محمود عزمي (1889 ـ 1952) صحفي مصري كبير وناقد برلماني قدير، رئيس وفد مصر في منظمة الأمم المتحدة بعد قيام ثورة يوليه 1952.
أول من وضع مشروعًا لنقابة الصحفيين، توفي وهو يلقي كلمة مصر في مجلس الأمن.
في إصدارها محمود عزمي رائد الصحافة المصرية عام (1987) كتبت نجوى كامل بعد انتهاء عزمي من المرحلة الثانوية يلتحق بكلية الحقوق ويختار ليكون أحد أعضاء إرسالية الجامعة الى فرنسا عام (1909) والتي ضمت أحد عشر طالبًا.
وفي باريس بدأ اتصال محمود عزمي بالحضارة الغربية القائمة على العقل، حيث نظر إليها نظرة إخاء وتضامن لا نظرة عداء وتنافس، فيقبل على محاضرات دور كايم في علم الاجتماع، حيث يتأثر به تأثير كبيرًا، ويؤمن عن طريق الاقتناع العقلي الثقافي بالعلم، والعلم وحده، ويدعو عزمي أن يكون للعلم ميدان وللدين ميدان آخر، وبان توجه جهود العقلاء في سبيل الفصل بين الميدانين، حتى لا يعرقل تداخلها دور الدين ودور العلم معًا.
وهكذا عاد عزمي الى مصر وهو مؤمن إيمانًا كاملاً بهذه الأفكار وليصبح من أكبر دعاة الاتجاه العلماني والتحرر، رافضًا عددًا من الأسس التقليدية للمجتمع، فينادي بثورة اجتماعية على فوضى التربية المنزلية، وعلى تعاليم الأسرة، وعلى ضعف الأخلاق وسطحية التعليم.
لماذا أخذت الكاتبة محمود عزمي ليكون موضوع دراستها.. فإن ـ حسب ما تذكر ـ عوامل كثيرة جذبتها الى هذا الموضوع أولاً: إن هناك كثيرًا من الشخصيات المصرية التي كان لها تأثير في الحياة السياسية والفكرية في مصر قد أشبعتها مجالات الدراسة والبحث تمحيصًا لجوانبها المتعددة، في حين نجد أن هناك بعض الشخصيات الأخرى التي لم يقل دورها الوطني والفكري عن الشخصيات الأولى قد أهملتها الدراسات والبحوث، ومن هذه الشخصيات محمود عزمي الذي كان صاحب دور بارز في الحياة السياسية والاجتماعية والصحفية في مصر. وثانيًا: يعتبر محمود عزمي صاحب دعوات اجتماعية جريئة، هزَّت عصره وجيله لكثير من الاتهامات (بالفرنجه) والخروج على تقاليد الجماعة، خاصة وأن عزمي عاش في عصر يتسم بكثير من مظاهر التحول والتطور والتجدد الذي شمل آفاق العلم كله، فحاول أن يكوِّن رأيًا في هذه التطورات، وأن يصل بها الى مواطنيه المصريين لكي يبعث فيهم روح التمديُن. وأخيرًا يعتبر عزمي من أوائل المصريين الذين نادوا بمصر (العربية) في الوقت الذي سادت فيه الدعوات الإقليمية الانفصالية التي تعزل مصر عن العالم العربي.
آمن عزمي بوظيفة الصحافة الاجتماعية في توجيه الشعب وإرشاده وتهذيبه، ومن هنا جاء اهتمامه بالمقال. إلا أن هذا لم يمنعه من اهتمامه بباقي الفنون الصحفية وخاصة الخبر والحديث الصحفي.
وهكذا تميزت مقالات عزمي بالتسلسل المنطقي من حيث العناية التامة بالمقدمات والنتائج والاعتماد على التحليل والبرهان لتوصيل الحقائق، كذلك اتسمت مقالاته بالإيجاز من حيث استخدامه للجمل القصيرة دون استطراد في المعنى او اللفظ وابتعاده عن الأسلوب الإنشائي الخطابي الذي يحرك مشاعر الجماهير، مكتفيًا بمخاطبة عقلية الخاصة منهم مما أدى الى ابتعاد مقالاته عن صفة الجماهيرية.
اعتبر عزمي أن الحرية هي كيان الصحافة إذ لا يمكن تصور وجود صحافة بالمعنى الصحيح إلا إذا كفلت لها حرية إبداء الرأي على أوسع ما يمكن من الصور.
وآمن بأن حالة الصحافة في بلد، ميزان صحيح لحالة البلد ذاته، من جميع نواحيه الثقافية والخلقية والسياسية.
وهكذا كان إيمان عزمي بحرية الصحافة في إطار إيمانه بحرية الرأي والفكر، وعاش مدافعًا عن هذه الحرية منددًا بكافة القيود والعراقيل التي تكبِّل الصحافة سواء كان ذلك عن طريق التشريعات والقوانين التي تمنع الصحافة من ممارسة حريتها بشكل أكيد، أو عن طريق حرمان الصحفي من التعبير عن رأيه الحر، سواء كان عن طريق الترغيب أو الترهيب.
تكلَّم عزمي عن الصحافة (كسلطة رابعة) وتمنى أن تعامل الحكومات المصرية صحافتها بمثل ما تعامل به الحكومات الراقية صحافتها وصحافات العالم أجمع. واعتبر أن مظهر الرقي لهذه الحكومات، هو أن تعد الصحافة سلطة رابعة الى جانب الهيئات التشريعية والقضائية والتنفيذية عليها تبعتها في توجيه الرأي العام ولها حقوقها في الوقوف على الاتجاهات العامة التي تريدها الحكومة لصالح هذا الرأي العام. بل حقوقها في الاشتراك قدر المستطاع في تقرير هذه الاتجاهات أو في إنارة طريقها للقائمين بالأمر، ورأى أن تكون الصلات وثيقة بين الصحافة والحكومة، حتى تستطيع استعمال هذه الحقوق المقابلة للتبعات الملقاة على عاتقها.
واعتبر عزمي الضمان الوحيد لكي تقوم الصحافة بوظيفتها الاجتماعية يتوفر في حرية الإدلاء بالمعلومات وحرية تناول هذه المعلومات بالشرح والتعليق، واعتبر هذين الشرطين أساسيين لكي تؤدي الصحافة وظيفتها الاجتماعية.
واجهت الفكرة العربية في مصر ضغوطًا شديدة من جانب عديد من القوى، فالاحتلال البريطاني عمل على إبعاد مصر عن الحظيرة العربية، ونجح في إحاطتها بسياج يجعل تطورها غير وثيق الصلة بتطور باقي الدول العربية التي كانت واقعة آنذاك تحت الحكم العثماني.
كما قام عدد من المثقفين الليبراليين بمهاجمة الفكرة العربية، فيكتب أحمد لطفي السيد قائلاً: «لدينا وسائل العمل لمصلحتنا فلا يعوزنا الذكاء ولا الوطنية، ولكن يعوزنا شيوع الاعتقاد بأن مصر لا يمكنها أن تتقدم إذا كانت تجبن عن الأخذ بمنعتها، وتتواكل في ذلك على أوهام يسميها البعض الاتحاد الأوروبي، ويسميها آخرون الجامعة الإسلامية.
وقف أصحاب التيار الإسلامي موقفًا معارضًا للفكرة العربية والوحدة العربية، على أساس تناقضها مع الوحدة الإسلامية الشاملة.
وفي العشرينات بدأت أصوات قليلة تنادي باهتمام مصر العربي إلا أن هذه الأصوات كانت تذوب وسط الاهتمام بالقضية المصرية.
وفي هذه الفترة برز التيار الشرقي الذي ينادي بتدعيم الصلات بين البلاد الشرقية الذي عبَّرت عنه جمعية (الرابطة الشرقية).
أصبحت الفكرة الشرقية تعبِّر عن تيار عام آمن به مجموعة كبيرة من المفكرين والكتاب ومن بينهم محمود عزمي الذي اعتبر (الشرقية) حلاً وسطًا بين الفكرة الإسلامية والفكرة العربية.
ويحدد عزمي عددًا من العقبات التي يراها حائلاً دون قيام الوحدة العربية أو جبهة الشعوب العربية، حيث أرجع بعض هذه العقبات الى (غشاوات) والبعض الآخر الى الظروف السياسية لمختلف شعوب الجبهة من ناحية أخرى.
أما أهم (الغشاوات) التي ذكرها عزمي طغيان الاعتبار الديني في بعض البيئات العربية على الاعتبار الاجتماعي والسياسي وكذلك المغالاة في الحصرية، بمعنى الإحساس بأن العمل في سبيل الوحدة، يقتضي الوقوف موقف العداء من العناصر غير العربية داخل البيئات العربية وخارجها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق