رؤيا تقاسيم على مقام الندم في شعر نمر سعدي/ محمد رشوقي

عندما نتحدث عن شعر نمر سعدي فإننا نتكلم عن مدرسة شعرية حداثية مازالت بحاجة إلى من يكتشفها خاصة وإن النقد لم ينصف شعر نمر سعدي الذي يمثل قاموسا لغويا جميلا له دلالات وايحاءات، لا لشيء وإنما لأن قصائده تتمنع عن المقولات والمفاهيم المسبقة كما قال الناقد حسن مخافي. وكذلك فالدراسات التي أُنجزت حول شعر نمر سعدي قليلة وهي على قلتها لا تلامس جوهر الشعر عنده، لعل أبرز شيء في مفهوم شعر الحداثة وظيفته هو "الرؤيا" التي يرى بعض النقاد أنها تجسيد للحداثة، فالحداثة نفسها هي رؤيا قبل أن تكون شكلا فنيا. بهذه الرؤيا تجسد القصيدة الحداثية رحلتها من الذاكرة(الماضي) إلى المستقبل، بل إلى ما وراء الحاضر والماضي نفسه، بل أن الشعر الجديد هو. رؤيا أو كشف وسيلته الرؤيا.

وتتوارد في ديوان "تقاسيم على مقام الندم" بعض القصائد التي تحفل بإيقاع رحيب وموسيقى تطرب لها أذن المتلقي كما في المقطع التالي"

مثلما جاء راح

زهرة البرتقال تفتح عينيه

تنذره لهبوب الجراح

هو لم يقترف أي ذنب جميل

ولم يكترث بعويل الرياح

مثلما جاء راح......

.................................

ويمتاز شعر نمر سعدي بما يسمى بالتخييل الذي هو الملمح الأساسي في الحركة الشعرية العربية الجديدة، والتخييل قوة رؤياوية تستشف ما وراء الواقع، كما يتفرد نمر سعدي بصور شعرية باذخة تخرق السائد. تهدم جسر المألوف ويرحل بك الشاعر إلى عالم مؤثث بلغة راقية تتحسس وقعها من خلال الكلمات المموسقة والمعنى المكتظ بالإنزياح.

حقا أن الشاعر سارق النار هو بروميثيوس زمانه، فالشعر العظيم له تأثير كبير على روح اللغة.

وأنا مدين للشاعر نمر سعدي ويشرفني أن أقرأ له لأني أجد متعة وجدانية ووجودية في الغوص إلى عالَمه الشعرى الراقي.. فتحية له ولمجهوده الجبار سعيا إلى اشعال الجمر في أتون الشعر الجميل الآخذ بالقلوب الحساسة والمستأثر بالألباب.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق