إرادة الإنتصار عند الفلسطينيين بين الانتفاضة والكورونا/ إسراء عبوشي

كلمة جائحة تدخل على القاموس الفلسطيني، لتضيف إلى حياته مصطلح جديد، هناك نكبة ونكسة.. حصار.. اجتياح.. إخلاء.. انتفاضات.. مجازر،، حرب الخليج.. قصف.. تهويد.. الخ، ليست جائحة اليوم أصعب مما مر على شعبنا الفلسطيني، ولن تحصد أرواح بقدر ما حصدت أحداث فلسطين على مر التاريخ، نحن الشعب الوحيد في العالم الذي جرب منع التجول لأشهر و لم نمت من الجوع.. نطالب اليوم بالمكوث في بيوتنا، في زمن بيوتنا تحتوي على كافة المستلزمات الحياتية، وأمور المعيشة التي تجعل الحياة في منتهى الرفاهية، هناك كهرباء وماء ونت، نتواصل مع العالم باسره، بينما في الانتفاضة الثانية وفي حادثة اجتياح المخيم، قطعت الكهرباء عن البيوت، وقطعت الاتصالات الهاتفية التي كانت وسيلة الاطمئنان الوحيدة بين الأهالي، أما الجوالات فقد نفذت بطارياتها، لدرجة أن أحد الشباب استشهد عندما نزل إلى سيارته ليشحن جواله على بطارية السيارة، قد تقول إنه الاحتلال وتختلف مواجهته عن مواجهة فيروس، الانتصار سواء على الاحتلال أو الفايروس إرادة، خضنا صعاب وسنخوض المزيد وسننتصر بإذن الله، ما الذي كان يجمع الفلسطينيين في كل الظروف واختفى في زمن الكورونا؟

إنه الإيمان، كنا نؤمن في الانتفاضة الأولى أن الحجر قادر على تغير المستقبل وصنع الغد وتوحيد الشعب، كان إيماننا بالله وبقيادتنا التي تهتف بنصرنا من بعيد وبلا دولة، الإيمان صنع اليقين بتخطي اللازمة، كانت البيوت مشرعة والمحبة والمودة تطويان الليل حالك السواد، الجار لجوار جارة، كنا جميعا أسره فلسطينية واحدة.

في الانتفاضة الثانية كنا نمضي الليل وطائرات ال ف 16 فوق رؤوسنا، اغتيالات لخيرة قادة الوطن وشبابه، وتدمير للمنشآت، وتدمير للبنية التحتية للسلطة.

ومع ذلك، كان الإيمان وقتها يشرق في ضمير كل فلسطيني مع كل الصباح، ولا يتسلل إليه اليأس.

لم نكن نمضي الليل في بيوتنا نعد الساعات ليشرق الصباح وننهي يوم من حجرنا المفروض اختيارياً علينا لصحتنا،

تذكر وأنت في بيتك كم أسره تعاني من وجود أحد أفرادها خارج البيت، وكم من بيت همه الأكبر أن يطمئن على ابنه الأسير، أو المسافر للعمل أو المسافر للدراسة، هؤلاء أبناء فلسطين، البعض صامد لأجل الوطن خلف الزنازين، والبعض الآخر كفاءات فلسطينية تحقق نجاح أينما وجدت وترفع اسم الوطن، والبعض يدرس ليعود بعلمة وشهادته ويبني الوطن، تاركاً خلفه قلب أم قلق عليه ليل نهار، لا تهنأ بحياتها بالعادة وهو بعيد عنها، فكيف و بعد أن حل الوباء، وهي تسمع أخبار الكورونا والإصابات تتزايد في المدينة التي يدرس فيها.

لا يخاف الأسير أو المغترب من أن يصيبه الوباء، فهو قدر الله مكتوب له ما يصيبه ومتى وأين، لكن المرض في حضن الأسرة هين، والقلق هاجِز يدمر الإنسان لكنه مشروع حين يتعلق بفلذات الأكباد.

فيروس الكورونا يخوض حرب صامته، يدخل بصمت جسم الإنسان، حرب تحقق العدالة وتوحد كل الشعوب، ليثبت لهم لن تستطيعوا المتاجرة بالإنسانية، ولا دولة كبرى أمامه، فلا تتكبر فهو صغير ودمر العالم.

فكيف ننتصر عليه؟ معلمنا الصارم يريدنا ان نكون لجواره لا مقابله، يأتي إلى فلسطين حيث أغلب أهلها شباب، أجسادهم قد تحمله ولا تتأذى، شعب كامل اغلب أهله لديهم مناعة طبيعية ضد الفيروس، الكون باسره يناديك لتقاوم

الجانب الخفي في ازمتنا السم الذي يَنخر في إيماننا، ويقيننا بقدرة فلسطين المقدسة على تخطي الأزمة، السم الذي ينخر ضميرنا ويحتاج لصدمة اقسى من كورونا تجعلنا نفكر لماذا ارسل الله كورونا الفيروس الذي نشأ من جينات الحيوانات النجسة لأرض الأنبياء، روح القدس باقية تجيب: الرهبة من أن يحتل جسمك الفيروس أقوى من رهبتك عندما احتل ترامب القدس، وهو اسرع انتشارا من صفقة القرن.

ارجع إلى نفسك تذكر انك فلسطيني مميز، فلسطيني تقاوم ولا تهزم، ارجع إلى حيث يجب ان تكون دفعاً للأذى عن أخيك، وعون لجارك وواصل لرحمك، وبار بوالديك، أتريد ان تنجوا من الكورونا؟، افرع مال الحرام من جيوبك.

وانظر إلى عدوك في الجوار(إسرائيل)، رغم انه ملك قوة عظيمة وجيش كبير وسند من قِبل اكبر دولة في العالم (امريكا) إلا أنه تأذى أكثر منك، ورغم ذلك لا تأمن جانب عدوك، قد يكون استغل الأزمة لينفذ مخططاته الدنيئة، في ظل انشغال العالم بوباء، الكورونا تدعوك للنهوض انهض وقاوم ببسالة وإيمان ويقين وعد كجندي آتي من زمن الانتفاضات الباسلة، كنّ أنت الأنسان الذي يستحق أن يعيش ولا يقتله فيروس لا يُرى بالعين المجردة، الإنسان الذي يُقسّم رغيف الخبز مع جاره، لا ذلك الذي يتهافت على شراء المواد الغذائية وكأن همة الوحيد الأكل والشراب، لتكن صورة مُشرّفة منظّمة ملتزمة لوطنك وذكرى لأبنائك، فمن منا لم يخبر أبناءه كيف عشنا وقت اجتياح المخيم، كنا أبطال ونحن ذاتنا من نضيّق الحصار على ضمائرنا اليوم ونخاف من الجوع، وقد كان رغيف الخبز كل مونتنا وقوتنا، عجنت الأمهات الطحين وخبزته على مواقد النار على الحطب وسط اطلاق النار، واكتفينا بما توفر لنا من زاد، فقطع الكهرباء لم يبقي لحمة أو خضار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق