15 فبراير 2020
مع استمرار تزايد حجم الدَّين العالمي يبرز سؤال حول إن كانت هذه المشكلة ستثمل تحديًا، حيث أضحت هذه القضية تشكل خطرًا يهدد استقرار الدول بسبب ارتفاعه بصورة تتخطى حجم الإنتاج العالمي، حيث بلغت الديون ثلاثة أضعافه، وفق آخر تقديرات في نهاية 2019.
بحسب موقع (alsaaa 24) قال محللون «إن الاقتصاد العالمي يدق ناقوس الخطر على صعيد تراجع قدرته على التعامل مع مستويات الديون المرتفعة، والأمر ينذر بأزمة مالية عالمية، إذ لم تنتبه الاقتصاديات إلى ضرورة إيجاد وسائل للسيطرة على الدَّين المتفاقم.
وحسب خبرٍ نشره معهد التمويل الدولي، بلغ الإجمالي العالمي مستوى قياسًا مرتفعًا يتجاوز 255 تريليون دولار، ويأتي مدفوعًا بارتفاع قدره 7.5 تريليون دولار في النصف الأول من العام الذي يظهر مؤشرات على التباطؤ.
واذا حُسب نصيب الفرد من سكان الكرة الأرضية البالغ عددهم أكثر من 7.7 مليار نسمة فإن نصيب الفرد من إجمالي الدَّين العالمي سيتخطى 32 ألف دولار أمريكي، وهو رقم قياسي مقارنة بالأرقام السابقة!.
كما أفادت بيانات معهد التمويل الدولي، التي تستند إلى أرقام بنك التسويات الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك أرقام المعهد الخاصة، إن حجم الدَّين خارج القطاع المالي يتجاوز حاليًا 240% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم البالغ 190 تريليون دولار.
وأضاف الموقع السالف الذكر: ووفق حسابات أجرتها تحليلات منفصلة صادرة عن بنك أوف أمريكا «ميريل لنش» فإنه منذ انهيار بنك الاستثمار الأمريكي «ليمان براذرز» اقترضت الحكومة 30 تريليون دولار، وحصلت الشركات على 25 تريليون دولار، كما حصلت البنوك على تريليوني دولار.
ومن المفارقات الغريبة إن الدول الأقوى اقتصاديًا هي الأكثر مديونية في العالم، حيث تتصدر الولايات المتحدة القائمة بـ 22 تريليون دولار تليها اليابان والصين وبريطانيا وفرنسا.
وفي نفس السياق، يظهر تقرير إحصاءات الديون الدولية لعام 2020 الصادر عن البنك الدولي، إن إجمالي الديون الخارجية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل قفزت بنسبة 5.3% إلى 7.8 تريليون دولار العام الماضي، وإن صافي تدفقات الديون (إجمالي المدفوعات مطروحة منها أقساط سداد أصل القرض) من الدائنين الخارجيين هبطت 28% إلى 529 مليار دولار.
وفي تشخصيه، أدى تصاعد التوترات التجارية بين الاقتصاديات المتقدمة إلى زيادة عدم اليقين بشأن مستقبل النظام العالمي، ما أثر على ثقة الأعمال، وقرارات الاستثمار، والتجارة العالمية، وكان التحول الملحوظ نحو زيادة تيسير السياسة النقدية قد مكَّن من تخفيف أثر التوترات على الأسواق العالمية ونشاطها، ومع ذلك، لا تزال الآفاق محفوفة بالمخاطر، وفي ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الساحة العالمية، فإن التشاؤم يبقى هو المسيطر، ما جعل منظمات التجارة العالمية، تعيد النظر في توقعاتها لمؤشرات الاقتصاد العالمي مستقبلًا، وهذا ما قد يخلف آثارًا سلبية على الأسواق الدولية، بخاصة الناشئة منها.
انخفض معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 3% بعد أن كان يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو نحو 3.7% في 2019، كما انخفض النمو في الاقتصاديات المتقدمة إلى 1.7% بينما سجلت اقتصاديات الأسواق الصاعدة والنامية انتعاشًا في النمو بـ3.9%.
ويذكر ذوو الاختصاص يرجع هذا النمو الضعيف إلى تزايد الحواجز التجارية، وضعف الطلب العالمي مصحوبًا بانخفاض نمو الإنتاجية، بالإضافة إلى شيخوخة التركيبة الديموغرافية في الاقتصاديات المتقدمة عند مستوى 1.7% فيما حققت اقتصاديات الأسواق الصاعدة النامية انتعاشًا في النمو وصل إلى 4.6% وفقًا لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
إذا كان تراجع النمو العالمي أهم الأسباب لارتفاع الديون، فإن هناك أسبابًا عدة لارتفاع الديون العالمية أبرزها كما جاء في رأي الاقتصادي أحمد معطي، عدم استغلال الدول مواردها وأصولها بكفاءة فضلاً عن الآثار السلبية لتصاعد الحروب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة ضد عدد من الدول أبرزها الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك.
وأشار إلى أن تراجع مستويات النمو العالمي ومخاوف الركود التي تغذيها المخاطر الجيوسياسية حول العالم يزيد من الاقتراض وتأخر سداد الديون القائمة، ومن ثم ارتفاع التكلفة.
في حين يرى إن بعض الحلول المتاحة تكمن في خفض معدلات الفائدة، والاستغلال الأمثل للقروض في تمويل المشروعات التنموية بعيدًا عن سداد الديون، واقتراح آليات تعاون بين الدول الكبرى والنامية لتقديم الدعم اللازم بعيدًا عن الاقتراض.
بكل تأكيد إن ارتفاع وتيرة الديون عالميًا لاتزال مصدر قلق كبير بين أوساط المستثمرين، خصوصًا إن الديون ارتفعت بنحو 50% مقارنة بمستوياتها قبيل الأزمة التي ضربت الاقتصاد العالمي في عام 2008، وذلك حسب بنك التسويات الدولي، هذا ما أشار إليه أحد الاقتصاديين، مؤكدًا أن مستويات الدَّين الحالية تشكل تهديدًا حقيقيًا لأهداف التنمية، اذ تنفق الحكومات المزيد من الأموال على خدمة الديون مقابل تراجع الإنفاق على قطاعات البنية الأساسية والصحة والتعليم!.
وفي هذا الجانب، طالب جون لوكا مدير التطوير في شركة «ثانك ماركتس» المجتمع الدولي بالتحرك والتخطيط للمستقبل عبر إيجاد حلول جادة للسيطرة على تفاقم معدلات الديون التي تهدد مصير الاقتصاد العالمي، سواء عبر خفض تكلفة او توجيه الاقتراض إلى المشروعات التنموية.
وقال»إن التحذيرات مستمرة بشأن مخاطر الديون، وهناك توقعات بقرب حدوث أزمة مالية عالميًا، ما لم يسيطر على ارتفاعها، «مرجحًا» أن يتفاقم حجم الديون في البلدان التي تعاني عجزًا كبيرًا في حسابها الجاري والتي تعتمد بدرجة أكبر على رأس المال الخارجي، أبرزها الارجنتيني، ولبنان ومنغوليا، وباكستان وسريلانكا.
وفي هذا الصدد، أشار محلل الاقتصاد العالمي علي حمودي، إلى أن التجارة العالمية في السلع تتجه إلى أسوأ عام لها منذ عام 2009 بفضل التوترات الجيوسياسية الناتجة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وإلى حد أقل في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما يغذي الاتجاه نحو الركود العالمي وتقليص قدرة عدد من البلدان على الوفاء بالتزاماتها المالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق