صدرت قصّة الأطفال "قراءة من وراء الزّجاج" للكاتبة المقدسيّة نزهة الرّملاوي هذا العام 2021 عن دار الهدى للنّشر والتّوزيع كريم، في كفر قرع. وتقع القصّة التي رافقتها رسومات منار الهرم في 44 صفحة من الحجم المتوسّط.
تطرح القصة وضع عائلات الأسرى ومعاناتهم اليومية من خلال حكاية أميرة، التي يقف الزّجاج عائقاً بينها وبين ممارسة حياتها كسائر الأطفال.
في بداية القصة الطفلة والطالبة أميرة تصرخ معلنة ألمها، تريد أن يشاركها والدها في النشاط المدرسي" يوم القراءة" كباقي زملائها في المدرسة، تصرخ معلنة أن هذا حقها، ثم تقدم الكاتبة مشهدا آخر تتمنى أميرة فيه أن تعود لبيتها؛ لتجد والدها بانتظارها أمام البيت وهي عائدة من المدرسة.
حُرمت أميرة أن تعيش كسائر أطفال العالم، وحُرمت أمها أن تعيش كباقي الأمهات، فرض عليها أسر الزوج والأب مسؤولية مضاعفة في عنقها، تعطي وهي المحتاجة للأخذ، تريد شريك حياتها إلى جوارها، بالمقابل يجب أن تَظهر صلبة قوية أمام أبنائها، تعبر عن ذلك الكاتبة نزهة الريماوي، فتظهر الأمّ مهمومة تفكر بسجن زوجها الذي سيطول، والمسؤولية التي ستزداد عليها، وفي ذلك إشارة لما تعانيه المرأة الفلسطينية بوجه خاص حين تكون زوجه أسير وأمّ.
أميرة تطرق على الزّجاج عنوان رفض لقمع الاحتلال، طرقاتها اليوم مقاومة غدا، مُنعت من حقوقها فلن تسكت، صرخت رافضة أسر والدها، إن المحتل يسقي شعب فلسطين حسرات ستعود عليه بالويلات، يمنع زيارة الأسرى ويصعّب إجراءاتها، ويضع الزجاج السميك فلا يد تمتد بالسلام ولا صدر ينحني لعناق، تنحسر اللهفة رغم أنف الأشواق.
العاطفة تَظهر جلية في صفحات القصة ورسوماتها، كرسي والدها الفارغ يحتفظ بمكانة الأب في البيت ويفتح مواجع يومية، شمس الحرية بعيدة، تنادي أميرة: أبي أخرج من هنا، ومن عادة الأب أن يستجيب لرغبات ابنته، وكل ابنة ترى والدها بطلا يحقق كل رغباتها، فما بال والد أميرة يعاكس الطبيعة!
ذلك سيختزن في ذاكرة طفولة أميرة، وسينعكس غضبا وبغضا لمن تسبب في ذلك عندما تكبر وتفهم الأسباب، ستتذكر أحلامها الطفولية التي انتهت مع استيقاظها ولم تتحقق، ومر العمر ولم تتحقق.
تنتهي القصة نهاية سعيدة، بعد المعاناة تحقق أميرة ما تريد، ويقرأ والدها القصة وتشارك بالنشاط المدرسي " يوم القراءة" ويبث المحامي القصة مباشرة لزملائها، هذه القصة لن ينساها زملاء أميرة، وستكون حديثهم لأعوام، يخدمهم العلم والتكنولوجيا التي نخاف على أبنائنا من خوض غمارها، ممكن أن تخدمنا إذا أحسنا التعامل معها.
أمّا دور المدرسة فكان سلبيّا جدا، أين دور المرشدة التربوية لتراعي نفسية أميرة؟ هي تصرخ.. تحزن... تبتعد.. هي بحاجة لأمّ ثانية ترافقها في المدرسة، وهذا دور المعلمة.
سلبية دور المعلمة تعبر عنه الرسومات صفحة 19 فالمعلمة تمد ذارعيها فرحا وبشائر السعادة بادية على وجهها، تجمع الدعوات التي يرفعها الطلاب عاليا بفرح، بينما أميرة تحني رأسها وتنظر إلى الدعوة أمامها بحزن، وكأنها تتساءل كيف سيأتي والدها ويشاركها بيوم القراءة؟
من الواجب أن تراعي المدرسة ظروف الطلاب وأحوالهم المعيشية، وعلى سبيل المثال تحتفل سنويا المدارس عبر الإذاعة الصباحية بيوم الأمّ، وتغفل عن طلاب أيتام فقدوا أمهاتهم.
القصة إنسانية هادفة، تحمل رسائل هامة وفّقت الكاتبة بإيصالها، الرسومات خدمت القصة بأسلوب جميل، في صفحة 14 يمتد شعر الأمّ البني بتموجاته التي تشبه ساق شجرة متجذرة وممتدة، وعندما تغني أميرة أعطونا الطفولة ينطلق باص الزيارة وكأنه يسابق طيور الحرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق