أنينُ الرُّوحِ/ جورج مسعود عازار



بُذورُ الشَّرِ صارت

أشجارَ حُزنٍ باسقاتٍ

في أتونِ الحَربِ

وعناقيدُ الدَّم المُعلَّقةِ

تتأرجَحُ

ولا تكفُّ أبداً عنِ النَّواحِ

عويلُ الثَّكالى

 يرتَسِمُ فوق الصُخورِ 

وحرائقُ الرّوحِ

حباتُ بَرَدٍ تَتَّقِدُ

ما ذنبُ الفراشات 

تَذوي على مفارقِ الطُّرقِ

 تصطلي وتشتعِلُ

وأفراخُ اليمامِ يقتلُها

نَعيقُ المدافِعِ

وشُدَّةُ الهَلَعِ

منذ بَدءِ الدُهورِ 

قتيلاً مات هابيلُ

 وقابيل قد شَدَّ الرِّحالَ

غير مأسوفٍ عليهِ 

قد مَضى واندَثرَ

لَكنَّ فضاءاتَ الشَّرِ

ما فَتِئَتْ من قابيل

 الملايينَ تستولدُ تارةً 

وطوراً تستَنسِخُ

ضَبابٌ يَغشى العيونَ

والقتلُ والحرقُ والسَّملُ

كُلُّ البَريةِ تعلمُ

أنَّ الخلودَ مُحالٌ

والخِتامَ قبرٌ وكفنٌ

لكِنَّ طُبولَ الحَربِ 

تَصِمُّ ذاكرةَ الوَرى 

وتهشِّمُ

للوقيعةِ مذاقٌ وطُعومٌ

وويلٌ للخليقةِ

حين تصيرُ إدامةً وإدماناً

للدَّم يومُ الوَغى

 شهوةٌ واشتهاءٌ

تَلَغُ فيه الأباليسُ الظِماءُ

ولكنَّها أبداً لا تروي غليلاً 

ولا هم يشبعوا 

ولا البطونُ يوماً منها تَكتفي

ينقضي الدَّهرُ 

وأزيزُ الرَّصاصِ 

وقعقعةُ السِّلاحِ 

لا تعرفُ الصَّمتَ

الدماءُ سيولٌ والورودُ يَتامى

والشَّمسُ تُلَملِمُ ما تَبقَّى من ضَوءٍ

على قارعةِ التاريخِ

وتَطوي قناديلَ الفَرحِ

فيذرفُ الغيمُ دموعاً

تُخفِقُ في إطفاءِ 

سعيرِ هاويةٍ تَضطَرِمُ

رويداُ رويداُ

تَنمو أزاهيرُ الأقحوانِ

في حُزنٍ وفي خَجلٍ 

فوق تِلالِ المَقابرِ البعيدةِ

فيصيرُ الدَّمُ عِطراً

ويسافرُ مثلَ تَرنيمةٍ

تَتَماوَجُ كالنَّسيمِ

عبرَ فضاءاتِ المَدَى

أبداً لا يتوقفُ


 ستوكهولم السويد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق