أحدَاثُ الموصل إستِبَاقٌ للحَيلُولَة دُونَ وَعيدٍ إلهي ناجِز/ زِياد السبعاوي

دأب أهل الموصل مواظبتهم على الطاعات سيما صلاةُ الجمعة وفي أولى الخطب التي وافقت بتأريخ الثالث عشر من حزيران 2014م عقب سيطرة تنظيم " داعش" إرتقى أعواد المنبر أحد خطباء التنظيم المُتَشدد وما أن انتهت الصلاة حتى عصفت بي الكثير من التساؤلات أبرزها إلى أين نحن ماضون وأي كارثةٍ سَتَحِلُ بالموصل وأهلها ؟ ! هكذا حدثني أستاذي البروفيسور الدكتور عوني عبدالرحمن السبعاوي رئيس مركز الدراسات الإقليمية الأسبق في جامعة الموصل والذي إلتقيته بعد ثلاث سنين عجاف أعقبت أحداث الموصل ليسترسل قائلاً :
آثرت أن أحضر صلاة الجمعة والإصغاء إلى الخطيب الجديد بعد إقصاء خطيب مسجدنا الأسبق عَلّني أتمكن من بناء رؤيةٍ ممحّصةٍ عن توجهات الجماعة المتشددة وإلى ما سيؤول إليه حال المدينة وأهلها وإلى ما يسعى التنظيم لبلوغه ، وبعد خطبة الجمعة الثالثة إنزويت وأعتكفت للصلاة في داري بعد أن أدركت أن التنظيم يسعى للقضاء على كُل ما يُمِّتُ للموصل بِصِلةٍ من بشرٍ وحضارة ومن شجرٍ وحجر ومن بدوٍ وحضر ، وأن من يحركُ ويديرُ الأمور هم حاخامات اليهود في إسرائيل أما التنفيذ فهو لأميركا وحلفاؤها الغربيون بريطانيا وأخواتها ، ومن دول الجوار الإقليمي التي تطلب الثأر من الموصل خاصةً وأن جُل قادة الجيش العراقي السابق هم من أهل الموصل ، إذن تعدد الخصوم الذين يجمع شملهم وحدة الهدف وإن تعددت الأدوار أما العقول التي تُخطط  فهم قادة الجماعات المتطرفة المرتبطون بأجهزة المخابرات العالمية سيما المخابرات الروسية كما أفصح بذلك اللواء ( ليفتنت كولونيل) (أليكسندر ليد فيننيكو) أحد كبار ضابط جهاز الإستخبارات الروسية الحالية (إف إس بي) وأحد كبار ضباط جهاز الإستخبارات السوفيتية (سابقاً) (كي جي بي) حينما كشف عن تجنيد الرجل الأول في تنظيم القاعدة ( أيمن الظواهري) للعمل لصالح المخابرات السوفيتية بعد إعتقاله في أفغانستان وإرساله إلى روسيا وتدريبيه هناك لمدة ستة أشهر على أيدي المخابرات السوفيتية آنذاك ، ليدفع (أليكسندر ليد فيننيكو) حياته ثمناً لذلك ، فضلاً عن الكثير من قادة التنظيم الذين تقودهم وتسيرهم المخابرات العالمية بما فيها دول الجوار الإقليمي بل وحتى من داخل العملية السياسية كما أثبتت الأيام إرتباط الكثير منهم ببعض رموز العملية السياسية الحالية بل أن بعض قادة داعش هم  أقارب للساسة من الدرجة الأولى ، أما المنفذون فهم العراقيون والعرب والأجانب الذين إنخرطوا في صفوف داعش لأسبابٍ أيدلوجية أو بدافع النقمة على السياسات التعسفية التي مورست على المدينة وأهلها فضلاً عن المُغَرَرِ بهم في ظلِ الإعلام المضلل الذي يرفع شعار الإسلام وواقع الحال أنه يُبطِنُ تدمير الإسلام من داخله أو خارجه يضاف إليهم المنتسبون إلى القوات العسكرية والأجهزة الأمنية ممن أضحوا رهائن بأيدي داعش فإما القتل المحتوم أو الإنخراط القسري ، ناهيك عمن عصفت به الفاقة والجوع والعوز في ظل إنعدام أي فرصةٍ للعمل فكان التنظيم المتطرف كالقشة التي يتشبث بها الغريق ، ناهيك عن الحانقين على ساستهم ممن خذلهم وأسلمهم لمصارعهم بعد أن أغرتهم ملذات الحياة الدنيا والإستثراء الفاحش على حساب دماء ودموع وآهات وويلات ناخبيهم ، لتكون داعش هي النتيجة ...
وبالعودة إلى سعي حاخامات اليهود لتدمير الموصل فإنهم فهموا الوعيد الإلهي في التوارة بزوال ملك "دولة إسرائيل"  ﴿ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾ كما صَرّحَ بذلك الجنرال الأمريكي قائد معتقل "بوكا"  في البصرة عام 2006م  قائلاً : ستكون النهاية من هاهُنا، وأشار بيده إلى المدينة المصطبغة بلون الدم على الخريطة المعلقة خلف ظهره (إنها نينوى)، من هنا سيُبْعَث الذي سيستخدمه الرب في القضاء على الشعب اليهودي، إنه الآشوري (الموصلي) الذي سيحقل نصف إسرائيل في أول أيامه، وسيستخدم العصا على إسرائيل، وسيضرب قاضيها بقضيب على خده!! وقد أمطنا اللثام عن (أسرار إستهداف نينوى) في مقال سابق عام 2013 بذات العنوان على موقع كتابات وغيره حذرنا فيه مما سيؤول إليه الحال لمدينة الموصل خاصةً وعموم محافظة نينوى  .
ولو عُدنا وقَلَّبْنا صفحات التاريخ واستعرضنا السَّبي الآشوري لليهود عام (721 ق . م) وما فعله الآشوريين أهل نينوى باليهود فمن الحملات التي شنها ملوك الامبراطورية الآشورية ، حملة "تجلاث بلاسر الثالث" على مملكة آرام ، حيث استولى على عاصمتها دمشق عام ( 732 ق. م) وسبى أهلها وقتل ملكها "رصين" ليتوجه بعدها إلى إسرائيل  في زمن "فقح" ملك إسرائيل (730-721ق. م) حيث أستولى على كل أرض إسرائيل وسبى اليهود إلى أشور(نينوى)  وأحل محلهم سكاناً من أقاليم أخرى ، وفي عام( 721 ق. م) قام الآشوريون بنقل يهود مملكة اسرائيل إلى حَرّان و الخَابور أعلى شمال الموصل  وكردستان وفارس وأحَلّو محلهم جماعات من الآراميين (كما نطلق عليه اليوم بمصطلح التغيير الديموغرافي) ، جديرٌ بالذكر أن اليهود من بني إسرائيل  إندمجوا تماماً في الشعوب المجاورة لهم في المنفى ، هذا فيما يخص المملكة الجنوبية التي تُسمى بـــــ( يهوذا) وعاصمتها أورشليم (وهي محور بحثنا في هذا المقال)، ولقد تناوب على حُكم بني إسرائيل  من سنة ( 935-586 ق. م) عشرون ملك كلهم من عشيرة نبي الله داود (ع) (ما عدا الملك أخزيا بن يهورام إذ كانت أمه بنت عمري ملك إسرائيل) أما المملكة الشمالية (السامرة) التي طالها السبي  البابلي الأول الذي اقتِيد فيه 3000 يهودي، والسَّبي البابلي الثاني الذي تم اقتياد 40000 يهودي مَشْيًا على الأقدام مُكَبَّلِين من القدس إلى بابل على يد نبوخذ نصر (بوختنصر) عام (597 ق. م) الذي انطلقت جحافِلُه من بابل  العراق ، ما ذكرناه آنفًا يُوحي بأن اليهود لن ينسوا السَّبْي الآشوري أو السبي البابلي، ولن ينسوا تهجيرهم من العراق في منتصف القرن العشرين، يُكلل ما سبق القول إن بداية نهايتهم ستكون من نينوى (عاصمة الآشوريين) إذن هو ثأر متتابَع مشحون بالغِلِّ مطرَّز بالفوبيا والخوف من القادم ، وللأسف لم يُوّفّق بعض المفسرون في سبر أغوار آيات من سورة الإسراء حينما فسروا ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ﴾ على أنها فتح بيت المقدس الذي حدث عام 637 م الموافق عام 16 للهجرة على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، ولا يخفى أن النصارى هم مَنْ كانوا يقيمون في القدس آنذاك وليس اليهود ، عِلماً أن الملك شاول كان أول ملك على اليهودية في الفترة من سنة ( 1035-1015 ق. م) تقريباً، ثم تبعه الملك داود(ع)  (1015 -975)، ثم الملك سليمان(ع) (975-
935)، وبعد وفاته ، انقسمت المملكة إلى قسمين (يهوذا والسامرة) كما أسلفنا . 
واليوم حقت كلمة ربي في اليهود ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ ولعلهم اليوم هُمْ مَنْ يُمْسِك بكل خيوط اللعبة ويَسُنْ الدساتير ويُغَذي أطراف الصراع بين المسلمين ، ويُنَصّب الحكام ويقصيهم وهاهم قادة العرب والمسلمون يخطبون ودهم حتى وإن أجهروا وأعلنوا خلاف ذلك ذراً للرماد في عيون شعوبهم بعد أن بانت السوءة وانكشفت العورة ، وبالعودة إلى تفسير سورة الإسراء فقد كان الإخفاق الثاني حينما تم تفسير الآية الكريمة ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ المتعلقة بوعد الآخرة واعتبار ذلك الوعد هو فتح بيت المقدس على يد القائد الكردي المسلم الناصر صلاح الدين الأيوبي  عام 1187م الموافق 583 للهجرة ، جديرٌ بالذكر أن الصليبيون هم مَنْ كانوا يحكمون بيت المقدس وليس اليهود والخِطاب في الآية الكريمة يخص اليهود ، أما وعد الآخرة فقد ورد في التوراة تفاسير حزقيال، دانيال، أشعياء وكما يلي : ستكون هناك قوتان متضاربتان على مراكز السيادة على العالم، دول غرب أوربا والآشوري ( أي إبن الموصل الحدباء التي يُستباحُ فيها كل شيءٍ اليوم) وأوردوا في التفسير عن مهمته : هو يد الله التي ستضرب بواسطة الآشوري ، وسيكون هو عدوَّ إسرائيل آخِر الزمان، وسيرسله الله على أمَّة منافِقة هي شَعْبُه . وذكروا في تفسيرهم عن شعب القائد الآشوري: شعبه قويٌّ لم يكن له نظير من الأزل، ولا يكون بعده ، قُدَّامه نار تأكل ، وخلفه لهيب يحرق ، وأمامه جنةُ عدن  يَجْرُون كالأبطال، رجالُ حرب ، يمشون كل واحدٍ في طريقه ولا يغيرون سبلهم ، ولا يزاحم بعضُهم بعضًا ، وبين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون، إنه هو الذي سيستخدمه الربُّ في القضاء على الشعب اليهودي ، وسيحقل الآشوري نصف إسرائيل في أول أيامه، وسيستخدم
 العصا على إسرائيل، وسيضرب قاضيها بقضيب على خدِّه .
ما أسلفناه هو بيت القصيد ومربط الفَرَسْ (وأبن الموصل) هو جُلُ ما تخشاه إسرائيل اليوم ولعل الأمر يذكرنا بفعل فرعون مصر ببني إسرائيل حينما أخبره الكهنة أن نهايته الحتمية ستكون على يد أحد أبناء إسرائيل فحاول إستباق الأمر كما ذكره المولى عز وجل عن موسى (ع) ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾ لتكون النتيجة على كل إجراءات الفرعون الإحترازية والإستباقية هو  نفاذ أمر الله ﴿ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾ ونختم بالعودة إلى أ.د. عوني عبدالرحمن السبعاوي  ففي أحد المؤتمرات الأكاديمية التي حاضر فيها أستاذٌ هنديٌ مسلم هو (أبو الحسن النَدَوِي رحمه الله) بكلمات ختم فيها بحثه قائلاً :
لن يستقيم الأمر في العالم بأسره حتى ينتفض الإسلام من كبوته ، ولن يحدث هذا إلاّ إذا أستفاق العرب الذين هم معدن الرسالة وجوهرها وحملتها أن يستفيقوا من نومتهم ورقادهم الذي يوشك أن يكون سرمدياً ، وأعلموا أن العرب لن يستفيقوا إلاّ أذا عاد العراق لقيادة العرب فالعراق جمجمة العرب ومعدن الأمصار ورمح الله في الأرض  وقبل أن يختم المحاضر الهندي (أبو الحسن الندوي)  أردف أ.د عوني مقاطعاً إياه ، وأعلموا أن العراق لن يعود حتى تتعافى نينوى وموصلنا الحدباء لتضمد جراحها وتوقف نزف دمائها وتنفض ركام دورها وأطلالها ....
حفظ الله نينوى والموصل الحدباء  وأهلها 
حفظ الله العراق وأهل العراق 
حفظ الله بلاد العرب والمسلمين

هناك تعليق واحد: