كأنها لم تكن هنا/ رحال لحسيني



(إلى إنسان ما قد تشبهه الحكاية!)


صدمة كبيرة جدا. شاهدَته كعادته مبتسما، هل هي هذه الحرب الجائرة، أم حادث غادر، ربما ذلك الصامت القا... تل. كلهم سواء يحاصرونه فجأة كقطاع طرق، كلصوص أوغاد لا يرحمون، يسلبونك متاعك وسكينتك وساعة صحوك.

لم تعلم أن إحدى قدميه التي طالما راقصها بهما ربما بٌترت.


لا زالت عزيمته قوية كما كان، يصارع في عدة جبهات. تفادى أن يظهر لها أنه شاهد وقع التأثر في عينيها، تجاهل شطط حزنها. ابتسم في حضرة بهائها القاسي، وقال:

- لا ينهزم في الحب من لا تهزمه مرارات الحرب.

رمقته بنظرة شديدة الإعجاب من قوة عزيمته، ارتبكت كلماتها، أصرت على نطق ما لم تستطع التعبير عنه، قالت: 

- كأني لم أكن هنا ؟... 

طاف بضيق خاطرها شيء ما. غمرتها قشعريرة جارفة، ضمت ذراعيها إليها، ولاذت بالصمت.


كيف له أن يًضاهي رايات لا يحملها الأقوياء، عزيمته لا تنضب، ترافقه قصص البطولات القديمة، الطبقات، الفنات، القبائل، الجماعات، الشعوب، الدروب،... المرافئ البعيدة تدنو من بريق عينيه، الأحلام تطير إلى مدى أفكاره الجامحة.


تمر بخيالها قرب بسمات روحه الثائرة، ترفرف فراشات ربيع مارق، تنبأ بحقول قادمة من جفاف الأيام. تسافر خلف خطواته العابرة لمدارات الظلام، تنتفض وجناتها الٱتية من حروف لا تستكين في ساحته، تضيء شفتيها النافرتين، تهمس بقوة في جدار صدره، تخامر ذهنها ذكريات شامخة باللونين الأبيض والأسود. 

الورد لا يتفتح في نافذتها إلا حين تشم رائحته.


لا احد يستعيد نَظَارَتَهً في باب حكايتها، توصده على أصابع الضجر. تسافر إلى أغنية هادرة تنبض بسماع صوته، كلماتها تحلق من مكان ما في قلبه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق