ـ76 شمعة ووردة لـ " الاتحاد " في عيدها/ شاكر فريد حسن

تحتفل صحيفة " الاتحاد " في الرابع عشر من أيار بعيدها الـ 76، وهي أكثر ايمانًا بدورها الاعلامي الحقيقي ورسالتها الثورية التجديدية التي تتماثل مع الحاجات الموضوعية للشعب/ الناس.

و" الاتحاد " هي صحيفة الجماهير، وصحيفة العمال والكادحين والطبقات الشعبية، وصحيفة الحركة الاجتماعية السياسية العريضة المكافحة للتغيير الجذري الشامل، تغيير حالة الحرب والخلاص من الاحتلال، وانجاز الحق التاريخي لشعبنا الفلسطيني، وتحقيق السلام العادل والشامل الثابت، سلام الشعوب بحق الشعوب، وتغيير التمييز والقهر بتحقيق المساواة، وتغيير الظلم والاضطهاد الطبقي بتحقيق العدالة الاجتماعية.

وقد نقشت " الاتحاد " على صفحتها الأولى منذ صدور عددها الأول العام 1944 الآية الكريمة " وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض "، ولأنها ذات هوية كاملة ومتميزة، وطنية وسياسية وطبقية، ولها رسالة ونداء وصوت وقضية كبرى تخدمها، حافظت على استمراريتها كل هذه السنوات الطويلة، وفي ذلك تجسيد وتعبير عن استمرارية الطبقة والحزب اللذين أصدراها، وعن استمرار القضية الثورية الوطنية والطبقية والديمقراطية التي تذود عنها صحيفة " الاتحاد ".

إن وراءنا الآن 76 عامًا من التراث العريق من المسيرة المشرقة، والمواقف الصحيحة والرؤى السليمة والاجتهادات الحقيقية والعطاء المثمر. وفي عيدها  نتذكر باعتزاز ووفاء الرفاق الاوائل، وكل الذين ساهموا في تأسيسها، والذين شاركوا في تحريرها والكتابة فيها، وكل الذين جمعوا التبرعات بالقروش لضمان بقائها، وكل الذين وزعوها على البيوت، من حارة لحارة، كل هؤلاء الأبطال الحقيقيون الذين كانوا وراء استمرارية هذه الصحيفة العريقة، التي تحولت إلى سنديانة وراية شعب مكافح للمساواة والكرامة الوطنية والتطور العصري التقدمي.

إن " الاتحاد " تواصل رسالتها الوطنية والكفاحية والثورية كمنبر اعلامي تنويري تعبوي وتثقيفي كفاحي يتصدى للقهر والظلم والاضطهاد والبطش والاستغلال، ويدافع عن المظلومين وعن حقوق ومصالح العاملين، ويؤدي دوره الريادي في معارك شعبنا الحضارية والنضالية ضد سياسة حكام اسرائيل ومخططاتهم، وما يحيكون من مشاريع عنصرية، بوحي من عقليتهم الشوفينية وأيديولوجيتهم الصهيونية، وتستهدف جماهيرنا وشعبنا الفلسطيني وضرب كفاحنا المقنن سعيًا للمساواة والسلام.

ما من أحد ينكر فضل ودور " الاتحاد " الذي لعبته إلى جانب شقيقاتها " الجديد " و "الغد " اللتين احتجبتا عن الصدور منذ زمن بعيد لأسباب ذاتية وموضوعية، في حياة جماهيرنا العربية الفلسطينية التي تمسكت بارضها ووطنها، والتصدي لمخططات الترحيل، وسياسات مصادرة الأرض والعدمية القومية والتجهيل، وللتدجين وتشويه وتزوير حقائق التاريخ، وصيانة الهوية الوطنية، ونشر قيم المحبة والجمال والعدالة والديمقراطية والسلام، ومعارضة الحروب، وكشف المجازر الدموية، التي اقترفت بحق شعبنا الفلسطيني.

إن " الاتحاد " عمّقت ارتباطنا أكثر بالثقافة الجمالية الإنسانية الديمقراطية والتقدمية والطبقية، وأغنت حركتنا الثقافية الفلسطينية بشكل عام والعربية بشكل خاص، واحتضنت كل الأقلام والأعلام الأدبية والثقافية الفلسطينية الوطنية الملتزمة بقضايا الجماهير، وعلى صفحاتها نشأ وترعرع أدب المقاومة والكفاح والرفض والمعارضة، وقرأنا كتاباتهم وتجاربهم الأدبية الإبداعية في مجالات الشعر والقصة والمقالة والنقد التشكيلي الفني. كما طرحت " الاتحاد " الهموم الكبيرة العامة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ودافعت عن قضايا شعبنا المصيرية، وقضايا المرأة، وقضايا العمال، وعن أسمى واقدس قضية تحررية، القضية الفلسطينية، وكشفت المؤامرات الاستعمارية والصهيونية والرجعية العربية الرامية إلى قبر الحق الفلسطيني وتصفية حق العودة.

و " الاتحاد " تشكل تراثًا غنيًا أكثر قيمة في ظل الأحوال والاوضاع السياسية العاصفة والتغيرات الإقليمية. وبالإضافة للقيمة السياسية التاريخية تكتسب قيمة ثقافية وادبية وحضارية تمثل أساسًا راسخًا في مسيرة الحركة الوطنية الثورية الفلسطينية والنضال القومي والسياسي لجماهيرنا العربية وفي تاريخ شعوب المنطقة بأسرها.

إن بقاء " الاتحاد " واستمرارها والانجازات التي حققتها على امتداد مسيرتها الطويلة، يؤكد الدور الذي اضطلعت به ليس على الجبهة الثقافية فحسب، وإنما على كل جبهات الكفاح، فهي الحاضنة والمنبر لكل التطور الثقافي- الأدبي- الفني للحركة الثقافية العربية في هذه الديار.

ليكن عيد " الاتحاد " الـ 76 رافعة وانطلاقة نوعية جديدة في فضاء الاعلام الفلسطيني والعربي المطبوع، وخطوة أخرى على طريق تعزيز الصلة الحية القوية والمستمرة مع القراء، الذين هم شريان الحياة للصحيفة الناطقة بلسان الناس والمعبرة عن نبض الشارع الجماهيري، ونحو التطور الدائم والتنويع أكثر بالمساهمات والمواد المنشورة.

ألف تحية، و76 شمعة ووردة للاتحاد، السنديانة الحيفاوية العريقة، والتهنئة الخالصة لمحرريها والعاملين فيها، ولكتابها الدائمين، ولجميع قرائها، بعيدها المتجدد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق