Constructing A Succah/Tabernacle from Nothing
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي سردها الكاهن عطاالله بن إبراهيم (نتنئيل بن أڤراهام، ١٩٣٠-٢٠١٠، مرتّل، الشمّاس الرئيسي لسامرة نابلس وجبل جريزيم لسنوات كثيرة، من زعماء الطائفة) بالعربية على مسامع الأمين (بنياميم) بالعربية، الذي بدوره نقلها إلى العبرية، نقّحها، اعتنى بأسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٥٠، ١٥ أيلول ٢٠١٧، ص. ٤٢-٤٥. هذه الدورية التي تصدُر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني.
بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، تُوزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري، حوالي المائة والستين في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري؛ وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).
”اختصارات في الصلاة
قبل أن أقصّ عليك قصّة عن عيد العُرُش، بودّي مرّة واحدة وإلى الأبد، أن أُجيب عن ادّعاء يتداوله كثيرون من أبناء الطائفة، مفاده أنّ الشباب يُحبّني لأنّه في مِهنتي كشمّاس في كنيس جبل جريزيم، أقوم عادة باختصار هنا وآخر هنا في الصلاة.
بادىء ذي بَدْء، هذا ليس دقيقًا، ليس ذلك من عادتي. أفْضلُ شيء منشود في رأيي، هو عدم إدخال أيّ تغيير في الصلاة. ولكن أحيانًا هنالك عوامل خارجية تُجبرني على تفهّم الناس. في بعض الأحيان، تمتدّ الصلاة أكثر من اللزوم، وعندها لا شيءَ أفضل من إجراء بعض التقصير فيها لإنعاش روح المصلّين. وفي بعض الأحيان، يكون الجوّ في الكنيس حارًّا لدرجة تؤدّي، إن لم أختصر، إلى انفجار وتذمّر المصلّين ثم إلى شِجار وجلبة.
ثانيًا، من يقول إنّي أوّلُ منِ اتّخذ هذه الخُطوة في تقصير الصلاة هنا وهنا؟ هنالك حُكماءُ أفضل منّي بألف مرّة قاموا بذلك قبلي. انتبه لترتيبات صلاتنا؛ مُصلحوها ومُنظّموها عيّنوا أحيانًا أن هذا الماران (إلهنا، سيّدنا؛ شعر ديني مبني على ما ورد في سفر التثنية ٢٦: ٧) طويل وذاك يكون أحيانًا قصيرا. وعلى المرتّل أن يقرّر متى يتلو هذا ومتى يتلو الآخرَ بحسب حال الصلاة والمصلّين. وعليه لا يحِقّ لأحد القول بأنّي كنت أوّلَ من قام بذلك. أضف إلى ذلك فإن حظِي شخص ما بمحبّة الناس وبرضاهم فلا جريمة نكراءَ في ذلك، ثم من أنا لتشتكوا منّي؟ فليجتمع حكماء طائفتنا أجمعين من أجل تأسيس مبتغى الكلّ، مجلس ديني ساري المفعول، وسأكون أولَ كاهن يتعهّد بقبول كلّ القرارات وتنفيذها.
إسألني، أسيقوم مجلس ديني كهذا قريبًا، هل سألتَ؟ حسنًا، أُجيبك: لا أظنّ بأنّ ذلك ممكن في المستقبل القريب، لأنّ الحكيمَ في طائفتنا عاجزٌ عن فرض نفوذه، والقادر على ذلك ليس حكيمًا، النتيجة تعادُل.
مِظلّة في حولون عام ١٩٦٧
ما زلتَ تُصرّ عليّ أن أحكي لكم قصّةً عن عيد المظال؛ إنّي أُلبّي طلبك، ولكن لا تُضف عليها الكثير من التوابل، إذ عندها يكون مذاقها فظيعا. تناولتِ القصة الأخيرةُ التي قصصْتها عليكم موضوعَ وداعي لشقيقي خضر (فنحاس) عند انتقاله في نهاية العام ١٩٦٧ من نابلس لحولون ليكون كاهنا. وهذه القصّة أيضًا تدور حوله، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه بجاه موسى الأمين. غادر نابلس قبل عيد المظال/العُرُش، رافقه بالطبع كلّ من زوجته حرية (حروت) ابنة أبي الحسن (أب حسده) الكاهن وستّة أطفاله.
تعلمُ أنّ إقامة مِظلة ليس أمرًا سهلًا، لا سيّما أنّ شقيقي كان مشغولًا جُلّ وقته بإعالتنا، حينما كنّا صغارً،ا ولذلك وقع عليّ وعلى أخي الأصغر منّي فضل (إيتمر) بناء معظم المِظلّة كلّ سنة.
لم أطُق تلك الفكرةَ ولم تطرأ على بالي وبال أخي، القائلة بأن يفكّر أخي، بأنّنا نقطع علاقتنا به لأنّه غادر نابلس. بالعكس، فكلّما ٱبتعد عنّا في مسكنه في حولون، كلّما أضحى أقربَ لروحينا وقلبينا.
وعليه، كان من البَدَهي أن أسافر أوّلًا إلى حولون، في عيد الغفران الأوّل لأخي هناك، ولمساعدته في إدارة الصلاة وفي إقامة المظلّة. قلت لمساعدة ، لا، هذا غير دقيق، علمتُ بأنّني سأُقيم المظلّة لوحدي، إذ أنّ أولاده كما نوّهنا صغار لا يقوون على القيام بمثل هذا العمل المقدّس.
انتهت صلاة يوم الغفران بسلام، وكانت مفعمةً بالإثارة. وفي آخر يوم الغفران شرعتُ بالتحضيرات لإقامة مظلّة أخي؛ وكان سعيدًا جدًا برفقتي، رحمه الله. لم أنوِ القيام بأيّ عمل يمَسّ بسعادته هذه. استند إليّ أولاده وهم ينادون عمّي عمّي، ولم ينتبهوا للدموع التي ذرفت من عينيّ كجدول جار. كنت سعيدًا جدًّا لأن الله جعلني عونًا لشقيقي خضر الذي تأثّر أكثر منّي.
لماذا تبكي؟ سألني، وسالت الدموع من عينيه أيضا. لا أقوى على نسيان نهاية يوم الغفران ذاك. لا تقلق، قلتُ له، لست راجعًا إلى نابلس قبل بنائي لمظلّتك. لا تهتمّ! تأثّر أخي جدًّا بكلماتي، وأنا لم استطع إخفاء تأثّري الشديد أيضا، لدرجة أن حرية، زوجته، أعادتنا إلى أرض الواقع عندما نهرتنا: ما لكما، أيّها الرجلان تبكيان كالنسوان؟ ولكن ماذا بخصوص مظلّتك؟ استفسر أخي مستغربًا - متى ستتفرّغ لبنائها؟
لا تهتمّ، قلت له، الله سبحانه وتعالى لا يبخل بنعمه وحقّه على عبده.
بعون أنس (إنوش) الطيّب
قرّرت البقاء في حولون مهما يكن من أمر. استيقظت باكرًا جدًّا، خرجت إلى الشارع الهادىء في الحيّ السامري الحولوني. وأوّل منِ التقيت به كان صديقي من أيّام الصبا، أنس بن شاكر المفرجي/آل مفرج (إنوش بن يششكر
همرحيبي).
صدّقني، إذا كان هناك شخص بمثابة رمز لطيبة القلب والرغبة في مدّ يد المساعدة، فإنّه هو. حدثته عن مشكلتي؛ إذ أنّني لا أُجيد العبرية الحديثة، طلبت منه مرافقتني لشراء فواكه المِظلّة، ليترجم طلباتي للباعة في سوق الجُملة في تل أبيب.
يطيب لي ويشرّفني هذا جدًّا، إذا استطعت مساعدتك، قال لي أنس. أخذني معه بنشاط ملحوظ، وسافرنا إلى تل أبيب. لم يدعْني لوحدي ولو لهنيهة. إنّنا نُكثر من التداعب حتى يومنا هذا، الواحد مع الآخر، ونعرف أنّ محبة جمّة متبادلة كانت قائمةً بيننا.
رافقني أنس إلى كل دكّان، وبالرغم من أنّ كثيرين من بائعي الخُضار هم مهاجرون من أقطار عربية ويُجيدون العربية، حرَص أنس على التكلّم معهم بالعبرية وترجم كلّ طلب لي.
أذكر أنّي اشتريت لأخي كلَّ ما توفّر من فاكهة في ذلك الموسم؛ فلفل أحمر، خليط الوادي [سفر اللاويين ٢٣: ٤٠، أنظر حسيب شحادة، الترجمة العربية لتوراة السامريين. المجلد الثاني: سفر اللاويين، سفر العدد وسفر تثنية الاشتراع. القدس: الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم والآداب، ٢٠٠١، ص. ١٢٠-١٢١]، فواكه، ليمون، رمّان، چريپفروت، پوميلو، أترنج يمني، سفرجل، تفاح، كاكي/أفرسيمون (تفّاح صيني)، عشرات الكيلوغرامات من كلّ صنف.
تعهّد أولاد أخي القيام بما يُحبّه كلّ ولد، قطع سُعف النخيل وأغصان شجر ملتفّ [شحادة، ن. م.]. عُدنا بكلّ الشروة/الحمولة إلى بيت أخي في حولون. عمل أنس في تفريغ كلّ الصناديق من السيّارة الكبيرة وإدخالها إلى المنزل. أسرعتْ حرية إلى المطبخ وصبّت الشاي. وبعد بعض لحظات من الراحة، جلستُ مقابل حرية وأولادها القُرفُصاء وبدأنا بربط الفواكه.
الولدان الكبيران، إبراهيم ابن الاثني عشر ربيعًا وضياء (يئير) ابن العشر سنوات تعلّما بسرعة فائقة ربط الفواكه، وإذا أخطآ أسرعتُ وصحّحت. وعند حلول المساء كنّا قد تمكنّا من ربط كلّ الفواكه.
الجدير بالذكر، أنّ سُقوفَ الشُّقَق في حولون واطئة. بعكس تلك العالية في بيوتنا في نابلس. وبدون مجهود يُذكر تناولتُ حبّاتِ الفواكه الكبيرة وربطتها ببعضها البعض بشكل مُربّعات، مربّع داخل آخر إلى أن أُقيمت المظلّة.
أخي خضر (فنحاس) صاحَبنا في عملنا بفرح بائن على وجهه، وبإنشاد أناشيد عيد المظلّة، كان ينشد بيتًا وأنا أنشد آخر وهكذا دواليْك، وأولاده ينضمّون إلينا في ترديد القرار. إنّ فريضة إقامة المظلّة جدّ جميلة وممتعة.
الأُعجوبة
في صباح اليوم التالي، وصلت سيّآرة أُجرة من نابلس، وفيها سامريون جاؤوا لابتياع ما نقصهم من فواكه للمظلة من تل أبيب. ودّعت أخي وعُدت إلى بيتي في نابلس. أشغلني طَوال كلّ الطريق التفكيرُ في إمكانية نجاحي في بناء المظلّة في الوقت المناسب، إذ لم يتبقّ لي سوى يوم واحدٍ للحصول على سُعف النخيل وأغصان الشجر الملتفّ وشراء الفواكه أيضا.
نزلت من سيّارة الأُجرة بجِوار دكّاني في الحي السامري في نابلس. خرج أخي الصغير فضل (إيتمر) نحوي وعانقني بفرح جمّ. استغرب جدّا لأنّني لم أجلب من حولون شيئًا للمظلّة. حسنًا، يجب التذكّر بأنّ جلب الفواكه من حولون إلى نابلس أو بالعكس آنذاك لم يكن أمرًا سهلا.
ولداه الصغيران، عابد (عوڤاديا) وماي كانا في بيت أمّي. وصلتُ برفقة زوجتي إلى باب بيتنا، فتحته وتفاجأنا، أنا وزوجتي؛ مصطبة غرفة المدخل المغلقة [بيتي في نابلس كان مكوّنا من غرفتين] كانت ملأى بصناديق الفواكه وبجانبها سعف النخيل وأغصان الشجر الملتفّ وخليط الوادي. كلّ شيء جاهز للربط والتعليق.
وفوجيء شقيقي فضل الذي رافقني إلى بيتي بشكل لا يقِلّ عنّي، وكذلك كلّ السامريين الذين تواجدوا في الشارع. ما زلتُ أبحث حتّى اليوم عن الإنسان - الملاك المسؤول عن المظلّة من لا شيء“.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق