هيدروجينات للذكاء الاصطناعي/ بن يونس ماجن



كل ما اعرفه عن الهيدروجين

انه اكسير للمحكومين  بالاعدام


وكل ما اعرفه عن الذكاء الاصطناعي

انه استنساخ للمتقدمين في السن


وكل ما اعرفه عن المناديل الورقية

انها تزداد نعومة 

في ايادي الجميلات

الرافلات في الاحذية المدببة


اما انا فسأكمل رحلتي

في سلال القمامة

باحثا عن حظي اليائس

بين بقايا ارواح منتهية الصلاحية


فلا حاجة لي اليوم

ان اصحو على صبح جديد

لاكون صريحا معكم تماما

لقد انطفأ الحلم وخاب الامل

وسأموت بعد ايام

وكاجراء روتيني

ساستيقظ بعد مراسيم الدفن

لاستخراج شهادة الوفاة

من مكتب حفار القبور

                     

ليس لي في محافل الشعر

غير اثقال الشيخوخة

وايام هرمت بسرعة الضوء


عندما امر بمرحلة وحشية

اقوم ببحث عن الثأر

في زرب الانترنت

ما أنا الاذئب منفرد ابتكره الذكاء الاصطناعي

قد يحدث ان اجلس على مقعد في حديقة عامة

مع المفلسين والمشردين 

وصعاليك من سلالة الهيدروجين البشري


وسافترض انني نمت فى حضن  حجر نجمة غجرية

تحت ضوء القمر بابعاد ثلاثية

وكلما كسبت رهان من اجل كبوة معكوسة

لخيول جامحة

أتأخر في كتابة وصيتي

أتعسف على كثير

ممن دخلوا حلبة الشعر

فقصائدهم غير متكافئة

وغير قابلة للتجديد

فهي تحتاج الى هيدروجين سائل

يجردها من الصدأ


كل ما انجزته الآن 

لا شيء  غير ربوت لامرأة عاقرة

فقدت رضيعها

نتيجة علاقة غير شرعية

افتعلها الذكاء الصناعي


بقي ان اقول ان الهيدروجين

جراد متناسل

وان بمقدوري ان اتحدى

الذكاء الاصطناعي بكل سهولة

فقوانين اللعبة لا تتغير

لمن يبغون التوقيت

بحبات الساعة الرملية


من المســافـة صفــر / صبحة بغورة

  


مازال الغرب يكشف عن المزيد من ملامح وجهه القبيح حتى صرنا نقرأ قسماتهم،  نعي نظراتهم ،نعرف إيماءاتهم ونسمع همساتهم  بعدما تعارفنا من  المسافة صفر،


العداء الأزلي السافر  للإسلام والعروبة هو السمة المشتركة بين الصهيونية والغرب ، وكلما اقتربت خطوط التماس من بعضها انكشف ما وراء المساحيق أسرع، وبدت حقيقة الوجوه واضحة أكثر، وسقطت كل الأقنعة المصطنعة والمزيفة، وأصبحنا قريبين من دخيلة قلوب صناع القرار حتى لنستشعر حرارة نفثهم شرا وكراهية،وكلما اقتربنا راعنا ما تخفيه سطور مواثيقهم المخادعة وعقودهم المضللة وعهودهم الكاذبة ، رأينا كيف تطحن مقومات الشعب العراقي ، وتدمر حضارة وتراث الشعب السوري ، وتنهب ثروات الشعب الليبي ، وكيف يباد الشعب الفلسطيني الأعزل وأطفاله الأبرياء بآلاف الأطنان من القنابل الغبية أكثر من الذكية على يد جنود صهاينة أغبياء أكثر من  قنابلهم لم يتمكنوا على مدي ثلاث أشهر من مغالبة أفراد المقاومة المسلحة وجبنوا عن مواجهتهم فسارعوا إلى الانتقام لقتلاهم في الشيوخ والنساء والرضع وأفرغوا حنقهم وحقدهم على المدنيين ليلا ، هذا هو أسلوب المستعمرين في كل الحقب التاريخية ، لا يتغير لأنه إجرام يسرى مجرى الدم ، تقتيل بدون تمييز، واغتصاب بلا أي وازع أخلاقي، وتدمير بغير ضمير إفسادا في الأرض ، وهناك الفرنسي اليهودي ، والأمريكي اليهودي .. والألماني كذلك !! أصبحوا ينتصرون لليهودية أكثرمن اليهود أنفسهم، يخوضون إلى جوارهم حربا غير متكافئة  ، عرفناهم وعرفونا جيدا من المسافة صفر، نعترف بأننا شعوب ضعيفة الشخصية ، لا تقدس العمل ولا تقبل على تحصيل العلم بل تهوى التجارة فقط ، التجارة في كل شيءيصنعه الغرب ، تلك هي السيرة الأولى كما عهدناها في قبيلة قريش، هجرنا علماؤنا واستفاد الغرب من علمهم، وأصبح شبابنا يحلم بأوطانهم على قوارب الموت، قاست مجتمعاتنا المحافظة من مظاهر الفتن والضلالة وعانت من مختلف سيناريوهات التدمير الذاتي والانتحار السياسي تحت وطأة الإرهاب السياسي والطائفي والديني المسلح  المسخر من الغرب والموجه تحت مسمى ثورات الربيع العربي ، ثم إشاعة الفيروسات والأمراض سريعة الانتشار وإحداث العدوى ،ونشر الفساد الأخلاقي والشذوذ ، إنه مخطط كبير يستهدف المسلمين أينما وجدوا ولا يستثنى منه أي وطن عربي ، لقد جعلنا من أنفسنا تطبيقا حيا للمثل القائل " المذبوحة تسخر من المسلوخة  ،وبرغم كل هذا يعتز كل مواطن عربي بمقوماته ويتمسك بهويته وأصالته، ويدرك أنه ليس هناك من مخرج سوى الأخذ بجميع أسباب المنعة والقوةبالتسلح بالعلم والتمسك بالتضامن والمحافظة على المقومات الوطنية ، وسيكون الأمر أقرب إلى التحقيق بكل يسر وسهولة إذا جعل كل زعيم عربي مسافة علاقته بهموم أفراد شعبه صفرا.لقد علمتنا الحرب الصهيونية على غزة من المسافة صفر أن من يدّعون القوة جبناء،ومن يزعمون الجبروت أغبياء، وأن ساستهم مراوغون وجنودهم شواذ وأن تاريخهم كله عار عليهم ولا يحمل التاريخ لهم أي موقف يشرفهم ، أمّا شرطي العالم الذي ضاق بكونه ليس إلا بلد مهاجرين نشأ وسط حضارات عريقة فلم يتطور فكره منذ عهد "الكاوبوي" ويتلخص في أن البقاء للأصلح ، وأن صاحب الكفاءة هو الشخص الأسرع في سحب مسدسه، لذلك فهم أبعد ما يكونون عن رسم سيناريوهات التنمية لكل بلد عربي مسلم لأنهم ليسوا أهل سلام ولا جديرين بالثقة ، ولا يجوز أبدا أن تبني الدول العربية علاقاتها مع الغرب والصهاينة من المسافة صفر.



إلى العَامِ الجَدِيد/ الدكتور حاتم جوعيه



 ( " بمناسبةِ  عيد  رأس السَّنةِ  الميلاديَّةِ   ")  

   

أيُّهَا   العامُ  الجَديدْ 

أيُّ   بُشْرَى ... أيُّ  خير ٍ وَحُبُور ٍ وَهَناءْ

تحملُ الأنسامُ  من ندٍّ  ومن نفح ِ عبير ٍ وشَذاءْ  

أيقظِ  الآمالَ   فينا  والرَّجاءْ  

أيُّها   العامُ   الجديدْ  

أعطِنا  حُبًّا  ودِفئًا   وَسُكونا   وسَلامَا   

وحَنانا   وَوئامَا  

كيْ   نُعِيدْ    // 

بسمة َ الأطفالِ  للكونِ  الوَطِيدْ 

فعلى وقع ِ خطاكْ // يرقصُ القلبُ التياعًا وهيامَا 

لنغنِّ   فجْرَنا  المَنَنشُودَ   دومًا  ولِنزدَدْ   التِحَامَا  

أعطِنا  حُبًّا   لنجتازَ  الوهادَ  المُدْلهِمَّهْ 

نرسُمُ الأحلامَ ... ُنعلِي راية الأمجادِ في ذروةِ  قِمَّهْ 

فلنحَلّقْ  ما  وراءَ  المُنتهى  واللاوُجُود

ولنُحَرِّرْ روحَنا من عتمةِ  السِّجنِ  وأعباءِ القيودْ  

فلنُوَدِّعْ  عامَنا الماضي  ونخطُو  لِلقائِكْ  

قادِمٌ  أنتَ  إلينا ... ألفُ  مَرْحًى  لعِناقِكْ  

فعلى أعتابِكَ الوَسْنى شغافُ القلبِ تصبُو لِضِيَائِكْ   

ما الذي تحملهُ من فرح ِ الدنيا وألحانِ السَّعادهْ 

أيُّها المجهولُ فينا لكَ دومًا في حنايا الرُّوح ِ حُبٌّ وعبادَهْ  

هلْ  يعمُّ  السِّلمُ ... يخطو في  رُبَى الشَّرق ِ  الحبيبْ  

تشرقُ الشَّمسُ علينا ... يتهادى النورُ تيهًا ، بعدَ أن حَلَّ المَغيبْ  

سنغنِّي  للسَّلامْ  //  كلَّ  إطلالةِ   صُبْح ٍ  ومساءْ  

إنَّ فجرَ السِّلمِ  يأتي ... سوفَ  يأتي  ،  والضياءْ 

يغمرُ  الدنيا  وأركانَ  الفضاءْ  

 تبسمُ الزهارُ والأطيارُ والأقمارُ ... تزدادُ  سَناءْ  

ندفنُ  الآهاتِ   والحُزنَ   وأهوالَ  الشَّقاءْ 

فلنُغنِّ ولنصَلِّ  مع  خُطى العامِ  الجديدْ 

ولنوَدِّعْ عالمَ الماضي  وأطيافَ الشَّجَنْ    

إنّما  الهمُّ سرابٌ سوفَ يمضي  وَيُولِّي  ...                                                                                          

... يتلاشَى   في   متاهاتِ    الزَّمَنْ  

أترعُوا  الكأسَ   فهذا  اليومُ   عيدْ   //

أيُّ عيدٍ //  إيُّ  بُشرَى  //  إنَّهُ  أروعُ  عيدْ 

واشربُوها ، في سُمُوِّ الروح ِ ، مع عذبِ الأغاني والنشيدْ 

فلنعَلِّ  رايةَ َ الحبِّ  الوَطِيدَهْ  

ولنغنِّ فرحة َ العيدِ  السَّعيدَهْ 

أيُّها   العامُ  الجديدْ  

أيُّ   بُشْرَى  ... أيُّ   حُبٍّ  وحُبور ٍ   وَهَناءْ 

تحملُ الأنسامُ من ندٍّ ومن نفح ِ عبيرٍ وشَذاءْ  

أيقظِ  الآمالَ  فينا  والرَّجَاءْ      

أيُّهَا  العامُ  الحديدْ

أيُّها  العامُ  الجديدْ


ميلاد تحت الركام، ليس بالدين وحده يحيا البشر/ جواد بولس



سقطت يوم الثلاثاء الفائت قذيفة صاروخية في منطقة قريبة جدا من مبنى كنيسة قرية اقرث المهجّرة الواقعة في اعالي الجليل الغربي والقريبة من الحدود اللبنانية. نقلت الاخبار أن الصاروخ الذي اطلق من داخل الارض اللبنانية قد اصاب الكنيسة وتسبب لمبناها باضرار جسيمة، وان احد ابناء الكنيسة، الذي تصادف وجوده في ساحاتها، قد اصيب بشكل خطير. قامت بعض المنصات الاخبارية الاسرائيلية بنقل الخبر بسرعة فائقة وكأنها تريد ان تسجّل نقطة في حربها الاعلامية بحق "حزب الله"؛ ففي نهاية المطاف، هكذا كانت ستكون الدعاية، في الحرب كل احتمال جائز الوقوع، اما عمدًا وإما عن طريق الخطأ. حتى دور العبادة، سواء كانت جامعًا ام كنيسة ام كنيسا، لن تسلم ولن تستطيع السماء حمايتها؛  فهي، أي السماء، عاجزة، كما نرى، عن حماية البشر وانقاذ الابرياء الذين يسقطون على وقع "الحصاة في الدم" في اعراس الموت الراقص.

بعد ساعات من وقوع الحادثة اتضحت الصورة؛ وتبيّن أن الكنيسة لم تصب بشكل مباشر، بل أن بعض الاضرار وقعت في محيطها الخارجي نتيجة للصدمة الارتدادية التي سببتها القذيفة، وتبين كذلك ان عددا من الجنود، الذين كانوا في الموقع، قد اصيبوا واصيب، ايضا،  المواطن حنا ناصر، ابن قرية اقرث، المواظب على زيارة بقاياها وكنيستها الصامدة، مرتين في الاسبوع، رغم اجتيازه الثمانين عامًا من عمر الوجع. خيّب الموت آمال مهندسي الدعاية الاسرائيلية فلم يمت حنا المسيحي والكنيسة سلمت ولم تصل، هذه المرة، نيران الصاروخ اللبناني الى حرج حزب الله وبقيت اسرائيل وحدها في هذه الحرب هدّامة الكنائس.  

وقعت هذه الحادثة والعالم المسيحي يحتفل بحلول عيد الميلاد، حيث كانت عيون أهل المعمورة كلها متجهة نحو فلسطين، صاحبة هذا العيد، ونحو كنائسها ورعاياها الفلسطينيين المسيحيين. كل الناس يتطلعون نحو كمشة العرب المسيحيين الباقية في وطنها والبعض يشكك في نظافة مواقفهم. وقفت اسرائيل تنتظر عرسها في ساحات الشقاق، بيد ان بيت لحم بقيت اختًا لغزة واختارت ان تصلي لطفلها، يسوع، وهو تحت الحطام، الذي كان وبقي حطام قيم البشر الفاسدين.

لم يكن أي خيار آخر أمام رؤساء الكنائس المقيمين في القدس الا ان يعلنوا مبكرا عن "الغاء جميع الفعاليات الاحتفالية المخططة لعيد الميلاد المجيد لهذا العام واقتصار الاحتفالات على الصلوات والطقوس الكنسية الدينية في ظل العدوان على غزة والضفة الغربية منذ السابع من اكتوبر".

لا شك بأن هول المشاهد المريعة التي نقلتها شاشات الاخبار، كانت السبب المباشر وراء موقف الكنائس المذكور، خاصة بعد ان عبّروا عن استنكارهم الصارم لعملية حماس، ووصَفها بعضهم بالعمل الارهابي ؛ لكنني اعتقد انه الى جانب الدافع الانساني المذكور لم يستطع هؤلاء الرؤساء الكنسيين والبطاركة تغييب دور ومكانة رعايا كنائسهم المسيحيين بالرغم من اعدادهم القليلة في فلسطين وداخل اسرائيل. فهؤلاء الرعايا هم اصل المسيحية في هذه البلاد وهم من يسبغون الشرعية على مسيحية المستعمرين، فالاصل والفصل كانا وما زالا فلسطينيين.     

انها واحدة من المحطات التاريخية النادرة في العصر الحديث، عصر ما بعد استعمار الكنائس المشرقية من قبل الدول الغربية، التي يضطر فيها رؤساء معظم كنائس المستعمرين في فلسطين الى اتخاذ قرار متطرف وغير عادي، وفق منطقهم اللاهوتي والتسيّدي السائد، اذ افضى في النهاية الى التعاطي مع "الميلاد" ومعانية الموروثة، وهي مقرونة بمعاني الموت والفداء والقيامة. فميلاد المسيح هذا العام تم تحت التراب وبين الركام، وتحديدا في غزة، وهي حالة مجازية فريدة في حياة المؤمنين بالمسيح، الذين طفق بعضهم يسائلون ربهم، لماذا ترك غزة ولماذا يحجب وجهه عن غزة ؟

 انها أسئلة كبيرة لا يستطيع ان يسألها الا المؤمن الحقيقي، الثائر على طريقة سيده يسوع، ومثل هؤلاء كثر قد ولدوا في فلسطين وجدت من بينهم القس منذر اسحق، راعي كنيسة الميلاد اللوثرية في بيت لحم. كنت اتمنى ان انقل لكم خطبته في العيد بمعانيها المؤثرة واللافتة ولما فيها من روح لاهوتية شرقية مسيحية وطنية يغفلها العالم الغربي، عمدا واستعلاءً؛ ولا تحظى بتقدير العالمين، العربي والاسلامي، جهلاً وعقيدةً.

"نحن غاضبون ..نحن مكسورون" كان عنوان خطبة الاب منذر وفيها يقول: "كان ينبغي أن يكون هذا وقت فرح. بدلا من ذلك ، نحن في حداد. نحن خائفون" ، ثم يصف ما جرى ويجري في غزة  من عمليات قتل وتطهير . ثم يوجه غضبه نحو صمت رؤساء دول العالم ويتساءل: "هل يمكن ان يكون هذا مصيرنا في بيت لحم؟".  لم يجب على سؤاله رغم منطقه الصحيح، لكنه، وهو يتذكر بكم العالم وصمته ازاء قتل آلاف الأطفال و الابرياء، يعلن عن انزعاجه من "صمت الله" ويخبره كيف اصبحت  "في هذين الشهرين الأخيرين مزامير الرثاء رفيقا ثمينا" وكذلك كيف بحثنا  "في آلامنا وحزننا ورثائنا عن الله فوجدناه تحت الانقاض في غزة ". إن يسوع كان ضحية الامبراطور ولم يزل وصرخ ويصرخ من تحت الركام إلهي أين أنت ؟   

لا اعرف مَن من بين رؤساء الكنائس والبطاركة مستعد لأن يتكلم بهذا الفهم والغضب والرجاء وان يعلن على الملأ  انه "لو ولد يسوع اليوم لكان قد ولد تحت الركام في غزة" وأنه "عندما نمجد الكبرياء والغنى، يكون يسوع تحت الركام. وعندما نعتمد على القوة والجبروت والسلاح يكون يسوع تحت الركام. وعندما نبرر ونفسر ونضع نظريات لاهوتية عن قصف الاطفال، يكون يسوع تحت الركام .. يسوع تحت الركام، هذا هو مذوده. انه مع المهمشين والمعذبين والنازحين.. هذا هو الطفل هو أملنا وإلهامنا". هكذا يكون كلام الغضب ، كلام الخوف، كلام الأمل، ومن شاء فليكن هذا كلام المسيحي الفلسطيني المؤمن. فلنسأل، كما يسأل كل فلسطيني، مسيحيًا كان ام مسلمًا : هل ممكن ان يكون هذا مصيرنا ، في المثلث والنقب والجليل ؟ً 

بيننا من يحاول ايهامنا بان مصيرنا كمسيحيبن داخل إسرائيل مؤمّن واننا لن نتأذى من أي سياسة حكومية عتيدة. يبقى هذا الكلام مجرد هراء لا أساس له وتدحضه تجربتنا وينفيه واقعنا الحالي. من يحاول بث هذه الادعاءات  بين المواطنين والاصرار على اننا كمسيحيبن  يجب ان نتميز عن سائر ابناء شعبنا، لا يستهدف الا زرع التفرقة  ونشر الفتنة، وذلك كما حصل في بعض المواقع مؤخرًا عندما حاولت بعض المجموعات الهامشية الاعتراض على قرار الكنائس المحلية في القرى والمدن العربية باقتصار احتفالات العيد على الطقوس الكنسية الدينية، ولكن، كما كانت بيت لحم اختا لغزة كانت الناصرة اختًا لبيت لحم ففشل جميع  هؤلاء. 

من الجائز طبعا ان يصيبنا، نحن المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل ما اصابنا من قبلُ وكما  سيصيب بيت لحم او اكثر. ومن ما زال يراهن على مسيحيته الموالية او اسلامه الحسن او درزيته الطيّعة ليقرأ مجددًا قوانين الكنيست المشرعة في الاعوام الاخيرة، او يسمع اقوال الحاخام مئير شموئيلي المنشورة في وسائل الاعلام وفيها يحرض على الاطباء والصيادلة العرب ويتهمهم انهم يقومون بقتل المرضى اليهود عمدا في المستشفيات او بتشويههم عمدا، ويتمنى ان "تمحى اسماؤهم" وهو دعاء يهودي لموت فلان.   

ما يحرك عنصرية هذا الحاخام وتطرفه الخطير هي عقيدته الدينية طبعا؛ وهي ذات المحركات التي ستدفع سياسات حكومة اسرائيل بعد انتهاء الحرب على غزة بإتجاه مواجهة مواطنيها العرب، ولن يشفع لنا سلوكنا المميز والمتعقل، ولا موقفنا ضد هجمة حماس وشجبها وادانة قتل المدنيين العزل. لن يشفع لنا ذلك فعلينا، ونحن "غاضبون ومكسورون" ان نفتش عن سبل خلاصنا قبل ان نندهش من صمت العالم ونسأل:  الهي اين انت ؟  

اعجبني ايمان القس منذر اسحق، الثائر المسيحي الفلسطيني، الذي وجد أمله والهامه بين الركام في غزة؛ وتمنيت لو اشعر مثله، لكنني لست ممن يؤمنون انه بالدين وحده ينجو ابن البشر. فكل اله بمؤمنيه معجب، واسألوا ان اردتم ذاك الحاخام او ذلك الشيخ او هذا الكاهن وكلهم يدعي في الايمان حذق وورع.

 للحظات تخيلت ماذا كان سيحصل  لو اصاب الصاروخ اللبناني كنيسة اقرث وهدمها، او اصاب حنا، حارس الامل والعهد، وقتله. تساءلت عندها: تحت اي ركام كان سيولد يسوع الذي وجده القس منذر تحت ركام غزة؟ 

لقد عادت اقرث، القرية المغدورة في العام 1951، بعد قصة الصاروخ اللبناني، الى حضن النسيان ، بينما يرقد ابو ناصر، فارسها العنيد، في المستشفى ويحلم ببيادرها ، التي تركها وهو في سن العاشرة، وينثر في الفضاء هواءها المخزن في صدرها آهاتٍ وعطرًا.

حنا الاقرثي الأصيل يعرف، هكذا أظن، انه بالدين وحده لا ينجو الانسان، فهو لم يذهب الى إقرث المهجّرة كي يفتش عن يسوع تحت اي ركام. حنا يحمل يسوع في قلبه فكرة، تماما كما يحمل فيه فكرة الوطن والايمان.


سكة سفر/ محمد محمد علي جنيدي



لو يكون يومك جميل

عادي تشكر..

طب ولو يومك تقيل

ليه بتكفر!..

ده لأن الدنيا سارقه

نبض قلبك

لما تقفلك بيبانها

تنسى ربك..

خلي بالك واوعى تنسى

واوعى وانته بتقوى تأسى

دي الدموع اللي بتجري

بكره يمسحها القدر

والخريف يجي بياخدنا

زي أوراق الشجر

واللي راجع والمسافر

واللي سهران للقمر

كله راحل واحنا إحنا

نسخه من كل البشر

مهما هتطول الحكايه

الحياة سكة سفر



مصر / بني سويف

m_mohamed_genedy@yahoo.com

طريـق الندامـة/ مجدي جعفر



تأبطت ذراعه ، قبضت على ساعده ، أحسَّ بأصابعها الطويلة ، الرقيقة الناعمة ، تغور في قلبه ، وما زال الطريق ممتداً ، لا تبدو له نهاية.

موحش الطريق ، ووعر، هجرته الأقدام من عشرات السنين . داخله مفقود ، وخارجه مولود . على مقربة منه وضعوا (لافتة) كتبوا عليها (طريق الندامة) .. الكل يخشى الاقتراب منه ، والأمهات يحذرن صغارهن .. أصرَّ هو .. كما أصرت هي .. على أن يقطعاه ولو كلفهما العمر.

 قال : سنمضي بقوة لا تفتر، وعزيمة لا تكل. 

 قالت : سنمضي وزادنا العلم .. 

أعدا خرائطَ وصوراً ورسوماً بيانية وبوصلة ونظارات وجهازاً لاسلكياً ..

سرى الخبر بين الناس مسرى الدماء في العروق ، ضحك لاعبو ( النرد ) على المقهى ، وهزأ ماسك مبسم ( الشيشة ) .. لم يعبأ بالأفواه التي انطلقت ولا تكف عن التهكم ، ولم يرهبهما تهديد ( العمدة ) ولا أزعجهما ( حديث إمام المسجد ).

 قال : 

- الناس على دين آبائهم ..

قالت : 

- أجيال متعاقبة توارثت الخوف ، نسجوا حوله الأساطير..

- سيوفر الوقت والجهد والمال ..

- سيربط القرية بمعظم القرى ..

أول الطريق من جهة القرية شاق ، ووعر ، صخور رُصت على شكل أهرامات من أزمنة غابرة .. رمقهما أهل القرية وهما يتسلقان الصخور ، أعشاب نمت عشوائياً ، وأشجار تيبست ، شاهق مدخل الطريق بارتفاع الهرم الأكبر ، توقفت المارة ، وخرج أهل القرية ، استمرا في الصعود والعرق ينزل من جسديهما ، وحواف الصخور أدمت أيديهما وأرجلهما ، وأبداً لم يتسرب اليأس إليهما ولا الخوف ، وزحف الليل ، وطال الليل ، وأهل القرية يحملون المشاعل ، يرقبونهما ، يحسنون الإصغاء إليهما وهما ينقلان لهما الأحداث أولاً بأول عبر جهاز اللاسلكي .. ونظرات الإعجاب أخذت تزحف إلى أعينهم ، والخوف عليهما بدأ يتسلل إلى قلوبهم ..

- : ( ألمح شعاعات الفجر آتية من بعيد ) .. 

- : ( على مدد الشوف ، عمائر سامقة ، وطرق ممهدة ، مسفلتة ، وأعمدة إنارة … و .. ) .. 

وبينما العمدة يزمجر ، ويتوعد ، ويهدد ، كان الصوت يأتي جلياً قوياً ليبدد مخاوف الناس ، ويزيل الوساوس ويثير الدهشة ..

- : الناس هنا تمشي على الماء ، وتطير في الهواء..

على الجانب الآخر من الطريق حياة ناعمة ، هادئة ، مستقرة.

- لاَّن لهم الحديد ، ودانت لهم الدنيا .. 

وبينما ارتفع صوت العمدة ، ملوحاً بقبضته في الهواء ، سُمع دوي طلق ناري ، فانقطع صوت جهاز اللاسلكي ، ووجمت  الناس ، وساد صمت شديد إلا صوت العمدة الذى أخذ يردد متهكماً : ( قلنا إنه طريق الندامة! ).


إستعراض لقصَّة "رازي وأصدقاؤُهُ الديناصورات " للأطفال - للكاتبة " عطاف عودة"/ الدكتور حاتم جوعيه

 



مقدمة  :       تقعُ هذه القصَّة ( رازي وأصدقاؤُهُ الديناصورات : في  20 صفحة من الحجم  المتوسط (صفحات القصَّة غير مُرَقّمة ) - تأليف الكاتبة عطاف عودة  - الكبابير حيفا ، تصميم  ورسومات الفنان  عنان عودة ... تهدي الكاتبة هذه القصة إلى حفيدها الاول  "رازي" ... وطُبع الكتاب على حساب ونفقةِ الكاتبة ، ولم تأخذ أيَّ دعم  ماديٍّ من أيَّة مؤسسة أو دار نشر لطباعته .

مدخل :        تستهلُّ الكاتبةُ قصَّتها في الحديثِ عن الطفل رازي ( بطل القصَّة ) وتذكرُ أنّهُ طفلٌ مؤدَّبٌ ولطيف يبلغُ من العمر خمس سنين . وهذا الطفلُ البريىء يحبُّ أصدقاءَهُ  ويحبُّ سماعَ القصص ويحبُّ الفنَّ التشكيلي ( الرسم والتلوين ) ورياضة كرة القدم  مع اللاعبين  .  وللطفل رازي جدٌّ  يروي له القصص دائما كلما يكون جالسًا معه  .

      وفي أحد الأيام  قال رازي لجَدِّهِ : أريدُ  أن أروي وأقصَّ عليكَ  قصَّةً جميلة..فأجابهُ جدُّهُ :هذا يُسعدُني كثيرا تفضَّلْ إنّي أسمعُكَ  يا رازي .  وبدأ رازي  في سردِ  قصَّتِهِ  الطريفةِ ، فابتدأ  كلامَهُ على غرار وطريقةِ جميع  الرواة  والحكواتيَّة  سابقا الذين  كانوا يروون  القصصَ  والحكايات للناس قبل عقود من الزَّمن في المقاهي والمنتديات وقبلَ أن  تكون آنذاك الوسائل  التكنيلوجية الحديثة  المعروفة  اليوم  كالتلفزيونات  والراديات  والانترنيت والبيليفونات ووسائل الإتصال السريعة .  فقال  رازي" : ((  كان  يا مكان  بدنا نخرّف بَسْ بدناش ننام ))... وتابع حديثه : 

      في أحدِ الأيام اصطحبَ طفلٌ اسمهُ رازي (على اسمه) جدَّهُ في رحلةٍ مُمتعةٍ إلى الغابةِ ولكي يلعبَ مع أصدقائِهِ الديناصورات ( كتبت في القصة بخط  بونط كبير ) .  وقال رازي بانفعال : هيَّا إتبعني يا جدَّي حتى أعرفكَ على  أصدقائي . فسأله الجدُّ : أينَ هم  يا رازي ؟؟ .. فقال رازي : ستراهم حالا  وهيَّا بنا . وتنتقلُ الكاتبة مباشرة في سرد القصة وعلى لسان  رازي ( البطل) إلى الحيوانات الموجودة في الغابة . فقال رازي للجد: هذا صديقي الديناصور( باراسورولوفوس ) ، ويسمُّونهُ أيضا السحليَّة المُتوَّجَة  بسبب القمَّة العظيمة والمذهلة الموجودةعلى رأسهِ..وهذا الديناصور يمشي على  أربعة  أرجل  ويمكنه  المشي  على  قدمين  اثنين فقط  ويتغذى على العشب  (نوع من الديناصورات القديمة التي انقرضت وكانت  تتغذى على الأعشاب) . وتابع رازي مشواره واستمرَّ يُعرّفُ جدَّهُ على باقي الحيوانات الموجودة  ، وقال  للجدِّ  :   لا  تخف  يا  جدَّي  هذا  الذي  أمامنا   يُدعى       ( تيرانوسورس – ركس ) ويعرف باسم " تي – ريكس " ، وهو ملك الديناصورات ، يتمتَّعُ  بعضلاتٍ  كبيرة ، ويتعذى على اللحوم ، وهو الديناصورالمفضل  والمُحبَّذ عندي   .     وهذا أمامنا أيضا صديقي ( فيلا سيرابتور) ويتمتَّع بجسد رشيق فهو خفيف الحركة  ويستطيع القفز إلى  أعلى بسهولة .   وهذا أمامنا أيضا  صديقي الضخم  الديناصور ( ترايسيريتوبس) ويتميَّزُ بوجود الهدب  الضخمة خلف رأسه ، وله ثلاثة  ثرون مما يجعله قويا  ويدافع عن نفسه  بشجاعة ، وهو يتغذى على النباتات  ( نوع من  الديناصورات  المنقرضة  ليس  من آكلي اللحوم  ) .

        وتابع  الطفلُ رازي حديثه مع جدِّه ِ :أنظرْ نحو السماء يا جدِّي هذا               ( تيرانودون ) وهو زاحف –  طائر لا توجدُ  له أسنانٌ  يقضي  قسما كبيرا من وقتِهِ  فوق المحيط .  ويرفع رازي  صوته بحماس شديد مخاطبا  أصدقاءَه الحيوانات: ( أصدقائي. هل أنتم مستعدون وجاهزون  للمغامرة؟؟ -   سوف نحلق معا إلى الفضاء  ( كتبت هذه الجملة بخط  بونط كبير )..ووجَه رازي كلامه مباشرةً إلى الطائر العملاق  تيرانودون :هيَّا طِرْ بنا وخذنا إلى المجموعة الشمسيَّة .

           وتنتقلُ الكاتبةُ مباشرة بعد  كلام الطفل رازي مع الطائر العملاق تيرانودون إلى الحديثِ عن المجموعةِ  الشمسيَّة  التي  طاروا إليها .  فقال 

 رازي : ما أحلى مجموعتنا  الشمسيَّة  الشمسيَّة  لقد  وصلنا  إليها بسرعة ..ويطلب الطفل رازي من الطائر العملاق ( تيرانودون )  ألا يقترب  أكثر من الشمس لأنها شديدة الحرارة فسوف تحرقهم إذا اقتربوا أكثر .     ويقول رازي  لجدَّهِ :  إن الشمسَ هي الأكبر حجمًا في المجموعة الشمسيَّة  وتدورُ حولها الكواكبُ الثمانية (( طبعا هذا الكلام  قالتهُ الكاتبة  على لسان  الطفل رازي  مع انه  يوجد تسعة  كواكب  يدورون بالإضافة إلى الكوكب  بلوتوس الذي أكتشف في الثلاثينيَّات من القرن الماضي )) .  ويرفع رازي صوته  مخاطبا  جدَّه :  جدَّي  جدَّي  أين  أنتَ ؟؟؟  .... أنا  هنا  مع (باراسورولوفوس ) .... لقد وَصلنا إلى  كوكب  عطارد  ( مطبوعة الكوكب  عطارد  بخط  أصفر كبير وواضح  )  لنعرّف الاطفال على  هذا الكوكب وهو الكوكب  الأول  في المجموع  الشمسيَّة  وأقرب   كوكب إلى الشمس ، ولهذا هو  شديد الحرارة .. ويتابع رازي حديثه  مع الجد ويعرِّفهُ على باقي  كواكب المجموعة الشمسيَّة  بالترتيب  في هذه  الجولة الفضائيَّة  المكوكيَّة كلما  يقتربون من كوكب جديد .    فيقول رازي : هذا هو كوكب (( الزَّهرة ))- وكتبت كلمة الزهرة بخط بونط كبير .. وحجمها يعادل حجم  الأرض .. والزهرة هي الكوكب الثاني  بعدعطارد في المجموعة الشمسية حسب الترتيب والبعدمن الشمس...ويستمرُّ رازي في حديثهِ .: وها  كوكبنا الجميل ( كوكب الأرض) ( طبعت كلمة الأرض أيضا  بخط  بونط كبير ) . حيث نعيشُ نحن عليها  .   والأرضُ  تدورُ حول  نفسها  كل 24  ساعة فينتج الليل والنهار.  وتدور حول الشمس مرة واحدة كل  365 يوما  وينتجُ عن هذه الدورة الفصول الربعة (الشتاء، الربيع، الصيف والخريف) ....والأرض هي الكوكب الثالث  في المجموعة الشمسيَّة   .      وهذا هو ( كوكب المريخ )   ( كتب بخط  بونط )    ويسمى أيضا  بالكوكب الأحمر .. وبعده الكوكب الخامس ( المشتري ) ... وهو أكبر الكواكب في مجموعتنا الشمسيَّة .. وتابعوا  رحلتهم واقتربوا من  كوكب زحل فقال  رازي:  أنظر ياجدي كم هو جميل قالها بانفعال..إنه ( كوكب زحل)  ، وهو جميل الشكل وتحيطهُ حلقاتٌ ، وزحل هو الكوكب السادس ...وهذا بعده كوكب أورانيوس  الكوكب السابع  وتحيطهُ  ثلاثة  عشر حلقة . وهذا (كوكب نبتون)الثامن والأخير والأبعد عن الشمس في المجموعة الشمسيَّة ، وهو  شديد البرودة ومظلم جدا .    ولم  تذكرُ الكاتبة على لسان  رازي الكوكب التاسع والأخير في المجموعة الشمسيَّة وهو كوكب  بلوتس .. وتحدثت عن  نبتون الكوكب الثامن على أنه الأخير ..


(وكوكب بلوتو (بالإنجليزيّة : Pluto)  هو  كوكب قزم اكتشفه عالم الفلك كلايد  تومبو عام  1930م ،  وقد صُنّف في  ذلك  الوقت  كأصغر كوكب ضمن كواكب المجموعة الشمسيّة التسعة، وأبعدها عن الشمس إلى أن قرّر اتحاد الفلكي الدولي (IAU) في آب من عام 2006 م  استبعاد ه من قائمة كواكب المجموعة الشّمسيّة، وتصنيفه كأحد الكواكب القزمة ، ويوجد بلوتو ضمن  حزام  كايبر، وهو منطقة  من النّظام  الشّمسي  تتكوّن  من  أجسام متجمدة وصخور تدور حول الشّمس وراء  مدار نبتون ، كما  يبعد كوكب بلوتو عن الشّمس أكثر من بعد الأرض عن الشّمس بأربعين مرة ، لذا فهو يستغرق 248 سنة أرضية ليدور حول الشّمس.. والجدير بالذكرأن كوكب بلوتو يدور حول الشمس  من اليسار إلى اليمين عكس  كواكب المجموعة الشمسيّة  والتي تدور جميعها من اليمين إلى اليسار حول الشمس .)) .


    وتتابع الكاتبة  في سرد  قصتها  وبعد يوم مليىء بالمغامرات   انتهت الجولة يا أصدقاء ( على لسان الطفل  رازي ). وعاد الجميعُ إلى الأرض بسلام حاملين التذكار من هذااليوم الجميل .


تحليلُ القصَّة :  هذه  القصَّةُ  ليست طويلةً من  ناحيةِ المساحةِ  وعدد الصفحات ، ولكنها عريضة وثريّة  في فحواها  وأحداثها ومضامينها   : التعليميَّة والتثقيفيَّة والتربوية .  وهي تُعدُّ إذا نظرنا  إليها من جميع الأسس والمقاييس النقدية قصة ناجحة للأطفال بكل معنى الكلمة..ويجب ان  تكون في كلِّ مكتبةٍ وفي  كلِّ  مدرسة  نظرا  لأهميَّتِهَا وقيمتِها  في تثقيف وتعليم الطفل وفي تسليته وترفيهه أيضا. وفي هذه القصّة عدة أبعاد وأهداف هامَّة مثل :

1 ) الجانب الفانتازي ( الخيالي ) 

2 ) الجانب الفنِّي  .

3 ) الجانبي التعليمي والتثقيفي .

4 ) الجانب الترفيهي  والتسلية .

    وهذه أهمُّ العناصر التي يجب أن تكون موجودة ومتوفرة في كلِّ  قصّة  أو عمل يُقدَّمُ  للأطفال .  

ولنبدأ بالجانب  الفانتازي – الخيالي  فهو جانب  وعنصر هام  جدا ، وكلُّ قصّةٍ تُكتبُ للطفل لا يكون  فيها خيالٌ وفانتازيا  تكون ناقصة  نوعا ما ... لأنَّ الطفلَ بطبيعتِهِ  يحبُّ الخيالَ والمفاجآت والمغامرات  .   وهذه القصة ( رازي واصدؤاؤُهُ الديناصورات ) كلها خياليَّة، وقد تبدو أنها موغلة أكثر ممَّا  يجب  في الخيال  الأسطوري ... فالرحلاتُ  إلى  كواكبِ  المجموعةِ الشمسية وإلى المجَّراتِ البعيدة والسَّفر والإنتقال من كوكب  لكوكب شيىء غير حقيقي وغير واقعي الآن في عصرنا هذا، وخاصة إذا كان على ظهر طائرعملاق أسطوري غير موجود في الواقع وليس على سفينة فضائيَّة ... ولكن ربما في المستقبل  وبعد مئات السنين يصبح  هذا الشيىءُ أمرًا عاديًّا  وطبيعيًّا كالذي يسافر من دولة لدولة اليوم ..وذلك عندما تتقَّدمُ التيكنيليوجيا  كثيرا عند أهل الارض  ومن خلال  سفن فضائية متطوِّرة  تسبقُ سرعتُها  سرعة  الضوءِ  فيصبحُ هذا أمرا عاديًّا  وطبيعيًّا  كما  نرى  في مسلسلات وأفلام الفضاء الخياليّة .     وأريد أن اضيف : إنَّ كلَّ طفلٍ بطبيعتهِ  يحبُّ الحيوانات على جميع أنواعها ويحبُّ مشاهدتها..وحتى الخطيرة والمفترسة   منها كالاسد والنمر والفهد وغيرهم في حدائق الحيوانات .   ويفرح الطفلُ ويبتهجُ عندما يستمعُ إلى قصص الحيوانات أو يرى الحيوانت عن قرب أو من خلال التلفزيون أوالصور في الكتب والمجلات.. والكاتبةُ عطاف عودة هي أديبة قديرة ومبدعة ومتمكنة وتعرف وتفهم جيِّدًا نفسيَّة الطفل  وما هي حاجاته ومتطلباته وعواطفه  ومشاعرهُ وما الذي يُريدُهُ بالضبط ، وصاغت ونسجت هذه  القصَّة  بشكل  ملائم  ومناسب  لعقلية ونفسية  وتفكير الطفل ولمراحل معيَّنة من عمره فهذا اللون والنمط  من  الأدب ( أدب الأطفال ) يتلاءمُ ويتناغم مع عقلية الطفل ونفسيته ولواعجه لمرحلة معيَّنة .   وعندما تحدثت عن الديناصورات ذكرتها على انها صديقة للإنسان وأليفة ومسالمة مع أنها كبيرة الحجم، ولم تذكر انها مخيفة ومفترسة وخطيرة على الإنسان وباقي الكائنات الحيَّة .

    وأما بالنسبةِ للجانب الفنِّي فهذا الجانب يظهرُ في جميع أحداثِ وفصولِ  القصة ، وخاصة في  صددِ إدخال  قصَّتين في بعضهما البعض حيث  كان الطفل رازي في البداية مع  جدِّهِ يتحدثا ، وبعدها إنتقلَ إلى قصَّة السفر بين كواكب  المجوعة  الشمسيَّة   بمرافقة  جده  ومع  الطائر الكبير  والعملاق  ( تيرانودو ) .  وهذا النمط من القصص ( قصتان  متداخلتان أو أكثر )  يضيفُ جماليّةً خاصة  وبُعدا  فنيًّا... ونرى هذا الون من القصصِ موجودا  في القصص القديمة  الخياليَّة  والأسطورية  وغيرها..( قصص متداخلة )  ،وخاصة في كتاب ألف ليلة وليلة وفي قصة  الملك عمر النعمان وغيرها.

 وأما الجانب التعليمي والتثقيفي فالقصّة في كلِّ أحداثها هي تعليميَّة ومفيدة للطفل الصغير وحتى لكبار السن . فتذكرالكاتبة عطاف عودة اسماء بعض  الحيوانات والديناصورات التي انقرضت وميزاتها وصفاتها، فالبعضُ منها يأكلُ اللحومَ والبعضُ يأكلُ النباتات والاعشاب فقط . وذكرت الطائرَ الكبيرَ ( الذي انقرضَ منذ مئات الألاف من السنين بل منذ أكثرمن مليون سنة .

  وتذكرُ ايضا أسماءَ كواكب المجموعة الشمسية حسب الترتيب وفي بعدها عن الشمس، ولكنها لم تذكرالكوكبَ التاسع والأخير في المجموعةِ الشمسية وهو (كوكب بلوتوس ) الذي اكتشفوهُ قبل فترة  ليست طويلة ويعتبر كوكبا شاذا . ويُسَمَّى بالكوكب الصغير أو ( الكوكب القزم ) .

  وأما الجانب الترفيهي وهو أيضا من العناصر الهامة في قصص الأطفال وبدونه  تكون القصَّة بالتأكيد مبتورةً بل فاشلة .. فهو موجود بشكل واضح  في جميع مجرى أحداث القصة . فهذه القصَّةُ  ببنائِها ومجرى أحداثها هي ترفيهيّة  ومسليّة من الدرجة الاولى للطفل وحتى للكبار في السن.. وتصلحُ  أن تكون عملا تمثيليا دراميا للاطفال على شكل بيكيماوس (فيلم أو مسلسل  كرتوني )  وسيكون هذا العملُ ناجحًا جدًّا جدا وله اهتمام  وأصداء  واسعة عند الصغار والكبار .

        وأريدُ التمويه ان هنالك بعض الأخطاء المطبعية الطفيفة  في القصَّة  وكان بالإمكان تفاديها قبل أن يُطبع هذا الكتاب.. وقد لا ينتبه لها القارىء.

      وفي نهايةِ القصةِ  وفي الصفحةِ الاخيرة  تضعُ الكاتبة  بعض الأسئلة  للأطفال – الطلاب الصغار- تتعلقُ  بمجرى أحداث القصة وفحواها ولكي يجيبوا عليها  ..والأسئلة  هي اختبار لذكاء الطفل وما فهمهُ واستنتجهُ بعد سماعهِ هذه القصَّة . والإجابة على هذه الاسئلة ستكون تلخيصا للقصة :

1 ) كم عمر الطفل رازي.

2 ) مع من خرج رازي في  الرحلة  .

3 \) كم عدد كواكب المجموعة الشمسية 

4 ) ما اسم كوكبنا الذي نعيشُ عليه 

5 ) ماهو الاسم الثاني لكوكب المريخ (  الأحمر ) 

6   )  ما رأيُكَ في مغامرةِ رازي واًصدقاؤُه . 


الخاتمة :    إنَّ هذه القصة ( رازي وأصدقاؤه الديناصورات ) تُعَدُّ من القصصِ الجميلةِ  والمسلية والمميزة  والناجحة التي كُتبت للأطفال مؤخرا على الصعيد المحلي..ويجبُ ان تكون هذه القصة في كل بيت وفي جميع المكتبات، وتستحقُّ أن  تكون أيضا في المناهج التدريسيَّة  في مجال أدب الاطفال .

      نُهنّىءُ الكاتبة والأديبة القديرة المبدعة السيدة عطاف عودة - العضوة  المسؤولة في الصالون الثقافي النسائي –  الكبابير - حيفا  على هذا الكتاب  والإصدار القيِّم  ونتمنى لها العمرَ المديد ... ونحن  ننتظر منها  إصدارات إبداعية أخرى جديدة في مجال الأدب والثقافة .


أشياء قد لا تعرفها عن الحرية في الوطن العربي/ بن يونس ماجن

 


1

ما تبقى من اشلاء عالقة

باضراس تمساح ضاحك

2

طبق لحم مر المذاق

وزعيم لا يعرف تفكيك حروف اسمه

3

كثبان رملية متشردة

في المناف النائية

4

زعيم يحشر افاعي

في جيوب المستضعفين

5

قصائد تافهة في تمجيد الطغاة

وتبجيل الجناة

6

قبور غير منسقة لأحياء

يحيكون بأيديهم ما تبقى من أكفانهم


7

علكة سرعان ما يتم 

رميها بعد المضغ

8

رضيع حديث الولادة

متخلي عنه

9

منديل مرمي في حاوية

مع بقايا حفاضات لحديثي الولادة

10

عناكب غير مكتملة النمو

اهملها الدهر في الغابات الاستوائية

11

ترقص عارية في المحافل الدولية

وتندب حظها  الميؤوس منه

12

جسر معلق فوق مثلث برمودا لا يعبره الا المكفوفين

والمصابين بفوبيا المرتفعات

13

جنين مشوه

من جراء مخاض عسير

14

زعماء دوما يتسببون في وفاة الحرية

كلما خضعت لعملية قيصرية


15

دمية في مسرح العرائس

يحركها زعيم من غرفة التخدير

16

حمامة في قفص حديدي

معلق في زنزانة الحاكم بأمره


مغامرات طفولة/ جورج مسعود عازار



كنتُ على وشك أنْ أبلغ سنَّ السَّابعة حينذاك، وكما هو شعور كل أقراني، كان عالم طفولتي يتمحورُ في الحصولِ على المزيّد من ساعات اللَّهو والمرحِ مع رفاقي وقضاء أجمل الأوقاتِ في لَعب الكُرةِ أو تبادل الأحاديث المُمتعة مع بقية الأطفال في الحي.

ورغم أنَّ الأحوال المعيشة لم تكن في مُستوىً عالٍ، وذلك لأسبابٍ مختلفةٍ ومتنوعةٍ من بينها كثرةَ عدد الأبناء والبنات في الأُسرةِ الواحدةِ وقِلّةَ وجودِ الأعمالِ والوظائف الشَّاغرة وصعوبةَ إيجادِها، وفوق هذا وذاك كان المستوى الماديّ للأُسر بشكلٍ عامٍ يتراوح بين المتوسط ثم الأدنى فالأدنى وهكذا، حيث كان من النَّادر وجود تلك العائلات الغنية من الطبقة الباذخة الثراء، فإن وجدت في تلك الفترةِ فإنها كانت تصبحُ مضربَ مثلٍ، ويُشار لهم خلال الأحاديث بالاسم وذلك نظراً لنِدرة وجودهم آنذاك.

وعلى ذلك ما كان مصروف الجيب -هذا إن وجد أصلاً-  يعدو أن يكونَ بضعةَ قروشٍ معدوداتٍ قد لا تكفي لشراء أكثر من ثلاث أو أربع حباتٍ من تلك السكاكر الكرزية اللُّون والتي تذوب بنكهتها السَّاحرة في أفواهِنا بكلِّ لذةٍ وهناءٍ، والتي كُنَّا نشتريها من دُّكان "العم كبرو" أو دُّكان "الخالة خزمة"، وربما إن أردنا أن تصبح لحظات التسُّوقِ أطولَ وأكثرَ إمتاعاً نسير حينها بصُحبةِ أحدَّ رفاقِنا إلى الدكاكين الأبعد نسبياً والمطلَّةِ على شارع الوحدة الكبير ونقرِّر حيّنها التسوّق بكامل القروش الخمسة، إما من دُّكانِ "ألياس" أو من عند العم كيراكوس والذي كنا نسميه "چوچكيه" أو من عند  طيِّب الذِّكر "دالّوكيه"، أو ربما من دكان صوغومون، الأبعد قليلاً لنستمتع بما اشتريناه من حَلوىً لفترةٍ أطول نسبياً.

 وأمَّا فيما يخصُّ وسائل لِعبِنا ومتعتِنا فهي تكاد تكون شبه مجانيّةٍ، فكُراتُ لِعبِنا بسيطةٌ وأدواتُ لَهوِنا لا تخرج عن كونِها بِضعةُ أحجارٍ أو أخشابٍ، نُحوِّلُها إلى ألعابٍ نقضي بها سويعاتَ لَهوِنا ومرحِنا، بلا أيِّ محاولةِ احتجاجٍ على والدينا ومن غير أن نُرهقَهم بمطالباتٍ لأمورٍ نعلمُ رغم صِّغَرِنا استحالة تحقيقها وتوفيرها نظراً لضيّقِ الحال، ولتركيز ربِّ الأُسرة على توفيرِ الطَّعام والشراب لجيشٍ من الأبناء والبنات، فنحن ندرك أنَّ والدَنا يسافرُ إلى مناطقَ بعيدةٍ، ويبقى هناك لشهورٍ عديدةٍ بغيةَ توفير نفقات معيشَتِنا، وبالتالي فمن الواجب عدم المطالبة بأمرِ ما يمكن تسميته بالكماليات وتأجيل ذلك إلى المستقبل الَّذي ربما قد يتحقَّق أو لا يتحقَّق.

ورغم كلّ هذا فإن جينات الطُّفولة لا يمكن أن تغادرَ جسدَ طفولتِنا الغضةِ أو تتركَ أفكارنا البسيطة بشكلٍ تامٍ، فرغم كل ما ذكرناه عن قلةِ حيلةِ أربابِ أُسرنِا في تأمين كامل لوازمنا الحياتيّة فنحنُ نبقى مجردَ أطفالٍ في حدود السَّابعة من أعمارنا تُفرحنا كرةُ قدمٍ جديدةٍ أو قطعةُ لباسٍ في يومِ عيدٍ أو مصروفُ جيبٍ محترمٍ يغطي احتياجاتِنا من أجل شراء الحلوى والبوظة وغير ذلك من مُتَعِ طفولتِنا البريئة والمفرحةِ.

في ذلك اليوم الصَّيفي الحارّ كان رفيق طفولتي جان قد جاء إلى مكان اللَّعب وفي يده قطعةً ضخمةً من البوظة، وعندما اقترب منِّي سألتُه على الفور: هل حصلتَ على مصروفٍ من والدك؟ ونظرا ًلانشغاله بالتهامِ البوظَة اللَّذيذةِ، اكتفى بِهزِّ رأسِه نافياً ذلك فعُدت لسؤالهِ: إذا أمُّك هي من أعطَتكَ نقوداً؟ عاد مُجدَّداً لهزِّ رأسِه بالنَّفي، وفيما كان ذهني منشغلاً بالبحث عن تلك الخيارات التي يمكن أن يكون قد حصل منها رفيقي جان على ثمنِ شراء تلك البوظةِ، وجد رفيقي نفسَه مُرغماً على التوقّفِ عن مُتابعةِ التهام بوظَتِه وتوضيح الأمر لي بدلاً من استمراري بمسلسل تساؤلاتي لهُ، والتي على ما يبدو ما كانت ستعرفُ نهايةً، لأنَّ مصدر حصولهِ على ثمن تلك المرطَّبات ما كان بحالٍ من الأحوال سيخطرُ على بالي أو "سيعنُّ على خاطري " من خلالِ تلك الأسئلة المُلِّحة الَّتي كنتُ أوجِّهُها لهُ تِباعاً سؤالاً إثر آخر. 

أبعد البوظةَ عن فمهِ المُلَّطخِ بألوان قوسِ قزحٍ الجميلةِ والَّتي تركت آثارَها عليه من ألوان البوظة الطيِّبَةِ المَذاق، وقال بشكلٍ شبه مَفهومٍ وهو يبتلع لُقمتَه الأخيّرة لقد بعتُ لذلك الرَّجل "شحاطَتين*" قديمتين، ورغم سماعي لما قالَه لكنَّ الأمرَ كان بحاجةٍ إلى المزيدِ من الشَّرح والإيضاح، ولذلك كان عليه أن ينهالَ مُجدداً على البوظة بلَحسةٍ كبيّرةٍ هذه المرَّة لتكفي مُؤقتاً للزمن الَّذي سيستغرقُه في إيضاح الأمر لي، قبل أن يعود لاستكمال التهامِ ما تبقَّى من البوظة، ثم قال لي: تعرف أنَّ هُناك رجلاً يجرُّ عربةً عليها "شحاطاتً" قديمةً ومستعملةً وأشياءَ أخرى، يشتريها ذلك الرَّجل ويُعطي ثمناً مقابل الحصول عليها، لا أعرف ماذا يفعل بهذه الأشياء البالية، ولكنَّه أعطاني البارحة عشرةَ قروشٍ مقابل شحاطتين قديمتين أعطيتهما له، واليوم اشتريت بثمنِهما هذه البوظة الكبيرة، أنهى جملَتَهُ الأخيرة على عجلٍ بغية العودة لالتهامِ ولحسِ ما تبقَّى من قطعة البوظة التي كانت في طريقِها للذوبان والسيلان فوق يدهِ بتأثيرِ حَرِّ شهر تمُّوز اللَّاهب.

أصغيتُ باهتمام ٍ لتوضيحاته لي وأعجبتني تجارتَه المُفيّدة والرَّائعة، كان قد أتى على كامل قطعة البوظة وبقيت أثارَها على يديه وفمه لكنَّ ذلك لم يمنعْنا من بدء ألعابِنا ولهوِنا ومرحِنا إلى أن بدأت شمسُ ذلك النهار تغادر حارتَنا بهدوءٍ وصار لِزاماً علينا أن ندخُلَ إلى البيوت لتجنُّبِ التأنيب من قبل الوالدة.

في اليوم الثَّاني لم تظهر عربة ذلك الرَّجل الَّذي اشترى من رفيقي جان تلك الشحاطتين القديمتين، ولكنني لم أكترث للأمر، وزاولنا ألعابنا بمرحٍ كالمعتاد وقضينا أجمل الأوقات قبل عودتنا للبيت. 

بزغت شمسُ يومٍ صيفي جديدٍ، وبعد الإفطار كنت مع باقي الشِّلَّة من الرِّفاق نقذفُ كرتَنا بكل مرحٍ محاولين إحرازَ هدفٍ في المرمى الذي قدَرناه وسط الشارع بوضع حجرين في الوسط ليقوما بدور المرمى، وحينما كنت على وشك تسديّدِ الكُرة سمعتُ صوتاً عالياً ينادي: "يلي عندهُ شحاطات عتيقة للبيع، ويلي عنده نحاس للبيع، ويلي عنده بافون* للبيع".                                    

كان الرَّجل يكرِّرُ هذه الجُمل كأنَّه قد قام بتسجيلِها على آلةِ  تسجيلٍ بشكلٍ رتيبٍ ومنتظمٍ من غير أن يُخطِئَ في ترتيب الجُمَلِ أو في مقدار زمنِ تكرارِها، وعندما كان على وشَك بدءِ ترديدِ المرَّة ِالثالثةِ لسيمفونيتِه الجميلةِ، كنت قد هرولت نحو البيت بكُلِّ سُرعةٍ، ومن أمام عتبة غرفة الجلوس تلقَّفتُ زوجين من "الشحاطات" العديّدة المتراكمةِ الموضوعةِ هناك عند المدخل وضعت الكنزَ تحت إبطي، وحانَت مني التفاتةً إلى المطبخِ ومن هناك خُيِّل إليَّ أنَّ مقلاةَ "البافون*" تبتسمُ لي وتغريني بحملِها فلم أُضِع الوقت، اتَّجهتُ إلى داخل المطبخ وألقيتُ القبضَ على المُقلاةِ وبسرعة البّرق انطلقت ثانيةً نحو الشَّارع مرةً أُخرى.

كان الرجل وعربته قد صارا في الطَّرف الآخر من الشَّارع، وكان على وشكِ بدء السُّوناتا الخامسة من عزفه المنفرد، فركضت باتجاهِه ووصلت إليه وأنا ألهثُ، اضطرَّ الرجلُ إلى إيقاف سيمفونيتِه الخالدة، نظر إلى ما كنتُ أحمله ثم أخذهم مني وبدأ يتفحصُّهم بعنايةٍ وهدوءٍ ودقةٍ، بدأ بالشحاطتين أولاً ثم هزَّ رأسَه برضىً ووضعهما في جهةٍ قريبةٍ فوق العربة ثم حمل مقلاة  "البافون*" وتَفحَّصَها أيضاً بعنايةٍ ثم هزَّ رأسَه كعلامةِ قبولٍ على شراء البضاعة، ثم وضع المقلاة على جانبٍ آخر من العربة، حيث كانت هناك عدَّة أوعيةٍ وصُحون "بافون*" قَذرةٍ متراكمةٍ فوق بعضها البعض، بقيت واقفاً هناك انتظر الخطوةَ الأكثرَ أهميةٍ بالنسبة لي ورغم تأخُّرِها لبعض الوقت وقد أحسَست أنها تُعادلُ دهراً من الزَّمان، لكنَّها أتت أخيراً حين مدَّ يدَهُ إلى جيبِ شِروالِه الواسع وأخرج حَفنة من النقود المعدنية وأخذ منها ثلاث قطعٍ من فئة الفرنك أو ما يعادل خمسة عشر قِرشاً بالتَّمام والكَمال. 

ناولني النقود في يدي الممدودة نحوه، وأعاد بقية القروش إلى جيبِ شِروالِهِ ثانيةً بعد أن دفع لي المبلغ الذي قدَّره ثمناً للشحاطتين ولمقلاة "البافون*"، ثم عاد صَّوتُه يصدَحُ ثانيةً بأعذبِ الألحان: "يلي عنده شحاطات عتيقة للبيع، يلي عنده نحاس للبيع، يلي عنده "بافون*" للبيع".

كان صدى صَّوتِه يتلاشى شيئاً فشيئاً وأنا أسيرُ مقترِباً من دُكَّان العم" كبرو" حيث ناولتُه كلَّ ثَرّوتي البالغة ثلاث فرنكات ، وقلت له: أريد بوظةً وسكاكرَ حمراء، ناولني ما طلبتُ وأعطاني فوقها قطعةً من راحة الحلقوم لتكتمل قيمة القروش الخمسة عشرة، عُدت إلى البيت، وزحفت تحت أسفل ذلك السَّرير الخشبي الضَّخم المنصوب في أرض الدَّار، والمخصَّص من أجل النَّوم في الحوش أو على السَّطح هرباً من قيظ الصَّيف الحارّ، بدأت بالتهام البوظة التي كانت في طريقها للذَّوبان وأنا استمتع بكُلِّ لَحظةٍ من تلك اللَّحظات وأنا أعمل لساني وأسناني نهشاً وتمزيقاً في قطعة البوظة المسكينة، وعندما انتهيت منها تناهى إلى سمعي صَّوت أُميّ في الطَّرف الآخر وهي تقول: أين ذهبت فردة شحاطتي الأُخرى لا أعرف أين هي، عجباً لا يوجد سوى فردةٍ واحدةٍ، وبعد قليل كانت أُختي الصغيّرة بدوّرِها أيضاً تخاطب أُمي وتقول: ماما أنا أيضاً لا أجد سوى فردةٍ واحدةٍ من شحَّاطتي. ورغم ذلك تصوَّرتُ أنَّني مازلت بأمانٍ وذلك لسببٍ بسيطٍ وهو أنَّنا عندما كنَّا نقوم بارتكاب الحماقات كانت أُميّ تلجأُ إلى قذف بعض "الشَّحاطات" علينا من أجل معاقبتِنا، رغم أنَّها في الغالب كانت تتقصَّدُ ألا يصيبُنا شيئاً من شظايا "شحاطاتها"، ولهذا فهي من الممكن أن تفكِّر بأنَّ إحدى فردتي الشَّحاطة ربما مازالت وسط الحديقة في الحوش أو في مكانٍ ما، جراء قذيفةٍ من القذائف الطَّائشة "للشَّحاطات" المتهاطِلة عليّنا كالمطرِ في ساعات الذَّروة وسط أتون المعركة. 

ولكنَّ الأُمورَ تفاقمت عندما كانت أُختي الكبرى قد دخلت إلى المطبخ وبعد ثوانٍ صرخت بدورها: ماما كيف سأقلي البيض وأنا لا أجد المقلاة، ردَّت أمي عليها من غرفة الجلوس: يا سبحان الله عليّكم، حتى لو الغرض أمام" بروص*"عينيكم لا تجدوه أنا قادمة.

كانت كل مشترياتي اللَّذيذة قد وجدت طريقها إلى مَعِدَتي، لذا تسلَّلتُ مجدَّداً من تحت السَّريرِ الضَّخم، وكانت في فمي قِطّعة السُّكر الكرزيِّة الأخيرة، توجَّهت إلى باب الدَّار لمتابعة الَّلعبِ مع رفاقي في الحيِّ بينما كانت أُمّي ما تزال تتناقشُ مع أُختي عن ضرورةِ البحثِ عن المِقّلاة بشكّلٍ جيدٍ قبل الإعلان عن فُقدانِها.


ستوكهولم 7-3-2022         

{الشَّحاطة*= لِباسٌ بلاستيكي مريحٌ للقدم ويلبس في البيت. بافون*= ألمنيوم باللَّهجة العاميَّةِ.بروص*= بؤبؤ العين باللَّهجة الأزخينية.}            


الإدراك الحسّي النفسي في ديوان ( ضوء أسود ) للشاعرة المغربية : نجاة المالكي/ كريم عبدالله



أنَّ الدائرة الدلالية لعنوان الشاعرة المغربية : نجاة المالكي ( ضوء أسود ) توحي للمتلقي بدلالات حسّية – إدراكية – نفسية  شاسعة في عالمها المرهف , فلقد أجادت تصوير تفاصيل حياتية من خلال لقطات تبدو ملامحها منذ أول سطر في ديوانها هذا , تشعرك بقمّةِ اليأس والقنوط , فرغم محاولتها تغييب حضورها بين الكلمات عميقاً , إلّا أنّ هذه الكلمات تفضح حضورها , وتكشفُ لنا مكنونات نفسها , فنستشعرُ بوجودها الشفيف يترك مع كلّ مقطع نصّي تكتبهُ . نحن نستشعر ونستقبل المثيرات التي تحدث حولنا في هذا العالم , احساس يجعلنا ندرك ماهية هذه المثيرات ونفسرها , الاحساس هو الوعي بما نلاقيه ونتعرض له في هذا العالم , ومن خلال الادراك نستطيع تفسير ما نواجهه في حياتنا , لا شعورياً نحن ندرك ما يحصل حولنا ويؤثر فينا من مؤثرات خارجية , أو من هواجس تنبعث من أعماق أنفسنا بسبب  ضغوطات الحياة , وتوترات نفسية تعتمل في أعماقنا . وبالعودة الى عنوان الشاعرة ( ضوء أسود ) ندرك ونحسّ بفقدان الضوء وانعدامه , ومعضلة اللون ونزفهِ في بحر الذات الشاعرة : الى القابلة التي تركت حبلي السري ينزف / وهي ترى في بحر نجاتي قصيدة / وسفر الوان , وكأننا سنسافر معها في رحلة البحث عن الضوء والأمان , وهنا يتبادر الى الذهن : هل انّ مصائرنا نحن مَنْ يكتبها ؟! أم المصائر هي التي تكتبنا ؟! . ويأتينا السؤال من خلال توطئة الشاعرة : محمول على كل التوقعات / وبدون ثرثرة / ضوء أسود بلا سلطة أو وصاية .

ولنتساءل : ماذا يعني / ضوء اسود / لدى الشاعرة ؟ .

ولماذا اختارت هذا/ الضوء الأسود /؟ .

بوعيها اختارت / الضوء الأسود / أم بعدمهِ , أم لا شعورياً كان اختيارها ؟ .

من خلال رحلة البحث عن / الضوء / في ثنايا ديوان الشاعرة يبدو لنا فقدان هذا الضوء , يبدو لنا بأن هناك ظلاماً منتشراً في مقاطعها النصّية , وهذا ما يدركه المتلقي من خلال هذه المقاطع , وهذا الظلام – الضوء الأسود غير مرئي وواضح للعيان , نحن لا نرى هذا الـ / الضوء الأسود / ولكننا نتلمسهُ وندركهُ بسبب الخيبات والاغتراب والفقد والحزن والقلق والفراق وعذابات الرحيل ووهج الفجيعة وصمت الألوان وطيف الأمل المحترق وسط رمال الرحيل وصراخ الأمس .

من ظلّ نملة

أبحث

عن شرفة

عن عزلة ..

هكذا تبدأ الذات الشاعرة من خلال هذا الظلّ الشحيح رحلتها في البحث عن الضياء وعن عزلة تحتمي بها من سطوة الزمن , وعبث الأيام .

هذه الطعنات

ترسمني كلوحة عذراء

لا تلطّخا ألوان الهزائم

ولا تشعلها فرشاة الحروب .

وهنا ترسم لنا لوحة عذراء نقيّة النفس والسريرة , بيضاء ناصعة الوانها , لا تلطخها الهزائم ولا طعنات الحروب وقسوة العالم من حولها , ولا خبث السرائر , وعبث النفوس المريضة , لوحة تفيض نقاءً وحرية .

قشّة

أسندت قلبها للرمل ,

تحلم بموج عاشق

يغيّر حقيقتها.

ترسم لنا الشاعرة في مقطعها النصّي هذا أمنية لقشّة , فمن تكون هذه القشّة ؟ , هل هي الذات الشاعرة ؟ , أم ماذا ؟ . قشّة لديها أحلامها الوردية , وأمنياتها الجميلة , بحثاً عن العشق الذي يخلّص الأرواح النقية من ورطتها في هذا العالم , وحده العشق مَنْ ينقذنا , وينتصر لنا من طغيان الخراب والظلام .

تمرجحني غضباً خيوط العنكبوت

تطيّرني بقلق

نحو مشانق الضوء,

لا تفتح نوافذها العصية

تترك الباب يقتلع جذوره

والحيطان تتحطم بذاكرتها.

يبدأ قلق الذات الشاعرة من هنا وسيستمر معنا كثيرا , فنجد / الغضب/ القلق/ العصية / يقتلع/ تتحطم / ,فمن خلال هذه المفردات ندرك ونحسّ عمق المعاناة لديها , وسطوة / خيوط العنكبوت / رغم ضعفها كيف يتلفّ حول عنقها وتكتم أنفاسها ! , وكيف تبقى الأبواب عصية أمام الضوء ؟! .

في الرمال

طمرت نهديّ,

فقد يصادف خطوك

عطش النهاية .

الخوف من البكاء وخيبة الأمس , وظلّ الهزيمة , يرافقان الذات الشاعرة , الخوف من / عطش النهاية / , وضياع الأحلام , وقسوة ظلّ الرحيل الذي سيرافقها لو أصبح الضوء لديها أسوداً , الخوف والترقب من الغد وما يحمله لها من خطوات تأخذها الى النهاية البائسة .

ليت حصاتي

تُدركها موجة عالية

لتتلألأ في يد الحلم ووردة .

حلم يراود الذات الشاعرة في أن تصادف مَنْ ينتشلها من واقع هي اسيرته , حلم جميل يبعث فيها نشوة الأمل , ويبقيها على قيد العشق , ويبدد صمت الأيام , حلم ينتشلها من هذا الغرق ويطرحها على رمال الخيبة كوردة ناصعة الجمال .

كلّ الغيمات أنا

وما بعض الريح

إلّا حزني المباغت

وسفري المشتهى..

هنا ندرك عميق الحزن ولذة الشهوة في آنٍ واحد , نحسّ بما تعانيه من الألم , وما الغيمات الاً بشائر تبرق في أعماق النفس لتمطرو تطرد الأزمات التي كبّلت الذات الشاعرة , غيمات تحمل بشائر الخصب والنماء و المطر الى ارضها العطشى.

في فراقك

سأعبر ارضاً واسعة

ما أوجعتها جسور

ولا نبتت فيها ظلال .

الفراق وما أدراك ما الفراق ؟ , هي محاولة الانتصار للذات أمام القسوة , والذهاب بعيداً عن الذات الأخرى التي سببت لها كلّ هذا الحزن والالام , والعبور الى الضفة الأخرى , ضفة السلام والامان والألوان , بعيداً عن الظلام .

يا غرقي

حين ينام الضوء

ولا أجد غير شعلة منسية

يرويها الظلام

لعمق النهر

بانتشاء وسخرية .

خوف وترقب وانتظار وقلق يساور الذات الشاعرة من الظلام , من الغرق عميقا عميقا في بحر اسود لا ضوء فيه ولا نجاة منه , من سخرية الاقدار , وعبث الأيام القادمة , خوف يسكن الروح التي تدركه وتحسّ به وتخشاه .

وكم تخفي من بياض

أيّها الأسود

المتململ من جناح الضوء .

ضوء أسود تختفي وراءه الألوان / الحياة / , ضوء يزرع القنوط والحيرة والحسرة في قلب الذات الشاعرة العاشقة للنور , والمتمسكة بقوة بالحياة والأمل , ضوء أسود ينزع من روحها كل البهجة وجمال الحياة .

وكم من ألوان ستضع

يا لاعن الربيع

كم من طيف

سيقتصّ من روحكَ

وكم من ضوء.

كلّ الألوان / السعادات / ستضيع وتتلاشى وتختفي من قلب العاشق حين يختفي المعشوق , معشوق يعرف كيف يلعن بهجة الربيع / النفس / ويشوّهها بطغيانه , ولكن , في نفس الوقت لن يكون بمأمن من الأطياف التي سترافقه حيناً تقتصّ منه ومن قسوته , وكم من الضوء سيختفي في قلبه ايضاً , العقاب سيرافقه دائما بما أقترفه .

العيد

أن تسافر بثمار اليقين

الى شجرة الحرية

وأن تعانقك الريح

بسؤال وحلم .

ونصل أخيراً في ديوان الشاعرة : نجاة المالكي الى العيد المنتظر , فتختم رحلتها في البحث عن / الضوء / وعن الحرية والحلم , تسافر وهي على يقين بأنّ الأيام ستحمل لها البشرى بالسعادة , وأنّ أحلاما ستبقى غضة تعانق روحها النقيّة و ..

أن أفتح زهرة القلب

واعطر دروب الأبدية .

أن ارصّ مواعيد الفرح

واهب لغيماتي رقصة وأغنية .

من الملفت للنظر ومن خلال قراءتنا لديوان الشاعرة : نجاة المالكي أن نجد التعادلية حاضرة ما بين الظلام والضوء , هاتان المفردتان تساويا في عدد تواجدهما داخل نسيج الديوان , فـ ( 23 ) مرة ذكرت في نسيج الديوان , وكأنّ الصراع كان محتدما ما بين / الظلام / و/ الضوء / فلا علبة لأحدهما على الآخر , بينما جاء /الغياب/ من خلال ( 15) مرّة , وألألوان تشتت بـ ( 12) مرّة , وكذلك / البكاء / , ورافقها / الظلّ / بـ (10) مرّات .ومن خلال انتشار هكذا مفردات نستشعر وندرك جيداً مأساة الذات الشاعرة , ومحاولتها للهروب من الظلام / ضوء أسود / نحو الضوء- الحياة , محاولة الخروج من تحت الرماد كالعنقاء , وانتصار ذاتها بعد رحلة فاشلة , والبحث عن طريق الأمل / الألوان / , البحث عن الضياء وسط هذا العالم المظلم من حولها .

يَسُوع ُ خَلاصُ البَشَر/ الدكتور حاتم جوعيه



( " قصيدة  نظمتها  بمناسبةِ عيد الميلاد المجيد على نمطِ  وأسلوب المُوَشَّح " )      


يا إلهَ السِّلم ِ تبقى البَلسَمَا       وَشِفاءً    لجَميع ِ    الأنفس ِ  

جئتَ  تتلُوها  ترانيمَ  السَّمَا       تُشعلُ   الفكرَ   بأسْمَى   قبَسِ 


أيُّهَا النورُ إلى كلِّ  الدُّنى       جِئتَ  للخلقِ  عَزاءً وَسَلامْ   

أنتَ  فجرٌ  وَسَناءٌ  وَسَنا        وَمَنارُ الكونِ  حُبٌّ   وَوِئامْ  

تغفرُ الآثامَ مهما قد جَنَى      كلُّ جان ٍمن شُرُور وَخِصَامْ   

تَبْرَأ  الأسقامَ فينا  والعَنا     وَتُزيلُ الهَمَّ في صَمتِ الظلامْ   

توقظ ُ الروحَ وفيمَنْ جَثمَا     والذي  يَحْيَا   بذلٍّ   مُنكس ِ  

كلُّ  مَأسوُر ٍ غدا  مُبتسما     لانعِتاق ٍ من  قيودِ   الحُبُس ِ  

  


يومَ  ميلادِكَ  كلٌّ   رَنَّمَا       كم  ملاكٍ  مع نجومٍ  نُعَّس ِ   

وَرُعاةٍ شاهَدُوا جُندَ السَّما     نزلوا الأرضَ بأبهى ملبس ِ   

رَنَّموا:"قدُّوسُ..قدُّوسُ.. وقدُّ   وسُ"..غنُّوا بنشيدٍ مُؤنِس ِ  

كلُّ طير ٍ ..كلُّ نهر ٍ رَنَّمَا     كلُّ  نبتٍ  بشَجيِّ   الجَرَس ِ  

وَوُرُدُ الحُبُّ غنتْ  بعدمَا      لفهَا الصَّمتُ وَعتمُ الحِندَس ِ  

والرَّوابي جُرِّعَتْ ماءَ السَّما   بَلَّلَ الوَسْمِيُّ ثغرَ النرجس ِ      


وَمَجُوس ٍقد أتوا من مَشرقِ   معهمْ    تِبْرٌ   وَمُرٌ   وَلُبَانْ 

وَبنجمٍ   في  السَّما   مُؤتَلقِ    عرفوا الدَّربَ إلى  بَرِّ الأمانْ 

كم َطوَوْا من َفدْفَدٍ في الغَسَق ِ    ليروا المولودَ في ذاكَ الزَّمانْ  

فرأوا   الطفلَ   قُبَيْلَ  الشَّفّق ِ    نائمًا في مِذوَدٍ ..لا  صَوْلجَانْ  

مَجَّدُوا الرَّبَّ بصمتٍ مُطبقِ       قبَّلوهُ      بخُشوع ٍ     وَحَنانْ   

كبرَ الطفلُ وأضحَى العَلمَا     وَمَنَارًا   وَعَزاءَ    البُؤَّس ِ  

ذكرتهُ  كلُّ  أسفارِ   السَّمَا     وَنبوءاتُ   العُهُودِ  الدُّرُس ِ    


جاءَ  للأرضِ شِفاءً وَسَلامْ      خَلفهُ العُميُ اهتدَوا والبائسُونْ  

جاءَ  حُبًّا  وَخَلاصًا وَوِئامْ      شُفِيَ الصُّمُّ وَعُميٌ  يُبصِرُونْ  

كم شَفى البُرصَ ومَنْ فيهمْ جَذامْ      فرَؤوا  الأنوارَ والحَقَّ المُبينْ  

وَالمساكين تعَزَّوا.. لا اغتِمامْ     بخلاصِ الروح ِكانوا يحلمُونْ   

يا  إلهَ السِّلمِ  تبقى البلسَمَا      وَشِفاءً    لِجميع ِ   الأنفس ِ   

جئتَ تتلوهَا ترانيمَ السَّمَا       توقظ ُ الكونَ  بأسْمَى قَبَس ِ           

 

ثابتٌ  ما   قُلتُهُ   للمُنتهى      لانقِضَاءِ الكونِ  يبقى خالِدَا  

فيكَ كلُّ المُبتغَى والمُرتجَى       لم   نجِدْ  إلاكَ   ربًّا   سيِّدَا  

لكَ قد طابَ سُجُودي وازْدَهَى       وَلغيرِ الحَقِّ لا... لنْ أسْجُدَا   

فأسيرُ الروح ِ كم  فيكَ انتشى       حُلَّة ُ  التجديدِ   َنهْجًا  ارتدَا   

كلُّ ثوبٍ سوفَ  يَبْلوُ  قبلَ  ما       يَتلاشى  كالرُّسُوم ِ  الدُّرُس ِ   

إنَّما الأرواحُ تمضي  للسَّمَا      وَجُسُومٌ  تختَفي في الرَّمَس ِ  

 

أنتَ  أسكتَّ  الذينَ  انتهَجُوا     زُخرُفَ القول ِوَزيفَ الحُكماءْ  

دربُ  إبليسَ عليهَا  ابتهَجُوا    خَدَعُوا الحَمْقىَ وَبعضَ التعساءْ  

حكمة ُ الأرض ِ بخبثٍ أوْلجُوا     أدخلوهَا  في  رؤوس ِ البُسَطاءْ    

لدَعِيٍّ  زائف ٍ  كم   عَرَّجُوا     خَلفهُ   تمشي   جُموع ٌ   بُلهَاءْ    

يا يسُوعُ الحَقِّ تبقى البَلسَمَا      وَشِفاءً    لجَمِيع ِ    الأنفس ِ   

جِئتَ تتلوهَا ترانيمَ السَّمَا      تُوقِظ ُ الفكرَ  بأسْمَى   قبَس ِ   

  

لمْ  نجِدْ إلاكَ  ملكًا  عادِلاً      كلُّه ُ  حبٌّ    ونورٌ   وَبَهَاءْ    

يا مَسيحَ الحَقِّ تبقى الأمَلا     لخَلاصِ الخَلقِ من كلِّ بَلاءْ   

حكمَة ُالأرض ِالتي قد أبطَلا     حكمةُ الحقِّ علتهَا  في السَّماءْ   

ليسَ   شَرُّ  قادِرٌ  أنْ   يُبْدِلَ       أحرفَ النورِ  وألحانَ الضِّياءْ  

يا مَسيحَ الحَقِّ  تبقى الكامِلا       مَنهَلَ  الحُبِّ  وَيُنبوعَ  الوَفاءْ   

مَالِكٌ  أنتَ  مفاتيحَ  السَّمَا      ترسِلُ الخيرَ لنا  لم َتحْبس ِ  

أنتَ تروي النفسَ من نارِ الظمى    مثلمَا  الغيثُ  لزرع ٍ يَبِس ِ   

 

حكمة ُ  اللهِ  كنوزٌ  للمَدَى      وَمَنارٌ  لانطِلاقِ   البائسِينْ   

فتُساوي العبدَ  فيهَا السَّيِّدَا      للذي في الرَّبِّ في الحَقِّ  المُبينْ     

وَيَسُوعُ  الحقَّ يبقى الأوْحَدَا       نورُه ُ شّعَّ   لكلِّ   العالمينْ     

مَنْ  بإيمان ٍ  يَهزُّ الفرقَدَا      سَيَنالُ المُرتَجَى لو بعدَ حينْ   

وَيَسُوع ٌبيننا لو في السَّما      هُوَ  يُحْيينا   بأذكى    َنفس ِ           

كلما خَطبٌ عَتا  أو أظلمَا      َفيُعَزِّينا     بروح ِ   القدُس ِ  

 

يا  إلهًا  جاءَ  من أجلِ الخَلاصْ      يَمنَحُ  الحُبَّ  إلى  كلِّ  البَشَرْ  

جِئتَ للرَّحمَةِ لا تبغي القِصَاصْ      كلُّ    ذنبٍ   بيَسوُع ٍ   مُغتفَرْ   

أنتَ مَنْ أحبَبتنا دونَ اختِصاصْ      يَتسَاوى الكلُّ  في جَني ِ الثمَرْ   

وَغَدًا دَيْنوُنةٌ .. أنَّى احتِراصْ     شافِع ٌ فينا   لدى  الآبِ  الأبَرْ  

فَيَسُوعٌ  كاملٌ  دونَ  انتِقاصْ     وَلديهِ    كلُّ    شَيىءٍ    مُقَتدَرْ  

أيُّهَا  الفادي  الذي قد عَلَّمَا    أنْ نضَحِّي بالنَّفيسِ الأنفس ِ  

وَنُحِبُّ الناسَ ، ُطرًّا، إنَّمَا    دُونَ شَرْطٍ  أو لِمَالٍ  مُكْدَس ِ      

                                       

     كم دُمُوع ٍ وَهْيَ تهْمِي عَندَمَا     عِندَما سارُوا بهِ نحوَ الصَّليبْ   

وَسَّدُوا   الرَّبَّ   عليهِ  بعدَمَا     عَذبُوهُ   وهوَ   فادينا   الحَبيبْ  

لمْ   يُعانِدْهُمْ   وَكانَ  الأبكمَا      ليَتِمَّ  القولُ  في  كلِّ  الشُّعُوبْ   

بالذي  خَطَّتهُ   أسفارُ  السَّمَا     عن فِدَاءِ الرَّبِّ في اليومِ العَصِيبْ  

إدْلهَمَّ   الكونُ  ،  ليلٌ   خَيَّمَا      أطبّقَ الصَّمتُ  وكم  زادَ النَّحيبْ  

يا  إلهَ   الحَقِّ   ذُقتَ  الألمَا      قد تجَرَّعتَ  الأسى في الغَلس ِ

وَصَليبُ العارِ  أضحَى عَلمَا     وَشِعارًا     لخَلاصِ   الأنفس ِ


يا  إلهًا  عهدُهُ   لنْ   ينكثَا      مَلكٌ  أنتَ على كلِّ الوُجُودْ  

مثلَ شاةٍ سِيقَ نحوَ الجُلجُثَهْ     ذقتَ هَوْلَ الصَّلبِ والخَطبَ الشَّديدْ  

وليومٍ    رابع ٍ   لن    تمكُثا      وَإلهًا   قُمْتَ  من  بينِ  اللحُودْ  

وَهَزَمتَ الموتَ .. إبليسُ جَثا     دُحِرَ الشَّيطانُ والخصمُ العَنيدْ   

دَمُكَ    الطاهِرُ   نورًا   بُعِثا      حَرَّرَ الإنسانَ من نِيرِ  القيودْ   

قد  طوَى  عَهدًا  قديمًا حُرِثا      َواستنارَ الكونُ في عَهدٍ جَديدْ   

 

يا  إلهَ الكونِ تبقى البَلسَمَا      وَشِفاءً    وَعَزاءَ    البُؤَّس ِ   

جِئتَ تتلوُهَا  ترانيمَ  السَّمَا      توقظ ُ  الكونَ  بأسْمَى   قبَس ِ

          وَصَليبُ  العَارِ أضحَى  عَلمَا           ورَجاءً   لخلاصِ   الأنفس ِ        


أنف وأربع عيون/ صبحة بغورة

 


تبنى العلاقات الدولية على المصالح المباشرة أو غير المباشرة بين مختلف الأطراف في شكلها الثنائي أو المتعدد الأطراف، ومسألة أولوية المصالح على الحسابات السياسية والاقتصادية محل جدال كبير، فقد تحدد الحسابات المسبقة مصير هذه المصالح إما أن تعتمدها أو تلغيها وذلك وفقا لتقدير حجمها وطبيعتها بناء على تقييم القدرات الذاتية والإمكانيات التي يمكن توفيرها لتحقيقها .


هناك مقولة شائعة في مجال السياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية " المصالح تتصالح" وهو كذلك فعلا، ومن الأشكال المتطورة من هذه المصالح المتصالحة علاقات التعاون الثنائي، علاقات الشراكة المحدودة، اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية، والتحالفات، وتتعدد وتتنوع المصالح على حسب طبيعة مجالاتها، السياسية، الاقتصادية، الأمنية والعسكرية.. وتمثل الأطر القانونية لتأسيس هذه العلاقات التجسيد العملي لها في اتفاقيات تتضمن جملة التزامات موثقة وملزمة للأطراف الموقعة عليها، تحدد حقوق وواجبات كل طرف بما يحقق الغاية منها.

 تستند غالبا المصالح إلى وجود قواسم أساسية كافية ويمكن أن تعتبر من قبيل الأرضية المناسبة لصياغة توافق قومي،أو تقارب مذهبي واندماج ايديولوجي، وذلك  من أجل ضمان بلوغ مستويات عالية من التنسيق بين الدول في المواقف السياسية أولتجسيد مظاهر حيوية من التكامل الاقتصادي، أو تطوير القدرات العسكرية من خلال التدريبات والمناورات المشتركة وتبادل التجارب والخبرات وتنظيم الندوات والمؤتمرات والدورات التكوينية والتثقيفية في المجال الأمني والعسكري التي تحكمها خلفية مذهبية مشتركة.

أصبحت القضايا الدولية الحساسة لا تطيق الانتظار أو التأجيل فسرعان ما تتأزم العلاقات وتبرز التحذيرات ثم التهديدات، والتصعيد حتى التلويح بالقوة العسكرية ، وتلعب طبيعة المواقع الجيوـ استراتيجية لمختلف الأطراف المتحالفة دورا هاما في رسم معالم وآفاق التعاون وتحديد الأدوار في إدارة الصراعات ، وفي الغالب والأعم أن تكون هناك قوة سياسية ـ اقتصادية ـ عسكرية كبيرة هي التي تدير سيناريو الأحداث ، ولسنا بعيدين عن العالم العربي الذي تشرذمت فيه قوى نابعة منه تحت عباءات وعمائم وصارت حركتها كدوران الإلكترونات حول النواة  كلما كانت مداراتها قريبة من النواة كلما كانت أشد، ولكنها ستكون بذلك قد رهنت إرادتها وربما مصيرها بالطرف المحوري ، الحاصل الآن أن ثمة من يشتّم طبيعة المواقف ويدرس نقاط الضعف ليحدد واجبات الأطراف الحليفة معه بالشكل الذي يضمن التنسيق فيما بينها ويحقق التكامل لها في منطقة تحيطها ثلاث بحار ويجمع بينها قاسم مذهبي واحد .يمتلك الطرف الأقوى حاسة شم كبيرة لتحديد مواقع الأزمات وأماكن الاضطرابات ،ويتمتع برؤية واسعة تستند إلى جهود رصد ومتابعة جيدة لمختلف التحركات ،وعليها يتم رسم حدود وحجم التدخل، ويضع لها صيغ الشعارات المناسبة لرفع الحرج وضمان الاستقطاب الشعبي حوله، لقد وجدت القوى المدارية عوامل بقائها في دعم القوة المحورية، ووجدت القوة المحورية في الأطراف المدارية عيون لها تمثل امتداد طبيعيا لبصرها. هكذا طبيعة المصالح عندما تتصالح. 



حرب الإبادة..من المسؤول؟/ ماجد هديب

 


علينا أن ندرك أن الفلسطينين ما زالوا في حالة من التيه والضياع ولم يتعلموا من أخطاء أسلافهم رغم تعاقب الانتفاضات والثورات , وعلينا أن ندرك أن قضية فلسطين لم تعد قضية العرب والمسلمين حيث نجحت دول الاستعمار بمراحل متصلةومتلاحقة من تحقيق الانفكاك والانفصال  من خلال الدويلات والمشايخ  التي أنشأتها في أعقاب الحرب الاولى , كما علينا أن ندرك أن لا قانون دولي ولا قانون دولي انساني ,ولا حتى حقوق انسان للعرب, وانما جاءت تلك القوانين للسادة وليس العبيد رغم اننا   لم نصل بعد لمرحلة العبودية بنظر تلك الدول التي أقرت تلك القوانين والا ما كان للعالم أجمع أن يصمت على ما يتعرض له سكان غزة من إبادة جماعية ,فهل يتحمل الفلسطينيون وحدهم ما وصل اليه العالم من انحطاط في القيم والأخلاق نتيجة الصمت على ما يجري لقطاع غزة, أم أن القيادات الفلسطينية وحدها من تتحمل المسؤولية الأكبر في وصول الغرب لذلك الانحطاط؟!.

 منذ أن نشأ الانقسام بين الفلسطينيين ونحن نكتب لنحذر أنه اذا لم ينتهي الانقسام ,واذا ما   استمرت حركة حماس في اجراءات الانفصال عن تجربة الكيانية الفلسطينية فانها ستدفع جميع الفلسطينين لمقصلة الإعدام وهذا ما يجري الأن, فما هو الحل اذا لانزال الفلسطينيين عن منصة الإعدام ووقف المجرم من الاستمرار في تنفيذ تلك الاعدامات من أجل الوصول الى مرحلة نستطيع فيهإ اعادة اثبات وجودنا كهوية   وقضية .

إن العبيد الذين حققوا حريتهم كانوا يعيشون قبل نيل حريتهم في مرحلة أسوأ مما نعيشه نحن الفلسطينيون, ولكن الفرق هو ان العبيد كانوا قد نالوا حريتهم في ظل قيادة حكيمة بعيدا عن الاعتباطية والفوضوية في طرح البرامج والاستراتيجيات وبعيدا أيضا عن الشعارات.

على حركة حماس اذا ما أرادت لشعبنا الحياة ,واذا ما أرادت للقضية استعادة حيويتها ,واذا ما أرادت للعالم الحر  أن يعود مجددا للالتفاف  حول   الدفاع عن حقنا في إقامة دولة مستقلة أن تعلن الموافقة على الورقة المصرية التي كانت قد تنصلت منها بعد الموافقة عليها عام ٢٠٢١,كما عليها أن ترتدي عباءة منظمة التحرير  مع تبني  برامجها رغم اختلافنا حول ما وصلت اليه تلك المنظمة من ترهل وتيه نتيجة الخلط ما بين المنظمة والسلطة والمقاومة وأحداث التناقض فيما بينهما وهذا هو سبب ما وصلنا اليه ,  ليس منذ تولي حركة  حماس مقاليد الأمور في قطاع غزة عقب سيطرتها العسكرية بل منذ ان سيطر الإنجليز على فلسطين وقبل اصدارهم لوعد بلفور الذي ما كان لهذا الوعد أن يتحقق لولا فوضوية الفلسطينيين واعتباطهم في طرح البرامج والاستراتيجيات وطريقة اتخاذ القرار وهذا هو سبب دفع الاحتلال لأن يكون أكثر اجراما في حرب الإبادة على غزة ,وهذا هو أيضا سبب صمت العالم على ما تتعرض له غزة من ابادة .


يَسُوعُ فادِي البَشَر/ الدكتور حاتم جوعيه

                                                           


                                                                      

     ( " قصيدة نظمتها بمناسبة عبد الميلاد المجيد " )                   


إلهَ   السَّلامِ   فَدَيْتَ   البَشَرْ         بعيدِكَ  يفرَحُ   حتى  الحَجَرْ       

فأنتَ  المَلاذُ  وفيكِ  المَآلُ          وأنتَ المَحَبَّةُ  ، أنتَ  الوَطرْ    

وَلولاكَ ما كانَ في الأرضِ عَدْلٌ          ولم  نُبْصِرِ الشَّمسَ ..لا  والقمَرْ    

بدَونِكَ  كنا  ضِيَاعًا عِطاشًا        يَسوُدُ  الأسَى ، والضِّياءُ  انتحَرْ   

فجئتَ  تبثّ   نشيدَ  السَّماءِ        وَمعنى الخلودِ وأسْمَى الدُّرَرْ   

تَوَاضعتَ.. ذُلَّ الصَّليبِ احتضَنتَ        وأنتَ   الإلهُ   العظيمُ   الأبَرْ   

توَاضَعتَ ... دربَ  الفداءِ  مَشَيتَ       نزلتَ إلى العُمقِ .. تحتَ الحَفَرْ  

وَقمتَ وكانَ  انتصارُ الحَياةِ       وإبليسُ ...والشَّرُّ  منكَ  اندَحَرْ      

سَنكرزُ باسمكَ  في كلِّ أرض ٍ       بإنجيلِ   حقٍّ   سَمَا   وانتشَرْ   

ففيكَ   تُحَقَّقُ   كلُّ  الأماني        مَحَوْتَ الذنوبَ  وَعَهدًا  عَبَرْ   

وَجئتَ  بعَهدٍ  جديدٍ   وَديع ٍ        يكونُ  الخلاصُ  لكلِّ  البشَرْ   


حَمَلتَ العذابَ وأنتَ  الإلهُ         وَمُبدِعُ  هذا الوجودِ  العَجيبْ    

وَسِرتَ إلى الموتِ في كلِّ حزنٍ          وذقتَ الإهانةَ ... ذُلَّ الصَّليبْ     

وقمتَ لأجلِ  الخطاةِ   جميعًا         لأجلِ  خلاصِ  جميع ِ  الشُّعوبْ  

"بجُلجُثةٍ  "  كانَ  خطبٌ عَصِيبٌ         بذلتَ  دِماءَكَ  فوقَ  الصَّليبْ    

وَحَلَّ الظلامُ  وَشُقتْ  قبُورٌ        وموتى صَحَوْا.. كانَ يومٌ رهيبْ  

وَقُمْتَ منَ الموتِ رَبًّا عظيمًا         قهَرتَ   المنايا   وزالَ   النحيبْ   

تَحَققَ   ما   قالهُ    الأنبياءُ         وكانَ الرَّجاءُ  بكلِّ  الدُّروبْ  

فأنتَ خلاصِي وفيكَ انتعاشِي         وأنتَ  يَسُوعِي إلهي  الحَبيبْ   

ففي كلَّ  داءٍ  تكونُ الدَّوَاءَ         فأنتَ المُدَاوي وأنتَ  الطبيبْ   

جراحُكَ بلسَمُ  كلِّ الجراح ِ        تزيلُ المَصَابَ وَهَمًّا عَصِيبْ     

 

بميلادِكَ اليُمْنُ...عَهدٌ جديدٌ         وَتقويمُ   كلُّ   الدُّنى   والأمَمْ    

عَليهِ استنارَتْ جميعُ العبادِ         وفيكَ الشُّعُوبَ  عَلتْ   للقِمَمْ     

وَيومَ  وُلِدْتَ  ملائكةُ   اللّ          هِ  بالحَمدِ  كم رَنّمَتْ من َنغَمْ   

وَجاءَ الرُّعاةُ  رَأوْا مَوْلدَ  الرَّ          بِّ  في مِذوَدٍ ...حَمَلا   للنّعَمْ    

مَرَرْتَ  بكلِّ  التجاربِ  لما        ترَعْرَعْتَ  من  دونِ  إثمٍ   وَذمْ   

وَقدَّمتَ  نفسَكَ  نبعَ الخَلاص          ذبيحَةَ    فِدْي ٍ  لِتحيي   العَدَمْ    

صَنَعتَ العَجائبَ ما من  نبيٍّ          يُجَاريكَ  في  الفعلِ   ثمَّ   الكرَمْ   

لأنكَ  أنتَ   الإلهُ   العَظيمُ         مَسيحُ الخَلاصِ   تُزيلُ  الألمْ   

وَقدُّوسُ .. قُدُّوسُ .. رَبُّ الجُنودِ      تسَرْبَلتَ  بالنورِ ... تمْحُو  الظلمْ       

وأنتَ  البدايةُ ،  أنتَ  النهايةُ         .. فيكَ  الوجودُ  ابتدَا  وارتسَمْ