعون التفكير. 
❊ المخلوق السعيد تراه يبني منزلا، أو يضَعُ لحْنا، أو يُربّي طفلا، أو يزرع أرضا.
‮❊ ‬كي‮ ‬تنجحَ، فكّر ثلاثًا ‬قبل أن تبدأ‮!‬
❊ البيوت السعيدةُ، لا صوتَ لها.
الجزعُ عند المصيبة، مصيبةٌ أخرى.
‮❊ ‬دقيقة الألم ساعةٌ، وساعةُ اللذة دقيقة.‮
❊ لا تحكِ عن سعادتِك، لمن هو أقلُّ منك حظًّا.
❊ ‬ألمُ الخَصب أشدُّ‮ ‬وأمرُّ، من ألم العُقْم.
❊ لا يتِمُّ تحقيقُ السعادة عن طريق البحث عنها، فهي بصورة عامّة، منتَجٌ فرعيّ لأنشطة عديدة. 
❊ أيّها الجائعُ تناولْ كتابًا، فالكتابُ سِلاح. 
‮❊ ‬ليس الفقيرُ من ملكَ القليلَ، إنّما الفقيرُ من طلب الكثير.
‮❊ ‬الجوع أكبرُ مُعين على تهذيب الحواسّ.
❊ تكون الحياة أصعبَ، إذا عِشنا من أجل الآخرين، لكنّها تكون أسعدَ وأغنى أيضا.
‬❊ الإنسان الناجح، يبحَث دائمًا عن مناسبات لمساعدة الغير، أمّا غيرُ الناجح فيسأل دائما: ما نصيبي من هذا؟
❊ سعداءُ أولائك الذين يحلُمون أحلامًا، ويكونون مستعدّين لدفع ثمن تحقيقها.
❊ كلّ مالِ العالم، لا يستطيع استرجاعَ الصحّة.
❊ لا فقرَ اشدُّ منَ الجهْل، ولا مالَ أَعزُّ من العقْل.
‬❊ يقول أحدُ‮ ‬الحكماء‮: ‬إنَّ الله‮َ ‬غضِبَ‮ ‬على المرأة، فجعل النار، وجهنم، والهاوية، والظلمةَ، والخطيئة، والرذيلة أسماءٌ مؤنّثة،‮ ‬وجعل النعيم، والفِردوس، والنور، والصلاحَ أسماءً‮ ‬مذكّرة‮.‬
❊ جميلٌ أن تحتفلَ بالنجاح، لكن الأهمُّ أن تتعلمَ من الفشل.
❊ ‬الوَحْدة أفظعُ فقْر.
‬❊ أغنى شخصٍ هو الذي يكتفي بالقليل، فهذا الاكتفاءُ هو ثروة الطبيعة.
❊ إذا كنّا مُسيطرين على الثروة فسنكون أغنياءَ وأحرارًا، أمّا إذا سيطرتْ علينا الثروة فنحن فقراءُ حقًّا.
❊ عندما نكون ما نودُّ أن نكون، فهذه هي السعادة. 
‬❊ أسعدُ الناس، أقلُّهم انشغالًا بالناس.
❊ ‬إذا كنتَ سعيدًا، فلا تُحاولْ أن تُصبح أسعد.
‬❊ لستَ ثريًّا إلى أن تملِك شيئًا، لا يستطيع المالُ شراءَه.
❊ وراءَ كُلِّ رجُل ناجحٍ، ألمٌ في القلب.
❊ إنّ غايةَ الحياة، هي الحُصولُ على السعادة، وقد أرادها الله لنا، فمن يطلُبها يتمّم إرادةَ الله. 
❊ تكمُنُ بدايةُ السعادة، في معرفة ما هو مُمكن.
❊ السعادة هي توافقُ الفكر، والقول، والفعل. 
❊ لا يوجد في العالم، ما هو أعظمُ جبروتًا منَ القيصر، الذي اسمه الجوع.
‮❊ ‬لا تسْتشِرْ من ليس في‮ ‬بيته دقيقٌ، فإن عقلَه‮ ‬غائب.
❊ السعادة هي ممارسةُ الفضائل؛ حصادُ العين الهادئة.
❊ لا تخفْ منَ الفشل، ليس الفشلُ هو المشكلة، بلِ الهدف الضئيل؛ في المحاولات العظيمة يكون حتّى الفشل جليلا.

عن انتخابات بير زيت مرة أخرى !/ شاكر فريد حسن

لا تزال نتائج انتخابات مجلس طلبة جامعة بير زيت ، التي فازت بها حركة " فتح " ، وتعادلت في المقاعد مع حركة " حماس " حيث حصلت الحركتان على 23 مقعدًا لكليهما ، لا تزال هذه النتائج  تطغى على المشهد السياسي الفلسطيني ، وتثير ردود فعل مختلفة ، خصوصًا حول ما رافق ذلك من احتفالات بـ " النصر المؤزر " ، بإطلاق الرصاص في قلب مدينة رام اللـه ، وذبح الخراف ..!

فهذا الابتهاج الفتحاوي بإطلاق الرصاص وذبح الخراف ، أثار غضب الشارع الفلسطيني والامتعاض الشديد لدي الكثير من أبناء شعبنا الفلسطيني ، وهو أمر مؤسف لا يليق بنا كشعب حضاري يربض تحت نير الاحتلال ويعاني الحصار والبطش الاحتلالي ، وانعكاس لحالة التردي في المجتمع الفلسطيني ، ويشكل نقطة سوداء في تاريخ الحركة الطلابية والوطنية الفلسطينية ، ومن المفروض ليس اقامة هذه الاحتفالات التي فاقت عن حدها ، بل من المفروض تكاتف كل أبناء الحركتين الطلابية والوطنية بمتراس واحد في مواجهة الاحتلال ، والاستعداد للتصدي لصفقة القرن الرامية إلى حرمان الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الوطنية المستقلة .

ثم فإن فتح لم تتفوق على حركة حماس بفارق كبير ، وخاصة أن الضفة الغربية هي معقل حركة " فتح " وتسيطر عليها . ولذلك فهذه الانتخابات لا تستحق كل هذه الاحتفالات الكبيرة ، والبيانات من أعلى المستويات ابتهاجًا وفرحًا وكأننا انتصرنا على الاحتلال وحررنا الأرض من ربقته ، ولم يكن حاجه لذبح الخراف ، ولا لكل هذا الرصاص الذي دوى في سماء رام اللـه وفي الحرم الجامعي في بير زيت وفي شوارع بعض مدن الضفة الغربية .

إن جامعة بير زيت شكلت على الدوام منارة للعلم والفكر والوعي الوطني الثوري الكفاحي ، وستبقى كذلك بفضل شبابها المقاوم ، الذي كان يتصدى للاحتلال وعملائه خلال الانتفاضات الشعبية الفلسطينية ، ولمحاولات اقتحام الحرم الجامعي فيها واعتقال طلابها ، وكان يتعلم ويدرس رغم الاغلاقات القسرية المتتالية لحرمها ، في بيوت ومبانٍ مختلفة في قلب واطراف مدينة رام اللـه .

أننا لعلى ثقة تامة أن طلاب بير زيت قادرون بإرادتهم وحسهم الوطني ووعيهم الثوري محو آثار هذا العار ، وتجاوز الغيمة السوداء في تاريخ الحركة الطلابية والوطنية الفلسطينية ، وستبقى جامعة بير زيت منارة العلم والحضارة ورأس الحربة ضد الاحتلال .

مجلس الأمن الدولي وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني/ سري القدوة

 ان سياسة حكومة الاحتلال الاسرائيلي تجاه ابناء الشعب الفلسطيني قائمة على ممارسة الارهاب والقتل والتنكيل وسرقة الارض الفلسطينية وفى اخر ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ممارسة الارهاب الفكري وسرقة وقرصنة الاموال الفلسطينية وضرب كل الاتفاقيات الموقعة وخاصة اتفاقية باريس بعرض الحائط واعتبارها لاغيه من قبل حكومة الاحتلال الاسرائيلي . 

ان سرقة الاموال الفلسطينية من قبل حكومة الاحتلال هيا محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني وفرض حصار وإرهاب فكري ضد الرئيس محمود عباس لمحاصرته ومحاربة المواقف السياسية للقيادة الفلسطينية وضرب الموقف العربي تجاه عملية السلام والنيل من قدرات امتنا العربية والوصايا التاريخية الاردنية تجاه رعايتها للمقدسات الاسلامية والدينية وخاصة في القدس الشريف .. 
ان تلك الحجج الاسرائيلية الواهية والتي تدعي ان القيادة الفلسطينية تحول الاموال الى اسر الشهداء والأسرى فهذه حجج واهية وأكاذيب لا يمكن الصمت عليها كون ان الشعب الفلسطيني لا يوجد اسره فيه الا وقدمت شهداء ولا يوجد بيت فلسطيني واحد دون ان تجد اب او اخ او اخت او زوجة الا وفيه اسرى  في سجون الاحتلال وان قوائم الشهداء هم طليعة ابناء الشعب الفلسطيني الكفاحية وان ما يتقاضوه من رواتب هو حقهم الطبيعي اولا كونهم مناضلين وانتموا الي الثورة الفلسطينية ومن حق ابنائهم وزوجاتهم وعائلاتهم ان يحصلوا على المرتبات الشهرية ليستمروا فى الحياة وكونهم منتمين للثورة الفلسطينية وقدموا ارواحهم فداء للوطن وهذا هو جزء من النسيج المجتمعي للشعب الفلسطيني وتركيبة المجتمع الفلسطيني .. فلا يمكن للقيادة الفلسطينية الصمت تجاه مخطط الاحتلال الاسرائيلي وسرقته للأموال الفلسطينية ويمر دون اتخاذ موقف ومجابهته بكل قوة وإصرار على الحقوق الفلسطينية للحصول على اموال الشعب الفلسطيني كاملة وغير منقوصة . 
 ان الارهاب الاسرائيلي الذي يقوده رئيس الوزراء نيتنياهو بحق الشعب الفلسطيني هو ارهاب منظم واليوم الاحتلال يعيد استنساخ الاحتلال .. اسرائيل تكرر نفسها .. الاعدام والقتل في سجون الاحتلال .. اطلاق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين ورفض اي برامج للسلام ووقف الاستيطان .. مشهد امتد علي مدار سنوات الاحتلال .. 
في ظل هذه الممارسات لحكومة الاحتلال الاسرائيلي   والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني بات من المهم ان نعيد ترتيب بيتنا الفلسطيني ووحدتنا ونعيد تصويب بوصلتنا بالاتجاه الصحيح قبل فوات الاوان ..

واليوم في ظل تواصل ارهاب إسرائيل وحصارها للشعب الفلسطيني لا بد من تطبيق قرارات المجلس المركزي والمجلس الوطني الفلسطيني فورا والعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني فى مواجهة سياسات الاحتلال وإرهاب دولة اسرائيل المنظم الذي يمارس بحق الشعب الفلسطيني  .

إن اغلب دول العالم  تدرك تماماً بأن السبب الأساسي لاحتدام الصراع هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية واستمرار هذا الاحتلال يؤدي بالدرجة الأولى إلى استمرار النضال الفلسطيني ولا يمكن مهادنة هذا الاحتلال على حساب الدم الفلسطيني وسرقة الارض الفلسطينية أو تجاوز الاحتلال على أنه خلاف عابر أو وجهات نظر .

إن الاحتلال هو المشكلة الكبرى وهذا العدوان على الشعب الفلسطيني هو الأساس ولا يمكن لمن كان أن يحاول القفز عن القيادة الشرعية ونضال الشعب الفلسطيني للنيل من صمود الإنسان الفلسطيني وإرادته وعزيمته وإثناؤه عن المطالبة بحقوقه لتقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة .

إن حكومة الاحتلال الاسرائيلي  بات تعيش في مأزق حقيقي فهو غير قادرين على تحديد رؤية سياسية للتعامل مع المستقبل ويعيشون في عقلية الاحتلال وينتجون انفسهم ولا يمتلكون الا المناورة والكذب للاستمرار في تضليل الرأي العام والمحاولة للنيل من الحقوق الفلسطينية المشروعة .

إن الصراع لا يمكن أن ينتهي بأي حال من الأحوال في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي واحتلال الأرض الفلسطينية واغتصاب ومصادرة الأراضي ولا يمكن للاحتلال أن يستمر في ظل عدوانه الظالم على شعبنا حيث هذا التطاول الواضح على الحقوق الفلسطينية ولا يمكن لأي من كان أن يحاول تمرير مشروع تصفوي استسلامي يهدف إلى إفراغ القضية الفلسطينية من محتواها الوطني .

إن حكومة الاحتلال الاسرائيلي وهؤلاء صناع القرار في اسرائيل يتناسون أن شعبنا وقيادته التاريخية لن يتخلوا عن الحق الفلسطيني المعترف به من الشرعية الدولية ولا يمكن لهذا الشعب أن ينسى حقوقه ونضالاته على مدار الزمن وعلى نيتنياهو أن يتوجه إلى رام الله بدلاً من استمرار مخادعة العالم والتوجه إلى عناوين يرفضها الشعب الفلسطيني والاستمرار في تلفيق الحجج الواهية والأكاذيب التي من شأنها فقط أن تؤجل ساعة الحسم ولكنها لن تستطيع أن تحسم الأمور لصالح نهجه العدواني القبيح .

في الوقت الذي يصّعد فيه الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الهمجي وهجماته المدمرة على شعبنا بارتكاب مجازر جديدة تضاف إلى مسلسل الجرائم التي يرتكبها بشكل يومي بحق أبناء شعبنا واغتيال ابناء شعبنا  واستمرار اعتقال الاسري ومحاربتهم وفرض حصاره الظالم حول مدننا ومخيماتنا في الضفة الفلسطينية وتحول قطاع غزة إلى سجن كبير مما ساهم في تعميق الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي باتت تعصف بمكونات مجتمعنا وتهدد بالمزيد من مظاهر التفسخ والتفكك لوحدته الوطنية وتماسكه الداخلي .

ان مسيرة الشعب الفلسطيني تميزت بالتضحية الفلسطينية العظيمة والتي قدمت خلالها مئات الشهداء وآلاف الجرحى والأسرى والمصابين وبالصمود الأسطوري الذي أكد تمسّك أبناء الشعب الفلسطيني بحقهم ووطنهم وأرضهم ومقدساتهم .

كما إن نضال الشعب الفلسطيني تميز بالعدد الكبير من الشهداء والقادة الذين ارتقوا إلى العلا وهم على ثباتهم وصمودهم.. لم يتنازلوا ولم يتهاونوا.. ضربوا المثال والنموذج .. وأناروا بدمائهم طريق النصر والحرية والعودة والتحرير ..

إن مسيرة النضال الوطني الفلسطيني تمثّل إنجازاً سياسياً وشعبياً فلسطينياً يستحق التوقف أمام محطاته في ظل استمرار تضحيات شعبنا وتعاظم عطاءه تستمر حملة الإبادة التي تمارسها حكومة الاحتلال وجيشها ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والتي يصر قائد الإرهاب الدولي المنظم نتنياهو على استمرارها رغم أنف المجتمع الدولي وبتغطية أمريكية منظمة ..

في ظل ذلك يعيش أبناء شعبنا الفلسطيني بالمخيمات الفلسطينية في أماكن الشتات بلبنان وسوريا وضعا مأساويا صعبا وتلك المناطق التي تشكل أعلى كثافة سكانية في العالم على حافة كارثة إنسانية مخيفة حيث تشهد حياة قاسية وواقع يثير الألم والفزع يتحمله الشعب الفلسطيني الصامد الذي يئن من وطأة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية والذي فاقت جرائمه كل الممارسات النازية .. 
ان هذا الواقع الذي يتجاهله مجلس الأمن الدولي في ظل دعم أمريكي مطلق لإسرائيل وحمايتها والذي يفترض بمجلس الأمن الدولي أنه يعبر عن إرادة المجتمع ومن مهامه ردع المعتدين ورفع المعاناة عن المقهورين ويجب على الامم المتحدة والمجتمع الدولي توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني توفير الحماية للشعب الفلسطيني  . 

لَيْ الأعناق في صراع الأعراق.. عنصرية الفلسفة/ حسن العاصي

تبدو مهمة تفسير ومقاربة وتتبع ارتباط الفكر والفلسفة الغربية بالعنصرية، مهمة شاقة ومركبة. ذلك أن هذا الارتباط موغل في التاريخ، حتى قبل دعوات الإصلاح في القرون الوسطى، التي تسببت بقيام الحروب الدينية في أوروبا، ورسخت مفهوم التمييز العنصري كواحد من أشد الظواهر خطورة على البشرية، حيث كان الدافع الرئيسي خلف مجازر الإبادة التي ارتكبها البيض بحق السكان الأصليين في أمريكا، وما لحق الأفارقة من عذاب الاتجار بالرق. إن كثير من الحروب والمذابح والمآسي البشرية تمت كنتيجة للأفكار العنصرية التي نشأت في أوروبا ودعمتها الكنيسة. حتى التيار البروتستانتي الذي انتفض على فساد الكنيسة، والتيار الفلسفي التنويري والفكري الحداثي لاحقاً الذين نادوا بالمساواة والعدالة والإخاء، وضعوا التقسيمات العنصرية، وصنفوا البشر حسب اللون والعرق، ووضعوا الجنس الأبيض أفضلهم وأكثرهم رقياً. هذه الأفكار والنظريات الفلسفية أحدثت حروباً وخراباً ودماراً عانت منه البشرية كافة.
وحيث تعتبر الأدبيات الثقافية العربية أن التوسع الاستعماري الغربي قد أدار ظهره للمبادئ التي رسخها العصر التنويري، كشف هذا فهماً صوفياً عاطفياً لدى العرب لحقائق تاريخية معقدة. فقد قام الفكر التنويري المعاصر، بتقديم تبريراً أيديولوجياً للحركات الاستعمارية التي تزامنت وتشابكت معه. وأحدث تحولاً هاماً في خطاب الهوية الأوروبية، يقوم على أساس استبدال الفوقية الروحية الدينية بالفوقية العرقية للإنسان الأبيض. وهكذا فإن فلاسفة التنوير كانوا من المؤمنين بالفوقية العنصرية والتراتبية بين الأعراق.
النظريات العنصرية التي تؤمن بتفوق الشعوب الأوروبية على دونها من الشعوب، وتطور العرق الأبيض على ما سواه، جعلت الغرب عموماً يعطي نفسه الحق في التحكم بمصير الشعوب والأمم الأخرى، ونهب مقدراتها لتعمير ونهضة بلدانهم. بلا شك حيث تكون العنصرية تغيب العدالة بين البشر، ويفتقد الناس حقوقهم، حيث تسود العلاقات على أساس مفاهيم الاستعلاء والغطرسة والفوقية، وهي أبرز الشرايين التي تغذي الاستبداد والقهر والإرهاب والتطرف والكراهية.

فلسفة العنصرية
الكراهية والعنصرية تعود أساساً إلى كونها موقفاً ذهنياً فكرياً قبل أن تتحول وتصبح سلوكاً اجتماعياً وفعلاً ومتشدداً. وتعود بعض البذور الثقافية التي أسست لفلسفة التمييز العنصري في الغرب، إلى كتابات ومواقف بعض الفلاسفة التنويريين الأوروبيين، الذين اعتقدوا أن الحياة مبنية على تعارض وتناحر الأجناس البشرية، أي صراع بين الأنواع المتحضرة ضد الأنواع المتخلفة. وتغاضوا عن حقيقة السيرورة التعددية للحضارة البشرية. قاموا ببناء رؤيتهم الفلسفية على قاعدة حتمية التخلف البنيوي لجميع الثقافات الأخرى غير الأوروبية، وتم تقسيم الناس إلى بشر واشباه بشر بحسب نظرية الانتخاب الطبيعي، مما وفّر البيئة لظهور النزعات العنصرية والأفكار اليمينية المتشددة لاحقاً في أوروبا، مثل النازية والفاشية والصهيونية، وأحدث فكراً قومياً شوفينياً، تسبب بقيام نزاعات إقليمية وأشعل حروباً عالمية.
الفيلسوف الألماني "إيمانويل كانت" رغم كونه أضاف للفكر الإنساني الكثير عبر نظرية المعرفة، إلا أنه واحداً من أهم المفكرين الذين دعوا إلى تصنيف الأجناس البشرية بحسب المعايير العرقية بشكل سافر. قام بتقسيم البشر على أساس اللون، واعتبر أن أصحاب البشرة البيضاء هم أكثر الأنواع البشرية ذكاءً وفاعلية ومقدرة على بناء الحضارات. ثم يأتي أصحاب اللون الأصفر في الدرجة الثانية، في الدرجة الثالثة يأتي أصحاب البشرة السوداء، ومن خلفهم بقية الأجناس الأخرى، وفي الأسفل الهنود الحمر الذين صنفهم "كانت" أسوأ الأجناس وأقلهم تطوراً وذكاءً.
فيما الفيلسوف والاقتصادي الأسكتلندي "ديفيد هيوم" أكد في كتاباته على أنه لا ينتابه أدنى شك في أن الزنوج وكافة أنواع البشر الأخرى، هم بالفطرة طبيعياً في منزلة أدنى من مستوى الإنسان الأبيض. حتى فكرة الفيلسوف الألماني "فريدريك نيتشه" حول فلسفة أخلاق القوة التي تعتمد إقصاء الضعفاء والمرضى، تأثر بها كثيراً الفيلسوف الألماني الشهير "مارتن هيدجر" الذي اعتبره النازيون أنه فيلسوفهم والكاهن الأكبر للفكر النازي. والتحق بهم البروفيسور الألماني وعالم الأنثروبولوجيا "يوجين فيشر" صاحب فكرة تعقيم البشر لبقاء الأفضل وإبادة الأدنى، وفكرة القتل الرحيم للمعاقين. وهو الذي أجرى تجارب عرقية لدعم فكرة أن الألمان أصحاب العرق الآري هم العرق الأسمى، وهذه التجارب مهدت الطريق لقدوم الفلسفة النازية وصعود أفكار هتلر العنصرية.
فيما صاحب كتاب "دراسة حول التفاوت بين أعراق البشر" المفكر الفرنسي المعاصر "آرثر دي كوبينو" يرى أن اختلاط الأعراق وتزاوجها هو السبب خلف انحطاط الحضارات وسقوطها، ويؤكد في كتابه أن القضية العرقية هي صانعة التاريخ، ويُظهر تعصبه للعرق الآري، حيث ذكر أن الآرية تنحدر حين تختلط بالفنون الزنجية. وهي الأفكار التي ألهمت هتلر لاحقاً وأصدر بسببها قانون التعقيم وتحديد النسل في العام 1933.

نقد الفلسفة العنصرية
كافة الفلاسفة الأوروبيين الحداثيين بدءًا من الألماني "رينيه ديكارت" في القرن السابع عشر، والفرنسي "جان جاك روسو" و "إيمانويل كانت" وصولاً إلى الألماني "كارل ماركس" في القرن التاسع عشر، مروراً بالفلاسفة الألماني "فريدريك نيتشه" والبريطانيون "جون ستيوارت ميل" و "توماس هوبز " و "جون لوك" كانوا يؤمنون بأن المجتمع السياسي الذي تمثله الدولة، قد نشأ من خلال عقد أبرمه الناس فيما بينهم، يسمى العقد الاجتماعي. وجميعهم ماديين ومثاليين تبنوا مناهج فلسفية بمقدمات عقلية، وضعت سمو الإنسان والعقل البشري في مركز تنظيراتها. رغم ذلك فقد تعرّض بعض المفكرين الغربيين للفلسفة الأوروبية ضمن سياقها التاريخي، وعلاقتها مع الآخر غير الأوروبي، بهدف إجراء مقاربات لمعرفة علاقة الفلسفة الأوروبية بتياراتها الأساسية، الليبرالية والعقلانية والتجريبية، بالعنصرية والكراهية.
في مضمار مدى تكيف بعض التيارات الفلسفية مع العنصرية، يؤكد المفكر والفيلسوف والأكاديمي الأمريكي في جامعة كاليفورنيا "ريتشارد بوبكين" أن التيار التجريبي الذي يرتكز على أن معارف البشر يتم اكتسابها من خلال التجارب الحسية، هو أكثر تلائماً مع الأفكار العنصرية، من التيار العقلاني الذي يعتبر أن الناس تكتسب معرفاها بأساليب مستقلة عن تجاربها الحسية. السبب برأيه يعود كون التيار التجريبي في مقاربته التجريبية الحسية يقوم برفض المكونات المشتركة والفطرية بين البشر، مما يخلق بيئة تجعل من الاختلافات بين الناس فروقات في إطارات عنصرية.
هذه الأفكار نقضها عدد من المفكرين وقلبوها رأساً على عقب، واعتبروا أن التيار العقلاني هو الاتجاه العنصري أكثر من التيار التجريبي. يذكر "جون رودجر سيرل" أستاذ الفلسفة بجامعة كاليفورنيا، وأحد أبرز الفلاسفة المعاصرين وأوسعهم تأثيرًا، أن الأمر يحتاج فقط خطوة واحدة للانتقال من نظرية الفيلسوف الألماني "رينيه ديكارت" حول العقل إلى نظرية الاستعلاء والعنصرية، في حين يحتاج أكثر من قرن من الزمان فيما لو قررنا الانتقال من نظرية الفيلسوف الأسكتلندي "ديفيد هيوم" حول المنهج التجريبي للعلوم الوضعية نحو العنصرية. ويضيف سيرل أن السبب يعود إلى أن الإنسان أو الأفكار أو الفلسفة إذا اعتقدت أن هناك مكونات فطرية ذهنياً لدى البشر، فإنهم يكونوا على مقربة خطوة واحدة من أن يصبحوا مستعدين للنقاش في وجود مكونات فطرية لدى أصحاب عرق ما، أفضل أو أسوأ من تلك الموجودة لدى أعراق أخرى.
المفكر والأكاديمي الأمريكي "جورج فريدريكسون" أستاذ التاريخ في جامعة ستانفورد، والرائد في علم دراسة الأيديولوجيات المقارنة للعرق والعنصرية، يؤكد في كتابه "العنصرية تاريخ مختصر" أن الفكر والسلوك العنصري باعتبارها ظاهرة حديثة نسبياً، قد تكون متشابكة بشكل مباشر مع أممية المقاييس الأخلاقية والعقلانية التي دعت لها معظم التيارات الفكرية الحديثة. وهو يفترض أن الفكر والفلسفة لو انطلقا من رؤية هرمية لا تفترض مسبقاً المساواة بين البشر فيما يرتبط بقضايا الأخلاق والعقل، لما كان هناك حاجة في الأساس للتمييز بين الناس بشكل عنصري. لكن بمجرد الافتراض أن البشر متساوون عقلياً وأخلاقياً فإن هناك ضرورة سوف تظهر لتقديم تفسير وتبرير عدم التساوي الموجود في الواقع، وهذا سوف يفتح الأبواب لكافة أنواع الأفكار والتحليل والتبرير والتفسير العنصري.
في جانب آخر فإن المفكر والأكاديمي الأمريكي الجنوب أفريقي "ديفيد ثيو غولدبيرغ" المتخصص بعلم الأنثروبولوجيا، يقول في كتابه "ثقافة عنصرية.. فلسفة وسياسات المعنى" أن العنصرية تكمن في روح وقلب التنوير والعقلانية. ويرى أن التمييز الفكري بين التيار التجريبي والتيار العقلاني فيما يرتبط بعلاقة التياران واستجابة كل منهما للعنصرية شيء لا معنى له. ويعتبر أن كافة هذه التيارات تدعم العنصرية، ولديها إمكانية سهلة للتكيف مع العنصرية. ويضيف فكرة لافتة تقول إن الليبرالية الحديثة التي نشأت وتشكلت بالتوازي والتداخل المتشابك مع العنصرية، تحمل في داخلها عنصرية مضمرة، خاصة فيما يتعلق بمحاولة الفكر الليبرالي تطبيع التمايز والفروقات التي يضيفه هذا الفكر على معاني العقلانية والأخلاق التي تميز الإنسان الأوروبي عن سواه من بقية البشر.
ماذا عن نظرية "العقد الاجتماعي" التي تعتبر واحدة من أهم نظريات الفلسفة السياسية الحديثة، والتي طورها ثلاثة فلاسفة، البريطانيان "توماس هوبز" و "جون لوك" والفرنسي "جان جاك روسو". إن المفكر والفيلسوف "تشارلز ويد ميلز" الأمريكي الجامايكي أستاذ الفلسفة في جامعة نيويورك، والمختص بعلم الأعراق والأجناس يقول عنها أنه على الرغم من سمتها العالمية، إلا أن النظرية قد صيغت بشكل ومحتوى عنصري. لأن العقد الاجتماعي كان اتفاقاً بين الرجال البيض، وأن مضمون العقد يتمحور بصورة رئيسية حول كيفية تهميش وإقصاء الآخرين غير البيض، وكيفية استغلالهم، لأنهم غير مؤهلين للمشاركة في هذا التعاقد، وهي قمة العنصرية العرقية.

عنصرية الفلسفة
كثير من الاتهامات يتم توجيهها إلى الفلسفة الغربية، منها خوفها من الآخر وصل حد الكراهية، وكونها تفتقد الخيال وسعة الأفق، وأنها تجاهلت الفلسفة في الشرق والصين والهند.
على سبيل المقاربة فإن النظرية "الكونفوشيوسية" خلت من الميتافيزيقيا مثل قضايا الخلق والآخرة، فهي كانت في الأساس مذهب فلسفي في الأخلاق وعلم الاجتماع والسياسة، ومع مرور الوقت تحولت إلى مذهب ديني. وهنا يمكن ملاحظة المفارقة بين الشرق والغرب، إذ تتحول الفلسفات في الشرق إلى أديان ومذاهب صوفية، بينما في الغرب تجري علمنة الفلسفة والثقافة وعلم الاجتماع والسياسة، حتى الدين تمت علمنته.
الفيلسوف الألماني "إيمانويل كانت" تعامل باحتقار ودونية مع الفيلسوف الصيني "كونفوشيوس" حيث أنكر ذات مرة وجود فلسفة في سائر بلاد المشرق، وقال أن "الكونفوشيوسية" لم تضيف أية تعاليم جديدة على العقيدة الأخلاقية المصممة في الأصل للملوك والأمراء الصينيين. بل ذهب إلى حد اعتباره أن أي من مفاهيم الفضيلة والأخلاق لم يدخل عقول الصينيين أبداً.
كثير من الفلاسفة الغربيين غير "كانت" يعتبرون أن الشرقيين عاجزون عن إنتاج الفلسفة. ويؤكدون أن أصل الفلسفة إغريقي تمت وراثتها من الفلاسفة اليونانيين القدماء. على اعتبار أن منشأ العلوم يحدد نوع الثقافة والفكر. لكن ألم يأخذ الأوروبيين علوم الجبر والفلك والطب والكيمياء عن العرب؟ إذن لماذا لا تسمى هذه العلوم باسمها العربي في الغرب؟
الفيلسوف الفرنسي "جاك دريدا" المثير للجدل والأب الروحي لنظرية "التفكيكية" التي تتحدى أسس الفكر الغربي، تصرف بوقاحة في إحدى المرات أثناء وجوده في الصين، حين أنكر وجود فلسفة في الصين، وأن ما هو موجود هي أفكار فقط، وقال إن الفلسفة لا توجد إلا في أوروبا، وأنها ترتبط بتاريخها ولغتها وبإرثها الإغريقي.
مصطلح "الهمجي النبيل" ورد اسماً لشخصية في مسرحية الكاتب الإنجليزي "جون درايدن" في القرن السابع عشر، وتمثل الشخصية السكان الأصليين لأمريكا. ويجسد مفهوم الهمجي النبيل أن البشر كانوا قبل الحضارة خيرون، قبل أن تلوثهم وتفسدهم تأثيرات الحضارة الغربية. المذهب الخيري اعتمدته البعثات التبشيرية اليسوعية في أمريكا وأفريقيا، لخلق مجتمعات خالية من الرذيلة. الهمجي النبيل إنسان بدائي لم يتلوث حضارياً، ولكنه يُمنع من المشاركة في ثقافة أعلى منه وأكثر تفوقاً. وهو مصطلح عنصري مقيت.
في فترة التنوير الغربية نشر الفيلسوف الفرنسي "جاك جان روسو" فكرة الهمجي النبيل في عقده الاجتماعي، فرد عليه مواطنه التنويري "فولتير" ساخراً أنه حين قرأ كتاب روسو عن نظرية العقد الاجتماعي شعر برغبة في السير على أربع قوائم، لكنه فقد هذه العادة منذ ستين عاماً.
مع ذلك هناك بعض الفلاسفة والمفكرين الغربيين يعترفون بوجود فلسفة في الشرق، لكنهم يضيفون بأنها ليست بمستوى ورقي الفلسفة الأوروبية. وأن كل شيء في الشرق يعتمد الانفعالية واللاعقلانية والمراهقة.  في القرن الثامن عشر اعتبر الفيلسوف الألماني "كريستيان وولف" أنه بالإمكان وجود نظام أخلاقي بصورة منفصلة عن الأديان، ودافع عن ثقافة الشرق، فقام المحافظون المسيحيون بالتصدي له وطرد من بروسيا.
والبعض من المؤرخين الغربيين قال إن أصل الفلسفة من الهند قبل أن تسافر للإغريق، لكن تيار "إيمانويل كانت" استبعد الشرق من قانون الفلسفة حين أعادوا كتابة تاريخها، وجعلوا منها فلسفة مثالية من الناحية النقدية كي تبدو في أفضل حال. وهكذا تم التوافق من قبل المثقفين الغربيين على قبول فكرة تفوق العرق الأبيض، وأنه لا يوجد جنس أخر قادر على إنتاج وبلورة فلسفة غيرهم. 
"كانت" كان إنساناً عنصرياً حين رتّب الأعراق البشرية بشكل تفاضلي، من الأحسن الأرقى إلى الأسوأ الأدنى، وربط موضوع الأعراق والأجناس كقضية علمية، بالقدرة على التفكير. ومن مفاهيم وأقوال "كانت" المثيرة للجدل والتي لا تخلو من مضامين عنصرية، أنه يعتبر العرق الأبيض يمتلك جميع المواهب الفطرية. والهنود يمتلكون السكينة، يبدون كالحكماء لكنهم يميلون للانفعال والغضب. والصينيون أمة جامدة لا يعلمون عن الحاضر أكثر مما تعلموه في الماضي. والأفارقة شعوب حيوية لكنهم ثرثارون، يمكن تعليمهم لكن فقط كخدم. أما الهنود الحمر برأيه فإنهم قوم غير قابلين للتعلم، كسالى لا يمتلكون المشاعر ولا الخيال.

نظرية اليوجينيا
في العام 1869 قام عالم البيولوجيا البريطاني "فرانسيس غالتون" بوضع قواعد علم "اليوجينيا" المختص بتحسين الصفات الوراثية للعرق البشري، والتحكم في السلالة البشرية عبر مراقبة التفاوت العرقي للحد من تكاثر من لا يستحقون البقاء، مثل المعاقين والمتخلفين ذهنياً والسود. وكشف عن نزعته العنصرية البغيضة حين اعتبر أن البشر ليسوا سواسية. وتقوم النظرية على أساس أن التطور الصحيح للجنس البشري قد انحرف عن مساره الطبيعي، لأسباب تتعلق بنزعة الخير والإنسانية التي أبداها الأثرياء تجاه الفقراء غير الصالحين وتشجيعهم على الإنجاب، وهو ما أفسد آلية الانتخاب الطبيعي، لذلك لا بد من التدخل وإحداث انتخاب صناعي لإعادة الجنس البشري إلى مساره الطبيعي. وبعكس نظرية "تشارلز داروين" التي تعتبر أن الأصلح هو الذي يترك نسلاً أكثر، ترى نظرية اليوجينيا أن الأصلح هو المتميز في الذكاء والصحة والأخلاق.
هذه النظرية تسببت في تمرير قانون التعقيم في الولايات المتحدة عام 1927، وقادت النازية للقيام بحملات التعقيم القسري لغير الصالحين والموت الرحيم العام 1933 واستمرت للعام 1939. وألهمت هذه النظرية هتلر بأفكاره حول أهمية خوض الحروب للتخلص من البشر المتخلفين، لأن التقدم يعتمد على البقاء للسلالة الأفضل. ولذلك أمر بإخصاء حوالي نصف مليون من المرضى المزمنين ومن المعاقين والمعتوهين.
اللافت أن هذه النظرية الكريهة شكلت حالة في بداية القرن العشرين، انضم لها وتعاطف معها كثير من كبار المفكرين والمثقفين والعلماء والساسة والفلاسفة ورجال الدين والأعمال. أبرز هؤلاء الفيلسوف والمفكر البريطاني "برتراند راسل" الذي أصدر ما يزيد عن مئة كتاب وتوفي العام 1970. وكذلك الكاتب الإيرلندي "جورج برنارد شو"، والأديب الإنجليزي "هربرت جورج ويلز"، والكاتب الروائي الإنجليزي "الدوس هيكسلي"، ورئيس الوزراء البريطاني السابق "ونستون تشرشل"، والرئيس الأمريكي السابق "فرانكلين روزفلت"، والفيلسوف الألماني "فريدريك نيتشه" وسواهم. وشكلت اليوجينيا العباءة التي خرجت من تحتها كافة الحركات والجماعات والأفكار العنصرية اليمينية المتشددة في أوروبا.
على أثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم الكشف عن كثير من الفظائع التي ارتكبت بسبب الأفكار اليوجينية، وتم اعتبارها نظرية عنصرية. لكن في العام 1988 أصدرت الصين قانوناً "يوجينياً" يحظر زواج المعاقين ذهنياً إلا بعد تعقيمهم حتى لا يتناسلوا. وظهرت هذه النظرية مرة أخرى في الولايات المتحدة العام 1993 عندما نشر المفكر الأمريكي "صامويل هنتغتون" مقالة في مجلة الخارجية الأمريكية التي كان يديرها بعنوان "صدام الحضارات، قبل أن يصدره في كتاب العام 1996. ورغم تعرض نظرية صدام الحضارات لانتقادات، إلا أنها تحولت إلى مرجعية مركزية في تحليل أحداث السياسة الدولية بعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وأصبحت عقيدة للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين اعتبروا أن الحروب الأيديولوجية قد انتهت مع انهيار الشيوعية، وأن الحروب المقبلة هي حروب ثقافية حضارية. وبات العالم يسمع عن نظريات متطرفة في بداية الألفية الثالثة تؤكد حتمية الصدام بين الشرق والغرب، وبين الشمال الثري والجنوب الفقير، وتجرأ بعض المفكرين الغربيين على القول إن "اليوجينيا" هي الحل لضمان بقاء ونقاء العرق الأبيض.

عنصرية القومية العربية
في أواسط القرن التاسع عشر، تمت زراعة بذرة الأفكار القومية العربية في بلاد الشام، للتخلص من الهيمنة العثمانية والحفاظ على اللغة العربية، فتم تشكيل عدد من الجمعيات، كان أبرزها "الجمعية العلمية السوري" التي تأسست العام 1857. وظهرت النزعة القومية بقوة في تلك الجمعية، نلاحظ ذلك من خلال إحدى قصائد "إبراهيم اليازجي" التي ألقاها سراً في أحد الاجتماعات، يقول مطلعها: تنبهوا واستفيقوا أيها العرب...فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب. وشكلت القومية حركة سياسية كبيرة، وانتشرت لاحقاً في العالم العربي، خاصة في بلاد الشام ومصر والعراق، ولم تتمكن من الوجود بقوة في أقاليم عربية أخرى مثل دول الخليج وبلدان المغرب العربي. وتأسست بأفكارها أحزاباً وتيارات شهيرة مثل البعث والناصرية، وقامت عليها دولاً، قبل أن تؤدي الإخفاقات الكبرى التي منيت بها القومية إلى خفوت فاعلية هذا التيار.
معظم الأحزاب والحركات الليبرالية في العالم العربي، استلهمت مبادئها من الأفكار الغربية الحداثية. فيما سعت الأحزاب القومية نحو تعزيز وتعميق الشعور والانتماء القومي لدي الجماهير العربية، جنوح بعضها نحو الإيغال في التمسك بالقومية تسبب في نشوء تيارات متشددة قومياً، وأسس لنشر ثقافة الكراهية تجاه الأقليات في المنطقة العربية.
معظم الدول العربية التي تسكنها أقليات عرقية أو دينية لم تتمكن من نسج علاقة صحية مع هذه الأقليات، ولم تنجح في إحداث مقاربات ومعالجات موضوعية لتقويم العلاقة، بل أن بعضها لم يسعى إلى ذلك أصلاً. وبعض الأنظمة العربية مارست أنواعاً من القهر والقمع بحق أبناء الأقليات القومية الأخرى. واحتكمت علاقة معظم هذه الأنظمة مع الأقليات على اعتبار أن أي اعتراف لهذه القوميات بحقوقها، والسماح لها بممارسة تلك الحقوق، سوف يؤدي في النهاية إلى الانفصال عن الدولة الأم. وهذا تعتبره الأنظمة تهديداً جدياً وخطيراً للوحدة الوطنية، إذن هو فعل الخيانة بعينها، الذي يستحق مرتكبها العقاب الشديد. بالرغم من كون هذه الدول وقادتها وثقافتها وهويتها كانوا خلال فترة خضوعهم للاستعمار هدفاً للاضطهاد والإلغاء والإدماج بالإكراه.
بعض القوميين العرب المتشددين ذهب إلى إنكار وجود الأقليات في العالم العربي، واعتبرهم من صنيعة الاستعمار، وأنهم في أفضل الأحوال "رواسب تاريخية، بل مستحاثات ينبغي أن تخضع من جديد لقانون التفتت والذوبان ثم الاندماج" بحسب ما
جاء في كتاب "الدولة القطرية والنظرية القومية" للمفكر السوري "جورج طرابيشي" الذي صدر العام 1982.
كان من الطبيعي أن تنفجر مشكلة الأقليات في الوطن العربي، كنتيجة مباشرة لتجاهل الفكر القومي العربي للواقع التعددي العرقي والإثني والديني للمجتمعات العربية، والذي من شأنه أن يكون مصدراً للثراء والتنوع الحضاري والثقافي، لو سلك التيار القومي العربي درباً مختلفة في علاقته مع الأقليات.
إن حقيقة ما يدعو للاستغراب ليس أصوات الأقليات في العالم العربي التي تطالب بحقوقها، بل المستهجن ألا يفعلوا ذلك في راهن عربي كارثي يندى له الجبين. فالهزائم القومية العربية في مختلف القطاعات. لا وجود لدولة القانون والمواطنة. لا نجاحات ولا إنجازات اجتماعياً وتعليمياً. إخفاق مفزع في مشاريع التنمية المستدامة. فشل مركب في القطاعات الاقتصادية. ثقافياً وفكرياً الصورة مرعبة وتربك العقل السليم. قومياً حالة من التفتت والتشرذم العربي رسخت الحالة القطرية. سياسياً تبعية كاملة للولايات المتحدة والغرب. فيما يتعلق بأحوال الأمة العربية ووحدة مصابها، فإن الخناق الصهيوني يشتد على العنق الفلسطيني بمساعدة بعض الأشقاء العرب.
وإن قرعت الأقليات باب الإنصاف، يثور القوميين العرب، وترتفع أصواتهم باتهام الأقليات العمالة لإسرائيل وللإمبريالية المعادية للعرب. ولم يتوقف هؤلاء القوميين مرة أمام السؤال البديهي الكبير: لماذا تشعر الأقليات بالغبن والظلم؟ وما الذي أوصل بعضهم المطالبة بالحكم الذاتي أو الانفصال؟ أليست هي مجمل السياسات القومية العربية غير الصائبة؟ الإجابة دون تردد هي نعم.

الشرق الغائب
في اليوم العالمي للفلسفة الذي تنظمه اليونسكو منذ العام 2005 في ثالث خميس بشهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام تحضر الفلسفة الغربية، وتغيب "أم العلوم" بوجهها الشرقي، حيث لا تزال الفلسفة بعيدة عن شعوب العالم الأخرى في أذهان معظم الأوروبيين، حيث لا يمكن تصورها سوى بهويتها الغربية، ولا زال أغلب الفلاسفة والمفكرين الغربيين يؤكدون أن الفلسفة إغريقية الجوهر.
في راهن عربي منقسم غير منسجم، متشابك ومعقد المفاهيم، متخم بالصراعات والقتل والحروب، يبدو الحديث عن البحث العلمي الفكري والمقاربات الفلسفية النظرية، وإجراء قراءات نقدية للفكر الفلسفي الأوروبي الحديث، وكأنه ترفاً ثقافياً لا حاجة فكرية فلسفية مهمة. خاصة في بيئة ما زالت لا تعير الفلسفة أية اهتمام أو قيمة لا على المستوى الرسمي ولا الشعبي. كما أن موقف المثقفين العرب من الفلسفة الأوروبية منقسم وغير منسجم، بين من يعتبرها مقدسات نظّر لها ودافع بقوة عنها، والبعض اعتبر أنها شر وهاجمها وحذر منها. نحتاج في واقعنا إلى إجراء مقاربات وقراءات ونقد التراث الفكري لنا ولغيرنا، من خلال رفع القدسية عنه، ودراسته وتحليله ضمن سيرورته وسياقه التاريخي الإنساني.
إن مواجهة المحظور والتصدي للأفكار العنصرية لا يكون مثمراً إلا حين يتأسس على قيم وأفكار مغايرة عما يفترض مواجهته. بدون قبول الاختلاف وتقبل الآخرين، وبغير التمسك الحقيقي والفعلي بإحداث المساواة بين البشر في الكرامة والحريات العامة والحقوق الأساسية، لن يكون خطاب مواجهة العنصرية إلا خطاباً عنصرياً بحد ذاته.

الأحيمرالسعدي: وبعرانُ ربّي في البلادِ كثيرُ!/ كريم مرزة الاسدي

قصة هذا الإنسان التعبان!!  
من يوم اللص المسكين بن فلان، مخضرم الدولتين الأموية والعباسية؛  إذْ اكتسى اسمه وكنيته (الأحيمر بن فلان بن حارث السعدي ت 170هـ / 787 م)، والذي بلاه الإنسانُ بسلطته وجبروته؛ فابتلى به لتمرده وخروجه، والشرُّ للشرِّ ولود، اقرأ معي بتأمل ٍوإمعان بلا صدود وهجران: 
عوى الذئبُ فاستنأنستُ بالذئبِ إذ عوى* وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ
يـــرى اللهُ إنـّي للأنيــس ِلكـارهٌ *** وتبغضهم ْ لـــي مقلةٌ و ضميـرُ
وإنـّي لأستحيي مــــــن الله أنْ أرى **أجرّرُ حبلاً ليـــــس فيـــهِ بعيرُ!
وأنْ أســـأل المــــــرءَ اللئيمَ بعيـــرَهُ *** وبعرانُ ربّي في البـلادِ كثيرُ!
لئن طــــالَ ليلي بالعـــــــراق ِلربّمــــا***أتـى ليَ ليلٌ بالشــــآم ِ قصيرُ
أيا نخلاتِ الكـــــــــرمِ لا زالَ رائِحا ****عليكـُنّ منهلُّ الغمــام ِمطيــــرُ
ويا نخلاتِ الكرخ ِمــا زالَ مـــاطــرٌ ****عليكـُنّ مســتنّ الريـــاح ِ ذرورُ
ونبئتُ أنّ الحيَّ سعـــداً تخــــــاذلوا ***حمـاهُم وهُــم لـو يعصــبون كثيرُ
أطاعوا لفتيان ِ الصبــــــاح ِلئامهمْ **** فذوقوا هوانَ الحربِ حيث ُتدورُ
كفى حزناً أنّ الحمـــــارَ بن بحــــدلٍ ***عليَّ بأكنـــــــــــافِ الستارِ أميـرُ
وأنَّ ابن موسى بائع البقل بالنــوى **** لهُ بين بـــــــابٍ والستار ِ خطيـرُ

لماذا نفر هذا الإنسان من أخيه الإنسان، ولجأ إلى الذؤبان ، ويستحي من الله قاسم الرزق الحلال بالقسط والعدل، أن يجرّ حبله بلا بعير ، وبعران ربّي كثير !! ويمرّعلى نخلات الكرم ، ونخلات الكرخ، والخير الوفير، ويأتيه بالأخبار مَن لم يزود ، إنّ القوم تخاذلوا، وللئامهم أطاعوا، حتى ذاقوا هوان الحرب ودوائرها، فغدا الحمار أميرا، وبائع البقل خطيرا، عينٌ تغري،  وعينٌ تزدري،  فما كان في وسعه إلا أن يتوجه الى اللصوصية ، والتمرد على الإنسان ، وقطع الطرق بالقاطع البتار ، فعاش منفرداً يائساً، مستأنساً بالوحوش الكاسرة، بعد أنْ فاقها الإنسان وحشة ووحشية ، حكمة تفرضها الدنيا على أبنائها ، لك أنْ ترضى، ولك أنْ تأبى ، والحقيقة واحدة ، الإنسان ابن بيئته ، فالخبيثُ لا يوّلد إلا خبيثا.
ثمّ ماذا ؟ 
هذا معاصره الشاعر الشهير (دعبل الخزاعي ، عاش بين 148 هـ - 246 هـ) ، ذكّـّر نفسه بالسيرة الحسنة ، والعمل الصالح لتقويم النفس: 

هي النفس ما حسنته فمحسنٌ **لديها وما قبحته فمقبّحُ

طيّب نفسه ، وبشرها ، وصبّرها على حمل المكاره: 

فيا نفسُ طيبي ، ثمّ يا نفسُ أبشري*** فغيرُ بعيدٍ كلُّ ما هــو آتِ
ولا تجزعي منْ مدّة الجــور، إنـّني ** أرى قوتي قدْ آذنت بشتاتِ

ولكنه ! أيضاً جاب الدنيا " وحمل خشبته على كتفه خمسين عاما يدوّر على من يصلبه عليها فلم يجد " ، وآخيراَ ذهب إلى رحمة ربّه قائلاً: 

ما أكثرَ الناسَ ! لا بلْ ما أقلـّهمُ ***اللهُ يعلمُ أنـّي لـــــمْ أقلْ فندا
إنـّي لأفتحُ عيني حين أفتحـــها** على كثـير ٍولكن لا أرى أحدا

وإلى يومنا هذا لا نرى أحدا !! ، لم يزدْ أهتمامنا بالإنسان حتى أنملة، ألإنسان هو الإنسان ، محط ظلمنا ، تحت سياطنا ، بين أفواهنا ، وإنْ اقتضى الأمر لمّعنا له سيوفنا، لا نرحمه ، ولا نترك رحمة الله تنزل عليه ، ولا ألزم نفسي بشاهد ، إنـّى عشتُ التجربة ، فالعصر عصري ، وأنا أرى المظالم بأمّ عين، وصكّ سمعي؛ بل وأنا القائل في قصيدتي عن الإنسان، أيِّ إنسان على هذه البسيطة المظلمة النيرة:
أضحى البريءُ لفي جرم ٍ ولا سببٌ *** والجرمُ يزهو بفخر ٍ وهو عريان ُ
حتى كهلتُ وأيّامــــــــــي تعلـّمني *** في كلِّ ألفٍ مـــن الآناس إنسـانُ

نعم من عصر( جرير ت 114 هـ) و صرخته: 

ما زالتِ القتلى تمجُّ دماءها*** بدجلة َ حتى ماء دجلة َ أشكلُ

وإلى عصرنا حيث أجبته ببيت من قصيدة لي: 

ما زالتِ القتلى تمجُّ دماءها ** وبقى كعهدِكَ - يا جريرُ- المذبحُ

ألم يحن الوقت لنسأل أنفسنا هذا السؤال العابر السبيل إلى رحمة ربه، ونتأمل؟
لماذا وصل بنا الحال إلى هذا المآل؟!!
وهل كثيرٌ علينا أن نرحم أجيالنا الآتية من الأصلاب الحائرة ، والأرحام الطاهرة؟!
الحلُّ أنْ نعلم علم اليقين ، وأن نفهم ونتفهم ببصائرنا اليفظة ، ووجداننا الحي أنّ الإنسان هو الاغلى قيمة في هذه الحياة ، ومن دونه دونها والوجود معها ، لئنِّ لا يفقه الوجود الا العاقل الموجود ، خلقه الله على أحسن تقويم ،وفضله على العالمين ، ومن قتلَ نفساَ بغير حقٍّ ، فكأنـّما قتل الناس جميعا ، قطـْع صلب واحد معناه موت أمة بتمامها وكمالها في عالم الغيب الذي لم يخلق ، وما أدراك وما أدراني كيف ستكون، لو كانوا يعقلون! 
 "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " (محمد 24).
ومن لا يحترم الإنسان ولا يقدره لمجرد أنـّه إنسان بغض النظر عن كل المواصفات الطبيعية والتطبعية ،الخـُلقية والخـَلقية - وفق القيم والنظم الإنسانية العادلة -، يفقد - بمعنى من المعاني - القيم الروحية السامية للإنسانية ، بعقلها ووجدانها ورقيها الحضاري، لذلك يجب علينا زراعة حب الإنسان الآخر- من حيث هو كما هو، فالمرءُ حيثما جعله - في نفوسنا، ليس لمجرد اعتبارات أخلاقية؛ وإنّما يجب أن تكون فلسفة حياتية نجبل أنفسنا عليها، ونسير على هداها ، فالإنسان وجهة الإنسان، هو غايته ، وهو وسيلته... بعد الله. 

وماذا بعد ؟

أمّا بعد !: 
والشيء بالشيء يذكر؛ ولئن العبقرية نتاج الإنسانية، أو هي إحدى إفرازاتها النافحة النافعة ، والعبقري هو ابن الإنسان ! ولمّا كنـّا على الطريق ، لابدَّ لنا أنْ نشير إلى أنّنا من أضعف الأمم تمسكاً بعباقرتها ،وعظمائها ، وأقلـّها تقديرا لهم ، ولجهودهم الجبارة في سبيل أزدهار الحضارة الإنسانية ورقيها ، وتطرقت إلى هذا الموضوع الحساس في كتابي الموسوم ( للعبقرية أسرارها ...) ، وأوردت وجهات نظر عباقرة العرب والعراق المعاصرين في هذا الصدد ، ومن الضرورة بمكان أن نستضيف الدكتور أحمد أمين، والأستاذ العقاد ليشاركانا الرأي، والرأي قبل شجاعة الشجعان !!  
يقول دكتورنا الأول: " إنّ الأوربيين قد وجدوا من علمائهم مَنْ يشيد بعظمائهم ، يستسقي نواحي مجدهم؛  بل قد دعتهم العصبية أن يتزايدوا في نواحي هذه العظمة ، ويعملوا الخيال في تبرير العيب، وتكميل النقص ، تحميساً للنفس ، وإثارة لطلب الكمال، أمّا نحن فقد كان بيننا وبين عظمائنا سدود وحواجز حالت بين شبابنا وجمهورنا والإستفادة منهم " ، 
أمّا أستاذنا العقاد ، الجريء بإطروحاته، والعميق بتحليلاته، نتركه ليضع النقاط على الحروف ، بتجردٍ ولا تردّد " فماذا يساوي إنسانٌ لا يساوي الإنسان العظيم شيئاً لديه ، وأيّ معرفة بحق ٍّ من الحقوق يناط بها الرجاء ، إذا كان حق ّ العظمة بين الناس غير معروف"  
هذه خواطر عابرة مرّت على بالي ، وانا في حوار مباشر على البعد ، وكلُّ ما تأتي به النفس جميلا ، إذا كان صادقاً وجليلا ، أملنا بالله كبير... للشعب الخلود والعطاء ، وللعراق المجد والبقاء، ودمتم للإنسان أوفياء، والله من وراء القصد ...شكراً لوجودكم معي! 

كريم مرزة الأسدي

نكهة الحلوين/ روميو عويس

تـا تْـضَـل شَـب بـهمّـة العشريـن
ما تـفـزَع مـن الـختـيَـره والبـَرد
خَـلّي بـبـالَـك.. نَـكهِـة الـحلـويـن
وكل ما سَمَحلَك ظَرف شِم الورد

متّ الفزع شي دْعَست بالخمسين
وشفت التلج كَحّل ضفاف الجرد
قـلت: الليالي الـحمـر مَـعدوديـن
صارو.. وبعَكس السير دار العَدّ
وكل ما شـفِـت وردات مشتاقـين
قول : هالـمَـرّه بـجَـرِّب بَـعـد !..
وبَـعـدني.. وعربَشت عالسَّبعيـن
وعن عبير الـوَرد مـا بـرتَـدّ !!!
لا شبعت إهـدي ولا هديّـه بـرِدّ

الخروج من المتاهه 2 - نحو تنظيم تمثيل سياسي اجتماعي جديد للأقلية الفلسطينية في إسرائيل/ رائف حسين

الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إسرائيل التي جرت في 9. ابريل من العام الجاري أظهرت جلياً المأزق السياسي المتفاقم للاقلية الفلسطينيه في الداخل وأظهرت هشاشة ثقة الجماهير بالنخبة السياسة ومؤسساتها وطرحها السياسي.
النظام السياسي للأقلية الفلسطينية في الداخل يرتكز على ثلاثة أعمدة أساسية :
1. أعضاء الكنيست عن الأحزاب والحركات الفلسطينيه 
2. رؤساء البلديات والمجالس المحلية الفلسطينية
3. لجنة المتابعة العليا 
أعضاء الكنيست يتم انتخابهم وفق لوائح داخلية تضعها الأحزاب والحركات السياسية كما هو معهود في كل بلد فيه تعددية حزبيه. تركيبة اللوائح واختيار المرشحين يقوم به أعضاء الحزب أو الحركة السياسية… وهؤلاء، أي المنتمون رسمياً للأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية في الداخل نسبة ضئيلة جداً من المليون ونصف فلسطيني بالداخل . 
العمل التنظيمي السياسي في الداخل الفلسطيني ما زال بأغلبيته وبجوانبه المتعددة يعتمد على الشخصنه والانتماء العائلي القبلي في اكثر الأحيان… الأحزاب والحركات السياسية تطل على الجماهير وتتواصل معها موسميا او قبل الانتخابات وما عدا ذلك، تكاد العلاقه بين المواطن الفلسطيني العادي والنخب السياسية ان تكون شبه معدومه. 
النخبة السياسية لم تستطع ان تقنع فلول الجماهير بانها تحمل هم المواطن العادي يوميا وتعمل على الدفاع عن مصالحه في برلمان الدولة الذي تتجه معظم الأحزاب اليهودية الممثلة به نحو اليمين والتطرف وإقصاء الاقليه الفلسطينيه بقوانين عنصريه تجعل المواطن الفلسطيني صاحب البلد الأصلي ضيف غير مرغوب به في بلده ... المشاركة والعمل البرلماني لممثلي الاقليه الفلسطينيه ما زال، ورغم إنجازات عديده في مجال الخدمات والبنية التحتية، بعيون الاكثريه، كما أظهرت نتائج الانتخابات الاخيرة، عمل غير مجدي والمشاركة بالانتخابات والكنيست، هكذا تراها شريكه واسعة من ابناء الاقليه الفلسطينيه، ما هي الا ورقة توت لإخفاء عورة الديمقراطية الصهيونيه المزعومه. هذا الانطباع الاحباطي التقوقعي، إلى جانب أسباب عديده أخرى، دفع حوالي 65% من اصحاب حق الاقتراع الى التصويت للأحزاب الصهيونيه او مقاطعة الانتخابات كلياً. اضافة لهذه الحقيقة أتى رفع نسبة الحسم لدخول الكنيست إلى إقصاء حركات سياسيه صغيره وحصر التمثيل بالكنيست بالأحزاب والحركات الكبيرة وزادت بهذا هيمنتها على النظام السياسي لفلسطينيي الداخل في وقت هم، فلسطينيو الداخل، بحاجة ماسة إلى تكاتف ورص الصفوف للوقوف أمام الهجمة العنصرية الاقصائية لهم من قبل المؤسسة الصهيونية. 
الازمة السياسية للاقليه الفلسطينيه بالداخل هي ليست فقط أزمة بنيويه تنظيميه وقيادية للأحزاب والحركات السياسية، بل هي أيضاً أزمة انعدام تقديم برنامج نضالي واستراتيجية صمود وتحدي...وهي دون ادنى شك ازمة هوية وطنيه أيضاً. 
النخبة السياسية لفلسطيني الداخل ممثلة بأحزابها وحركاتها السياسية، خصوصاً الأربعه الممثلون بالكنيست، وصلت باستراتيجيتها التي تصبوا للحصول بها على مساواة كاملة ضمن الدولة ومؤسساتها المختلفة والحصول بهذا على مواطنة شاملة، بعد عقود من النضال إلى طريق مسدود… في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ظهر الإفلاس السياسي علناً عندما استمرت هذه الحركات بنفس الاستراتيجية الفاشلة ورفعت شعارات أربكت الجماهير وزادت من قلة ثقتها بها وببرامجها السياسية . 
الأزمة الاجتماعية والسياسية لفلسطيني الداخل تظهر أيضاً في انتخابات المجالس المحلية والبلديات… اذ ان هذه ما زالت مستنده بالدرجة الأولى إلى العائلية والتعصب الحمائلي ولم تستطع الأحزاب والحركات السياسية بمختلف ألوانها وأيديولوجياتها ان تقدم نفسها بديلاً عن الوضع القائم. وما زال الصراع فقط على الرئاسة بالدرجة الأولى كون رئيس المجلس أو البلدية هو " الحاكم بأمر الله" في البلد وذلك من اصغر المشاريع إلى اكبرها… وما زال العمل بهذه الهيئات انفرادي تقريباً، كل بلد لوحده، رغم القرب الجغرافي للبلدات الفلسطينية ورغم همومهم وأزماتهم المشتركة من خدمات وبنية تحتيه وطموحات جماهيريه.
محاولة القيادات السياسية والاجتماعية لفلسطيني الداخل بتوحيد صفوفهم بهيئة عليا تمثلهم أمام المؤسسة الصهيونية الحاكمة تكلل بتأسيس "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل". هذه اللجنة هي كيان سياسي لا حزبي أقيم عام 1982 بهدف شمل وتركيز العمل السياسي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل والتنسيق بين مؤسساته. يشارك في لجنة المتابعة رؤساء السطات المحلية الفلسطينيه وأعضاء الكنيست الفلسطينيون من الأحزاب التي تمثل القضايا الفلسطينيه وممثلين عن أحزاب سياسية وتنظيمات فلسطينية غير برلمانية. لجنة المتابعة هي هيئة معينة وفق اجندة غامضه لا يستطيع المواطن العادي ان يتتبعها ويفهم أهميتها لذا بقيت هذه اللجنة رمزية وغير مترسخة في عقول الجماهير وفي وعيهم السياسي اليومي وهمومهم الحياتية. 
هذه اللجنة بقيت باد اكثر من ثلاثة عقود من تأسيسها " نمر بدون انياب" ولم يتم الاعتراف بها رسمياً من قبل المؤسسة الصهيونية كون القوى المهيمنة على هذه اللجنة لم تقدم على المطالبة الجادة بالاعتراف بالأقلية الفلسطينية كأقلية وطنيه كما تراه قرارات الأمم المتحدة من العام 1992 وأبقت خطابها وجوهره الأساسي على استراتيجية الاندماج بالمجتمع الاسرائيلي للحصول على مساواة كاملة مع تقديم مشاريع قانونية خجولة أمام الكنيست للاعتراف بهم كأقلية قوميه عربية، وبقيت هذه القوى تتخبط وتتأرجح بين الهوية القومية والهوية الوطنية مربكة نفسها ومربكة الجماهير أيضاً .
آسرائيل، مجتمعاً يهودياً ودولة بمؤسساتها والدولة العميقة، تحولت وتغيرت من إسرائيل الأولى إلى إسرائيل الثانية وثم إلى اسرائيل الثالثة التي هندسها وبناها نتانياهو منذ العام 2006 وحتى الان… اسرائيل الثالثة برهنت عنصريتها واستراتيجيتها المبنية على إقصائها لأهل البلد الأصليين، الاقليه الفلسطينيه، بقانون القومية وسلسلة قوانين عنصرية أخرى لم تنتهي بعد… 

النخبة السياسية لفلسطيني الداخل تعيش داخل هذا التغيير بالدولة والمجتمع وتراقبه وتكتوي بناره يوماً بعد يوم لكنها لا تملك الجرأة لتغيير استراتيجيتها … النخبة السياسية ممثلة بالأربع احزاب والحركات التي وصلت إلى الكنيست لا تؤمن بان الحقوق تنتزع ولا تعطى وان الاعتراف بفلسطينيي الداخل كأقلية وطنية لا يبدأ بسن قانون بالكنيست الصهيوني بل يبدأ بتجسيد الهوية الوطنية الفلسطينيه بمؤسسات تمثيلية منتخبة من قبل الجماهير .
النخبة السياسية لفلسطيني الداخل لم تجب، رغم التغيرات الدراماتيكية التي مرت بها الدولة الاسرائيلية ونظامها السياسي، على سؤالين أساسيين :
ما هي العلاقة التي تصبوا اليها الأقلية الفلسطينية مع الدولة الصهيونية ؟
وما هي علاقة هذه الأقلية مع بقية الشعب الفلسطيني وممثلة الشرعي والوحيد م ت ف ؟

الإجابة على هذين السؤالين هي القاعدة الأساسية لاتباع استراتيجية جديدة وتوجه سياسي اجتماعي بعيد الأمد يصلح بهما اخطاء الماضي ويصوب المسار السياسي الوطني لفلسطيني الداخل ويعيد ثقة الجماهير بجدوى العمل السياسي والنضال السياسي والاجتماعي والمؤسساتي لتثبيت مكانتهم على ارض اجدادهم في وطنهم.
الإجابة على هذين السؤالين يبدأ أولاً بتصحيح التعريف بهوية الاقليه … الهوية الوطنية الفلسطينية هي الهوية التي كانت مستهدفة منذ اليوم الأول لصياغة المشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين وبداية تنفيذه بمساعده بريطانيا… الهوية القومية ألعربيه لم تكن يوم بخطر. اسرائيل الأولى ادركت هذا الأمر وسمحت بممارسة الهوية العربية بطولها وعرضها وحاربت كل توجه لإظهار الهوية الوطنية الفلسطينيه بكل ما تملك من قوة أمنية وتشريعية قانونيه. 
الثغرة الإيجابية التي فتحتها اتفاقية أوسلو بالسماح لفلسطينيي الداخل بالاجهار بهويتهم الوطنية وإعادة اكتشافها من قبل الشباب وشرائح واسعة من الاقليه الفلسطينيه ومحاولة ترسيخها بوسائل وفعاليات مختلفة ومتنوعة لم يتم حتى الان استغلالها من قبل النخبة السياسية وبقيت هذه متأخرة بطرحها وتصويب استراتيجيتها في الوقت الذي قطعت الجماهير شوط كبير في هذا المجال مما زاد من الهوة بين الجماهير والقوى السياسية. 

الانتخابات البرلمانية الأخيرة، رغم التخبط الذي حصل بقرار فك القائمة المشتركة وخسارة النخبة السياسية لثقة الجماهير بها وبقدراتها والنتائج المتواضعة التي حصلت عليها القائمتين الفلسطينيتين اللتا خاضتا الانتخابات، الا انها أظهرت أيضاً أمراً إيجابياً يمكن البناء عليه لرسم استراتيجية وطنية جديدة للأقلية الفلسطينية بإسرائيل … الجماهير، أفراداً ومؤسسات مجتمع مدني، أصبحت تطالب بدمقرطة النظام السياسي للأقلية الوطنية الفلسطينيه، ديمقراطية تشارك بها اكبر كمية من القوى السياسية والاجتماعية بالتكافئ وانتخابات المؤسسات بعيدة عن هيمنة الأحزاب والحركات التقليدية التي افلست سياسياً وعوقبت من قبل الجماهير بالانتخابات الأخيرة. 
رغم المطالبة المحقة من قبل العديد من المثقفين والناشطين السياسيين من مختلف الاتجاهات والتي تشير مبدئيا إلى الاتجاه الصحيح بإجراء انتخابات للجنة المتابعة العليا، الا ان انتخابات لهذه المؤسسة المهمة، بأجندتها المؤسساتية الحالية وبعلاقتها بمكونات النظام السياسي للاقليه الفلسطينية المعمول بها منذ تأسيسها لن يغير الكثير ولن يمكن هذه المؤسسة ان تقوم بدورها كممثل اول للأقلية الفلسطينيه وتدويل قضيتهم وطرحها بالمحافل الدولية بمساعدة أعضاء الكنيست الفلسطينيون كما وان هذا الأمر لن يزيد من ثقة الجماهير بالعمل السياسي بدرجة ملحوظه. 
استغل هذه المقالة لأقدم بنهايتها استراتيجية اولية لإعادة بناء " لجنة المتابعة" على أسس ديمقراطية متينة تجعلها المؤسسة التمثيلية الأولى والأساسية لنضال الأقلية الفلسطينيه لانتزاع حقوقهم كأقلية وطنيه وفق القوانين والأعراف الدولية المتعارف عليها والنضال من اجل استقلال ثقافي ذاتي داخل الدولة. 
بداية وحتى يكون اسم الهيئة الجديدة ملائم لمهامها المستقبلية ومكانتها السياسية المستقبيلية اقترح اسم جديد: " المجلس الأعلى للأقلية الفلسطينيه في اسرائيل" .
استراتيجيتي للمجلس الأعلى التي عنونتها بمفتاح الخروج من المتاهه ترى الخطوات التالية:
(بعض الخطوات ممكن دمجها أو تغيير ترتيبها حسب الحاجة الزمنية التي يفرضها العمل بالحقل) 
تجتمع لجنة المتابعة العليا خلال فترة قصيره لتستمع إلى اقتراح الخبراء وتفاصيل الاستراتيجية الجديدة وتقوم بتبنيها أو رفضها أو اجراء تعديلات عليها بموافقة الخبراء. 
ان تبنت اللجنة الاستراتيجية الجديدة تقوم بحل نفسها وتبقى لجنة مسيرة للأعمال حتى انتخابات جديدة للمجلس الأعلى للأقلية الفلسطينية في اسرائيل.
ترى الاستراتيجية عضوية كل أفراد الأقلية الفلسطينيه الذين اصبحوا بعمر 18 عام وما فوق وكل من يصبح صاحب حق الاقتراع لاحقاً يعتبر تلقائياً عضو عامل. العضوية جماعية كاملة شاملة للقرية أو البلد أو الاقليه الفلسطينيه في المدن المختلطة.
سجل العضوية يتم ادارته من المجالس المحلية والبلديات ولجان الأقلية الفلسطينية في المدن المختلطة ويتم مراقبة السجل وادارته من قبل لجنة خاصة للمجلس الأعلى. 
العضوية تلقائية طبيعية وليس اختيارية. يحق لمجلس محلي أو بلدية أو لجنة بالمدن المختلطة ان تطلب إلغاء عضوية سكانها من المجلس إذا صوت ثلثي الأعضاء مع إسقاط العضوية . 
بعد تبني الاستراتيجية وتعديل نقاطها مبدئياً من قبل لجنة المتابعة يتم إرسال الاستراتيجية المقترحة لكل أماكن تواجد فلسطيني الداخل في القرى والمدن والمدن المختلطة ويطلب منهم عقد مؤتمرات موقعيه فرعيه للأعضاء (تقسم كل بلد إلى مؤتمرات صغيره تقودها لجنة مؤتمر منتخبة من الحضور ) وتقوم المؤتمرات الفرعية بمناقشة الخطة ووضع تعديلاتهم عليها وانتخاب مندوبيهم، (اقترح مندوب عن مل 100عضو،)لكي يشاركو في المؤتمر العام للقرية أو المدينة أو المدينة المختلطة.
تعقد مؤتمرات القرية أو المدينة من مندوبي المؤتمرات الفرعية وتناقش بدورها الاقتراحات والتعديلات المقدمة من المؤتمرات الفرعية وتنقحها وتجمعها باقتراحات تقدمها القرية أو المدينة للمؤتمر العام للاقلية الفلسطينية في الداخل وتقوم بالمؤتمر العام للقرية أو المدينة بانتخاب مندوبي القرية أو المدينة للمؤتمر العام بنسبة عضو واحد لكل 600 عضو
يعقد المؤتمر العام للاقلية الفلسطينية بإسرائيل جلسته الأولى بحضور أعضاء الفروع لمناقشة الاقتراحات والتعديلات على الخطة وإيداع الاستراتيجية النهائية لتكوينة المجلس الأعلى للاقلية الفلسطينيه وتحديد عدد أعضاء ومهام المجلس المستقبلية وتركيبته التنظيمية وهنا لا بد من الاستعانة بتجربة وخبرة الأخصائين بهذا المجال. يحدد المؤتمر العام موعد الانتخابات الشاملة للمجلس. 
تجري انتخابات المجلس العامة في كل قرية ومدينه ومدينة مختلطه بإشراف لجان الانتخابات التي تنبثق عن المؤتمرات الفرعية بالموقع وتشرف لجنة انتخابات خاصة منبثقة من المؤتمر العام على الانتخابات. لكل عضو عامل صوت واحد.
تخاض الانتخابات بقوائم انتخابيه وحسب قانون التمثيل النسبي الكامل وبنسبة حسم لا تتعدى 1% لكي يتسنى لأكبر كميه من الأحزاب والحركات والتجمعات الاجتماعية والسياسية ان تشارك في المجلس الأعلى ويكون التمثيل بالمجلس شامل لكل فئات المجتمع. ويشترط بالقوائم التي تتقدم للانتخابات ان تحتوي قائمتها على 30% من النساء.
يقسم المجلس الأعلى للاقلية الفلسطينيه إلى:
1. لجنة مركزيه تضم كل رؤساء القوائم الممثلة بالمجلس اضافة الى أعضاء الكنيست عن الأحزاب والحركات الفلسطينيه
2. لجنة تنفيذيه؛ يقوم المجلس بانتخاب لجنة تنفيذيه لا تتعدى الخمسة عشر عضو من بين أعضاءه يرأسها رئيس اللجنة التنفيذيه الذي يتم انتخابه من بين أعضاء اللجنة وتحدد الرئاسة فقط لفترتين انتخابيتين باقصى حد. أعضاء اللجنة التنفيذيه يتسلمون حقائب حسب توزيع مهام المجلس ويكون مسؤول كل حقيبة هو أيضاً رئيس اللجنة المختصة من أعضاء المجلس.
3. الهيئة العامة للمجلس: تتكون من كل أعضاء المجلس المنتخب. ويتم توزيع الأعضاء، كل حسب اهتماماته وتخصصه، على اللجان التي يرأسها أعضاء اللجنة التنفيذية.
تمويل المجلس يتم من قبل اشتراكات سنوية للأعضاء العاملين ( اقترح اشتراك بقيمة 2 دولار شهرياً). المجالس المحلية والبلديات واللجان الوطنية بالمدن المختلطة تقوم بجباية هذه الاشتراكات وتحويلها إلى اللجنة المالية للمجلس الأعلى للاقلية الفلسطينية في اسرائيل. ميزانية المجلس يتم صرفها على فعاليات المجلس ومشاريعه الصغيرة ولتغطية مصاريف الأعضاء من سفريات وتعويض رمزي خلال جلسات المجلس وجلسات اللجان المختصة. كما ويتم صرف معاش شهري لاعضاء اللجنة التنفيذية ولرئيس اللجنة الذين عليهم ان يتفرغوا للعمل السياسي بالمجلس بحيث ان لا يزيد المعاش الشهري لهولاء على المعاش المتوسط لمعلم المدرسة الثانوية. 
يحق للمجلس بان يقوم بجباية اشتراكات استثنائية لمشاريع خاصة كبناء مقر رسمي للمجلس او مشاريع كبيرة تعود على الاقليه الفلسطينيه بالخير كمسارح ومراكز ثقافيه مركزيه. 
قرارات المجلس يتم اتخاذها بحسب "الديمقراطية التوافقية" consociationalism أو consensual democracy وليس حسب الأكثرية وذلك لتجنب مظاهر التعصب الفئوي الضيقة ووضع المسؤولية الوطنية فوق المصلحة الئوية الضيقة. 
هذه الخطة بامكانها، ان تم الأخذ بها، ان تلبي طلب الأكثرية الساحقة للاقلية الفلسطينيه بإسرائيل بدمقرطة النظام السياسي الفلسطيني وتساعد النخب السياسية على ايجاد اجوبة على السؤالين المركزيين التان تم طرحهما أعلاه وكما انه الأخذ بهذه الخطة سوف يعيد الثقة للجماهير الفلسطينية بجدوى العمل السياسي المؤسساتي وثقتهم بالحركات والأحزاب السياسية وابتعاد الأكثرية عن الامبالاه بالشأن السياسي ومستقبلهم في وطنهم