في رثاء الشاعر والكاتب الفلسطيني الكبير المناضل حنا ابراهيم )
يبكي الجليلُ عليكَ والأرجاءُ والبعنةُ الحمراءُ والشُّرفاءُ
والكرملُ الوَسنانُ والشَّاغورُ والسَّاحلُ الغربيُّ والأنحاءُ
كلُّ البلادِ دُموعُهَا هَتَّانةٌ إنَّ الدُّموعَ لأنهُرٌ ودماءُ
أزِفَ الرَّحيلُ وما أفادَ عَزاءٌ أزِفَ الرَّحيلُ ولن يكونَ لقاءُ
أزفَ الرَّحيلُ وكلُّ قلبٍ نازفٌ الجوُّ حُزنٌ والبلادُ شقاءُ
الأريحيَّةُ والكرامةُ أثكلتْ إنَّ المُروءةَ أدمُعٌ وبكاءُ
يا أيُّهَا السَّيفُ المُهَنّدُ نصلهُ طولَ الزَّمانِ تألّقٌ وَمضَاءُ
طولَ الزَّمانِ مآثرٌ وَمناقبٌ رغمَ الرَّزايا قامةٌ شمَّاءُ
يا شاعرَ الشعراءِ أنتَ مُخلَّدٌ في قلبِ شعبِكَ مُشرقٌ وَضَّاءُ
يا شاعرَ الشعراءِ أنتَ مُتوَّجٌ الكلُّ يشهدُ انكَّ العنقاءُ
خُضتَ الحياةَ مُكافحًا وَمُناضلا طول المسيرةِ سُؤدُدٌ وإباءُ
ضحَّيتَ قدَّمتَ النّفيسَ لشعبنا تسعونَ عامًا همَّةٌ وَعطاءُ
ما لان جذعُكَ بالثَّرى مُتَشبِّثٌ ما هانَ عزمُكَ ، شُعلةٌ وَذكاءُ
يا قبلة َ الأحرارِ.. كلِّ مُناضلٍ الحُزنُ بعدكَ قد طغى وَبلاءُ
من نورِ فكرِكِ كلُّ دربٍ نيِّرٍ يتعلَّمُ الأجيالُ والأبناءُ
يا قبلة َ الأحرارِ .. رمزَ كفاحِهِمْ بكَ يلتقي الأحرارُ والفقراءُ
الإشتراكيُّونَ كُنتَ منارَهُمْ طبَّقتَ ما آمنتَ ... والخُلصَاءُ
كالسنديانِ بعُمقِ أرضِكَ راسخٌ ومَدى الدُّهورِ تمجُّدٌ وَعطاءُ
أنتَ الكريمُ وفيضُ جودكَ غامرٌ رغمَ المآسي ديمةٌ وَطفاءُ
وَحملتَ أنتَ هُمومَ شعبٍ صامدٍ في ( رَبذةِ ) الآلامِ كانَ رجاءُ
وَحملتَ صلبانَ الفداءِ جميعَهَا قدَّمتَ روحَكَ والطريقُ عناءُ
وعَبرتَ جُلجثةً وكنتَ مُعانقًا دمعَ الغلابى ، والصُّمودُ لواءُ
كم من نبيٍّ قد مشاهَا قبلنا كانَ انتصارٌ ، في الفدا ، وَعلاءُ
أنتَ الأبيُّ منارُ كلِّ مناضلٍ منكَ استنارتْ أنجمٌ زهراءُ
وَطرِدتَ من حزبٍ رَفعتَ لواءَهُ من بعدِ أن عَمَّ الاذى ووَباءُ
حزبٌ تهاوَى غاصَ في أوْحَالِهِ واليومَ صارَ يقودُهُ العُملاءُ
بالأمسِ كان مآلَ كلِّ مُكافحٍ واليوم من كلِّ الأباةِ خلاءُ
وجريدة للحزبِ أضحَتْ منبرًا للخائنين هنا وماتَ حَياءُ
تستقطبُ الأوباشَ ... كلَّ منافقٍ ويصولُ فيها الصُّكّعُ الخرقاءُ
قد زيَّفتْ تاريخنا ونضالَنا وَكرُ العمالةِ إنَّها الرَّقطاءُ
وعلى الأشاوسِ والجهابذِ عتَّمَتْ وطريقها التّضليلُ والإخفاءُ
لا ترتضي حُرًّا أبيًّا صادقًا وَلِشعبهِ مَن كانَ فيهِ وَفاءُ
مليونُ وجهٍ إنها في عُهرِهَا بتقلّبٍ وتبدُّلٍ حرباءُ
يا ايُّهَا الرئبالُ في وجهِ اللظى صرحُ الأسودِ جبينُكَ العلياءُ
لا تقبلُ العُهرَ السّياسيَّ الذي قد خاضَهُ الأوباشُ والسّفهاءُ
إنَّ السياسة َ كالدَّعارةِ أصبحَتْ يرتادُهَا الأوغادُ والخلعاءُ
وَبقيتَ أشرفَ مَن مشى فوقَ الثرى قدَّمتَ عُمرَكَ كي يكونَ رَخاءُ
قد كنتَ قُربانًا لنهضةِ أمَّةٍ وَلِيَسعدَ الفقراءُ والبسطاءُ
أنتَ الكميُّ على الشَّدائدِ صامدٌ رغم المَواجعِ دوحةٌ خضراءُ
لا تنحني للفقرِ أنتَ وللطوَى للجوعِ تحني الهمَّةُ القعسَاءُ
يا قبلة َ الأحرارِ.. صوت كفاحِهِمْ رغم الخطوب الصَّخرةُ الصَّمَّاءُ
يا أيُّها الطودُ الذي بهرَ الدُّنى طولَ الزَّمانُ تألُّقٌ وَسناءُ
علَّمتنا حُبَّ البلادِ وعشقهَا هذي بلادي جنّةٌ غنَّاءُ
ينسابُ صوتُ الارضِ في أعماقِنا وَتمُوجُ في وجدانِنا الأصداءُ
للحقِّ تُشهِرُ كلَّ سيفٍ صارمٍ وليَخسَإِ الجُبناءُ والخُنعاءُ
تبقى نشيدَ الرفضَ في دربِ الفدا قُدْتَ السَّفينة َ حولكَ الأنواءُ
وبكَ النضالُ الحُرُّ ألهِبَ عزمُهُ واستبشرَ الضُّعفاءُ والبؤساءُ
يا أيُّها الطودُ المُبجَّلُ ذكرُهُ بكَ والنّضال ستخصبُ البيداءُ
بكَ كلُّ حُلمٍ تاهَ في إشراقِهِ سيعودُ للزهرِ الكئيبِ شذاءُ
يا أكرمَ الكرماءِ دونَ مُنازعٍ من بحرِ جودِكَ يغرفُ الكرماءُ
هذي بلادي فجرُنا وَمآلُنا هيهاتَ عنها أن يكونَ جَلاءُ
طولَ المَدى مُتشبّثون بأرضِنا وَسيرحلُ اللقطاءُ والدُّخلاءُ
نحنُ العذابُ المُرُّ والدَّمُ والرَّدَى نحنُ الحمائمُ طهرُهَا ونقاءُ
ولكمْ مَددنا للسَّلامِ لهُمْ يدًا قطعُوا الأيادي وأنطوتْ أشلاءُ
لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ جراحِنا خُضنا الحُتوفَ وَحُزنُنا الخنساءُ
وَكطائرِ الفينيقِ أضحى شعبُنا وَمِنَ الرَّمادِ سَيُبعَثُ الشّهدَاءُ
شهداؤُنا كالأنبياءِ تمَجَّدُوا لهمُ القداسةُ للمدَى وَبقاءُ
دمُهُمْ على دربِ النضالِ مشاعلٌ كانوا الطليعة َ والطريق أضَاءُوا
زيتونُنا صَانَ العُهودَ وَإنّهُ طولَ الزمانِ تشبُّثٌ وَبقاءُ
في كلِّ شبرٍ من تُرابي شاهدٌ في كلِّ رُكنٍ صيحةٌ وَنداءُ
عربيَّةً كانتْ وتبقى أرضُنا ..عريبيَّةٌ أرضُ الفِدا سمراءُ
رغمَ التّشرُّدِ والمآسي والنَّوى مهما استطالَ على النُّزوحِ ثوَاءُ
هذي فلسطينُ الحبيبةُ أثكلتْ مَسْبيَّةٌ في أسرِها تستاءُ
من أجلِهَا خُضتَ النّضالَ ولم تهُنْ وَبكَ استنارَ الدَّربُ طابَ فداءُ
يا فارسَ الفرسانِ في ساحِ الوَغى تزهُو بكَ الأوطانُ والنجباءُ
وتظلُّ للشّعرِ المُقاومِ رائدًا كلُّ الاشاوسِ بعدَ نهجِكَ جاءُوا
صغتَ القريضَ روائعًا وبها انتشى كلُّ الجهابذِ ، حارتِ البلغاءُ
قصصًا كتبتَ وصَلتَ في إبداعِهَا للعالميَّةِ .... ينحني العظماءُ
سرُّ البلاغةِ والفصاحةِ حُزتَها كم يشهدُ الخطباءُ والأدباءُ
يا أوَّلَ الأدباءِ في هذا الحِمَى قولي صحيحٌ ليسَ فيهُ مِرَاءُ
يا سيّدَ الحَرفِ الأبيِّ وَنزفهِ سِربالكُ الأنوارُ والأضواءُ
كلُّ الهُمومِ تكأكأتْ وافرَنقعَتْ من هَولِ بأسِكَ تختفي الأرزاءُ
أنا في طريقِكَ قد بقيتُ مناضلا الدربُ طالَ وَضلَّتِ الوَجناءُ
نحنُ احترقنا على صليبِ كفاحِنا ما أنجبتْ كنضالِنا الغبراءُ
الحقُّ يرجعُ بعدَ سَعيٍ مُجهدٍ إنَّ الحياةَ معاركٌ وبقاءُ
البَغيُ يهوي رغم عهدٍ حالكٍ وَمصيرُ كلِّ الظالمين فناءُ
ستزولُ أشواكٌ وَنرسمُ فجرَنا وَتُزاحُ عنَّا ضيقةٌ وَعَناءُ
فاهنأ قريرَ العينِ في أرضِ الفدا يمضي بدربكَ أخوةٌ وُدَعَاءُ
ما العيشُ إلا فترة هي تنقضي لكنَّما العمرَ المَديدَ ثناءُ
سيظلُّ زيتونُ البلادِ مُؤرِّخًا لصُمودِنا ، طولَ المدى معطاءُ
سيكونُ فجرٌ بعدَ ليلٍ أليَلٍ وَيشعُّ نورٌ دائما وضياءُ
سيعودُ للوطنِ الحبيبِ بهاؤُهُ وَيعودُ للجوِّ الكئيبِ صَفاءُ
شعر : الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين
......................................
*1 - الربذة : إسم المكان الذي نفيَ إليه الصحابي الجليل (أبو ذر الغفاري).وهو أول ثائر في الإسلام .. ثار ضدّ الظلم والإستغلال ومطالبا بحقوق الفقراء والمضطهدين زمن الخليفة عثمان بن عفان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق