يا ريتني ما خلقت/ ريتا شرفان

جملةٌ مَن مِنا لم يسمعها مرارًا أو لم يُرددها في لحظة ما..
قالها في لحظة غضب صديقٌ لي، جعلني أفكر " يا ريتني ما خلقت !!؟؟"
ولكن، ماذا لو لم أولد؟ هل فكّر احد بهذا السؤال بدلا من التمني؟
هل تخيلتَ يوما هذا الوجود من دونك؟ بيتك؟عائلتك؟  بلدتك؟ عملك؟ هذا الكون؟؟؟ انا لا اقصد انك لست موجودا في الموقع، بل ، انت لم تولد .. انت لا شيء.. لا اسم ولا جسد ولا كيان ولا شيء آخر..
قد تقول من الجيد ذلك لانني لن اتألم من معاكسة الحياة لي ولا من احزانها  وخيبات املها..
ربما ذلك صحيح ولكن فكر للحظة:ما احب شيء على قلبك؟ اغمض عينيك وفكر.. ستجد اشياء كثيرة واشخاص كثر ينبض قلبك فرحا عند ذكرهم..ولك معهم ذكريات..
ستكون حزينة الاشياء من دونك...
بالنسبة لي لو لم اولد:
- لَمَا تعرفت الى نظرة امي الحنون وبسمة ابي الطيبة
- لَمَا ضحكت عندما خطوتُ اولى خطواتي وتعرفت بذلك الى الحرية والاستقلالية
- لَمَا رأيتُ كيف أنّ افكاري اصبحتْ حروفًا على الورق في المدرسة
- لَمَا فرحتُ بولادة اخي ورأيته يكبر امام عيني وغمرتني ضحكته سرورًا 
- لَمَا احببتُ لاول مرة وما عرفت لهفة الشوق الى لقاء الحبيب
- لَمَا رايت اخي يحب ويتزوج وما كنت شاركته لحظات ولادة ابنه البكر وما حملتُ بين ذراعي بقية ابنائه وسمعتهم ينادوني "عمتو"
- لَمَا عرفت بان الحياة موت والموت حياة وان الله الآب هو المحبة والحياة والقيامة
- لَمَا تعرفت الى أحباء وأصدقاء وجودهم يملأني حبًا وفرحًا، وما كنت لأكتبُ الآن وأنتَ تقرأ  يا من لا أعرفه أينما كنت. 
لو لم أولد اكيد بانني ما عرفت الالم والعذاب والقهر والحزن والبكاء والحرب والفراق والموت، ولكن، ما عرفت أيضًا الوجود والحياة والحب والفرح وأهم شيء ما عرفت يومًا بانني محبوبة من الكثيرين وبأنني في فكر الله منذ الازل ولاجلي يستطيع اي شيء وكل شيء حتى الموت والقيامة.
بين "ليتني لم.." و " لَوْ لَمْ لَمَا.." حياة كاملة فيها جمال الغروب وأمل الشروق وضحكة طفل هي لحن من  الحان الملائكة. 
كثيرة هي الاشياء التي ما كنت لأواجهها لو لم اولد واراحتني من عذابات شتى، صحيح، ولكن بالمقارنة مع الاشياء الاخرى.. انا ممتنة للهدية التي أُعطيَتْ لي وهي الحياة والوجود لانه لو لم اولد لما عرفت الحب وانني محبوبة...
 وما كنت لأكون ...أنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق