ظلٌّ... ولا أشجار/ صالح أحمد

الأفق عَهد
فتفجّري يا ساعةَ الميلادِ عُذرًا
واحبَلي مِن دَفقِ دِجلَةَ
ثمَّ طيري نحوَ بابِ المَندِبِ المطعونِ في أفقِ اغتِراب
لا بُدَّ أن تقوى قليلًا شمسُ ذاك المَدِّ 
كي تصحو شُجَيراتٍ تساقَطَ ظلُّها لما تَفَرَّعنا قليلا
وانحَرَفنا... لا يسارًا.. لا يمينا...
ضاعَتِ الأوقاتُ فينا، 
ثمَّ ضِعنا، أو نَسينا 
ما تبقى مِن مناخاتٍ تساقَطَ وُدُّها لما تزَعزَعنا
وريحٌ لم تَكُن فينا، ولا .. ما أَلقَحَت منا... 
تَزَوَّجَتِ النّخيلا
سِرنا بلا ظِلٍّ فصارت خَيمَةُ التّرحالِ عُمرًا
عتمَةُ الليلاتِ سترًا
فالتَزَمنا ظِلَّنا الباقي وقلنا: 
نَرتَدي أحلامَنا سرًّا لِتُنجِبَنا المدينةُ، 
أو يُفيقَ زَمانُنا مِنّا كأمنِيَةٍ تَعَشَّقَتِ الرّحيلا...
أَوغَلَت فينا، فأَوغَلنا بعيدًا عَن مَسامِعنا
فصارَ الأفقُ ناحِيَةً تُناصِبُنا الأفولا...
فاعتَرَفنا أنَّنا مِنّا، وأنَّ البيدَ مِنّا، والصّدى مِنا، وعامَ الفيلِ مِنّا... 
والمنافي علّمَتنا كيفَ نمتحنُ الهواءَ، وكيفَ نقتَبِسُ الذهولا...
عِندَما يَحتَلُّنا الماضي وتنسانا الجِهاتُ؛
نَظَلُّ نَمضي... 
لا كما نحتاجُ، أو يشتاقُنا 
طَقسُ التلوُّنِ والتَّمَنُّعِ عن مزايا الريحِ 
والسُّكرِ المُباحِ بخَمرَةِ المَلهوفِ لا يرجو وِصالا
وانجَرَفنا... 
ثمَّ ما متنا، ولكنّا تَجَمَّدنا على شَرَفِ الرجوعِ المُرِّ
فازدَدنا ضَلالا
ثمَّ ذُبنا في مَجاري العُذرِ، 
تيارِ انتِصاراتِ الكلامِ السَّهلِ في حَقلِ الخَديعةِ... 
هكذا ازدَدنا اعتِلالا
***
يا أيُّها الحبُّ الذي عِشناهُ حتى لا نَكونَ بلا رسالَة
قد آنَ للأشواقِ أن تَرتَدَّ منا، أو علينا، أو على حبرِ المَقالَة
فلتَجمَعِ الريحُ التي ما أذعَنَت لجنونِنا أشلاءَنا فيها على شرَفِ البَسالَة
***
لا شيءَ يُثبِتُ أننا مِنّا، وأنَّ شِتاءَنا منّا... 
وكلُّ طقوسِنا تذوي بلا برقٍ، ولا رَعدٍ، وتُرهِقُنا احتِمالا...
لا شيءَ يثبِتُ أنّنا حينَ اعتَصَرنا الحلمَ ما نِلنا المُحالا 
فلربَّما كُنا على وَشكِ الرجوعِ لِما جَرى عُذرًا لِيَذكُرَنا الطّريقُ
وتكتَفي الأحوالُ في دَمِنا ارتِحالا
الأفقُ عَهدٌ
فانتَصِب يا صبرُ روحًا، واستَفِق 
زَمَنًا يصبُّ وقارَهُ فينا لنَجتَرِحَ المآلا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق