لا لن اُسَلِمها صاغراً
إلى حَفَّارِ القُبُورِ
لن اُسِّلمَ دفاتِرَ أشعاري
ففيها حَلِّي وتِرحالي
وفي جنباتٍها عالياً
تَرنٌّ ضحكةُ أبي
وتفوحُ رائحةُ
رَغيفِ خُبزِ التَّنورِ
الَّذي خبزَتهُ
ذاتَ يومٍ أُمي
وبين الصَّفحاتٍ يتردد
صدى صيحاتِ
رِفاق الطُّفولةِ
فوق أرصفةِ حَيِّنا العتيقِ
وتنطلق وشوشات العصافيرِ
المُتواريةِ بين
أغصانِ شَجرةِ التُّوتِ
ومنها تنبعثُ رائحةُ البَخورِ
في الفضاءاتِ
وتتهادى
فوق أمواجِ التَّرانيمِ
لا لن أُهيلُ الترابَ
فوق سُطورِ القصيدةِ
ففيها وجهُ حبيبتي
وكراسَةُ مدرستي
وشطيرةُ الزَّعترِ والزَّيتِ
المُخَبأةِ في حَقيبتي
إفطاراً في فترة استراحتي
لا لن أُبَدِدَ دفاتري
فهي كُلُّ ذاكرتي
وأجملُ ذِكرياتي
مِن دونِها
كيف أُتنشَّقُ شَذى الرَيحانِ
في حديقتِنا الصغيرةٍ
وكيفَ أُمْسِكُ
في الطُّرقاتِ المُخيفةِ
أطرافَ فُستانِ والدتي
وكيف أشعرُ بالأمانِ
إن يَصمتَ أبي
أتُوهُ وتتعَطَّلُ بوصِلَتي
ويَنخرُ النِسيانُ جَسدَ حِكايتي
لن أَرضخَ أبداً إلى مشيئةِ
حَفَّارِ القبُورِ
ولن أجعلَ قصائدي
وليمةً لِدودِ الأرضِ
فينُبذُني زَّماني
وتهجرني ذاتي
وتتبرأ مني ضَيعتي
ستوكهولم السويد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق