فوائد فيروس كورونا/ فهد المضحكي

18 ابريل 2020


في ظل الأخبار السلبية عن انتشار فيروس كورونا في العالم، يعاني معظمنا من القلق والإحباط، لكن للأزمة جانب مضيء أيضًا.

فما هي أبرز الأشياء الإيجابية التي أظهرتها أزمة تفشي فيروس كورونا حول العالم؟ إذا ما أردنا أن نجيب على هذا السؤال لابد أن نتوقف عند رؤية نشرت على موقع دويتشه فيله – عربي – (DW) تتحدث عن تقدير العلاقات الاجتماعية كأحد الجوانب الإيجابية «لكورونا».

تقول بإيجاز إذا كان معظمنا لا يفكر بكبار السن في حياتنا اليومية فهم جزءٌ غير مرئي من المجتمع قابع في البيت أو في دور رعاية المسنين، فإن أزمة كورونا جعلتنا ننظر للمسنين بشكلٍ مختلف، فهم أهلنا وأهل أصدقائنا، هم من عملوا بجهدٍ في شبابهم ليوفروا لمن بعدهم حياة كريمة، ولذلك يستحقون من الآخرين التقدير والحفاظ على سلامتهم.

فقد أظهرت في الآونة الأخيرة العديد من المبادرات لمساعدة كبار السن غير القادرين على التسوق بمفردهم أو من يحتاجون للمساعدة في تدبير أمور المنزل، كما التزم عدد كبير من الشباب بالعزل المنزلي لحماية الأكبر سنًّا من خطر الإصابة بعدوى فيروس كورونا، وهو ما أظهر لنا أنه في وقت الأزمات يحتاج كل منا الآخر.

ومن بين ما أشارت إليه إنه في ظل الانشغال بالعمل وأمور الحياة قد ينسى البعض ويتجاهل آخرون علاقاته الاجتماعية سواء مع الأهل أو الأصدقاء أو الجيران، الآن تجلس الأسرة الواحدة معًا، وتظهر قيمة الأصدقاء في حياة الفرد.

فالإنسان كائن اجتماعي من الدرجة الأولى، والعزل الحالي جعل البعض يعيد ترتيب أولوياته مرة أخرى.

ومع إغلاق المدارس ومكوث الأطفال في المنزل تستطيع العائلات استغلال الوقت في توطيد العلاقات الأسرية عن طريق ممارسة أنشطة اجتماعية مثل الألعاب أو الرياضة أو الطهي، هذه الأنشطة تقرب أفراد الأسرة من بعضهم البعض وقد تكون فرصة لنسيان الخلافات وحل المشكلات سويًا ومن الجوانب الإيجابية أيضًا، بعد تحول الفيروس إلى جائحة غزت العالم، تم إغلاق جميع أماكن تقديم الخدمات غير الأساسية، وعندما اكتشف الكثيرون ان المهن الأساسية في المجتمع ليست بالضرورة المهن التي كانوا يعتقدونها، فالأزمة الحالية أظهرت أهمية العاملين بمجال الصحة وبيع المواد الغذائية إلى جانب المربيات وسعاة البريد وعمال التوصيل، العامل المشترك بين هذه المهن هو رواتبها المنخفضة رغم كونها مهنًا لا غنى عنها في المجتمع، وقد تسفر أزمة كورونا عن تقدير أصحاب هذه المهن اجتماعيًا وماديًا.

ومن بينها ايضاً، تقدير الطبيعة والحركة، وباختصار يرى معظمنا الطبيعة من حوله كأمرٍ مسلمٍ به، فقد نمر يوميًا بمناظر جميلة لا نلتفت إليها، لكن مع التزام أغلب دول العالم بالعزل المنزلي، يشتاق كثيرون لضوء الشمس والجلوس في حديقة جميلة أو تحت ظل شجرة، فعندما نخرج من المنزل الآن، نستنشق الهواء بطريقة أعمق، ونمتع أعيننا بألوان الطبيعة لوقت أطول.

وإذا كنت تشكو من قبل اضطرارك لمشي مسافة أطول، قد يتغير الأمر بعد انتهاء أزمة كورونا، فالمكوث في المنزل جعل كثيرين يشتاقون للحركة اليومية، مما جعل البعض يمارس الرياضة في المنزل أو يستعمل الدراجة بدلاً من السيارة في قضاء احتياجاته خلال فترة العزل المنزلي.

في مقابل ذلك، استعمال أفضل لشبكات التواصل الاجتماعي، بمعنى ينساق الكثيرون وراء نظريات المؤامرة والإشاعات والخرافات التي يقرؤونها على منصات التواصل الاجتماعي، كما لا يتقبل البعض اختلاف الآراء ويقومون بمهاجمة الآخرين، شهدت الفترة الأخيرة بعض التحسن في هذا السلوك، حيث أصبح مستخدمو هذه المواقع أكثر اهتمامًا بمساعدة الآخرين ونشر سبل الوقاية والتوعية بين متابعيهم.

لا شك أن أزمة كورونا تسببت في فقد الكثيرين لمصدر رزقهم، وبلدان كثيرة أقرت حزمًا اقتصادية لمساعدة المتضررين على اجتياز هذه المرحلة، في المقابل هناك من كانوا يعانون من الضغوط والتوتر سواء في عملهم أو دراستهم، هؤلاء أتاح لهم العزل المنزلي بعض الهدوء في حياتهم، حيث أعطاهم الفرصة للابتعاد عن الضغط اليومي وإعادة ترتيب أفكارهم، كما أتاح للبعض الآخر فرصة اكتشاف بعض المواهب الدفينة لديهم، حيث يقول الخبراء إن الملل قد يدفع البعض للابتكار.

فإذا شعرت بالملل خلال العزل المنزلي قد تكتشف موهبتك في الطهي أو الرسم أو تصميم الأشياء، كما يمكنك استعمال تطبيقات مختلفة لتعلم لغة جديدة أو حضور دروس افتراضية في إحدى الجامعات.

وفي بعض الأحيان تكون أبسط الأشياء هي أفضلها، فمتعة مشروب دافئ والاسترخاء على الأريكة او قراءة كتاب شيق قد تكون كل ما يحتاجه المرء لإعادة شحن طاقته والوصول للتوازن الداخلي.

رغم كل الخسائر التي سببها فيروس كورونا على مختلف الأصعدة البشرية والاجتماعية والاقتصادية والمادية، فإن لهذه الجائحة فوائد إيجابية تتعلق - كما أظهرت التقارير - بالجوانب البيئية أهمها انخفاض مستويات التلوث في الصين وأوروبا فضلاً عن فائدة أخرى تمثلت بالجانب الأمني.

كورونا ليس شرًا مطلقا، هذا ما توصل إليه خبراء بيئة دوليون ومسؤولون بوكالة ناسا، حيث حقق تعليق المصانع والشركات وتراجع معدلات حركة السيارات بمختلف دول العالم التي أصابها وباء كورونا في فوائد بيئية عدة جعلت من كوكب الأرض «المستفيد الأول».

في حين أشار تقرير لشبكة «سكاي نيوز» إلى أن تفشي وباء «كوفيد-19» فائدة تمثلت في توقف التنافس بين العصابات وتراجع مستويات العنف عمومًا في المدن في بريطانيا.

ويبدو إن السبب وراء ذلك يعود إلى أن أفراد العصابات يتبعون قواعد وإجراءات الأمن والسلامة المتعلقة بمكافحة عدوى فيروس كورونا الجديد.

وبالإضافة إلى ما سبق قال شيلدون توماس الذي كان عضوًا بارزًا في إحدى العصابات قبل أن يقرر تغيير حياته، إن حوادث العنف والطعن قد تراجعت بشكلٍ مؤكد، مضيفًا: «لم أسمع عن أي جريمة قتل مرتبطة بالعصابات تحدث أثناء الإغلاق»، وأدى الإغلاق أيضًا إلى تراجع في تجارة المخدرات وعمليات السطو وسرقة المتاجر وأعمال العنف عامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق