سَقتني شَراباً
حُلو المَذاقِ
فصار في فمي مُراً كالعَلقَمِ
حدَّثَتني عن ذِكرياتٍ
كانت تَحومُ على غيرِ هُدىً
بينها وبيني
وعلى منضدتي تركتْ
حُزمَةً من كَمَدٍ
ومِنديلأً وردياَ
ما زال مُبللاً بالخَيبةِ والدَّمعِ
نافذتي مُشرَعةٌ
صاغرةٌ تتلقَّى
سياطَ الرِّيح بلا هوادةٍ
وأوراق الشَّجرِ اليابسةِ
في حديقتي
تَغرَقُ في الظُلمةِ
والحُلمُ في قاعِ الكأسِ
ثُمالَةً تَجِفُّ على مهلٍ
تنتابُني قشعريرَةٌ
فترتجفُ الأخيلةُ في أوصالي
ويصيرُ جسدي غُربالاً
رويداً رويداً
تَفرّ مِنهُ رُوحي
نعيقُ غُربانٍ
وصَليلُ سُيوفٍ
يخترقُ مَساماتي
أصحو ولا أصحو
كأنَّني هنا ولستُ هُنا
أحاولُ أن ألمُسُها
تصطدمُ يدي بالجِدارِ
وتكتوي بِلهيبٍ من الأرَقِ
في عيني وجَعُ المَرافئِ
وضَحكَةُ الماضي
وضوعُ العَبقِ
وعلى مَقْرُبَةٍ
رسائلَ اعتَراها اصفِرارٌ
تَرقُدُ ميِّتةً في أدراجِ النِّسْيَانِ
والهَمساتُ الخافتةُ
ما تزال تجوبُ فضاءاتي
مثل فحيحٍ أو هسيسٍ
أو بوحُ غيمةٍ
لقطرةِ مطرٍ
أراها في كُلِّ الوُجوهِ
وفي كُلِّ الأركانِ
وفي بَواباتِ الزَّمانِ
ولكنَّني أبداً لا أراها
اشتَعِلُ رُغبةً
واشتياقاتي جُذْوَةً
أَصرَخُ صَمتاً
وعُيوني مَوسُومةٌ
بِضجيجِ العَتمةِ
أراها في كُلِّ دفاتري
وفي جَميعِ قُصَاصَاتي
وأسمَعُ صَدى تنهُداتِها
فوق ستائرَ غُرفتي
لكنَّني أبداَ لا أراها
**
"ستوكهولم-السويد"
اللوحة للفنان التشكيلي السوري يعقوب اسحق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق