بين يدي ديوان "على ضفاف الحنين" للشاعرة سحر بيادسة من باقة الغربية، وهو الثاني بعد ديوانها "أرواح وأوتار". وهذا الديوان الصادر حديثًا عن مطبعة كفر قاسم، يقع في 174 صفحة من الحجم المتوسط، وبلا فهرست، وصمم غلافه الفنان عماد مصاروة، ويحتوي على مقدمة لخالد اغبارية، وكلمة للشاعرة، ونصوص شعرية ونثرية، تتناول موضوعات مختلفة تتراوح بين الوجدانية والدينية والرومانسية والوصفية والإنسانية.
وتتفاوت قصائد الديوان بمستوياتها وجمالياتها، ولكن الخيط الذي يربط بينها هو صدق الإحساس، وشفافية الكلمات، وعفوية البوح، ووضوح الرؤيا، والبساطة الآسرة. فسحر تلجأ إلى استخدام ألفاظ سهلة وبسيطة، وتبتعد عن الصور والتراكيب الشعرية الصعبة والمعقدة، ويستشف القارئ الايقاعات الهادئة التي تلف أعطاف قصائدها بموسيقى داخلية محببة للنفس والقلب.
وتحملنا سحر في ديوانها بتجربة وجدانية تجمع بين أكثر من حنين، حنين للرسول، وحنين للحبيب، وحنين للطبيعة، وحنين للهدوء والطمأنينة والمحبة والسلام بين الناس، ومع الحبيب تكتمل حياتها وسعادتها بوجوده، والذي يحمل أنفاس ضلوعها وعطرها وطعم شفاهها- كما تقول في قصيدة "حنين".
القصيدة لدى سحر بيادسة هي سفر الفكر والوجدان ما بين اللحظة الشعورية واللغة والصور الشعرية المتلاحقة في تشكيل فضاءات وعوالم وأخيلة، ونجدها تتمتع بقدرة على التعبير عن خوالج نفسها وأحاسيسها ورسم صورها الشعرية الرقيقة.
وتستفيد لغة الديوان من تركيب العبارة ذات الإيقاع الجذاب المشبع بحمولة اللغة التي تأتي سلسة وأنيقة ومنسابة.
ومن أجواء الديوان نقرأ قصيدة "على ضفاف الحنين" التي حملت اسم الديوان، وهي قصيدة وجدانية رهيفة مفعمة بالمشاعر وطافحة برقة الحروف والعذوبة، فتقول:
على ضفاف جسدي
حزن وجرح وصمود
يتذكرني الشوق في خسوف وكسوف
أصبحت كالبحر أعلو
أتخبط فيه كالغريق
أعدو كالخيل
لا نهاية للطريق
يسود عالمي الظلام
فأبحث عن عصى كالضرير
أهذي..
كأني شربت أكوابًا من نبيذ
تحملني الظنون..
لمراكب دون شراع
يتذكرني الشوق
فيظن أني مت
دون أشواقي
علة ضفاف حنيني
تتسم البنية الشعرية لدى سحر بيادسة في ديوانها باختيار وانتقاء الألفاظ المترقرقة والصور التي تفيض جمالًا والمعاني الإنسانية التي تلامس القلب وتتغلغل في أعماقه بوجد وشجن ولغة حية وحسية.
سحر بيادسة تسير بخطى راسخة على دروب الشعر، نرجو لها النجاح ومواصلة المشوار، وننتظر منها المزيد من الإبداعات والإصدارات، مع خالص التحايا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق