غيب الموت الكاتب الفلسطيني جمال بنورة، الذي يعد من أعلام القصة الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967. رأى نور الحياة سنة 1938في بلدة بيت ساحور وعمل في سلك التربية والتعليم. بدأ الكتابة القصصية في أوائل الستينات ، ومن بواكير قصصه :"حرمان، زوجة رجل آخر، امرأة ذات قيمة، الأمل الخائب، الطبيب المناوب "، وغيرها.
وقد تميزت قصصه في هذه المرحلة بتصوير واقع الحياة في المجتمع الفلسطيني ،ونتيجة قراءاته واطلاعه على الأدب التقدمي ذي الطابع الانساني النضالي والصبغة الاشتراكية بدأ بعد نكسة العام 1967 الالتزام بالواقعية الاشتراكية، وانطبعت قصصه بالواقع الجديد الذي أفرزه الاحتلال ونقل الهموم والآلام الفلسطينية والتطلعات والأماني الوطنية بالتحرر والاستقلال الوطني. نشر جمال بنورة قصصه في الصحف والمجلات الفلسطينية نذكر منها : "الجهاد، الفجر، الشعب، الاتحاد، الجديد، البيادر، الفجر الأدبي ، الكاتب" وسواها. وفي العام 1977صدرت مجموعته القصصية الأولى "العودة "عن منشورات صلاح الدين في القدس، ثم أصدر مسرحيتي "وكأن الموت ونحن على ميعاد" و"السجين" و"حكاية جدي" وغير ذلك من الأعمال والمجموعات القصصية والروائية.
وجمال بنورة آمن بالأدب الواقعي الذي يعبر عن حياة الشعب الكادح المسحوق، واستمد موضوعاته من مشاكل المجتمع ويصور مظاهره ويعكس بؤس الفقراء والكادحين الأشقياء، وأهتم بالقضايا الاجتماعية والسياسية والأخلاقية وارتباطها بحياة الانسان، والموقف الانساني هو أهم ما تعبر عنه قصصه التي تعالج قضية الصراع الطبقي والكرامة والحرية من خلال الحياة الانسانية.
واذا كانت مجموعة "العودة "تعبر عن الواقع الفلسطيني المعاش فإن مسرحية "وكأن الموت ونحن على ميعاد" تطرح الموقف السياسي الفلسطيني من الحرب في لبنان ،الذي حاولت القوى والاوساط العربية الرجعية تشويهه لدق الأسافين بين الشعبين الفلسطيني واللبناني. أما مسرحية "السجين" فتبرز معاناة وصمود المناضلين والمكافحين الفلسطينيين وتحديهم للاحتلال الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني.
وقصص "حكاية جدي "تطرح الصراع السياسي والواقع المأساوي الاجتماعي وهموم الطبقة العاملة الفلسطينية ،التي ترزح وتئن تحت الفقر والفاقة والظلم والانسحاق والقهر الاحتلالي.
ويعتمد جمال بنورة في قصصه الأسلوب السردي الذي يغلب عليه السهولة والبساطة ،وهو يعرف كيف يختار المشاهد وصور الأحداث والكلمات والتعابير المناسبة.
وتركز قصص جمال بنورة على ابراز الجانب الايجابي للشخصية الفلسطينية والتعبير عن الانسان الفلسطيني العادي والبسيط بمشكلاته وتطلعاته، ووصف أحوال المجتمع الفلسطيني وتقاليده وما فيه من تناقض ومآسي وأحزان، ونجد معظم أبطاله من أبناء العامة والطبقات والشرائح الاجتماعية الشعبية الفقيرة الكادحة، الذين نلتقيهم في الشارع والرصيف والحارة والسوق والحقل والمصنع وورش البناء. وفي النهاية ،جمال بنورة قاص صادق في الاستلهام والتصوير، والصدق هو الذي يهب الفن والمبدع قيمة الحياة.
جمال بنورة وداعًا، ولك الخلود في ذاكرة شعبنا وسجله الثقافي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق