صيّاد/ روميو عويس

لشدة ولعي بالصيد في طفولتي كنت اقصد بستان مرشد لحود عبود لاستمتع برؤية صيادي العصافير هناك اذ كان بالقرب من منزله شجرة توت شامي يسمى سلطاني يستوي قبل كل انواع التوت ولم يكن هناك سواها في المنطقة لذلك تتوافد اليها العصافير الجائعة والعديد ممن لهم هواية الصيد المرغوب بهم من "ابو الخوري" اي مرشد الى ان تعلمت التصويب الى الهدف ورحت ارجو كل صياد ان يسمَـح لي بطلقة على عصفـور وكنت في اكثر المـرّات انجَـح في اصابة الهدف فلاحظ المرحوم مرشد ذلك فاصبح كل يوم يعطيني بندقيته بعد ان علمني كيف احشوها ومقادير الخردق والبارود وحجم الورقة للفصل بين البارود والخردق وفوق الخردق كي لا يسقط من فوهة البندقية وصرت كل صباح قبل الذهاب الى المدرسة امر ببيت مرشد اصطاد له بضعة عصافير الى ان علم والدي وخوفا عليّ اشـترى لي بندقية ضَغط وكنا نسميها "ام حبّة" فتمرنت على التصويب بها جيدا الى درجة اصبح فيها{ كل ضرب بعصفور} وكان مرشد يحرِّم على سواي من الاولاد الصيد في الشامية لانه اولا كان يأخذ حصته من الطرائد وثانيا لان سلاحي لا يضر لا في ثمار التوت التي كان يبيعها في سوق الخضار ولا في الغصون ولان همّي الوحيد هو الصيد كنت احرص ان لا التهي بأكل التوت ككثيرين، اما مرشد فكان رجلا طويل القامة بدينها حسن الطلعة يزين وجهه شاربين يزيدان من هيبته، وكان ايام الاحاد وفي المناسبات اوعندما يقصد المدينة يلبس طَربوشه الاحمر و جاكيتا بقبة مخملية وشروالا جديدا فيبدو كأنه شيخا لا بل اشبه بالامراء الذين كنا نرى صورهم في كتب التاريخ.
اما هوايته فكانت المراهنة على الاحصنة يشاركه بذلك صديقه الحميم سليم موسى البايع الذي كان يمتلك شاحنة لنقل المحاصيل الزراعية من بلدتي الى سوق الخضار في طرابلس ويحمل معه من المدينة اسبوعيا جريدة صغيرة الحجم فيها اسماء الخيول المتبارية واسماء الخيالة " الجوكي" وكل المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع ،وفي ذلك الوقت في القرى اللبنانية كان الناس يعتبرون المراهنة من المحرمات ولكن عندما وصلت استراليا وجدتها من صميم تراث هذه البلاد ومن العادات الطبيعية المحترمة وفي يوم كأس ملبورن لسباق الخيول المميزة تتوقف الاعمال في جميع المكاتب والمصانع ليتسنى للجميع متابعة مباراة السباق وفي لبنان يجري السباق يوما واحدا في الاسبوع اما هنا في استراليا فكل يوم وفي كل ولاية ومكاتب المراهنة منتشرة في كل القرى وامكنة عدة من شوارع المدينة وعلاوة على سباق الخيول هناك ايضا سباق الكلاب ونسبة المراهنة مرتفعة جدا بين سكان استراليا.
بالعودة الى المرحومين سليم البايع ومرشد لحود اللذين كانا يدخنان "الاركيلة" بالتنباك العجمي الاصلي في ظل تلك الصنوبرة امام منزل مرشد يتصفحان باهتمام زائد جريدة السباق ويختارون منها من بظنهما سيكون الرابح في كل شوط من بين الخيول وكان المرحوم الخوري انطون يرقبهما بامتعاض .
ومن مرشد وسليم انتقلت عدوى هواية المراهنة في قريتي الى ابو اسبر وكامل وبطرس وكليم رحم الله جميعهم .

1
عا نفَس" اركيله" بفَي صنوبره
مجتمع مرشـد مع رفيقـو سليم
وداير حديث الوشوشه والهمدره
لكن الخوري مشتلق مانو غشيم
2
معهُـم جَـريـدة بالـقياس زْغََـيّـره
فيها اسامي "باشق وجنح النسيم
وسبع الفلا ونجمة الصبح وعَـنتره
وشهبا وريم البادية وسلوى وتميم"
3
وبعد البحث بين بعضهم والمشورة
انتكتبت اسامي بْخَط واضح مستقيم
حطّها مرشـد بـقـلب الـتـذكره
وضبّها بجياب شروالو القديم
4
وما دام تعـلـيـمة السبت مْسَـوكره
حصان ابجر راكبو جوكي عظيم
رح بـيـنـقـلّـو عَـنا كَـم مَـسْـطَـره
لبو اسبر لكامل لبطرس ول كَليم
5
ما اجملا هاك السنـيـن الـغابـرة!..
لبنان جَنّه.. وجَـنّـة الغربـه جحيم
خلص العمر عا قلوب بَعدا ناطره
وبَعدنا منعيش.. عا الله كريم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق