الظلام/ عبدالقادر رالة



   لم يكن ساعد الإسكافي يحب الإضاءة ، إذ كان يكتفي بضوء الشمس فكان محله يبدو لنا دائماً مُظلما ً!

  والمدهش أنه كان باستطاعته تصليح الأحذية على ضوء الشمس ، في زاوية محله المظلمة!

   ولم يكن قادراً على فهمي ، فهو ينتمي الى جيل وآنا الى جيل آخر ! هو عايش حربين عالميتين ، وثورة تحريرية قوية حملها المواطنون جميعهم في قلوبهم ...

    وكان دائم التذّمر من أبناءه ، وأوسطهم  كان صديقي الأثير وزميلي في المتوسطة ، هو أستاذ للغة العربية ، وأنا أدرس التاريخ والجغرافية  ، ومثل جميع الذّين ولدوا بعد الاستقلال أو قبله بسنوات كانت قلوبنا تفيض بالآمال الكبيرة في بناء دولة قوية !

     لكن قضاء الوقت مع سي ساعد في تلك الزاوية المظلمة كان يُشعرني بالسكينة والهدوء ، والبساطة الـتي بدأت مدينتنا الصغيرة تفتقدها بدون أن نشعر ...  إنها حياة تبدو لي رتيبة لكنه قانع بها!

    يكفيه أن يزوره في اليوم زبون أو زبونين يصلح لهما حذاءيهما ، يثرثر معهما ، إذا كان كبيران في السّن ، ثم يعود الى صمته ، متأملاً في الحياة والبشر!

  فهو لا يفضل الحديث مع الصغار ولو كانوا أحفاده ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق