بوقُ النوقِ/ د. عدنان الظاهر


( إنتقال من الصحراء إلى المدينة )

1 ـ طوّحتُ بأقصى طاقاتِ الحاجاتِ

طَوْقاً طَوْقا

أسرفتُ لغايةِ ما جرّدني جِلْدي من عظمي

عِفتُ الدُنيا زُهْدا

الزاهدُ أعيى بُرهاني

مرّرتُ خصائصَ أيامي أعياني طبُّ البُهتانِ

كشفَ المِجهرُ ما خبّأَ يونانُ

خفّفَ ما قالَ الناطقُ رَجْما

العِلّةُ في معدنِ تأسيسِ الأصلِ

شقٌّ جوهرهُ شقّانِ

للأسفلِ والأعلى ضدّانِ

فعلامَ أُحاولُ جمعَ الليلينِ وهل يقفانِ ؟

جهدٌ يتحرّقُ يمرُقُ شرقاً غَرْبا

أعددنا العُدّةَ أفرغنا 

ما حَملَ الرْكبُ وما شالتْ نوقُ الترحالِ

جمّعنا للراحةِ أحطابا

أوقدنا أحداقَ الذؤبانِ سِراجا

صرَختْ كالنجمةِ صاحبتي شقّتْ جيبا

ضربتْ في الرملةِ رِجْلا :

لا جَمَلٌ يرغو لا نورٌ لا ماءٌ لا بئرُ

دُنيانا صحراءُ

2 ـ حبُّ الصحراءِ جَمالٌ خلاّقُ

سِدْرٌ وظِباءٌ ضَبٌّ حِرباءُ

الشمسُ تغيبُ مِراراً

 وتغيبُ إذا مدّتْ ظِلاًّ صحراءُ

هبطَ الليلُ ومالتْ تحتَ الخيمةِ قُضبانُ

ودّعْنا جَمْرَ النارِ وبرقَ عيونِ الذؤبانِ

يتطايرُ شَرّاً وشَراراً

ورَميمَ عِظامِ قديمِ خيامِ

لا تغلقُ للزائرِ بابا

نِمنا حدَّ التُخمةِ رملا

3 ـ يا سامعَ صوتٍ يُضنيني

كلّمني بكلامٍ يُرضيني

لا أدري من أينَ يُسرِّبُ ضوضاءٌ صوتا 

يكشفُ للصرخةِ من تحت غطاءٍ سِرّا

أصواتٌ أعلى من صوتي

في الحفلةِ أصداءُ خيامٍ ملآى بالرملِ

يربطها حبلٌ في حبلِ

لتقومَ عمودَ سرابٍ مُختلِّ

أبني في بابلَ ناعورا

أصنعُ من صَنَمٍ آسادا 

ومسَلّةَ إيناسٍ بُرْجا

 لعبيدِ عُبابِ الحُبّ وقرعِ صنوجِ الأكوابِ

بَرقٌ يخلُبُ لُبّا

يحفرُ في بُرْجٍ نَقْشاً مِنشارُ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق