أيُّها العراقيون.. قولوا آمين/ الاب يوسف جزراوي


بين صباحٍ تترنح شمسه الخجولة وليلٍ تتهاطل نجومه ويذوي قمره، جلستُ كوردةٍ في صحراءٍ تشكي للرمال ظَمَاها؛
بينما عيني صوب متظاهرين دفعوا مهر الوطن غاليًا.
أتأمّلُ شبيبة يصرخون في ضمائر الحُكّام المُشوُهة ومسامعهم المُلوّثة، وليس من سميعٍ مُجيب لهم! كَمن يوقِد الرماد على قطراتِ المطر أو كَمن يشحَذ الماء في الصحاري اليابسة!
أتقلّبُ على سريرِ الانتظار، أحدّثُ وسادة الصبر وأنتظرُ صباحًا لا ينزف جرحًا آخر. فهل يفعلها سرّاق الخضراء ويجبروا بخاطر العراق والعراقيين فيسلموا الوطن لاهله؟
فجميع الساسة(شلع قلع) ما عاد واحدهم يستطيع 
مسك لجامّ الوطن... ولكن من نعاتب؟
أ نعاتب ساسة لم يرضعوا لبنًا  من ثدي العراق؟ أم نعاتب سِّمْاسَرة أرضَعتهم  الجارة إيران؟
لقد دَقّوا المِسْمَار الأخير في نعشِ العِراق، إذ انتهت المهلة منذ يوم أمس وما زالوا يتحدثون عن الكتلة الأكبر في قبة البرلمان. ولكن أليس عدد الشهداء المتظاهرين الذي يفوق عن  ٥٢٠ شهيدًا أكثر من عدد أعضاء مجلس النواب وأكبر من أيّ كتلةٍ برلمانيّة؟ إذًا الشهداء هم الكتلة الأكبر ....والشعب العراقي هو من يقرر مصيره وليس السِّمْاسَرة المرتزقة.
وأنا أكتبُ هذه الكلمة حدّثني أحد الأصدقاء المتظاهرين من قَلْبِ ساحة التحرير وقد اِكتوى قَلْبه بنارِ الإحباط قائلاً:"  أين الله ...وأين ضمير العالم من كلّ ما حدث ويحدث؟"..
اِمتَصّصتُ لوعته كالاسفنجة التي تَرَتشّفُ المياه واعطيته كلّ الحق، فأسوق لكم هُنا هذه الومضة الختاميّة كما ذكرتها له في المكالمة الهاتفيّة عَسى تغدو ومضة نور ومشاعل رجاء وإضاءات حبّ تؤم إلينا جميعًا بدربّ واسع وفسيح:
وطننا اليوم يغرق وتتلاطم به أمواج عاتية من كلِّ الجهات، أما شعبنا يُصلب على صليب العراق والصالبُ هو قادة الكتل والأحزاب وعملاء إيران. فخضمّ كلّ فساد ساسة الصدفة والخوف والتشتت والتهجير والقتل والقمع واغتصاب السلام وغياب الامان والسفك المتعمد للدماء البريئة؛ نتسائل أين هو الله ممّا يحصل؟ ولماذا ترك الأرض التي سارت عليها أقدام أوّل إنسان خلقه، ولماذا ترك العراق وحده في فكِّ الأسود؟ هل أحال الله نفسه على التقاعد؟ أم سَأَمَ من مآسينا وبات متفرجًا لا يبالي لمصائبنا؟
أقول لكم: أوّلاً الله لا دخل له بما حصل ويحصل، إنه أب، إله خير ومحبة ولا يعرف إلا الصلاح، همّه الاوّل والأخير والوحيد سعادة الإنسان وخلاصه؛ أما الشرّ فهو من صنع البشر وليس من صنعه.
ثانيًا: الله خالق البشر والأب الروحي لخليقته( البشريّة جمعاء) لم ولن يترك العراق وشعبه، بل يتوجب علينا كعراقيين وسط الضيق والذعر ألا نفقد الرجاء  ونصغي له:
"لا تخافوا أنا معكم إلى إنقضاء الدهر"
لذا لنصلي بأن يكون ميلاد سّيّدنا يسوع المسيح هذا العام بارقة أمل وبُشارة خير وولادة جديدة لعِراقنا  الراقد في ردهة الإنعاش ولشعبه المُتعب المُنهك...من ظاهرة صوتيّة تدعى ساسة العراق! فالصلاة  الصادقة تصنع المعجزات.
أيُّها العراقيون سيقولون لكم أبوام الشؤم، بل سيحاول الكثير غسل أدمغتكم بأن لا أمل في رجوع العراق إلى سابق عهده. فيالتعاستكم لو أنصتم لهم. فقط ثقوا بالرب فمن يتكل عليه لا يخزا ولا يخذل أبدًا، فالله هو الذي يهوي بالحكّام الظَلاّم من عروشهم....وإن غدًا للعراقيين قريب. 
فقط قولوا آمين بإيمان كبير...أوَليس هو القائل في إنجيله المقدّس: "كلُّ شيءٍ تطلبونه بإيمانٍ كبير  تنالوُنهُ"...."إيمانك خلصك". 
أيُّها العراقيون لنقول إذًا: آمين وآمين.

امستردام/ هولندا
٢٣/١٢/٢٠١٩

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق