الأونروا مطالبة بتمكين اللاجئين من حقهم بالعودة/ علي هويدي



نصت ديباجة قرار إنشاء "الأونروا" رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8/12/1949 والفقرة 5 والفقرة 20 من القرار على أن عمل الوكالة يجب ألا يخل بمضمون القرار 194 الصادر هو الآخر عن الجمعية العامة في 8/12/1948 والذي أكد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتعويض عليهم واستعادة ممتلكاتهم..

بتبنيها للقرار 194، وأن يذكر لثلاث مرات في القرار 302 تكون الأمم المتحدة قد اعترفت بمسؤولية خاصة عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين، وقد أدى هذا الأمر فيما بعد إلى إقرار نظام حماية خاص باللاجئين الفلسطينيين بهدف ضمان حقوقهم الأساسية في العودة والتعويض واستعادة الممتلكات وحقهم في تلقي المساعدات الإنسانية إلى حين تطبيق الفقرة 11 من القرار 194.

وبعد أيام فقط من نكسة العام 1967 وتحديداً في 14 حزيران/يونيو، اتخذ مجلس الأمن الدولي القرار رقم 237 والذي دعا فيه الى عودة من نزحوا من الفلسطينيين إلى ديارهم، وأمام التعنت وفي مواجهة رفض الإحتلال "الإسرائيلي" للقرار، تم إقرار حق هذه الفئة من اللاجئين بتلقي المساعدات الإنسانية، وبالتالي تم إدراج أسماؤهم ضمن اللاجئين الواجب توفير المساعدات الإنسانية لهم من قبل وكالة "الأونروا" إلى أن يتم تطبيق القرار.

بهذا المعنى، وكالة "الأونروا" يجب ألا تكون حيادية كما تريدها حصراً كل من الإدارة الأمريكية ودولة الإحتلال، بل على العكس تماماً، يجب على الوكالة العمل على تمكين اللاجئ الفلسطيني من ممارسة حقه بالعودة وفق برامج ومناهج خاصة تطبيقا لما نص عليه القرار 302 لذلك على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تسأل وتحاسب "الأونروا" على تقصيرها في عدم توفيرها لجميع الآليات التي تعزز تطبيق القرار 194 والقرار 237 سواء على مستوى الشكل (يتعلق بالمنشآت والمراكز وضرورة تزويدها بهذا المفهوم) وعلى المستوى المضمون (يتعلق بالمناهج الدراسية الأساسية والإثرائية الخاصة بالوكالة وحرية الرأي والتعبير للعاملين فيها).. والعمل على مقاضاة كل من يحاول أن يضع العراقيل أمام ما ورد في القرار 302.

الحيادية التي يدعو لها إتفاق الإطار الموقع بين الادارة الأمريكية ووكالة "الأونروا" في 16/7/2021 وما تضمنه من إسهاب بالحديث عن الحيادية التي تتعلق بالمناهج والموظفين والمنشآت ومعايير تقديم التمويل للوكالة والمساءلة وحرية الرأي والتعبير ورفع التقارير الدورية… إنما يخدم حصراً الرؤية الأمريكية و"الإسرائيلية" من قضية اللاجئين فقط، ويتعارض مع ما جاء في قراريْ الجمعية العامة وقرار مجلس الأمن الدولي السابق ذكرهم.

لذلك بتوقيعه على اتفاق الإطار يكون المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني، قد خالف ما نص عليه القرار 302، وانصاع لرغبات الإدارة الأمريكية ورؤيتها، ومن خلفها دولة الإحتلال لمحاربة ما يسمى بالإرهاب وفق المقاس الأمريكي و"الإسرائيلي"، لذلك يجب مساءلته هو الآخر من قبل الجمعية العامة.

هل يعلم المفوض العام بانه وبتوقيعه على إتفاق الإطار قد حرم أكثر من 600 ألف لاجئ فلسطيني من الخدمات الممولة من الإدارة الأمريكية؛ هم اللاجئين المسجلين في سجلات الوكالة في سوريا.. ؟! فاللاجئ الفلسطيني في سوريا ينطبق عليه قانون الخدمة الإجبارية في جيش التحرير الفلسطيني، وقد جاء بالنص الصريح بأن على الوكالة أن تلتزم بعدم تقديم الخدمات التي تمولها أمريكا لكل لاجئ خدم أو يخدم في جيش التحرير الفلسطيني، وستُقدم تقريرها في هذا السياق إلى الإدارة الأمريكية..

وهذا عمليا يشمل الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني اللاجئ في الضفة وغزة الواقعين تحت الإحتلال وكذلك اللاجئين في مخيمات لبنان، وهذا ينطبق على الموظفين العاملين في "الأونروا" (حوالي 28 ألف موظف).

أن تكون الوكالة مطالبة بتزويد أسماء موظفيها الى الدول المضيفة للاجئين (لبنان، سوريا، الأردن) بالإضافة إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، هذا أمر لا لبس فيه، لكن أن يتضمن توقيع الإتفاق أن الوكالة مطالبة أيضاً بتزويد (إسرائيل) بأسماء الموظفين فهذا أمر خطير ومختلف تماماً، ولا يوجد أي تبرير سوى التدخل السافر من قبل دولة الإحتلال وبدعم أمريكي بمعايير التوظيف التي تخدم في النهاية رؤية الإحتلال وأمريكا.

هو أسلوب جديد تمارسه إدارة بادين لتحقيق نفس الهدف الذي يتوافق عليه كل من الجمهوريون والديموقراطيون، بالعمل التدريجي والتراكمي لإضعاف الوكالة تمهيداً للتخلص منها والتخلص من القرارات الأممية 302 و 194 و 237 وعمل إدارة بايدن حالياً ينصب على ابتزاز الوكالة من خلال دفع مبالغ مالية تحتاجها "الأونروا" لتغطية عجزها المالي، وبالتالي العمل استراتيجيا على تخلص الكيان المحتل والمجتمع الدولي من عبء تحمل المسؤولية السياسية والإنسانية بالتسبب بأطول وأكبر قضية لاجئين في العالم، وهو الأمر الذي يجب أن يعيه الجميع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق