ماجد أبو شرار كاتب وقاص وإعلامي فلسطيني ما زال على قيد الحياة بقصصه، ويمارس العيش معنا يوميًا كما نمارسه، وما زال يعاني كما نعاني، ومعاناته خالدة بكتاباته وقصصه وصوره القلمية الواقعية، المسحوبة من الواقع والمستوحاة من صميم البيئة الشعبية الفلسطينية.
ولماجد أبو شرار مجموعة قصصية بعنوان " الخبو المر " صدرت طبعتها الأولى العام 1980 عن جار ابن رشد البيروتية، وأعادت مؤسسة الأسوار العكية بإدارة الناشر يعقوب حجازي إصدارها بطبعة جديدة عام 1981.
وحملت هذه المجموعة ارهاصات القصة الفلسطينية الناضجة بعد النكبة وذيولها على مجمل الحياة الأدبية والثقافية الفلسطينية التي اختمرت في المنافي وتعاملت مع واقعها وموقعها الجديدين.
وكانت قصص المجموعة نشرت بمجلة " الأفق الجديد " المقدسية التي صدرت في مطلع الستينات وسرعان ما توقفت واحتجبت عن الصدور، وشكلت حاضنة أدبية ثقافية لكتابات الأدباء الفلسطينيين والأردنيين الشبان، وأدت دورًا في الحراك الأدبي وتنشيط الحياة الثقافية في الضفتين.
وكما جاء في مقدمة الروائي يحيى يخلف للمجموعة، الذي عاصر تلك المرحلة، وكان من كتاب المجلة، فقد حملت " الأفق الجديد " هموم القضية الفلسطينية وطرحت ضرورة إبراز ما أسمته " أدب النكبة " فكانت معظم الكتابات القصصية والشعرية تتناول الهم الفلسطيني، وعلى صفحاتها برز في مجال كتابة القصة القصيرة عدد من الكتاب منهم : ماجد أبو شرار ويحيى يخلف ومحمود شقير وصبحي شحروري وحكم بلعاوي وخليل السواحري ونمر سرحان وسواهم.
ولفت أسم ماجد أبو شرار وقصصه نقاد تلك الفترة أبرزهم الكاتب الناقد الراحل محمد البطراوي، وعليه فإن مجلة " الأفق الجديد" تشكل مرجعًا هامًا لدارسي الأدب الفلسطيني الذي كتب وانتج في حينه بين السنوات 1961- 1966.
وفي مجموعته " الخبز المر" يظهر ماجد أبو شرار سابحًا وغارقًا في لجة الوجع الفلسطيني والهم السياسي والاجتماعي، وتوغل الكثير من القصص في هذا الهم المستمر حتى الآن.
وتتكون مجموعة أبو شرار من 92 صفحة من الحجم الصغير، وتشتمل على 12 قصة قصيرة وبعضها قصيرة جدًا. واختيار عنوان الخبز المر لها لأن الخبز هو رمز للبقاء عند الطبقات والشرائح الفقيرة المسحوقة والمعدمة، ورمز للفاقه والفقر، وفي هذه الحالة يكون الفقر سلاحًا ضد الزمن ورمزًا للبقاء واستمرارية الحياة.
تتناول قصص المجموعة وتتحدث عن طفولة الكاتب وعن المأساة الفلسطينية والتشريد والترحيل من الوطن، وعن بؤس الطبقات الفقيرة المهمشة واغتراب الإنسان الفلسطيني مكانيًا وزمانيًا، وعن الموت الفلسطيني بأشكاله المتعددة.
وما يميز ماجد أبو شرار في هذه القصص استخدامه الجمل القصيرة المكثفة والابتعاد عن السرد الطويل الممل، ونجاحه في الخاتمة غير التقريرية، وتقديمه بطل ايجابي ثائر على الواقع الاجتماعي السياسي، وانتصاره لطبقة العاملين الكادحين (البروليتاريا) خلال الانطلاق من ضمير القضية الوطنية العامة.
وأبطال قصص "الخبز المر" هم نماذج لمناضلين حقيقيين، ونماذج من شعب مشرد ومضطهد يناضل ويبحث عن وطن وعلم وهوية، وهم بثباتهم وعملهم اليومي وصمودهم أمام المأساة يريدون تغيير واقعهم المشوه المرفوض ولديهم الأمل بالانتصار وسوف يغيرون وجه الحياة كل من موقعه وسينتصرون حتمًا، على الرغم من شخوص وابطال هذه القصص ليسوا على مستوى واحد من التفكير والسلوك إلا أن كلا منهم يسهم باستمرار الحياة من موقعه.
ماجد أبو شرار قاص أصيل ملتزم مسكون بقضايا الوطن ومنحاز لكادحي وفقراء الشعب، مثل قيمة فكرية ونضالية وإنسانية وأدبية لم يعطه العمل النضالي الثوري فسحة من الوقت ليواصل الكتابة والإبداع القصصي، ولو واصل مشواره مع الكتابة الإبداعية لاستطاع أن يسهم إسهامًا كبيرًا في المجال السياسي والإعلامي الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق