( يا ليلُ الصبُّ متى غَدُهُ / أقيامُ الساعةِ موعِدُهُ .... لأبي الحسن الحصري القيرواني )
النجمةُ في الليلةِ ثابتةٌ لا تخطو
لا تحنو لا ترفعُ رأسا
خرساءٌ بكماءُ
كيف ألوذُ وأرفعُ شكوى
أتمرّدُ والسُقْمُ سريري
يكشفُني ويُعرّيني
ويُزيدُ صعوبةَ إغلاقِ جفونِ الأبوابِ
أخطبُ وِدَّ وِسادي
أعرّقُ أُحصي أنفاسَ عذاباتِ الليلِ
أتقلّبُ يُمنى يُسرى لا جدوى
أستعرضُ أفلامَ الجِدِّ وأفلامَ الهِندِ
أقرأُ ما كتبَ النمرودُ على أبوابِ الخُلْدِ
ما قالَ الإسكندرُ في بابلَ للجُنْدِ
أورُ الكِلدانِ بلادي لا أستثنيها
نافسني فيها شيخٌ مصنوعٌ مدبوعُ الجِلْدِ
يقرأُ توراةَ النيلِ بإنجيلِ التنزيلِ
كيفُ أنامُ وحاليَ شمسٌ وأصيلُ
جفَّ الصخرُ وجفَّ المِنديلُ
مِسمارٌ في الرأسِ يُدقُّ وناقوسٌ ينشقُّ
ساعاتٌ تمضي مَنْ يُحصيها والسَرْمَدُ إبطاءُ
يا ليلُ كفاكَ عذابي [ يا ليلُ الصبُّ ]
أتنصّتُ علّي ألقى ترياقا
أُصغي أتمادى حتى يعيى سلطاني
النومُ حرامُ
وعيونٌ يقظى حالتْ لونا
ندّتْ مِلْحاً أجّاجا
بِلّورُ المرآةِ ضِفافٌ جفّتْ
وتجمّدَ يُنبوعُ البؤرةِ في عينِ الريحانِ
همدَ البِركانُ وأخفى برقَ الرؤيا
ماذا أبقى لسريرٍ مكحولٍ حبْرا
ومطارفَ تدلّى زَحْفا
لا أقربُ أعوامَ التُخْمةِ في الكأسِ المختومِ
سَلَبتْ أحلى ما في غضِّ الوردِ أريجا
تركتهُ شوكاً في عظمٍ خالٍ مُختلِّ
النومُ حرامُ
يُيطئُ لا يأتي إلاّ بالأنفُسِ شَقّا
يتثاءبُ يوحي أنَّ الليلَ قصيرُ
كلاّ .... الليلُ طويلُ
الرؤيةُ في الجفنِ المُزرّقِ دليلُ
ويطولُ إذا ما ضاقَ مصيرُ
ويُصفّقُ أنَّ وِسادي محروقُ
ينزفُ أضلاعي دَمْعا
يأمرُ أنْ أخلقَ أوضاعاً أفضلَ أُخرى
فالراهنُ في شقِّ الإخدودِ
النومُ حرامُ
يقضمُ قُضبانَ سريرِالسُهدِ وسيفٌ بتّارُ
يُسمعُني قصفَ الرعدِ وعُنْفَ إشاراتِ البرقِ
وخريرَ الماءِ الدفّاقِ
ويُعرّي جِلبابَ الحُرمةِ في فَرْشة أحلامي
أتوسلُ أنْ يعفو .. أنْ يوقفَ بوقَ التصخابِ
كيف أنامُ وفي النومِ قضيضُ عظامي
لا السهوُ يروقُ ولا بَرْدُ الأطرافِ يخفُّ
الجو سِهامُ.
• المتنبي [ ومَلَنيَّ الفِراشُ وكانَ جَنْبي / يَملُّ لقاءَهُ في كلِّ عامِ ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق