انتهت الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية وأفرزت ما أفرزته من انتصار لبنيامين نتنياهو وحزبه ، ونجاح للأحزاب اليمينية العنصرية الفاشية المتطرفة .
وهذه النتيجة لم تكن مفاجئة أو بعيدة عن توقعات الكثيرين منا ، سوى المصابين بعمى الألوان والعمى السياسي . فالمجتمع المأزوم المحكوم بمظاهر العنصرية والتعصب والكراهية لا يفرز سوى أحزاب يمينية فاشية وعنصرية ليس إلا .
ومهما سيكون شكل الحكومة الاسرائيلية المقبلة ، التي يعمل ويسعى نتنياهو لتشكيلها ، لن تسعى للسلام ولن تمد يدها لمصافحة اليد الفلسطينية ، وستكون أكثر يمينية وتشددًا وتطرفًا ، ومن اخطر الحكومات في تاريخ الدولة العبرية . وقد بدأ الحديث عن ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى اسرائيل ، ما يعني تكريس الاحتلال للمناطق الفلسطينية والتنكر لاتفاقات وتفاهمات اوسلو ، وتزايد الصلف والعربدة الاسرائيلية بسبب الدعم السياسي واللوجستي الامريكي للمؤسسة الحاكمة ، وستشهد الأيام الوشيكة اعلان صفقة القرن كهدية للشعب الفلسطيني في رمضان ، التي تخلو من قيام دولة فلسطينية ، وهذا يعني تصفية الحق الفلسطيني المشروع .
أما على صعيد القوائم العربية فقد منيت بفشل ذريع وتلقت ضربة شديدة وقوية في الصميم من قبل الجماهير الواسعة الغاضبة التي أصابها خيبة امل كبيرة نتيجة تفكك المشتركة وما رافقها من مسرحية بعد شقها من قبل النائب أحمد الطيبي ، وتشرذم الصوت العربي . وقد تراجعت وفقدت اكثر من 3 او 4 مقاعد ، ولو أنها حافظت على المشتركة وطرحت خطابًا جديدًا ، وبرنامج عمل واضح للدورة القادمة لكانت النتيجة عكسية ومختلفة ، ولكن الجماهير عاقبتها هذه المرة بحجب أصواتها والامتناع عن التصويت ، ولولا الشفقة واستغاثة القيادات الحزبية من خلال الميكرفونات لكانت الكنيست خالية من الاحزاب العربية .
والآن بعد ان انقشع غبار المعركة الانتخابية ، فإن الاحزاب العربية وقياداتها مطالبة أكثر من أي وقت مضى ، بوقفة مع الذات ومحاسبة نفسها ، والقيام بمراجعة نقدية حقيقية لما جرى ، واستخلاص العبر والدروس ، وتحمل بعض القيادات السياسية المسؤولية عما حدث ، وتتنحى جانبًا وتفسح المجال لغيرها من الأجيال الجديدة لقيادة السفين ، ناهيك عن إعادة بناء الحركة الوطنية في الداخل ، وتبني خطاب جديد ومشروع كفاحي وموقف سياسي واحد وموحد وواضح دون تأتأة في مواجهة التحديات الراهنة والقادمة ، وعلى النواب العرب طرح مطالب الجماهير بصورة افضل وخاصة قضايا العنف والأرض والمسكن ومسألة الخرائط الهيكلية لقرانا وبلداتنا ومدننا العربية ، والبيوت غير المرخصة ، والتركيز على قضايا الشباب وتوفير مراكز ثقافية وتربوية ، وتكثيف البرامج لملء الفراغ القاتل الذي يعيشونه . وكذلك على الأحزاب العمل في مجال التثقيف السياسي وتنظيم الشباب ، وتجنيدهم في معارك شعبنا ، والعمل التطوعي ، فلا يجوز أن تغدو احزابنا قوائم انتخابية موسمية للكنيست ليس أكثر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق