لا أدري لماذا لا ينصاع اللبنانيون لنصائح سياسييهم ويذهبون الى جهنم، أفراداً وجماعات، دون ضجيج. ان كل ما تفعله هذه الطبقة السياسية يقود الى جهنم لأنهم يحفظون عن ظهر قلب قول الشاعر: وجهنم بالعزّ أطيبُ منزلِ؟ فهناك لا مشاكل انارة ولا خوف من العتمة أو تخزين الشموع، ولا مشاكل تدفئة أو فيول مغشوش من أرفع أركان هذه السلطة الساهرة على مصالحها. ولا مشاكل سكن وتطبيب ودراسة ومعيشة أو لقاحات كورونا يسرقها النواب... فكل شيء مؤمَّن.
فهذا الفريق السياسي لن يتخلّى عن وزارة الأشغال مهما مارستم من ضغوط. فمجارير الوزارة الفالتة في الشوارع هي أسرع الطرق لتوليد مختلف الأمراض التي توصلكم ، دون جهد الى جهنم. والطرقات التي تتعهدها الوزارة هي الأقصر لايصالكم مكرمين معززين الى جهنم. فهم يعملون من أجلكم ولمصلحتكم. فلماذا ترفضون الذهاب الى "أطيب منزلِ"؟
يقابله فريق يرفض التخلي عن المالية ومن أجلكم طبعاً. فالذي بنى قلعته، المتحكمة برقاب الناس، ليتحكم برقاب الجميع بتشريع السرقة والهدر والنهب ويكون "الخصم والحكم" في تقاسم المسروقات التي أوصلت البلد الى الافلاس وأوصلتكم الى الانتحار أو الموت جوعاً، لن يتخلى عن هذا الدور مهما تظاهرتم أو عاندتم في سلوك طريق جهنم المهندسة بعناية.
وذاك الفريق المتمترس خلف وزارة الطاقة التي تسعى، وبجهود حثيثة، لتعميم العتمة قصداً لتجبركم على الذهاب طوعاً في طريق النار والنور الأبديين الموجودين، مجاناً، في جهنم. أما الخسائر المتعمدّة التي أرهقت الخزينة فمقصودة أيضاً لشد الحبل أكثر على رقابكم، فلماذا تعاندون؟ وسياسة السدود المفخوتة التي لا تتجمّع فيها المياه رغم مئات الملايين التي صُرِفت لسدّها، فهي أيضاً مقصودة حتى لا تُسْتَخدم لاطفاء حرائق جهنم المستمرة لأن في محاولة اطفائها خروج عن تعاليم الأديان السماوية السمحة التي حذَّرتنا، قبل السلطة الحاكمة في لبنان، بأن مجرد الخروج عن الطريق القويم سينتهي بكم الى جهنم.
وفريق آخر يأبى التخلي عن وزارة الداخلية ليبقي سيف القمع مسلطاً فوق رؤوسكم في حال فكَّرتم برفعها لرؤية كيف يعيش الآخرون بعيدا عن جهنم. أو بوزارة العدل ليبقى العدل مفقوداً والقضاء ممسوكاً والأحكام حسب الطلب. فجريمة بحجم تفجير مرفأ بيروت ما هي الا بروفة ماديّة ملموسة عما ينتظركم في جهنم المتخيلة. أو وزارة البيئة لتبقى الأمراض في صدوركم وروائح النفايات في انوفكم لدفعكم الى الهجرة القسرية اما الى ديار الله الواسعة والنظيفة، اذا تيسَّر لكم ذلك، أو الى ديار الآخرة رغما عن انوفكم.
وهناك من يتمترس في يقية الوزارات والمجالس التي فّصِّلت على قياسهم حتى لا يبقى أحدّ منهم خارج الهدر والسرقات والصفقات بالتراضي ولو ذهبتم كلكم، يعني كلكم، الى جهنم.
ورغم أني أفهم مخطط أركان السلطة لارسالكم الى جهنم باسرع طريقة ممكنة. وأفهم ترديدكم لختام قصيدة عنترة بن شداد المشهورة: ماء الحياة بذلةٍ كجهنم / وجهنم بالعز أطيب منزل. فاللبناني لم يشرب بعمره كله "ماء الحياة بذلة". ومن الطبيعي، لكبر نفسه وتمترسه بالعيش الكريم أينما وُجد، أن يفضّل الموت والعيش بجهنم على حياة ذليلة يصر نوابنا الكرام، ووزراؤنا ورجال المال فيه والمليشيات والمافيات الحاكمة، على دفعنا مرغمين اليها.
من مصلحة العصابة الحاكمة أن تتجاهل مطلع قصيدة عنترة. ولكن ما مصلحة الشعب في تجاهلها؟ وللمتجاهلين أذكّر بالمطلع: حكِّم سيوفك في رقاب العذَّلِ... أي انه قبل أن يرغموك على تفضيل جهنم كـَ "أطيب منزل"، يجب عليك تحكيم سيوفك. فتحكيم السيوف حتما سيرفع عن كاهلك اجرام هذه الطبقة السياسية، وسيعفيك من الذهاب الى جهنم. وحكّم سيوفك هنا ليست دعوة الى الاقتتال الداخلي او الى حرب أهلية بل أن تجتمع كل السيوف وتتوحد ضد مذلّيها. وحكِّم هنا فعل أمر أي أن لا مفرّ لك من واحد من خيارَين: اما جهنم أو حكّم سيوفك في رقاب العذّلِ. ولمن لا يعرف معنى "العذل" أقول: انها تعني كلن يعني كلن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق